تحقيق : لاتمرضوا!….شعار “قلة الصحة” يلازم المواطن بإقليم افران

0

ريحانة برس – محمد عبيد

أطلق عموم ساكنة مدينة آزرو خلال الأسبوع الجاري وثيقة ملتمس للمطالبة بفتح مصحة خاصة لتقديم الخدمات الصحية.. ورد معدو الوثيقة الملتمس السبب إلى أهمية المشروع لدى ساكنة مدينة آزرو والجماعات المجاورة والخدمات التي سيسديها لفائدة المرضى بالمدينة والقرى المجاورة لها، كما أنه سيخفف لا محالة من الضغط الذي يعرفه المستشفى الإقليمي، ويوفر للساكنة عناء التنقل إلى فاس او مكناس لأجل العلاج، حيث أصبح الموضوع الصحي بمدينة آزرو يشغل بال الساكنة والمسؤولين بالمدينة، وبالتالي من شان المشروع ان يرفع الغناء الذي تشتكي منه الساكنة في بعض الخدمات الصحية.

ويأتي هذا الملتمس في ظل الأوضاع المقلقة التي تواكب الواقع الصحي بإقليم إفران بشكل عام.

فيخيلنا هذا الملتمس للوقوف بشكل خاص بإقليم افران، وبشكل عام في المغرب، وقفة تأمل في الواقع الصحي جملة وتفصيلا.

فلقد سبق وان كتب الإعلامي السعودي المرحوم عبد العزيز محمد النهاري، ذات مرة: ” كنت في مدينة «بريستول» التي تقع في جنوب غرب إنجلترا وأصبت *بعارض صحي* يعاودني بين فترة وأخرى …

كنت في السعودية أشتري العلاج بنحو 200 ريال …

راجعت في هذه المدينة الإنجليزية إحدى الصيدليات لأشتري ذات الدواء فلم أستطع ، لأن القانون يمنع بيع العلاجات إلا بوصفة طبية …ونصحتني الصيدلانية بمراجعة فريق طبي يعمل في نفس المبنى …وبعد أن كشف علي طبيب عام ، أخذت الوصفة وذهبت للإستقبال لدفع قيمة الكشف ، لكنهم لم يأخذوا مني جنيهاً واحداً …وذهبت إلى الصيدلية وعرفت بأن سعر الدواء لا يتجاوز 9 جنيهات (45 ريالا) …وعندما أردت الدفع إعتذرت لي الصيدلية بكل لطف وأخبرتني بأن الدواء بدون مقابل … وأندهشت وقلت لماذا ..؟ قيل لي بكل لطف لأني تجاوزت الستين من عمري …وخرجت وأنا أتمتم مع نفسي «انظروا كيف يتصرف  الإنجليز مع المسنين » …

هذه القصة وبدون أي تعليق أقدمها مع التحية لوزارة الصحة، وبقية الوزارات المعنية بالخدمات، ولمؤسسة التقاعد، والتأمينات الإجتماعية ، وللمجتمع بكامله.

أقدمها فقط بحثاً عن تقدير ومواساة واحترام ومراعاة لمن بلغ الستين.

ونحن … في الستين … بعض الدول تفكر بكيفية التخلص منك لكي توقف راتبك.

هذه القضية احيانا على واقعنا لنتساءل بخصوص العناية بصحة المواطنين عموما وكبار السن على وجه الخصوص من بينهم المتقاعدين او الغير المتوفين على دخل قار: هل دولة بحجم المغرب يعجزها توفير ذلك؟

لكن إن امعنا واقع الحال الجواب سيكون طبعا بالرد: “بل هي قادرة وأكثر إن توفرت إرادة قادة البلاد، في انتظار ذلك، من لا يعيش بكرامة لا يمرض بكرامة.”.

