0

محمد المتوكل – ريحانة برس

غادرنا الى دار البقاء المرحوم عبد العزيز النويضي الذي ترجل من على صهوة جواده متوجا الى رحمة رب البريية املا في رحمته، وترك البلاد كاملة حزينة لفقدان رجل نذر حياته للدفاع عن المظلومين.

فقد كان الرجل طيلة مساره العملي والمهني كاستاذ جامعي وكمحامي وكمناضل حقوق وكعضو بديوان الراحل عبد الرحمان اليوسفي واحدا من ابناء الشعب القريب من الشعب يواسي هذا ويسال عن هذا ويحول الانصات الى ذاك وذلك تطبيقا وتنزيلا لكل المبادئ والافكار والقيم التي كان يومن بها والتي تحاول قدر الامكان تحسيس المغاربة بحقوقهم وواجباتهم تجاه بلدهم في مختلف نواحيه واتجاهاته.

لقد كان الراحل النويضي واحدا من العلامات الفارقة في البلاد واحد المؤسسن لثقافة حقوق الانسان في المملكة، والذين بذلوا الغالي والنفيس من اجل تكريس مبادء العدالة والانصاف والعيش الكريم.

رجل لم تغيره المناصب ولم تبدله حيثيات الحياة ولم تجعل منه مسترزقا كما هو الشان بالنسبة لعدد من حاملي لواء حقوق الانسان وهم في الحقيقة ليسوا الا حاملوا لواء البحث عن “البقشيش” اينما حل وارتحل، رجل عمل كل ما في وسعه من اجل التمكين لكل عوامل التنمية البشرية التي تجعل من الانسان محور كل العمليات والمخططات والبرامج الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنموية.

التويضي رحمه قليل مفرد في صيغة الجمع ومثقف عضوي وسياسي نذر نفسه لتنزيل السياسة النظيفة، والقطع مع السياسة العفنة التي اخرت المغرب والمغاربة لسنوات ضوئية، وجعلت البلاد و والعباد تتدحرج سنوات ضوئية في سلم التخلف والجهل والدونية والعبثية والغوغائية والعشوائية للاسف الشديد.

النويضي في قرارة نفسه كان يومن بان الحرية لا تقدر بثمن وان الاستقلال في الفكر والتصور والعمل بجد وكد من اجل العيش الكريم والبعد عن التبعية العمياء لكل الايديولوجيات هو اسمى ما يجب ان يفني عليه الانسان سنوات عمره، اما الخبز والرزق فيكفي ان الله تعالى متكلف بذلك مصداقا لله تعالى:” وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء انه لحق مثلما انكم تنطقون”.

وللاشارة فقد ولد النويضي في عام 1956، ونشأ بالحي المحمدي بالدار البيضاء، تلقى تعليمه الأولي في الكتاب القرآني، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية، ودرس بثانوية عقبة بن نافع، قبل أن ينال شهادة الباكالوريا ويلتحق بجامعة الحسن الثاني لدراسة الحقوق.

بعيد تخرجه، التحق النويضي بفاس كمدرس جامعي وهو في عمر ال 23، حينها قرر الالتحاق بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وبالكونفدرالية الديمقراطية للشغل بعد تأسيسها سنة 1978، حيث سيتولى فيما بعد مساعدة نوبير الأموي على رأس النقابة، وهي المهمة التي مكنته من زيارة دول أجنبية عدة كالدنمارك، وسويسرا، والعراق، وسوريا، والأردن، والولايات المتحدة الأمريكية.

عمل النويضي كمستشار للوزير الأول، عبد الرحمن اليوسفي خلال حكومة التناوب بين سنتي 1998 2022، ثم التحق بعد ذاك للتدريس بجامعة أوهايو الأمريكية، كما ظل يدرس القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط. في عمله السياسي قرر النويضي مغادرة القلعة الاتحادية والتحق فيما بعد بالحزب الاشتراكي الموحد، ثم كان ضمن ممن كونوا حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي نهاية 2022 والذي تولى عضوية لجنة التحكيم به.

