1

مصطفى شكري – ريحانة برس

استقبلت الأسر المغربية شهر رمضان المبارك لهذه السنة وسط ضغوط تضخمية أثقلت كاهلهم، حيث تواجه شرائح واسعة من المواطنين تحديات كبيرة في تأمين احتياجاتهم اليومية، فآثار زلزال 8 شتنبر 2023 لا تزال تلقى بظلالها على آلاف الأسر فضلا عن تهديدات الجفاف المستمر للعام السادس على التوالي، ووفقا للمندوبية السامية للتخطيط في المغرب، فإن أسعار المواد الغذائية، المحرك الرئيسي للتضخم شهدت ارتفاعا ب، 12.5 بالمئة عن العام السابق، فيما زاد تضخم المواد غير الغذائية ب 1.7 بالمئة.

 

وفي هذا السياق، يعتبر الخبير الاقتصادي المغربي، محمد جدري، أن الاقتصاد المغربي يمر حالياً بأزمة تضخم غير مسبوقة مما أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة أصحاب الدخل المحدود والطبقة المتوسطة. فشهر رمضان لهذه السنة شكل سابقة من نوعها، فالمغرب لا يمتلك مجموعة سلعية في متناول الأسر (من حيث الأسعار)، كما أن السوق مزودة بعديد من السلع لكن أسعارها مرتفعة مقارنة بدخول المواطنين.

 

وفي هذا الإطار يجدر بنا التذكير بالندوة العلمية التي قامت اللجان العمالية المغربية، بتنظيمها قبل سنة من يومنا هذا وتحديدا (السبت 18 مارس 2023) والتي عرفت حضور الخبير الاقتصادي الدكتور عمر الكتاني، وعلى هامش هذه الندوة قمنا بتذكير كل من يهمهم واقع الاوضاع الاجتماعية بما سبقت الاشارة إليه في مقالاتنا المنشورة بعدة مواقع ومنابر إعلامية، مُنوهين بتفاعل الكثير من الاقلام الحرة مع ما ورد فيها، ومُجددين دعوتنا لإيلاء المزيد من الاهتمام بهذه الاوضاع الاجتماعية القاسية والمفتوحة على كل الاحتمالات.

 

فتحت عنوان” موجة غلاء جنونية تجتاح الأسواق المغربية وتوقعات متشائمة لمستقبل الاقتصاد الوطني” حذرنا من الأوضاع المزرية التي تعاني منها شرائح واسعة في المجتمع المغربي، وانزلاق أبناء وشباب الفئات الاجتماعية الفقيرة في متاهات التشرد والتسول والهجرة والجنون، وكيف ازدادت الاوضاع قتامة وسوادا باعتماد مشروع قانون المالية الجديد الذي تضمن إجراءات ستزيد حسب جل المتتبعين من معاناة المواطنين المغاربة، وتدمير المرفق العمومي وخاصة في قطاعات التعليم والصحة والسكن، مقابل تقديم هدايا ضريبية مهمة للأثرياء فاقت توقعات أرباب العمل.. كما ان ما يعرف ب”الحوار الاجتماعي” لم يتسم بالجدية المطلوبة طالما أن الحكومة والباطرونا على حد سواء ترفضان الاستجابة لمطالب الحركة النقابية، وعلى رأسها الزيادة في الأجور، وتخفيف فعلي للعبء الضريبي على الأجراء، واحترام الحريات النقابية، وحل أزمة التقاعد بعيداً عن جيوب الأجراء..

 

إن الترويج والاحتفاء بتنظيم المغرب لمونديال 2030 بالتعاون مع اسبانيا والبرتغال، شأنه شأن فورة مونديال قطر، مجرد مسكنات ظرفية لغضب كبير يسود في أوساط العديد من فئات المجتمع، جراء الغلاء والقرارات الحكومية، وانعدام فرص الشغل للفئات العمرية الشابة وتبخر وعود 8 شتنبر وشعارات التحالف الثلاثي. حيث يسجل بأسف جديد وقلق كبير انخفاض حاد في مؤشر ثقة الأسر، مسجلاً أدنى مستوى له منذ انطلاق البحث عام 2008. هذا في الوقت الذي تنحصر اهتمامات الحكومة في الحفاظ على ما يدعى ب “التوازنات المالية للبلاد” بعيدا عن المطالب الحيوية للمغاربة وانتظاراتهم. وفي هذا الصدد أفاد عدة تقارير دولية أن الاقتصاد المغربي سيعرف انكماشا طويل الأمد، كما سيعرف النشاط الاقتصادي تباطؤا واسعا خلال السنوات القليلة القادمة، فاقت حدته التوقعات، مع تجاوز معدلات التضخم مستوياتها المسجلة خلال عدة عقود سابقة.

 

ومن جانبه يرى الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، أن الاقتصاد المغربي يبقى رهينا بالتساقطات المطرية و أن قوانين المالية في المغرب يعتريها خطأ جوهري، حيث يجب أن يخرج قانون المالية في شهر مارس بدل أكتوبر أي حين يُعرف الإنتاج الفلاحي، لذلك النمو الاقتصادي في المغرب مبني على فرضيات وليس بناء على توقعات. كما اشار الخبير الاقتصادي، إلى عاملين يؤثران في أزمة التضخم ، أولهما الميزان التجاري في المغرب حيث تصل الواردات الى ضعفي الصادرات، اي اننا امام مجتمع يستهلك أكثر مما ينتج “ولما نستهلك الآن نستورد الفائض ونستورد معه التضخم بسبب القمح الذي سنضطر لشرائه وأيضا الطاقة والتجهيزات”. العامل الثاني، يتعلق بعجز ميزان المدفوعات، “أي أن النقود التي تخرج أكثر من التي تدخل، وذلك لأن المغرب تبنى سياسة الاستدانة بشكل تلقائي وغير منطقي، رغم أنه يقول إن الاستدانة للاستثمار، لكن يضيف الدكتور الكتاني” إذا كنا نستدين من أجل الاستثمار فلماذا نحتاج في كل مرة للاستدانة، وكيف لا يستطيع الاستثمار المتحدث عنه تغطية نفقات المديونية؟ هذا معناه أنه بسبب اللجوء إلى المديونية وبسبب اللجوء إلى استيراد الغذاء والمواد الأخرى نعاني من عجز داخلي ومن تضخم..”

ويتمثَّل خطر تلك الديون على الدول بأنها مثل الثقب الأسود الذي لا يمكن الخروج منه، أو ما يعرفه الخبراء بـ”مصيدة الديون”، حيث تستدين الحكومات لسد عجز الميزانية، لكنها سرعان ما تجد أن تلك الديون وفوائدها تأكل إيرادات الدولة في الأعوام التالية، ما يُسبِّب عجزا، فتضطر الدول إلى الاستدانة مرة أخرى لسد العجز أو تسديد فوائد الديون المستحقة، وهكذا تستدين الدولة مرة ثالثة ورابعة وخامسة، دون أن تستطيع الخروج من تلك الحلقة المفرغة، ما يضطرها في النهاية إلى بيع أصولها لسداد الديون، أو ربما إعلان إفلاسها في الحالات الأكثر ضراوة. وللحديث بقية.

تعليق 1
  1. عزيز يقول

    السلام عليكم. ما دمت في المغرب فلا تستغرب تجد من كل فن طرف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.