غول الغلاء.. حكومة الله يكون فالعون .. وشعب في الفقر مسجون؟

0

ريحانة برس- محمد عبيد

يحكى أنه في قرية، تأخر الخطيب يوم الجمعة عن المجيء لإلقاء الخطبة، وبدا الناس يلتفتون يمينا ويسارا عسى أن يهل عليهم هلال الخطيب. وفجأة وقف رجل مجنون واعتلا المنبر ليخطب في الناس…فأراد بعض المصلين إنزاله بالقوة، إلا أن أحد المسؤولين منعهم من ذلك…وأمر بأن يتركوه يلقي خطبته.. تقدم المجنون بابتسامة باردة، وقال: “الحمد لله الذي خلقكم من اثنين، وقسمكم قسمين، فجعل منكم اغنياء لتشكروا، وجعل منكم فقراء لتصبروا.. فلا غنيكم شكر، ولا فقيركم صبر، ولا كبيركم ينهي عن الفحشاء والمنكر، ولا صغيركم يتعظ ويتذكر.. قلوبكم مملوءة بالحقد والكراهية، وعقولكم مشغولة بالطاغية، ألا لعنة الله على الظالمين!.. وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، واذكر الله، والله يعلم ما تصنعون”…
يأتي الذكر بهذه الحكاية في وقت تفاقمت فيه موزاين العيش بين الغني والفقير في وطننا الحبيب، حيث اندلعت حرب طاحنة ظاهريا ولكنها في خفاياها باردة، سيما نظير الأوضاع الاجتماعية القائمة حاليا ونتيجة ارتفاع الأصوات سواء من الشعب أو حتى الحكومة نفسها كلها تستنكر الارتفاع الصاروخي للأسعار في المواد الاستهلاكية، بشكل غير مسبوق كل جهة تدعي أنها مسها الضرر، وإن كان المواطن المغبون هو من يشعر بعمق الضرر أمام الارتفاع المهول في الأسواق الغذائية الأساسية، وامام انهيار القدرة الشرائية واتساع دائرة الفقر والفوارق الاجتماعية والمجالية في ظل الأزمات وإصرار الحكومة على نهج نفس الأساليب السائدة منذ عقود، بل تعميقها من خلال انحيازها المفضوخ للرأس الريعي والاحتكاري وخدمة مصالحه مقابل التقشف في الجانب الاجتماعي واللا مبالاة لمعالجة موضوعية للأزمة الخانقة التي تعاني ويلاتها فئات وشرائح اجتماعية واسعة من الشعب المغربي، وغياب اتخاذ إجراءات عملية وملموسة لحماية المواطنات والمواطنين من لهيب الأسعار الناتج عن الأزمة التضخيمية والمشتريات والاحتكارات، فضلا عن تنصلها من التزاماتها الاجتماعية تجاه الطبقة العاملة بتحسين الدخل حتى باتت تداعيات ارتفاع‭ ‬الأسعار تورق الاسر المغربية بمختلف شرائحها خاصة منها المتوسطة والهشة ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تتلاشى‭ ‬وتعاني‭ ‬تضررا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬معيشتها‭ ‬اليومية،‭ ‬إذ‭ ‬بدأ‭ ‬يخيم‭ ‬على‭ ‬عيشها‭ ‬التوجس‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬اقتصادي‭ ‬مغربي‭ ‬مضطرب‭ ‬سلب‭ ‬منها ‬قدرتها‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواد‭ ‬الأساسية‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬على‭ ‬الأبواب‭ ‬ويكثر‭ ‬فيه‭ ‬الاستهلاك‭..
ويسجل على أن العديد من الأسر تضررت بفعل تدهور القدرة الشرائية، وهو ما جعل المواطن المحدود الدخل والعاطل عن العمل عاجزا عن تحمل تكاليف المعيشة، خاصة أمام استمرار ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساسية.
وكان أن توقعت المندوبية السامية للتخطيط، في مذكرة صادقة عنها مؤخرا، بأن يبلغ معدل النمو الاقتصاد الوطني 1.4٪حسب التغير السنوي، خلال الفصل الرابع من 2022 عوض 1.6٪ خلال الفصل السابق، على أن يشهد النمو الاقتصادي تسارعا في الفصل الأول من عام 2023 ليصل إلى 3.4٪.
