0

ريحانة برس:👈بقلم ذ.محمد خلاف

كان من بين أولاد قرية سحيقة عائل معظم سكانها بالجنوب المغربي تاجرا كبيرا بالدار البيضاء؛ رجل فياض؛ طلق اليدين؛ متنعم؛ موسر ؛بيديه أريج زهرة الصدقة؛ عرف بمشاعر الحب والحنان والاحتواء تجاه أهل دواره؛ يؤمن خلقيا أن الصدقة لم تفقر أحدا يوما.

ومع اقتراب عيد الأضحى أراد أن يتصدق بخروف للعيد دون أن يعرف أحد.

فأرسل الكبش مع شخص لرجل معسر بالقرية يعرفه منذ أمد بعيد؛ و طلب من المرسل أن لا يذكر إسمه للفقير؛
كعادته كان يتصدق على الإنسان وليس على الفرد.

وبعد أيام من اقتراب العيد؛ حل الرجل المتصدق بالدوار (تمازيرت) كأمير عرشه في قلوب دراويش تلك القرية.

وكعادة أهل سوس حيث يعتبرون أيام عيد الأضحى عطلة لامحيد عنها؛ وتدب حركة كبيرة في كل مناحي الحياة بالمنطقة.

وأخذ يتجول في السوق كديدنه؛ فوجد الرجل الفقير يقف داخل مرفق بيع مواشي العيد؛ وبجانبه نفس الخروف الذي وهبه أياه؛ دون أن يعلم؛ وكان الرجل يريد بيعه.

فاستغرب المحسن كثيرا؛ وظن أن الفقير يمتهن التسول؛ والجشع والخداع والنصب لتجميع الثروة.

واقترب منه وسأله في حياء وتلجلج: “لماذا تريد أن تبيع هذا الخروف!!؟”
فقال الفقير دون تكلف ولا تصنع: “هذا خروف أهداه لي احد المحسنين؛ وهو كما ترى كبير جدا؛ ولي جار لا يستطيع شراء خروف للعيد فجِئت لأبيع هذا الخروف واشتري بثمنه اثنين صغيرين واحدا لي والثاني لجاري لجبر نفسه وإسعاده وإدخال السرور على أطفاله؛ كما أسعدني ذاك المحسن.”

زاد إعجاب الرجل الغني بالفقير؛ ومكنه من أمور إضافية لها علاقة بالعيد مناصفة مع صديقه الفقير الآخر كمسلتزمات الشواء؛ وبعض الملابس الجديدة وحلويات متنوعة؛ وأصبح مصدر ثقته؛ ومفتاح تسيير أموره بالدوار؛ وكلفه بتوزيع هبات المحسن وأمثاله بالقرية ونواحيها.

كان الفقير غريزيا يؤمن أن ثقة الناس في الناس أحسن من حبهم لهم؛ وأن الذي يحيا بالثقة تحييه الثقة؛
وأن كل شيء ممكن أن يكون له فرصة ثانية، إلا ثقة الناس في الناس.

هؤلاء من صدق فيهم قول الله:
“يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”
كما صدق فيهم المثل الشعبي:”لما عطا من القليل مايعطي من الكثير”….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.