مكرون الفرنسي مجرد امتداد لحملة الصلبان؟

0

الدكتور محمد وراضي – ريحانة برس 

    من ادعى أن الحروب الصليبية، عرفت نهايتها مع انتصار صلاح الدين الأيوبي، فقد خفيت عنه الحقيقة الواقعية الماثلة للعيان؟ فالاستعمار المتسلط على الدول العربية والإسلامية، لا يخفي رغباته الملحة في القضاء على الإسلام، وإحلال المسيحية والعلمانية محله، بأكثر من حيلة، وبأكثر من مكيدة؟ حتى إن المستعمرين بعد استقلالنا عن وجودهم بفضل مقاومتنا، لم يكفوا عن إمطار ديارنا وصناديق بريدنا بدعوات التنصير بكيفيات مختلفة.

مما يعني أن النظام الإسلامي المعتمد لدينا لقرون، عاش فيها الأوربيون تحديدا في ظلام دامس، لا بد أن يتم لهم اجتثاته عن طريق فرض العلمانية.

هذا النظام الهمجي الذي يستمد همجيته من الأهواء والميولات الذاتية. والذي تولى خلفاء الاستعمار معانقته وحمايته، والدفاع عنه، لم يفلح حتى الآن في محو بريقه وإطفاء وهجه في قلوب أبنائه. فإن قبل الحكام تبني النظريات الاستعمارية الرامية إلى تنصير كافة البشرية، فإن تطلعاته لم تحل دون المخلصين للدين من رفع أصواتهم عالية للتنديد بسلوكيات حكامهم الطائشة، والمصرة في مجملها على تنفيذ علمانية، أملتها العقول بالفعل، لكنها عقول مشبعة بأنانيات، معتزة بكونها إنسانية الاتجاه، وبجدية الأهداف والغايات؟ لكنها على أية حال، وفي حدود ممارساتها التي تحمل أثقال الماضي الديني، هذا الذي قرأ في اعتماد العقول إساءة للدين، الذي له حماته من قساوسة ومطارنة يدركون وحدهم مدلوله، في الوقت الذي يجهله غيرهم ممن حاولوا التدخل بالعقول المنطقية لتناول الكهنوت ورموزه وأدواته.

    ففي الوقت الذي يواصل فيه حملة الصليب – ومكرون واحد منهم – تشديد قبضتهم على إغراق الإسلام في وحل الخيانات والمخالفات البدعية والسياسية بين الحكام، سعيا منهم وراء ترسيخ التفرقة بينهم والتباين، فوجئوا بثورة عارمة، يقودها علماء الدين في إيران المسلمة، فكان أن انتفض الغرب بزعامة الأمريكيين، للقضاء على ثورة الملالي في المهد، وسخروا للقضاء عليها نظام صدام الغارق في العلمانية، في صورتها الاشتراكية المزعومة؟ لكنه هو ومن يناصره ويمده بالمال والأسلحة، لم يفلح في القضاء على ثورة شعبية.

هذه التي أدت دورها في إيقاظ همم المسلمين، الذين لمسوا عن قرب وعن تجربة، فشل العلمانية في إسعاد الجماهير الشعبية؟

    فقويت الميولات إلى التكتل في الجماعات السياسية التي تستهدف الابتعاد عن الأنظمة المستوردة التي أبعدت الدين عن السياسة، فكان أن تجند الحكام المجرورون، تلبية لإملاءات الغربيين الضاغطة التي وجدت فيهم عونا أوطاعة عمياء لخنق كافة العمليات التي سوف تؤدي لا محالة إلى قيام نظام إسلامي روحي مقابل النظام الغربي المادي؟ فحلقت اللحى، وحوربت الصلاة بالقبض أو بالسدل، كما حورب النقاب الذي فرض نفس الحكام ارتداءه الآن اتقاء ل”كوفيد 19″، كما حوربت الجرائد والمجلات الناطقة باسم الجماعات الأسلامية، دون أن تفلح الأحزاب نهائيا في طمس أصوات المنادين بمواجهة العلمانية حتى في عقر دارها؟ ودون أن تفلح شعارات الغرب الكذابة الداعية إلى وجوب احترام دول الحق والقانون، يقصد اعتماد الديمقراطية المعتمدة على إطلاق الحريات للشعوب. وعندما تم الشروع في العمل بالديمقراطية، وانتهت النتائج الانتخابية إلى بعض الإسلاميين، أسرع العسكريون في الجزائر على سبيل المثال، إلى دفن الوليد قبل أن يدرك رشده؟ بحيث إن التسلط الإرهابي الرسمي المفروض، عاد إلى الواجهة، تحقيقا لرغبات المنادين علنا بالديمقراطية؟ والحال أنهم يخشون مما سوف تسفر عنه من نتائج؟ نعم، إنهم يريدون حصول العلمانيين على الأغلبية الساحقة في كافة الانتخابات، ومتى اتضح للاستكبار الدولي وأذياله من حكامنا أن الإسلاميين في مقدمة من تختارهم شعوبهم، حرك هذا الاستكبار البغيض خيوطه المخفية، لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، أي التفوق المفروض للعلمانيين، ولو على حساب إزهاق آلاف الأرواح من الإسلاميين؟ وما جرى في الجزائر وفلسطين، ومصر، ليس عنا ببعيد؟؟؟

    وحتى عندما ثارت الشعوب ضد حكامها العلمانيين الخونة الاستبداديين، وجد هؤلاء الحكام من يعضدهم من الاستكباريين الغربيين؟ فكان أن بذل حكامنا جهودهم الهمجية لاستئصال المناضلين الإسلاميين، الذين يرفضون النتائج الوخيمة للأنظمة العلمانية المفروضة في شتى المجالات؟ بل وخرج عملاؤنا السلطويون في السر إلى العلن منتقدين رغبات من طرح للتجربة مسمى صفقة القرن؟ هذه التي قادها الأمريكيون والصهاينة، مع تواطؤ دول تدعي الانتماء إلى الجامعة العربية، وأنها ضد أعداء الإسلام عامة، وضد المعتدين على مقدساته من جهة، وعلى الشعب الفلسطيني من جهة ثانية؟ فجاء ماكرون الفرنسي ليهاجم الإسلام الذي يتكاثر معتنقوه في كافة أرجاء العالم يوما بعد يوم. لكن الإسلام كما ادعى لم يكن في أزمة، فالحكام المدعون اعتناقه والغيرة عليه، هم المتأزمون البعيدون عن العمل به. وتأزمهم تجسده التفرقة، ومواجهة الإسلاميين إلى حد ادعاء السيسي بأن الإخوان المسلمين متخلفون وأنهم ضد الحضارة الراقية، يعني أنهم يشكلون الخطر عليها؟؟؟؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.