تقرير / إقليم إفران .. مشاريع تنموية على الورق وأوراش موقوفة التنفيذ.. هدر للمال العام دون مراقبة ولا محاسب

0

ريحانة برس- محمد عبيد

تتناسل وتتكاثر أحاديث ومواضيع في محافل سواء منها العمومية أو الخاصة مستغربة واقع نماذج صنفت في خانات التنمية بإقليم إفران عموما وبمدينة آزرو على وجه الخصوص، مشاريع اجتماعية أو سياحية أو رياضية (ملاعب القرب والتي رصد لها مبلغ يناهز 15مليون درهما، والمسبح المغطى بأزرو بغلاف مالي ناهز ال23مليون درهما) وتعليمية (نواة جامعية أو ما تم تأويله بالمدرسة الوطنية العليا للزراعة الغذائية والتكنولوجيا الحيوية؟!!.. مشروع إنشاء منطقة صناعية على مساحة 8 هكتارات بتكلفة 60 مليون درهم، مشروع إنشاء منصة لتسويق المنتوجات المجالية بتكلفة 5 مليون)، علقت وبقيت موقوفة التنفيذ، مخلفة وراءها أسئلة متنوعة وكبيرة، وبالتالي ظلت بدون أجوبة من الجهات المعنية.

مشاريع رافقت الإعلان عنها مراسيم رسمية سواء من المسؤولين الترابيين او الجماعيين أو بعض وزراء او مدراء مؤسسات حكومية!.. يُحْتَفَظُ بصورها وفيديوهاتها في أرشيفاتهم وترصع لمفاتهم الشخصية.

فكما هو معلوم، فإن مثل هذه المشاريع لها دور كبير على مستوى الاستقطاب الاستثماري والتنمية الاجتماعية من خلال خلق فرص للعمل وتوفير بنية تحتية ملائمة استجابة لمتطلبات الساكنة… وخاصة أن هذه المشاريع تمول في إطار الشراكة المبرمة ما بين عمالة إفران، مجلس جهة فاس- مكناس، المجلس الإقليمي لإفران والجماعة الترابية لآزرو، أو من قبل قطاعات حكومية…

 هو فقط نموذج من عدد من نماذج مثل هذه المشاريع التي تمت برمجت عدد منها بعدد من مناطق إقليم إفران خاصة منها القروية دون أن يكون لها الأثر على حياة المواطنين… سيما إذا علمنا كذلك افتقار عدد من المناطق القروية النائية إلى المستوصفات والطرق وقنوات الصرف الصحي، وأحيانا افتقارها لمنشآت توصيل الماء الشروب وفق الشروط الصحية المطلوبة، لم يكن ممكنا بتاتا أن تقوم بها جمعيات المجتمع المدني التي كانت تقدم برامج محدودة كمساعدات عينية.. في حين تحظى المهرجانات الغنائية بكل الدعم المالي واللوجيستيكي من قبل بعض الجماعات التي يعاب عليها هذا التصرف في المال العام الذي لا يخدم سكان جماعتها بقدر ما يزيدهم غبنا وتعاسة في معيشتهم وحياتهم؟…

ومع هذا كله فالملاحظون والمتتبعون للمبادرة الوطنية بإقليم إفران لا يخفون إمتعاضهم من هذا المجال على المستوى الإقليمي، خصوصا إذا ما استحضرنا ما حملته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من آمال وطموحات كبيرة، لتجاوز واقع التهميش والهشاشة، وتخفيف آثار الفقر، باعتبارها مشروعا مجتمعيا يساهم في تقوية خدمات الدولة والجماعات المحلية، ويهدف إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان، مكنت من إذكاء دينامية للتنمية البشرية متناغمة مع أهداف الألفية التي ترتكز على إشراك وإدماج المواطنين في المسلسل التنموي…

وإن كان الدور الذي تلعبه اللجنة الإقليمية باعتبارها من أهم أجهزة الحكامة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية كفضاء للتشاور والحوار والتفكير بين مختلف الفاعلين التنمويين على صعيد هذه العمالة، تكريسا لثقافة التشارك وتحقيقا للمرامي السامية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لما لها من أهمية ودور القطب الاجتماعي المحدث على مستوى هاته العمالة، والذي يضم في تركيبته المصالح الإدارية والتقنية للدولة، وفعاليات مدنية أخرى… فإنه ومع كل أسف يلاحظ ويسجل على أن هذا المجال مازال في حاجة إلى المزيد من الفعالية خصوصا حيث مشاريع مزعومة بالتنموية، لا ولم ترق بعد إلى ما تطمح إليه الساكنة متسائلين أين يكمن الخلل؟ مشاريع في طور الإنجاز موقوفة التنفيذ لا يعلم خباياها إلا أولي الألباب تحتاج إلى زيارات مفاجئة ومتابعة مسؤولة للوقوف عن خلل ما وراء تعطيل أشغالها في أحسن حال، وبحسب ما تنص عليه دفاتر التحملات؟.. وهو ما يدفع عددا من المتتبعين إلى مطالبة قسم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة إفران إلى التواصل المباشر مع الساكنة لا الاكتفاء باللجان المحلية المكونة والمؤثثة على المقاس؟!.. سيما وأن طبيعة الواقع الاجتماعي (الاقتصادي والفكري والنفسي والتربوي والبيئي) تلعب دوراً أساسياً في تحديد طبيعة الأزمات والمشكلات التي يعاني منها الشباب، علما أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية “هذا الورش الملكي” منذ أن أعلن جلالة الملك محمد السادس عن انطلاقتها سنة2005، هدفت إلى تقليص العجز السوسيو- اقتصادي وتيسير الإدماج الاقتصادي للفئات الفقيرة والمعوزة وصون كرامة المواطن، فإن جلالته لم يخف في مناسبة لاحقة خلال سنوات أخيرة فشل النموذج التنموي المغربي لتكون صرخته صرخة مدوية من أجل التنقيب عن إمكانية وجود نموذج تنموي فعلي في المغرب، ثم بعد ذلك البحث في أسباب فشله، خاصة وأن ذات الصرخة الملكية أشرت على فشل الترياق الملكي الذي أعلنه من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على أساس أن تعمل على خلق التوازن وسد الفجوات فيما يخص المجالات (مناطق وطبقات اجتماعية) التي لم تستفد من التنمية.

