0

ريحانة برس – محمد عبيد

يدخل مع حلول شهر شتنبر الجاري (2023) المرسوم الجديد للصفقات العمومية( بمختلف أنواعها منها صفقات الأشغال – صفقات التوريدات – صفقات الخدمات…) حيز التنفيذ، مركزا على دعامتين أساسيين ، الأولى ترتبط بأنواع الصفقات العمومية، فيما الثانية تتجلى في مساطر إبرام عقود الصفقات العمومية… وذلك لغاية قطع الطريق على مستغلي هذه الصفقات لفائدة الأقارب والأهل والأحباب والأصدقاء و”دافعي تحت الطاولة” سواء منهم المقاولات أو الشركات إن الإقليمية أو الوطنية أو الأجنبية.

ويحمل المرسوم رقم 2.22.431 والذي نُشِر أخيرا بالجريدة الرسمية باعتباره الإطار التشريعي والتنظيمي الجديد، المزيد من الشفافية، وإعطاء الأولوية للمقاولات الوطنية.

ومن بين مستجدات هذا المرسوم إخضاعه لمساطر الحوار التنافسي والعرض التلقائي، وتكريس آليات تسهيل ولوج المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، بما فيها المقاولات المبتكرة المبتدئة، والمقاول الذاتي والتعاونيات واتحاد التعاونيات إلى الصفقات العمومية. إذ يهدف النص دعم القيمة المضافة المحلية؛ عن طريق تثمين المنتوجات المغربية المنشأ، وتعزيز المطابقة مع المعايير المغربية، وإنعاش تشغيل اليد العاملة المحلية، وإشراك الخبرة التقنية الوطنية، وإعادة توجيه آليات تقييم العروض إلى الأحسن ثمنا… وبهدف تعزيز القدرة التنافسية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، والتي تعد مكونا أساسيا في النسيج المقاولاتي الوطني، يتوخى هذا المرسوم رقم 2.22.431 تسهيل الوصول إلى الصفقات العمومية لهذه الفئة من المقاولات، بما في ذلك المقاولات الناشئة، والمقاولين الذاتيين، والتعاونيات واتحادات التعاونيات.

كما انه يهدف إنعاش التشغيل المحلي، كون المقتضيات تنص على ضرورة تضمن صفقات الأشغال والخدمات غير تلك المتعلقة بالدراسات بندا يتعين بمقتضاه على صاحب الصفقة، أي الذي فاز بها، اللجوء إلى تشغيل اليد العاملة المحلية على مستوى الجماعة مكان إنجاز العمل موضوع الصفقة؛ وذلك في حدود عشرين في المائة من عدد العمال المطلوبة لإنجاز الصفقة.

وجاء المرسوم رقم 2.22.431 المتعلق بالصفقات العمومية، ليعوض آخر مرسوم يعود إلى سنة، إذ سيُمكن اعتماد نظام موحد للصفقات العمومية في هذا المرسوم، من توفير رؤية أكثر وضوحا للفاعلين الاقتصاديين. كما ينص على تعزيز آلية الأفضلية الوطنية أي إعطاء الأولوية للشركات المغربية في إطار المنافسة، مع مراعاة التزامات البلاد في إطار اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية والتبادل الحر.

وبموجب المقتضيات الجديدة، سيتم إحداث مرصد للطلبيات العمومية سيكون مقره الخزينة العامة للمملكة من أجل توفير المعطيات المتعلقة بالطلبيات العمومية وترويج وتثمين المعلومات ذات الصلة، ومن المرتقب أن تحدد مهام المرصد وتأليفه..

فيما أشارت تفاصيل المرسوم إلى ضرورة تخصيص نسبة 30 % من المبلغ المتوقع للصفقات التي يعتزم طرحها من طرف الدولة ومؤسساتها برسم كل سنة مالية بشكل عام للمقاولة الوطنية المتوسطة والصغيرة، بما فيها المقاولات المبتكرة والمبتدئة وللتعاونيات ولاتحاد التعاونيات والمقاول الذاتي، على أن تحدد بقرار للوزير المكلف بالمالية شروط وكيفيات تطبيق هذه النسبة.

