قرعة أمريكا

0

محمد المتوكل – ريحانة برس

لا حديث في الاونة الاخيرة وخاصة عند مطلع شهر ماي من هذه السنة الا عن القرعة “ديال امريكا واش تقبلتي لا ما تقبلتيش يوا العقبى للعام الجاي، في مشهد يوحي بان عددا كبيرا من مغاربة المغرب انما يراودهم الحلم للهجرة الى بلاد العم سام من اجل تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية وهروبا من مغرب الفقر والخصاصة والحاجة والعوز والتهميش والاقصاء و “باك صاحبي” للاسف الشديد.

لقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية في اليومين الماضيين من شهر ماي الجاري الذي يبدو انه دخل ساخنا بعدد الزوار والباحثين عن ملفاتهم هل تم قبولها من قبل ادارة بايدن ام انها “تروبورطات” الى حلم اخر من السنة القادمة اذا ما بقي في العمر بقية، وعاشت معظم الاسر المغربية والشباب المغربي على ايقاع البحث عن النتيجة ومعرفة هل تحقق الحلم ام انه “الزهر ماكاينش” حسب ما استنتجته من مجموعة من الشباب الذين التقيتهم وعبروا جميعا كونهم لم يتم قبولهم في “الكرين كارد” بسسب ان عدد الذين دفعوا لهذه قرعة ربما اكثر من سكان الصين، اضافة الى ان الولايات المتحدة الامريكية يبدو انها عدلت عن فكرتها باستجلاب المغاربة والبحث عن جنسيات اخرى، رغم ان جهاز الحاسوب هو من يقوم بعملية اختيار المرشحين عشوائيا لكن لا استبعد وجود كوادر بشرية وراء اختيار هذا وترك ذاك…

فقد عاش معظم المغاربة وخاصة الحالمون منهم بالحلم الامريكي الذي يضمن الحياة الكريمة والعمل الكريم والعيش الكريم، عوض المغرب الذي يتوفر على كل عناصر العيش الكريم والحياة الطيبة ولكن للاسف الشديد يبدو ان وفئة معينة ولدت وفي فمها ملاعق من ذهب هي التي تستولي على خيرات البلاد والعباد دون ان تترك فرصة “للبوفرية” من اجل التوفر على “الشدق ديال الخبز” فبالاحرى امتلاك السيارات والعمارات والفيلات والاراضي وغبر ذلك.

لقد عبر عدد المسجلين في القرعة الامريكية عن رفضهم القاطع للاوضاع المعيشية التي يعيش عليها اغلب المغاربة، اوضاع اقل ما يمكن ان يقال عنها انها اوضاع ماساوية، مقابل حفنة من المغاربة الذين يعيشون “فوك فيكيك”، اوضاع مرتبطة اساسا بغلاء الاسعار وغلاء الوقود وغلاء المعيشة وانعدام افاق الشغل وتدهور الاحوال الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.

بقي ان نشير الى ان القرعة الامريكية تتجدد كل سنة، ويتسجل فيها عدد كبير من سكان العالم وخاصة المغاربة الذي يراودهم حلم الخروج من البطالة والازمة وقلة فرص الشغل، وانعدام سبل العيش الكريم وانسداد الافاق في بلد يعج بالخيرات “الفوسفاط الاسماك الخضر الفواكه”…وغيرها لكن دون ان تجد هذه الخيرات طريقها الى الشعب المغربي الفقير والمحتاج والمعوز، مما يجعل فئة كبيرة من ابناء المغرب يفكرون في كل الوسائل التي تمكنهم من مغادرة البلاد والعباد الى افاق ارحب تضمن الكرامة والعيش الكريم.

فعلى الرغم من ان امريكا سياسيا تعتبر عدوة الشعوب، وتساهم بشكل او باخر في دعم كل النزاعات في مختلف البلدان وكانت سببا رئيسيا في اشعال الحرب في العراق وتدمير افغانستان واليمن وسوريا، اما الان فانها تحاول قتل وتدمير الشعب الفلسطيني وذلك بدعم العدو الصهيوني الغاشم، كما ان مواقفها من مجموعة من القضايا في العالم يشكل استثناء ودائما ما تحاول خرق القاعدة، كما انها تشكل شرطي العالم، ودائما ما تبحث عن مصالحها في كل زمان ومكان، ولها مواقف مؤيدة لكل ما هو يهودي، ويعتبر تنامي العنصرية وطرد الاجانب فيها اهم السمات التي تميز بلاد العم سام،،،،الا انه ورغم ذلك فالعيش في امريكا ونيل البطاقة الخضراء يعتبر حلم اغلب الشباب وخاصة المغاربة الذين يرون في ذلك انقاذا لهم من شبح البطالة وازمة قلة الشغل وافة الخدمات التعليمية والصحية الفاشلة والرديئة في مملكة اريد لها ان تبقى خارج التاريخ والجغرافيا وحتى التربية الوطنية للاسف الشديد، دون ان ننسى المحسوبية والزبونية والبيروقراطية وطغيان ازمة “باك صاحبي” و “سول في فلان” و “قل لفلان سيفطني عندك فلان” و تغلغل لازمة “اللي عندو مو فالعرس مايبات بلا عشا”، وغيرها من الاشكال التفكيرية والقوالب الثقافية التي جنت على اجيال متعاقبة من المغاربة لم تربح من المغرب الا البطاقة الوطنية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.