0

شكري مصطفى – ريحانة برس

يدخل المغرب عامه السادس أو السابع على التوالي، من الجفاف، وأصبحت أولوية صناع القرار البحث عن تدابير جديدة ومبتكرة لتحقيق الأمن المائي وتلبية الطلب على المياه الصالحة للشرب بدل انتظار ما يأتي وما لا يأتي.

وسجلت المملكة عجزاً في التساقطات المطرية خلال الموسم الزراعي الجاري بنسبة 70 في المئة مقارنة مع المعدل، كما تراجعت نسبة ملء السدود إلى 23.2 في المئة مقابل 31.5 بالمئة بينما تراجعت حصة الفرد من الموارد المائية من “2560 متر مكعب سنويا في سنة 1960 إلى 620 متر مكعب في سنة 2020″، وفق معطيات وزارة التجهيز والماء.

ويصنف المغرب ضمن الدول التي تعاني من الإجهاد المائي وتحمل العديد من الجمعيات البيئية وخبراء المناخ المسؤولية لمزارعي محاصيل مثل البطيخ الأحمر والأفوكادو، بالنظر لكون هذه الزراعات تستهلك كل عام أزيد من 15 مليون متر مكعب وتسببت في استنزاف المياه الجوفية. كما يشير الخبراء إلى أن الأزمة المائية سببها الاساسي عدم ترشيد الاستخدام، خصوصا في مجال السقي حيث تشير تقارير رسمية أن 88 بالمئة من المياه في المملكة تستخدم في السقي. ورغم توفر المغرب على قوانين وخطط استراتيجية مهمة في حكامة المياه، لكن المشكل في عدم تطبيقها، حيث يتم الترخيص لمزارعين كبار لاستغلال أراضي شاسعة والاسراف في استغلال المياه الجوفية وكذلك عدم تطبيق القانون الخاص بـ”عقد الفرشة المائية” الذي يلزم المزارعين بإدارة مياه الخزانات الجوفية..

ويتضمن برنامج مكافحة آثار الجفاف عدة نقاط من بينها مشروع الربط بين الأحواض المائية و برمجة سدود جديدة للزيادة من قدرة التخزين بـ6.6 مليارات متر مكعب من المياه العذبة بالإضافة الى تسريع مشاريع تعبئة المياه غير التقليدية، من خلال برمجة محطات لتحلية مياه البحر. لكن حتى في الموسم الماضي كانت الأوضاع كارثية، وشهدت المملكة خلالها موجة جفاف غير مسبوقة منذ أربعة عقود. وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، قد حذر من أن المياه تتعرض للاستهلاك المفرط وللهدر رغم ندرتها في المغرب. وأشار إلى وجود ضعف في فعالية آليات المراقبة، وإلى لجوء بعض المدن إلى استخدام مياه الشرب لسقي المساحات الخضراء وللمشاريع السياحية رغم معاناة سكان في مناطق أخرى من العطش، لافتاً كذلك إلى استمرار زراعات تستهلك الماء بكثرة.

وأعلن المغرب عن عدة إجراءات، في إطار برنامج يمتد إلى سنة 2027، لضمان وصول مياه الشرب والسقي إلى عدد من المناطق، كمحور الرباط- سلا الذي استفاد من تحويل فائض مياه حوض نهر سبو إلى حوض نهر أبي رقراق، وكذلك البدء في تشغيل محطات لتحلية مياه البحر، في مدينتي أكادير وآسفي. لكن الحاجة ماسة حسب الخبراء لإجراءات أكبر، من خلال مساءلة نموذج تصدير منتجات زراعية تستهلك المياه بكثرة كالأفوكادو والبطيخ الأحمر والطماطم، التي تنقل “المياه” إلى الخارج، وهو نموذج مربح اقتصاديا على المدى القصير للشركات، لكنه مدمر للبيئة،وكان المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة والمعهد الوطني للبحوث قد أعلنا عن تطوير 6 أصناف جديدة من القمح الصلب والشعير أكثر مقاومة للجفاف، في حين يتم تشجيع زراعات أخرى لا تتطلب موارد مائية كبيرة في عدد من المناطق مثل الكينوا والخروب والصبار والزيتون وغيرها

وكانت دورية لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، حول الأزمة المائية الكبيرة التي يشهدها المغرب قد استنفرت الولاة والعمال بمختلف جهات وأقاليم المملكة، وحث وزير الداخلية الولاة وعمال الأقاليم إلى “عقد اجتماعات مع موزعي المياه في الأسبوع الأول من كل شهر لتحديد وتحديث الخريطة الاستهلاكية للمياه بانتظام بهدف تحديد الأحياء الأكثر استهلاكا للمياه استنادا إلى المتوسط اليومي ل “اللترات المستهلكة للفرد” داعيا شركات التوزيع إلى تقديم تقارير شهرية حول الكميات المُفترض فقدها والإجراءات التي تم تنفيذها أو التي تم التفكير فيها لإيقاف التسرب. وشددت دورية وزارة الداخلية على ضرورة اتخاذ إجراءات تنفيذ تقنين في تدفق المياه المخصصة لتلك الأحياء، سواء بتعديل الضغط أو قطع الإمداد في بعض الفترات الزمنية.

كمادعت دورية وزارة الداخلية الولاة والعمال إلى فرض حظر نهائي على الأنشطة التالية: ري الفضاءات الخضراء والحدائق العامة، وتنظيف الطرق والساحات العمومية باستخدام المياه، وملء المسابح العامة والخاصة أكثر من مرة واحدة في السنة، وزراعة المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، بالتنسيق مع وزارة الفلاحة، وختاما نتساءل كيف لبلد يعاني من شبح العطش أن يهرول لتنظيم تظاهرات كروية كبيرة في حجم كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.. الأيام او السنوات القادمة كفيلة بالجواب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.