وبالرغم من هذا التوقع، فالمتسوق المغربي يقف مذهولا امام الارتفاع‭ ‬الصاروخي‭ ‬لأسعار‭ ‬معظم‭ ‬المواد‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬الأساسية…‬وإن كانت الحكومة ترد أسباب ‬ظاهرة‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار إلى كونها ‬أزمة‭ ‬عالمية.
ويثير الموقف الأخير للحكومة وخاصة على مستوى المسؤولين الترابيين الذين عقدوا غضون الأسبوع الجاري جملة من الاجتماعات بمقرات ولايات وعمالات وأقاليم المملكة، والذين اعلنوا خلالها عن اتخاذ جملة من التدابير للإطلاع على حالة التموين وجودة السلع وكذا مراقبة أسعار المواد الغذائية إضافة إلى التأكد من احترام مساطر التوزيع والتسويق طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، باعتبار ذلك يندرج في إطار العمل اليومي لمصالح مراقبة الأسعار وتموين الأسواق بالمواد الغذائية… إلا أنها تدابير وإجراءات تبقى ‭ ‬معزولة‭ ‬ذات‭ ‬الأثر‭ ‬المحدود،‭ ‬وإلى‭ ‬تجاوز‭ ‬منطق‭ ‬تبرير‭ ‬الأوضاع‭ ‬بالتقلبات ليست الوطنية فحسب بل ‭ ‬الدولية‭ ‬كذلك‭.‬
وتتناقض هذه الإجراءات الحكومية مع معطيات الدولة ككل، حين نذكر أنه كان أن أعلنت المندوبية السامية للتخطيط في نفس تقريرها المعلن مؤخرا على أنها توقعت استمرار موجة الغلاء، وأن تواصل أسعار الاستهلاك ارتفاعها خلال الفصل الرابع من 2022 بالوتيرة نفسها المسجلة خلال الفصل السابق، محققة زيادة بـ8.1٪، حسب التغير السنوي، عوض 2.5٪ خلال السنة السابقة.
ويرى المتتبعون للأوضاع الراهنة في غلاء المواد الغذائية انه ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الأخرى‭ ‬لارتفاع‭ ‬المواد‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬على‭ ‬الجشع‭ ‬والاحتكار،‭ ‬استمرار‭ ‬ارتفاع المحروقات‭ ‬بالمغرب‭ ‬نتيجة‭ ‬تغييب‭ ‬شركة‭ ‬تكرير‭ ‬النفط‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬الذي‭ ‬ألقى‭ ‬بظلاله‭ ‬على‮ ‬أسعار‮ ‬‭ ‬النقل‮‬‭ ‬التي‭ ‬يتحجج‭ ‬بها‮‬‭ ‬التجار‭ ‬لتبرير‮‬‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬رغم‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬خصصته‭ ‬الحكومة. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬اللحوم‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬10‭ ‬دولار‭ ‬للكلغ الواحد…
وكان رئيس الحكومة قد طمأن الرأي العام الوطني في مجلس حكومته يومه الخميس 9 فبراير 2023، بأن إنتاج الخضروات، وعلى رأسها الطماطم خلال هذه السنة، في مستوى جيد، وأن ارتفاع أسعار الطماطم في الأيام الأخيرة مرتبط أساسا بموجة البرد التي تعرفها بلادنا، حيث من المرتقب أن تعرف أسعار الطماطم انخفاضا ابتداء من الأسابيع القليلة القادمة، مع عودة درجات الحرارة لمستواها الاعتيادي، مما سيساهم في نضج الإنتاج الوطني وتواجده بوفرة في الأسواق. ومبزا كذلك بأن جاهزية إنتاج دورات جديدة للبصل والبطاطس ستساهم في تعزيز وفرتها لتلبية حاجيات الاستهلاك وستنعكس على أسعارها، ومعلنا أيضا على أنه من المنتظر أن تتراجع أسعار اللحوم الحمراء هي الأخرى بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، ومن بينها إلغاء الضريبة على القيمة المضافة ووقف استيفاء الرسوم الجمركية على استيراد الأبقار الموجهة للذبح، حيث ستمكن هذه الإجراءات المهنيين من استيراد حوالي 30 ألف رأس من الأبقار الموجهة للذبح، قبيل قدوم شهر رمضان المبارك، مما سيساهم في تخفيف الضغط على القطيع الوطني من الابقار، وفي خفض أسعار بيع اللحوم بالتقسيط.