وخلال عمله كمحام، ارتبط اسم النويضي بملفات بارزة من تاريخ المغرب، من قبيل عضويته في هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف، لا سيما في قضية التآمر ضد المس بأمن الدولة التي توبع فيها ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق ومحمد حاكي وسمير إغيد وزكرياء أضهشور، والتي حاول بعدها بدل مساع لدى الملك محمد السادس من أجل الإفراج عن المعتقلين، كما كان ضمن هيئة الدفاع عن الناشط رضى الطاوجني الذي قضت استئنافية أكادير الأسبوع الماضي برفع عقوبته الحبسية إلى 4 سنوات نافذا، فيما ترافع في الميادين والندوات والمؤتمرات عن ملفات حقوقية عديدة لم تتسنى له فرصة الدفاع عليها في ردهات المحاكم.

ومن ضمن أعماله الميدانية أيضا، كان النويضي من ضمن مؤسسي جمعية “عدالة”، وكان منسقا للجمعيات المنتدبة للتحقيق في أحداث مخيم “كديم إزيك ” سنة 2010، كما شغل منصب الكاتب العام للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، “تراسبرانسي المغرب” وهي منظمة غير حكومية تعنى بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، والتي دأب في السنوات الأخيرة على تقديم تقريرها العام في مستهل كل سنة.

وإلى جانب عمله الميداني الذي لم ينضب طيلة سنوات حياته، كان الراحل غزير الإنتاج الفكري والأكاديمي، إذ ألف “مذكرات مستشار للوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي؛ دروس من تجربة التناوب وما بعدها”، سنة 2022، و “المحكمة الدستورية ومسألة الدفع بعدم دستورية القوانين” سنة 2019، و “نزاهة واستقلال النظام القضائي بالمغرب” سنة 2018، و “الصحافة أمام القضاء” سنة 2008، و “الإصلاح الدستوري بالمملكة المغربية” سنة 2006، و “المجلس الدستوري بالمغرب” سنة 2003، و “الحق في التنمية بين القانون الدولي والعلاقات الدولية” في 1998، و “الأمم المتحدة، التنمية وحقوق الإنسان” في 1997.

ومن ضمن أعماله الأكاديمية نجد أيضا، “مقارنة هيئات مكافحة الفساد في خمس دول عربية المغرب تونس ليبيا الأردن وفلسطين”، سنة والذي 2015 أنجز بطلب من “Transparency international” بالاشتراك مع الدكتور محيي الدين الطوق. و “مراقبة المحاكمات” بالاشتراك مع الأستاذين عبد الرحيم برادة وMichel Tubiana. و “المغرب والمحكمة الجنائية الدولية” بالاشتراك مع الأستاذ عمر بندورو ، سنة 2009. و “الاقتصاد المغربي الفلاحة والاستثمار الأجنبي”، بالاشتراك مع إدريس الكراوي سنة 1988.

هو غيض من فيض، من سيرة، لن تسعف المحسنات البديعية في تلميعها أكثر مما هي عليه، سيرة رجل نذر حياته للدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة الفساد والسعي في سبيل تجويد طرق عمل النظام السياسي والقضائي في المغرب فكرا وتنظيرا وتوجيها وعملا وممارسة.

بقي ان نشير الى ان المغرب فقد رجلا عالما وعملا بكل ما تلقى من علوم ومعارف،وحاول جهد الامكان ان يكون قد نفمو قد دراعو ويوطن لمفاهيم كبيرة داخل المملكة لشريفة وان يساهم بكل ما اوتي من قوة وجهد العمل على ترسيخ مبادئ العدالة والحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، في مغرب ظل لسنوات ظل يرزح تحت الفقر والتهميش والاقصاء وما صاحب ذلك من التعسف على الحقوق، والاجهاز على المكتسبات والدخول في بوثقة الاعتداءات والاعتقالات والتضييق على الحريات والضرب في صميم المبادئ الديمقراطية الحاضة على تكفؤ الفرص والعدل والمساواة وحقوق الانسان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.