المواطن المغربي يشتري الدواء بأضعاف نظيره الأوروبي، يشتري المغاربة الأدوية بثمن يفوق سعرها الدولي، فبحسب تقرير رسمي للجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب، الغرفة الأولى في برلمان المغرب، خلص إلى أن أثمنة الدواء في المغرب “مرتفعة بشكل غير عادي”، حيث تفوق أسعار الأدوية بالمملكة ثمن مثيلاتها في تونس بـ%30 إلى %189، وهو بلد مغاربي ذو إمكانات اقتصادية واجتماعية محدودة.

عندما نقف على اللازمة المتداولة والتي تقول: يُعتبر الحق في الصحة، بما يشمل الحق في الحصول على الرعاية الصحية المقبولة، والميسورة التكلفة، وذات الجودة المناسبة في التوقيت المناسب، أحد حقوق الإنسان المعترف بها دوليًا، خاصة وأن التطبيب مرتبط بدرجة قوية بالحق في الحياة، إذ أن عدم توفر العلاج يعني معاناة المريض وموته، في الوقت الذي كان بالإمكان إنقاذ حياته لو توفرت الخدمة الصحية الجيدة في الوقت المناسب!”… ماذا يمكن أن نأمل من حياة صحية امنة؟

وتكفي زيارة واحدة لإحدى المراكز الصحية بالبلاد، لإدراك مدى تردي الوضع الصحي بالمغرب، بعدما يُشاهد المرء جليًا نقص النظافة الواضح، ويصادف العديد من المرضى الذين يفترشون الأرض لعدم وجود أسرة… وضرب مواعيد العلاج او العمليات اقرب الى يوم القيامة عوض ان تكون في الان وكان مؤسساتنا الصحية تقول للمغاربة لا تمرضوا؟

عدد العاملين في القطاع من ممرضين وأطباء لا يرقى للمعايير الدولية، فنجد ممرضا واحدا لأكثر من 44 مريضا في مصلحة واحدة، ونجد طبيبا واحدا يداوم 12 ساعة في مصلحة الاستعجالات، في غياب تام لتوفير شروط الممارسة للعاملين، سواء النفسية، العلمية أو العملية.

في لا إن أجمل ما يمكن أن يحدث لك في المغرب، هو ألا تمرض!  فحالة المستشفيات العمومية في المغرب كارثية مقارنة بنظيرتها في القطاع الخاص والقطاع العسكري،

صورة قاتمة تتجسد في كثير من الصور، وابرزها اعتماد مواعيد الفحص وإجراء العمليات في آجال بعيدة جدا إذ تمتد لشهور كثيرة.

هذه الظواهر تبقى نموذجا صغرها لما يعيش في ليه القطاع الصحي بإقليم إفران حيث استفحلت وتفشت بهذا القطاع الصحي بالاقليم ن عموما سيما منها تلك التي تمس بصحة المواطنين الذين يقصدون المراكز الصحية ومستشفيات الاقليم قصد التطبيب.. مما خلق انطباعات موحدة لدى الرأي العام المحلي الذي وصفه بالقطاع المشلول نسب فشله لسوء التسيير ..

فبغض النظر عن الخدمات الصحية وما يعيشها القطاع من توثر سواء داخل مواردها البشرية أو أيضًا مع المواطنات والمواطنين، والتي تم تجميعها من عدة أطراف من مواطنا ومواطنين ومن هيئات ونقابات محلية، فالحديث تعداه الى إثارة الوضعية اللوجيستيكية والوسائل الكفيلة بالخدمة التي من جهتها تخلف تذمرا واسعا، إذ وقفت التوضيحات على أنه رغم توفر شاحنة الوحدة المتنقلة الطبية التي ساهمت فيها جهة مكناس فإن الملاحظ انها لم تتحرك منذ تولي المندوب الإقليمي الحالي عن شؤون القطاع مع العلم أن الإدارة تتوفر على تجهيزات تخطيط القلب والتحليلات الطبية والايكوغرافيا، ولا يفهم سر عدم وضعها رهن خدمة المرتفقين..

