0

ريحانة برس- محمد عبيد

عبر مجلس المنافسة في نشرة صادرة عنه مؤخرا عن الاختلالات العديدة التي يعاني منها سوق الفواكه والخضروات في المغرب رأيه حول حالة المنافسة في هذا القطاع.

وأشار مجلس المنافسة في موضوع وضعية المنافسة في سوق الفواكه والخضروات بالمغرب، إلى اختلالات عديدة أبرزها انتشار أسواق الجملة الموازية، والبنية التحتية المتهالكة، وغياب الإطار القانوني، وتعدد الوسطاء على الدوائر، فضلا عن التواطؤ الضمني بين تجار التقسيط.
وكشف مجلس المنافسة  في ذات النشرة، بأنه فيما يتعلق بتحديد الأسعار والهوامش داخل سوق التقسيط، فإن هذه الأسعار والهوامش ليست نتيجة منافسة صحية، بل هي نتيجة تواطؤ ضمني بين تجار التقسيط الذين يصطفون مع بعضهم البعض لتحديد الهوامش التي يمكن أن تتراوح بين الضعف إلى ثلاثة أضعاف.

ويمكن ملاحظة ظاهرة محاذاة الأسعار هذه في جميع فئات تجار التقسيط، سواء الأسواق المحلية، أو الأسواق الحضرية المركزية، أو الأسواق في المناطق الحضرية، أو الأسواق الأسبوعية في المناطق شبه الحضرية والقروية، ومحلات المواد الغذائية وتجار الشوارع، وكذلك محلات السوبر ماركت.

ويشير المجلس إلى أن هذا الوضع يثير مخاوف كبيرة بشأن الشفافية والعدالة في تشغيل سوق التقسيط، فضلا عن تأثيره على المستهلكين الذين قد يجدون أنفسهم يدفعون أسعارا غير متناسبة في غياب المنافسة الحقيقية.

كما أنه برأي المجلس، فإن الوسطاء يحتلون موقعا استراتيجيا بين المنتجين والمستهلكين، مما يمنحهم قوة كبيرة في تحديد الأسعار، على الرغم من أنهم يساهمون في توافر المنتج، إلا أنهم يعملون أيضًا كصانعي أسعار.

قراراتهم لها تأثير مباشر على الأسعار في كل مرحلة من مراحل السلسلة، من الإنتاج إلى البيع بالتقسيط.

يمكنهم تعديل الأسعار بناءً على طلب السوق وإمدادات المنتجات المتاحة وتكاليف التوزيع وتفضيلات المستهلك والعوامل الاقتصادية الأخرى.

ومن ثَمٌَ، يمارس الوسطاء قوة سوقية كبيرة في تحديد أسعار الفواكه والخضروات. يستحوذ الوسطاء على غالبية القيمة المضافة الناتجة عن الدائرة.

والواقع أن الهامش الإجمالي للوسطاء سيشكل العنصر المهيمن في تشكيل أسعار البيع، حيث يستولي في المتوسط ​​على ما يقرب من 34% من السعر النهائي، مقارنة بحصة تبلغ 30% للمنتجين.
وينوه المجلس إلى أن التلاعب التعسفي بالأسعار يشكل ممارسة محظورة بموجب التشريع المغربي، خاصة بموجب القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، وكذلك القانون رقم 13-83 المتعلق بقمع الغش في السلع.
ومن المهم أيضًا الإشارة إلى انتشار الأسواق الموازية غير الرسمية في ظل غياب أي رقابة.

وعلى الرغم من عدم وجود بيانات دقيقة حول حجم هذه الأسواق غير الرسمية، فإن القائمين على سوق الجملة للفواكه والخضروات (MGFL) في الدار البيضاء يقدرون أن وزنها يمثل أكثر من 25٪ من تدفق المنتجات المتداولة في المدينة.
ظاهرة الاحتكار في الاسواق  أساسا هي ضمن العديد من العوامليستغلهايستغلها المضاربون في الاسواق لخق أزمة إجتماعية… ولابد من أخذها في الإعتبار.

ولكن ما ثبت بالحجّة أيضا أن المضاربة تضخّم من هذه الظاهرة وتزيد من عدم المساواة… حيث يتسبب المضاربون في الأسواق العمومية في ارتفاع أسعار المواد الغذائية… تتداخل فيها آليات السوق، ولعبة المضاربة…

وبالتالي، ومما يدعو من شك، هو أن المضاربة تلعب دورا رئيسا في ارتفاع أسعار هذه المواد…

كون المتدخلين في السوق هم الذين يٰوقِعون بين المنتج والمستهلك، وهم الذين يستحوذون على معظم القيمة المضافة… خاصة إذا علمنا أن المضاربين يلحقون الضرر بالمنتج والمستهلك على حد سواء، وينالون من الاقتصاد الوطني وتنافسيته.