كذلك، يتعين على صاحب المشروع، أي المؤسسة العمومية التي تطلق طلبات العروض، في بداية كل سنة مالية أن يقوم بنشر لائحة الصفقات العمومية التي نالتها المقاولة الوطنية المتوسطة والصغيرة والتعاونيات واتحاد التعاونيات والمقاول الذاتي برسم السنة الماضية في بوابة الصفقات العمومية ومبلغها الإجمالي.

ويعد المرسوم الجديد المتعلق بالصفقات العمومية، الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح شتنبر، بمثابة إصلاح كبير من شأنه إحداث ثورة في الكيفية التي يتم بها تدبير الطلبيات العمومية بالمغرب، مع الكثير من المستجدات التي من شأنها تكريس مبدأي الشفافية والأفضلية الوطنية… كون هذا الإصلاح، الذي جاء نتيجة عمل تشاركي شمل جميع الأطراف المعنية، يتماشى مع توصيات النموذج التنموي الجديد، فضلا عن رؤية المغرب لمنح الأفضلية للاستثمار، باعتباره محركا لإحداث الثروة وفرص الشغل.

وأكد عبد الباسط المهندس، الخبير المحاسب ومدقق الحسابات، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا المرسوم الجديد المتعلق بالصفقات العمومية يتضمن سلسلة من التدابير الرامية إلى تحسين شفافية الصفقات العمومية، مستشهدا، من بين أمور أخرى، بالتدابير المتعلقة بإيداع وسحب أظرفة وعروض المتنافسين والتي تتم إلكترونيا في بوابة الصفقات العمومية، وكذا إلزام مقدمي العروض بتقديم معلومات أكثر تفصيلا حول عروضهم، ولاسيما عن مؤهلاتهم وخبراتهم.

وفي هذا الصدد، توقف المهندس عند مبدأ إعادة تعريف العرض الأفضل اقتصاديا، مبرزا أن الأمر يتعلق، بالنسبة لصفقات الأشغال والتوريدات والخدمات الأخرى غير المتعلقة بأعمال الدراسات، بالعرض المالي الأفضل سعرا مقارنة بالسعر المرجعي. وقال إنه بالنسبة لصفقات الخدمات المتعلقة بأعمال الدراسات، فإن الأمر يتعلق بالعرض الحاصل على أفضل تقييم تقني ومالي.

وفي المجمل، أفاد الخبير بأن هذه التدابير وغيرها، المنصوص عليها في نظام الصفقات العمومية الجديد، من شأنها أن تمكن المواطنين والمقاولات من فهم الصفقات العمومية بشكل أفضل والحرص على منحها بطريقة شفافة وعادلة.

وفي ما يتعلق بالأفضلية الوطنية في الطلبيات العمومية، فيفترض أن تعزز هذه الآلية هذا المبدأ، والذي ينص على حرص المشترين العموميين على إعطاء الأفضلية للمقاولات المغربية لدى منح الصفقات العمومية.

وأوضح المهندس أن هذا المرسوم ينص عمليا على إلزام المشترين العموميين بحجز جزء من الصفقات العمومية للمقاولات المغربية. إذ يتعين على صاحب المشروع أن يخصص 30 في المئة من المبلغ المقدر للصفقات التي ينوي إطلاقها، لكل سنة مالية، لفائدة المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة القائمة بالمغرب.

وأشار أيضا إلى التزام المشترين العموميين بمنح الأفضلية للمقاولات المغربية عندما تكون على نفس مستوى السعر والجودة مع المقاولات الأجنبية، وهو تدبير يروم دعم المقاولات المغربية وتشجيع التشغيل بالمغرب.

وخلص إلى أنه من خلال مجموعة من التدابير الواعدة والفعالة، يظل تنفيذ هذا المرسوم تحديا كبيرا. إذ أنه يمثل إصلاحا أساسيا للتنمية الاقتصادية بالمغرب طبقا لتوجهاته الجديدة لفائدة تشجيع الاستثمار وإحداث الثروة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.