الحديث عن قطاع الصحة في الإقليم استاثر باهتمام الساكنة عموما نظرا لما تعانيه خاصة منها معها الساكنة الضعيفة الدخل، إذ لازال المستشفى الاقليمي 20 غشت بأزرو يعيش على وقع الخصاص المهول فى الأطر الطبية والتمريضية وحتي التجهيزات والأدوية، مايفاقم معاناة المرضى الذين يقصدون ويضاعف كذالك تعب وإرهاق العاملين فى هذه المؤسسة.

ويسجل المواطن الافراني بكل امتعاض بأنه لازال المستشفى الاقليمي 20 غشت بأزرو يعيش على وقع الخصاص المهول فى الأطر الطبية والتمريضية وحتى التجهيزات والأدوية، مايفاقم معاناة المرضى الذين يقصدون ويضاعف كذلك تعب وإرهاق العاملين فى هذه المؤسسة.

ولعل الخصاص فى الموارد البشرية بالمستشفى الاقليمي 20غشت اصبح لا يطاق على سبيل المثال المستشفى يتوفر على طبيب واحد اختصاصي فى امراض العيون رغم ان المستشفى يستقبل مئات المرضى من ازرو والمناطق المجاورة مايضطر معه المرضى الى انتظار شهور وشهور لأحد موعد طبي…..

كما أن كل ما كان يأمله المواطنون في أن يكون للتعيين الاخير لمدير جديد لمستشفى 20غشت صار حلما عالقا حيث لم يلتحق المدير الجديد لحد الان!

فما يسجل على واقع الصحة بهذا الإقليم هو أن الصحة والعلاج لا يفتقدان إلى المال والإمكانات المادية.. لكن إهدار ما هو متاح من إمكانيات وما تعتمده الإدارة الإقليمية للقطاع من نظام يؤدى إلى الدائرة المغلقة، إذ أن اللافت للنظر أنه لا يدور حديث حول أحوال العلاج في المستشفيات والمستوصفات الذي يعاني المواطنون الراغبين في الاستشفاء بها، بل تعداه الى أن من يعملون فى هذه المؤسسات يشكون من سوء توزيع الإمكانات والأجهزة الطبية.

في ذات فرصة وبالصدفة، صادفت أحد مدبري الشأن الصحي على مستوى إقليم افران حيث كانت له زيارة لإحدى مصلحات المستشفى بسبب مرض أحد أقاربه، فبادرته بالسؤال: هل ترضيك هذه الحالة اللا إنسانية في هذا المستشفى؟ فما كان منه إلا أن تحسر وحاول أن يبرر كل هذا بين لف ودوران، لكن في الأخير استسلم واعترف بأن عقلية الإدارة الإقليمية في تدبير وتسيير القطاع بالاقليم في حاجة إلى مراجعة ذاتها وسلوكاتها، والى تدخل صريح من القائمين عن السأن الصحي وطنيا لرفع هذا الغبن عن المواطن الافراني عموماً…، قبل أن يضيف:”.. ايضا لا تنسى استحضار توجه الدولة الذي لا يرمي إلى النهوض بقطاع الصحة.”.

 بإقليم إفران تصادف عددا من المستوصفات القروية مغلوقة، تكفي الإشارة هنا إلى مناطق تسماكت، ايغود، تامفصلت، بوحرش، أوگماس… و غيرها، في حين يعاني المركز الصحي سيدي المخفي من غياب الطبيب الذي يداوم مرة او مرتين فقط في الأسبوع..

وبالمركز الصحي لعين اللوح يغيب فيه جهازا الراديو والمختبر، مع مستعجلات القرب، ولا توفير للمداومة الطبية…

-مستعجلات القرب مع المركز الصحي بتمحضيت لايتوفر بها المداومة الطبية مع العلم أن مجموعة من الأطباء في مراكز تتوفر أصلا على أطباء..

-الوحدات الطبية المتنقلة أصبحت منعدمة في المناطق القروية بسبب استغلال المندوب والمقتصد لسيارتين مختصتين لهذا الغرض.. تفيد مصادر مطلعة.