وهنا لا بد وأن نقف على أن المسؤولية في تفشي هذه الظاهرة تعود للحكومة في عدم مراقبة المنتجين والمستوردين والمضاربين في المواد الاستهلاكية والمحتكرين لها، رغم مسؤولياتهم الواضحة في تعميق الأزمة عن طريق تحكمهم في العرض والطلب…

ولهذا فقد أدى ارتفاع الأسعار إلى انتشار ظواهر سلبية مثل الكسب غير المشروع كالرشاوي والعمولات وغيرها بين بعض ضعاف النفوس…

هنا وجب أن نستحضر العوامل الداخلية التي ترتبط بنظام السوق المفتوح والتي تعتبر من أهم مسببات الارتفاع الكبير لأسعار السلع والخدمات ايضاً، ومن أهمها تراخي هيئة رقابة الأسعار وقمع الغش في عدد من المدن والأقاليم، يتضح ذلك عند عزم مصالح اقتصادية القيام بخرجات مناسباتية فإنها تُشَهٌِر لها مسبقا وقد تنتقي أحيانا (بإيعاز) بعض المحلات أو الأسواق كل حسب “وجهه” كما يقال بالعامية، إما لتلميع صورة تاجر مرضي او لتشويه صورة تاجر مسخوط عليه!؟!…
واقع وجب أن نقر به حيث في عدد من الأحيان بعض الموظفين (من ذوي العقليات الضيقة)، إما طواعية أو بإملاءات!؟! (واقعنا المغربي واحنا ماليه!)، يتعمدون الدخول في حسابات غير منطقية أساسا تسيء لنقاء مهام الشؤون الاقتصادية تتعداها إلى حسابات إن لم تكن شخصية ذات ارتباط بشؤون إما سياسية أو حقوقية… 

فلو كانت هناك هيئة رقابة حكومية موضوعية لا تنتظر صفارة انطلاقتها في العمل الروتيني لمراقبة الأسعار لكان بالإمكان السيطرة على هذه السلوكات والشوائب، ولحَدٌَتْ من زيادات دون مبرر واستفحال ظاهرة المضاربة بالأسعار..
كما أنه من أهم مسببات ارتفاع الأسعار هو عدم تدخل المؤسسات المحلية المعنية بمراقبة السوق.

هذا دون إغفال الحديث عن عدم تفعيل قانون حماية المستهلك، وحتى حركية أو نشاط الجمعيات المهتمة بهذا الشأن، حتى إن زعمت التأطير الجماهيري وليس الجمعوي الضيق النطاق، فإنه يكون فقط في إطار محدود لإثبات وجودها على الورق، فكثيرا ما تكتفي بإصدار بلاغات وتقديم تصريحات إعلامية مناسباتية لتبرأ ذمتها وتملصها مما وجب عليها القيام به بشكل مداوم.

وتبقى هناك حلول لإحكام السيطرة على الأسعار، أولا المراقبة تنطلق من المنابع (أي الحقول او المعامل المنتجة) قبل خروج المنتوج للتسويق للحد من فرصة جشع التجار بالأسواق ضد المواطنين مع فرض اسعار الأثمنة من المنابع وبالمنتوحات لا حتى تصل الى البائع بالتقسيط وتحميله مسؤولية إشهار الأثمنة على “الكاغيط”، والعمل على زيادة العرض من السلع، وإصلاح منظومة عملية التخزين والتعبئة وطرق التداول، لتفادي أحيانا فساد كميات كبيرة من الخضراوات والفاكهة من خلال عملية النقل الخاطئة، أو التخزين الخاطئ.

وهنا وجب لفت انتباه الدولة إلى ضرورة إلغاء الوسطاء، كأول إجراء حقيقي، لمواجهة غلاء الأسعار وجشع التجار، فهم سبب رئيسي في ارتفاعها، وضبط آليات الرقابة القضائية من خلال إخضاع قانون العقوبات في حق المضاربين في المواد الغذائية، يقضي بالسجن لمدة طويلة الأمد والتجريد من رخصة التجارة والمتاجرة في حق من يثبت تورطه في المضاربة والتلاعب بأسعار المواد الاستهلاكية… وإدراج الممارسة في خانة جريمة التلاعب بقوت العباد والبلاد… ثم تأتي إجراءات تدعيم الرقابة على السوق، لتكون صارمة، بالاتفاق مع كافة الجهات المعنية، مثل جهاز حماية المستهلك، والغرف التجارية إلى جانب المؤسسات المحلية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.