ولو ان‭ ‬الحكومة‭ ‬ادعت مؤخرا ‬إقدامها على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬إعفاء‭ ‬المستوردين‭ ‬من‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تسهيل‭ ‬تزويد‭ ‬وتموين‭ ‬السوق‭ ‬الوطنية‭ ‬بحاجياتها‭ ‬من‭ ‬الأبقار‭ ‬الموجهة‭ ‬للذبح‭ ‬بشكل‭ ‬سريع، أو حرصها على التعبئة واليقظة من خلال الرفع من مراقبة وضعية تموين أسواق المملكة بالمنتجات الغذائية، وتعزيز الرقابة على مستوى التسويق والجودة، وتعقب ومعاقبة أية مخالفات أو سلوكات انتهازية.
وفي نفس السياق، دعا رئيس الحكومة الوزراء إلى القيام بزيارات ميدانية من أجل الوقوف على ظروف تموين الأسواق وتتبعها بشكل شخصي، بالنظر للإنعكاسات الظرفية الحالية المطبوعة بمجموعة من التحديات الدولية والمناخية وحماية المواطن من آثارها، وما تحتمه من تتبع دقيق ومقرب لمختلف سلاسل الإنتاج والتسويق، خاصة من خلال تعبئة لجان المراقبة على مستوى الجهات والأقاليم، تحت إشراف الولاة والعمال، بدعوى الإسهام ‬في‭ ‬تخفيض‭ ‬الأسعار، إلا أنها اجراءات تعتبر حلزونية لخفض الأسعار عكس ما تكون عليه عند الزيادة التي تستغفل الشعب بدون سابق إشعار أو إنذار أو حتى أحيانا في غياب صدور قرار مسؤول؟
“عند الزيادة في الأسعار لا إشعار تتخذ في جنح الظلام وتصبح تكوي في بنادم فالصباح والنهار القهار.. وعند النقصان لواه خاص الدراسة والتفكير والتخطيط والتسطير.د!!؟؟!!. والتسطية والهبال باش يحماق عقل المواطن المسكين”…يعلق أحد الظرفاء على هذا التناقض في الأعمال والأفعال في الأسواق الاستهلاكية!…
ولقد وصلت الأسعار في المواد الغذائية إلى حد لا يطاق اكتوت بها جيوب الشعب المغبون حتى صار هذا الشعب لا يقوى الاقتراب منها … وهاهي أسعار هذه المواد الغذائية تشتعل بفعل ارتفاع اسعار المحروقات، ناهيك عن كثرة الوسطاء، وهاهي صناديق التقاعد مهددة بالإفلاس، ولا زالت النيات تنظر لجيوب الحائط القصير، موائد عموم الأجراء والموظفين لمزيد من الاقتطاعات.. فمأسف عندما يكون هم السياسي هو الوصول للمنصب، وأخذ الصور، وركوب السيارات الفارهة، وتغيير في جوهر الحياة الخاصة رأسا على عقب! وادعاء اهتمامه بمراقبة وتابع الأسواق ،وهو يخرج اليها وعلى يمينه وعلى يساره وفوق رأسه الكثير من الأبواق والكاميرات والفيدورات!!!!؟
المراقبة يقول مواطن هي ان يخرج هذا المسؤول في جبة مواطن عادي “بلا تطبال بلا تغياط” ويحمل قفته ومنتحلا صفة مواطن عادي ويدخل السوق و”يتقدى” بالتقسيط ليستشعر فعلا الغبن الذي يعيشه الفقراء جراء الغلاء..
لتبقى عندنا حكومة الله يكون فالعون، وشعب “بلهلا يكزيه ليه” في الفقر مسجون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.