-المستشفى الإقليمي كل الحالات الجراحية يتم الاحتفاظ بها فوق الاسبوع واكثر ليتم تحويلهم بعد تدهور حالتها الصحية إلى مكناس…ومما زاد الطين بلة هو ان طب الاختصاص بدوره عرف التخلص من اطبايه خاصة في طب العيون…

-مختبر التحليلات بالمركز الصحي تمديقين يتوفر على جل التجهيزات لكن يتم تحويل جل المرضى إلى مستشفى 20 غشت الإقليمي بازرو لعدم توفر المواد الازمة.

هذا فضلا عما كان أن اثاره اصحاب تدبير الشأن المحلي في رسالة وجهت الى وزير الصحة تطالب باجراءات ذات صبغة استعجالية لدرء الخصاص المهول الحاصل في الموارد البشرية، منها:

-عدم وجود طبيب التخدير، طبيب الأشعة، طبيب الإنعاش، طبيب أمراض الغدد، الأمراض التنفسية والصدرية، والطب الشرعي، وطب الأمراض الرئة..

– وجود طبيب واحد في المداومة بالمستعجلات، وعدم كفاية الأطر التمريضية، وعدم كفاية المستلزمات الطبية..

-تأخر المواعيد لما يزيد عن ثلاثة أشهر، والاستشارة الطبية تأخذ ما بين ساعة إلى أربع ساعات..

– تخصيص يوم واحد للجراحة ما يجعل الأغلبية الساحقة تتوجه إلى مستشفيات الجهة أو المصحات الخاصة، نقل الحالات التي تستوجب العمليات الجراحية بأقسام الولادات أيام الجمعة السبت والأحد إلى مستشفيات الجهة..

– وجود طبيب واحد بالنسبة لكل التخصصات.

نعم يا سادة، ونحن تثير واقع الصحة بإقليم إفران ، يدفعنا هذا الى الخلاصة العامة من ان وزارة الصحة بكل وضوح ورغم ما تتغنى به من استراتيجية فإنها لا تستجيب بأن تستمتع في كينونيتها الخاصة بقلة الصحة بالإعلام عن مشاريع ومنجزات وخدمات فقط على الاوراق والدعاية، ولأن واقع الحال يبرز بشكل واضح لدبان هذه الوزارة مهما تغنت باستراتيجيتها فإن امر الواقع يبرز بشكل ملحوظ بانها لا تضع صحة المواطن ضمن أولوياتها، فلا ضير أن تبقى مستشفيات البلاد على ما هي عليه بينما تبنى مستشفيات في غرب إفريقيا وشرقها، ولا ضير أن يموت المواطن المغربي في سبيل تنظيم تظاهرات دولية الهدف منها الإشعاع ليس إلا، ولا بأس أن ترسل الدولة مساعدات دوائية لدول بعيدة بينما المغربي المقهور في أمس الحاجة إليها، والغريب في الأمر، أن تصرف الدولة 22 مليون دولار على إعادة ترميم ملعب لكرة القدم لا يعود بالنفع على المغاربة في وقت توجد مستشفيات في أمس الحاجة لتلك المبلغ لتحسين إستشفاء المواطنين بداخلها.

لعل معضلة الصحة هي أكثر ما يؤرق المغاربة، ولا سيما الفقراء منهم، باعتبارها مشكلة تهدد فناء أعمارهم قبل موعدها، في ظل غياب مستشفيات عمومية مجهزة وبأطر طبية كفؤة، في حين لا يتردد سياسيو البلد وكبار موظفيه وأثريائه من الطيران إلى مستشفيات فرنسا بمجرد إصابتهم بالمرض أو إصابة أحد أفراد عائلاتهم، بحيث ليست لديهم أدنى ثقة في المستشفيات المغربية، بما فيها المصحات الخاصة المكلفة.

“إن أجمل ما يمكن أن يحدث لك في المغرب هو ألا تمرض” عبارة لطالما رددها أحد الأصدقاء، متحدثاً عن وضعية الصحة العمومية في المملكة بصفة عامة وبإقليم إفران على وجه الخصوص.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.