كارل ماركس على حق: الدين أفيون الشعوب؟؟؟ ح.1

0

الدكتور محمد وراضي – ريحانة برس 

    ما يهمنا هنا هو التساؤل عن نوع الدين الذي هو عند كارل ماركس “أفيون الشعوب”؟ هذا الفيلسوف والعالم الاقتصادي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، وقف كمؤرخ ومنظر على الأوضاع الاجتماعية في الغرب الأوربي، حيث أدركت حينها الرأسمالية أوجها.

    فالفترة التي عاشها بين عام 1808م – 1883م، أي على مدى 65 سنة من حياته، كان الأثرياء ينهبون قيم المجهودات العضلية للعمال المياومين وغير المياومين نهبا فظيعا. فكان أن صب جام غضبه على النهابين الذين يحرمون العمال من أجورهم الحقيقية، وهذه الأجور في الفلسفة الاجتماعية للإسلام، حلت محل الاهتمام الخاص لدى المصطفى الكريم حين يقول: “أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه”.

    وحرمان الأجراء أو العمال من مقابل مادي عادل لعرقهم الذي يسيل خدمة لمشغليهم، الذين هم عند ماركس رأسماليون بلغوا قمة في الظلم، وطعنا في العدالة الاجتماعية التي ينظر إليها هو وصديقه: فريدريك انجلز كمبدأ يحتل مرتبة متقدمة، كلما جرى الحديث عن المبادئ الإنسانية العليا، بحيث إنه كان أولى أن ينظر اقتصاديا وإنسانيا إلى الوضع المزري الذي يرزح تحت وطأته ملايين العمال أو الشغالين.

   يعني أن الرجل كان خصما جريئا للرأسمالية الجافة، هذه التي لا تولي أي اهتمام لكل مساهم في رفع ثراء من يملكون رأس المال في أي مكان من العالم. مما يملي واقعيا وجوب القيام بثورة اجتماعية واقتصادية لقلب النظام الرأسمالي إلى نظام شيوعي، بحيث إن الأول تعلوه الأنانية ويحيطه الجشع من كل جانب، بينما الثاني يتقدمه النظر في مصلحة الإنسان ككل. وبما أن رأس المال أو الملكية الفردية عنوان الاستغلال المجحف، فإن الحل الذي يناسب تماسك المجتمع البشري، هو القضاء على رذيلة الاستغلال عن طريق إلغاء الملكية الخاصة.

    ولما كان الأمر يتعلق بالممتلكات الفردية التي هي أداة للاستغلال مع قيام الثورة الصناعية، ممثلة في الأراضي الشاسعة أو في الإقطاعيات الكبرى، فإن الحل الذي يناسب تماسك المجتمع البشري، هو القضاء الكلي على رذيلة الاستغلال عن طريق إلغاء الملكية الفردية على الإطلاق.

    ولما كان الأمر يتعلق بالممتلكات الفردية التي هي أداة للاستغلال – إضافة للإقطاعيات – كالمصانع والمعامل، والاقتصاد المرتبط بالتصدير والاستيراد، أصبح لزاما أن تتحول ملكيتها إلى الشعب برمته. إنما كيف تتم هذه العملية؟ عملية تجاوز الجشع الرأسمالي المدمر؟

   جاء رد الحكام المعروفين بالشيوعيين، والمتحكمين في كافة السلطات العمومية ببلدانهم، والمنتمون بالضرورة إلى الحزب الشيوعي الذي يملك وحده الحق في إدارة شؤون الدولة. بحيث إن دور الحكام المباشر في تحويل النظرية إلى واقع ملموس، هو الإقدام على نزع الملكيات الفردية، حتى لا يظل العمال لعبة في يد الاستغلاليين أصحاب رؤوس الأموال.

   إنما هل تم تحقيق العدالة الاجتماعية، وأصبحت الممتلكات المذكورة قبله في يد الدولة، وانتقلت الشعوب الشيوعية أو الاشتراكية بالفعل من الشدة إلى الرخاء، ومن الاستعباد إلى الحرية، وتم اختفاء الاستغلال وإحالة الفقر إلى القبور، حتى إنه بعد دفنه سيصبح أثرا بعد عين؟؟؟

    ولمواجهة الشيوعية التي كان وراء بلورتها كل من مارس وصديقه الروسي إنجلز( 1820م – 1895م). اضطرت الدول الرأسمالية إلى مواجهة الوضعية الجديدة التي أسفرت تفاعلاتها عن ولادة اتجاهات سياسية ثورية، أو تقدمية، يقودها زعماء سياسيون محليون في معظم أرجاء العالم، لكونهم معجبون بالفكر الماركسي الشيوعي والاشتراكي، ولأن هؤلاء الزعماء يقودون أحزابا باسم الشيوعية مرة، وباسم الاشتراكية مرة. وكانت أحزاب الزعماء هؤلاء وراء الدفع بالطبقة العاملة، إلى الاحتجاجات والإضرابات التي أدى بعضها إلى ثورات، ألقت بالأنظمة الرأسمالية إلى هاوية السقوط، كما ألقت بالملكيات الفردية ذاتها إلى الهاوية، وكان الصراع بين الأحزاب المتشبعة بأيديولوجية الدولة القائمة، وبين الأحزاب اليسارية التي هي خصم عنيد لأنظمة اقتصادية قديمة، إلى جانب الصراع الذي يجري بين الدول في الأعلى، أي بين المسؤولين الشيوعيين كحكام، وبين الرأسماليين كحكام، مع الإشارة إلى أن الطرفين كليهما تعززهما أحزاب وتعارضهما أحزاب معلنة وغير معلنة.

   وكان من سوء حظ الجزائريين أن تبنى حكامها الشيوعية، ودخلوا في سلك الاتحاد السوفياتي، مع دول غيرها تحمل نفس الأيديولوجية في الشمال الإفريقي كمصر وليبيا، بحيث إنه كان بمقدورنا ولا يزال أن نعرف أكثر من ذي قبل، وبجلاء تام، علاقة النظام المغربي بالنظام الجزائري، مما نتج عنه وجود أعداد غير محددة من خونة النظام المغربي من ناحية، ومن الدعاة إلى التخلص منه نهائيا بمختلف الوسائل الممكنة من ناحية ثانية، إلى حد أن أثر هؤلاء الخونة واضح حتى بخصوص قضيتنا الترابية؟؟؟ لكن الأقدار أبت إلا أن يلجأ اليسار المتطرف عندنا إلى الندم الملحوظ على أفاعيله النكراء؟ غير أن ندمه لم يدرك أعلى درجاته في تنكر أتباع عبد الرحمان اليوسفي للراحل محمد الفقيه البصري، الذي قاد في فترات ما حرب العصابات الفاشلة ضد النظام المغربي. مما جعل من رفاق البصري في الثورة المتوقع نجاحها مجرد قادة فاشلين لمحاولات لم تعرف غير الوقوع في يد سلطة النظام القائم، يعني أن مصيرها مثل مصير جميع المحاولات العسكرية وغير العسكرية ضد النظام المغربي الموروث؟؟

    مع التذكير بأننا سوف نبرر في الحلقة الثانية ما يعنيه كون كارل ماركس على حق حين ادعى أن الدين أفيون الشعوب؟؟؟ مع التأكيد على أنه نشأ في وسط مسيحي، وأن لا علاقة له بدين الإسلام المحض ولا بدين الإسلام المشوه أو المزيف بهذين 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.