رأفة بموالين الزبل لايتمعون بطقوس العيد أيا اصحاب الزبل في اليوم السعيد

0

ريحانة برس – محمد عبيد

ونحن عموم الشعب نحتفل بعيد الفطر السعيد وتغمرنا الفرحة ونستغل هذا اليوم للظهور بنوع من الأناقة واللباقة، وحب التواصل وصلة الرحم، وتجسيد يوم خاص بالطقوس الدينية، هل استحضرنا أن هناك فئة من المواطنين تضحي بكل هذه المفاخر لتعري عن سواعدها لتقديم خدمات في هذا اليوم المبارك الكريم؟
إنها فئة عاملات وعمال النظافة التي كُتب عليها الاشتغال والحرمان من أفراح وطقوس العيد… وفرضت عليهم الأعمال الشاقة أضعافا مضاعفة، حيث تتجمد التجنيد الإجباري طيلة يوم العيد وحتى ساعات متأخرة من ليلة، من أجل تنظيف الأزقة والشوارع والأحياء السكنية.. من أطنان النفايات المنزلية التي تتعمد الأسر الإلقاء بها بعشوائية ولامبالاة خارج منازلها.
أسر تسارع الزمن من أجل التخلص منها بالأزقة والشوارع والفضاءات والمساحات الخضراء.

نسجل حضورا ميدانيا لفئة لا تستمتع بأجواء العيد في أكناف أسرها ولا هي حظت برأفة ورحمة المواطنين والتخفيف عنهم، بدعمهم ومساعدتهم على عمليات التنظيف. ورمي النفايات داخل الحاويات والأماكن المعدة لها.. ولِمَ لا الاحتفاظ بتلك النفايات إلى صباح اليوم الموالي.

أليس من حق عاملات وعمال النظافة الاستفادة على الأقل من عطلة يوم العيد، شأنهم شأن كل المغاربة بمختلف مهنهم ووظائفهم؟.

كل المشاريع والأعمال والوظائف تعطل يوم العيد، ليحظى العمال والمستخدمون بفرص الاحتفاء بالعيد. أو على الأقل تسلك أسلوب العمل بالمداومة في ظروف جد مخففة، إلا فئة عاملات وعمال النظافة.

هذه الفئة التي يطبق عليها المثل الشعبي (يوم عيدكم.. يوم حزنكم). فلا هم يحظون بالراحة، ولا حتى بيوم عمل عادي كسائر باقي أيام العمل.

بين مطرقة طلبات واحتجاجات المواطن التي لا تنتهي وسندان قرارات إدارات شركات النظافة، لتعيش هذه الفئة جحيما طيلة النهار والليل. وتبقى في واجهة الأحداث كلما تلقت إدارات تلك الشركات شكايات أو تم نشر تدوينة أو مقالة أو صور تراكم أزبال بمكان ما.. وهي تجاوزات لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. قد تكون تجاوزات لمواطنين أو قصور للشركة في توفير العتاد أو الموارد البشرية اللازمة.

أو بسبب انتشار الحيوانات الأليفة التي اعتادت التجول والرعي ببعض المدن والعبث بحاويات الأزبال، أو قد تكون مجرد كذب وافتراء، يراد به ضرب جهات منتخبة أو سياسية، أو من أجل ابتزاز تلك الشركات.

أليس من حقهم الاستفادة والاستمتاع بعطل الأعياد الدينية والوطنية كسائر المغاربة؟ أليس من حقهم علينا نحن (موالين الزبل)، تيسير هذه الاستفادة، وجعلها ممكنة على أرض الواقع بالاحتفاظ بنفاياتنا المنزلية طيلة يوم العيد (الديني أو الوطني)؟.

والتخلص منها في اليوم الموالي برميها في الأماكن المخصصة لها. مبادرة بإمكان الكل تطبيقها، وسنكون قد ساهمنا في تمكين هذه الفئة من حقوقها الإنسانية والمهنية.

وساهمنا في فرح وسعادة العمال وأسرهم بتلك الأيام، وأنسيناهم هموم تلك الأجور الهزيلة التي بالكاد يتدبرون بها معيشتهم.

