0

عبد السلام البوريني- ريحانة برس

دخلت معركة المنافسة على توثيق العقود في المغرب أشواطها الحاسمة بين فئة العدول الأقدم وجودا، والموثقون حديثو العهد نسبيا. ويختص العدول عادة بالأحوال الشخصية للمغاربة والمسلمين، في حين ينفرد الموثقون بعقود الأحوال الشخصية للأجانب. ويرى رئيس الهيئة الوطنية لعدول المغرب محمد البورين، أن الطابع الديني لصفتهم المستمدة من باعهم الطويل في الشريعة الإسلامية يشكل مصدر فخر ومسؤولية معا كما يفتخر العدول بأمرين، الأول هو كتابة ميثاق بيعة ملك المغرب محمد السادس عقب اعتلائه عرش البلاد عام 1999، والثاني معركة طويلة خاضوها مع وزارة العدل توجت بكسب الاعتراف القانوني بصفة الهيئة الوطنية لعدول المغرب في أبريل عام 2006.

وخلال الاسابيع الاخيرة شنت هيئة العدول بالمغرب سلسلة جديدة من الاضرابات احتجاجاً على رفض وزارة العدل تمكينهم من توثيق السكن الاجتماعي المدعم من طرف الدولة، ورفضاً لتصريح وزير العدل، الذي قال فيه إنهم لا يمتلكون الصلاحية لفعل ذلك، أو الاحتفاظ بالودائع المالية بحوزتهم عند توثيق عمليات البيع والشراء، كما أشار “العدول” بأصابع الاتهام الى وزارة العدل بدعم فئة من الموثقين على حسابهم وتهديد مهنتهم، التي يقولون إنها الأقدم وتشكّل أصل التوثيق بالمغرب منذ مئات السنين.

وبهذا الصدد قال يوسف آيت لحو، رئيس المجلس الجهوي للعدول بالرباط والكاتب العام للهيئة الوطنية للعدول بالمغرب، إن وزارة العدل تراجعت عما تم الاتفاق عليه مع الهيئة، موضحاً أن القانون الخاص بهم لم يرَ النور رغم بدء النقاش بشأنه منذ سنوات، مشيراً إلى أن السادة العدول، ومنذ أكثر من 13 سنة، وهم يناقشون هذا المشروع مع الوزارة الوصية، التي تعاقب على تسييرها 5 وزراء، دون أن نخرج بنتيجة ودون أن تنصفنا. نحن نطالب بإنصافنا كباقي المهن القضائية والتوثيقية في زمن العصرنة والرقمنة، وأضاف بأن هذه المهنة إذا أريد لها أن تتطور فيجب أن تتطور على المستوى البشري، وأيضاً على مستوى القوانين والتقنيات وآليات الاشتغال، ومن بينها ما يسمى صندوق الودائع، لأن هذا حق للمواطنين بالدرجة الأولى، وليس حكراً على مهنة معينة لأنه يتعلق بودائع المواطنين.

كما أفاد شَكيب مصبير الرئيس السابق للمجلس الجهوي لعدول استئنافية الرباط بأن العدول من حقهم الاستفادة من آلية الإيداع في صندوق الإيداع والتدبير على غرار الموثقين، ولا يمكن بأي حال إقصاء العدول منها، لأن في ذلك تمييز بين جهتين توثيقيتين رسميتين وهو ما يتنافى مع دستور المملكة، منتقدا استثناء قانون المالية العدول من توثيق العقود المتعلقة بالبيوعات التي تتعلق بعقارات السكن المدعم من قبل الدولة، من خلال اشتراط إبرام هذه العقود (الوعد بالبيع والبيع) لدى الموثقين

وفي المقابل استنكر المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب انتحال صفة موثق من طرف بعض العدول والترامي على اختصاصات مهنة التوثيق، مسجلا أنه لن يتوانى في التصدي بكل قوة وحزم لهذه التجاوزات والانزلاقات الخطيرة، دفاعاً على حقوق ومصالح الموثقين ومهنة التوثيق وخاطب المجلس وزارة العدل، بصفتها الوزارة الوصية على القطاعيْن، قصد التدخل العاجل لوضع حد لهذه التجاوزات التي من شأنها المساس بمصداقية وهِبَة مؤسسة التوثيق المغربي، واتخاذ الإجراءات القانونية المتعينة بخصوص انتحال صفة موثق من طرف العدول.

ويعاني عدول المغرب من عدم الانصاف وممارسة التمييز ضدهم لصالح الموثقين الذين ظهرت مهنتهم مع الاستعمار الفرنسي يوم 4 مايو عام 1925. ويعترف أمين فيصل بن جلون رئيس الغرفة الوطنية للتوثيق العصري، أن فرنسا هي التي جلبت مهنة التوثيق معها وجعلتها حكرا على ذوي الجنسية الفرنسية، لكن المغرب أصدر منذ عام 1973 قانون “مغربة الشركات والمهن الحرة” فصار التوثيق منذ ذلك الحين مفتوحا أمام المغاربة. ونفي بن جلون أي خصومة مع العدول، مؤكدا أن هناك بعض المجالات التي تميز الفريقين، وهي أن الموثقين ينفردون بكتابة الأحوال الشخصية للأجانب في المغرب من زواج وطلاق ووفاة وميراث. كما ينفرد العدول بكتابة الأحوال الشخصية للمسلمين في المغرب دون الموثقين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.