ففي إقليم افران، يسجل المتتبعون ان المشاريع تم الإعلان عنها منذ فترة طويلة ومشاريع أخرى المفروض تقام في بعض المراكز الحضرية والقروية، اغلبها لم تر النور حتى الآن..

فكثير من المشاريع تم الإعلان عنها في وسائل الإعلام المختلفة وأقيم لها حفل توقيع مناقصة التنفيذ بين الجهة المالكة للمشروع والجهة المنفذة له، وتم نشر تفاصيل مكوناته، ونماذج ثلاثية الأبعاد توضح شكل وحجم المشروع وتكلفته.. ويظهر لنا أحد المسؤولين عبر وسائل الإعلام وهو يتمنطق ويرتدي أرقى جلاببه الأنيقه، ويصرح عن أهمية المشروع ومدة التنفيذ والتاريخ المخطط للانتهاء منه، وعدد فرص العمل التي سوف يوفرها، بل أحيانا يتم وضع حجر الأساس للمشروع، ويظل ذلك الحجر ولوحة المشروع شاهدة على الحدث.

ويستبشر المواطن خيرا ويقوم بنشر الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويتم تداوله في المجالس وفي كل مكان، وبمرور الوقت يبدأ بريق الخبر ولمعانه يخفت رويدا رويدا.. والناس تنساه وفي انتظار خبر جديد مفرح، وبعد مرور أربع ـ وخمس سنوات يبدأ المواطنون في طرح سؤال عبر السوشيال ميديا، ويتساءل عن المشروع الكبير الذي تم الإعلان عن تفاصيله؟!.. وقد لا يأتيه الرد.. وهكذا منذ سنوات مشاريع كثيرة لم تر النور ولم تخرج من نطاق التصاميم الجميلة وتصبح في مهب الريح.

كما أنه وجب الذكر بأن الحياة في إقليم إفران من جهة أخرى، تتفشى فيها سياسيا، ظاهرة الولاءات الانتخابية والتبعية السياسية ولوبيات النهش العقاري والنهب الغابوي الممول والمسطر للخرائط السياسية برلمانيا وجماعاتيا وغرفيا ومهنيا، مما افقد العمل السياسي كُنْهَهُ ومصداقيته بسبب سطوة المال والمصالح والولاءات وبسبب النظرة التجزيئية النفعية للشأن العام وفق منظور متجاوز ومتحجر اتبع وانتهج خلال عقود عدة من العمل السياسي بالإقليم، الذي كان سابقا يعتبر محمية خاصة بامتياز للعديد من وجهائه وكل المنتفعين من الكعكة السياسية والاقتصادية به.

ويبقى الجواب عالقا عن السؤال الذي يطرح نفسه: من المسؤول عن مثل هذه السيناريوهات؟ ولماذا مثل هذه المشاريع تكون مصيرها الفشل؟… والتي كان من المفترض أنها مرت بمراحل مختلفة من الدراسات أهمها دراسة الجدوى والتي تحدد ربحية المشروع وجوانبه الفنية والمالية وتشمل دراسة السوق وغيرها من التفاصيل قبل الإعلان عنها وتوقيع اتفاقية تنفيذها.

نحن نعلم بأنه هناك أحيانا بعض التحديات قد يواجهها أي مشروع وتكون خارجة عن الإرادة، إلا أن ذلك عادة لا يحصل إلا نادرا.. أما أن تكرر نفس المشكلة وفي مشاريع استراتيجية ومهمة ومرت بمراحل من الدراسة وانطلقت اشغال بعضها ولتجد اوراش هذه المشاريع نفسها موقوفة التنفيذ، ويطالها الإهمال والنسيان… فمعنى ذلك أن هناك خلل ما!؟؟ وعندما تغيب الشفافية والوضوح تكثر الإشاعات والاستنتاجات والتأويلات حول مصير المشروع وما آل إليه، مما يفاقم المشكلة والتي قد تتحول إلى أزمة ثقة بين المواطن والجهات الرسمية وهذه الأزمة تتفاقم كلما زاد الغموض وعدم الوضوح.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.