لكم أحزنني أن أقرأ بيانا نقابيا أو حقوقيا أو تدوينة أو مقالة، ينتقد صاحبها تراكم الأزبال يوم العيد. ويطالب بتدخل عاملات وعمال النظافة، من أجل تنقية وتنظيف أمكنة ما عوض أن يراعي ظروف العمال، وأن يبادر إلى التوعية والتحسيس بضرورة إيجاد حلول تضمن نظافة المكان وكرامة عامل النظافة… بل وأن يطالب بفرض تمتيع تلك الفئة الهشة بحقها في عطلة العيد.

في بادرة جريئة ومنصفة لعاملات وعمال النظافة، يذكر أن إحدى شركات النظافة بادرت بتمتيع عمالها بعطلة يوم عيد سعيد. وعوض أن يتم تثمين المبادرة، والدعوة إلى تعميمها بكل مدن المملكة.د، وتحسيس وتوعية المواطنين بالاحتفاظ بنفاياتهم المنزلية إلى اليوم التالي. تخرج جهات تمتهن الركوب السياسي والاصطياد في المياه العكرة، لتقوم بتصوير ركام النفايات الملقاة بعشوائية، والتنديد بعدم تنظيف المدينة. وكأن فئة عاملات وعمال النظافة مغاربة من الدرجة الثانية، لا يستحقون الاستفادة من حقوقهم المتضمنة في مدونة الشغل.

إن ما يقع من ارتباك وقصور في تنظيف المدن وتنقيتها من النفايات المنزلية اليومية، سببه انعدام التواصل الإيجابي بين المواطن والجهات المعنية. وهو الارتباك الذي يوقع ضحايا أبرياء في صفوف عاملات وعمال النظافة (الحائط القصير الذي يتسلقه المواطن ومول الشركة والمنتخب وممثلو السلطة وغيرهم..).

الكل مقصر في الالتزام والمساهمة والحرص والوفاء (مجالس منتخبة، شركات تدبير النظافة، سلطات الوصاية، مجتمع مدني..). تضاف إليها صراعات السياسيين والمنتخبين. وغياب لجن الرقابة الجادة.

لكن وسط كل هذا، يجب على المواطن أن يعي بأن عليه دعم ومساعدة عامل النظافة. وأن عملية انتقام أو تهور برمي الأزبال بعشوائية او تخريب أو حرق لحاوية يتضرر منها عامل النظافة البسيط الذي لا حول له ولا قوة. وتزيد من ثقل أعبائه وإحباطه. وأن يبادر إلى التوعية والتحسيس بضرورة إيجاد حلول تضمن نظافة المكان وكرامة عامل النظافة. بل وأن يطالب بفرض تمتيع تلك الفئة الهشة بحقها في عطلة العيد.

محنة عمال النظافة يوم عيد، مع ما تخلفه أنشطة النقابات في وقفاتها ومسيراتها. من نفايات تضاف إلى النفايات اليومية العادية للأسر. ومحنتهم يوم عيد الفطر تضاف مع النفايات المنزلية.

ومحنتهم يوم عيد ديني ومحنهم مع النفايات ومختلف الأزبال التي تخلفها الأنشطة والاحتفالات بالأعياد الوطنية. وكلها محن يمكن تأجيلها… إذا ما فطن المواطن إلى أن (يوم العيد)، هو يوم عطلة مستحقة أيضا لعاملات وعمال النظافة.
بل إن درجة وعي المواطن يجب أن تسمو إلى درجة أخذ مكان عاملات وعمال النظافة. واعتبار أن الزنقة والشارع والمساحات الخضراء وغيرها من الفضاءات الخارجية.

هي أيضا مسؤولة منه. وخصوصا أيام الأعياد الدينية والوطنية. وأن لا بأس إن بادرت هيئات (فرادى أو جمعيات) إلى التضامن مع عمال النظافة، ولم لا القيام بمهامهم ولو لسويعات قليلة. لاشك ستكون فرصة للوقوف على حقيقة عمل هذه الفئة الساهرة على نظافتنا. وتقييم عملها الجبار الذي يستحق أن تنال من أجله الأوسمة والهدايا وقبلهما التقدير والاحترام…ومن أجل تمكين هذه الفئة من حقوقها الإنسانية والمهنية.

فتحية عالية وسامية، لعاملات وعمال النظافة وبئس كل مواطن يضر بعملهم وكرامتهم ويحد من عطائهم وسعادتهم… فمن العار ألا نقف إلى جانب من يعود لهم الفضل في نظافتنا ووقايتنا من الجراثيم والأوبئة…دمتم في رعاية المولى ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.