في الحاجة إلى إطار قانوني لحماية المراسل الصحفي؟ سأبقى مهددا بانتحال صفة رهن عقليات لا ترغب الا في صحافة تلميع صورها؟ج/2

0

ريحانة برس – محمد عبيد

….في تعقيب لأحد الزملاء(م.ح) في إحدى المنصات الواتسابية، قال: “القانون حدد نوعين من عقد الشغل: عقد الشغل لمدة غير محددة – عقد الشغل لمدة محددة أو لإنجاز شغل معين… وبما أن المراسل المعتمد يعمل بعقد تطوعي عبارة عن بطاقة المراسل والاعتماد الذي يسلمه له مدير المقاولة الإعلامية، فإن هذا الأخير هو الذي يتحمل كل تبعات ما يقع للمراسل المعتمد.. وإلا فما فائدة الاعتماد وفي الأخير يتملص المدير من كل مسؤولية إعلامية خاصة بالنشر أو التصوير ممكن أن تؤدي بالمراسل المعتمد إلى مشاكل قانونية وأخلاقية.

ولهذا نريد توضيح موقفنا مع الجميع وخصوصا مدراء المقاولات الإعلامية التي عليها تحمل مسؤوليتها كاملة في حماية كل مراسل معتمد؟.. وفي حالة عدم احترام المراسل المعتمد أخلاقيات المهنة فإن مدير الجريدة الإلكترونية له القدرة على توقيف الاعتماد بإخبار السلطات والمجالس والهيئات المعنية” (انتهى التعقيب)

فيما علق أحد المهتمين بالشان الإعلامي بالمغرب قائلا: “المراسل بالنسبة إلي هو الصحافي الحقيقي، أما ذاك اللي جالس فالبيرو غير ناقل للخبر كوبي كولي من مكتب الجريدة ينتظر توصله بإخبار من جهات او حتى من مصادر اما عادية او مراسلين لتبني الخبر وبعد انتقاء لما يناسب ميزاجيته وموقعه، ونسبه له أو للجريدة راكبا على مجهودات الآخرين، أو من مكتب وكالة المغرب العربي للأنباء، وينتظر البلاغات المنجزة والمنزلة عليه من دوائر وجهات كي يقوم بمهمة “فاكتور” حيث يقوم فقط بتوزيعها دون أن يطبعها بطابعه الشخصي أو مراجعة صيغها!.. ياك امولى!”

حقيقة ليس كل من حمل ميكرو 50 درهما و لديه صفحة فيس بوك ورافق رجل أو سيدة تملك سلطة أو يعمل كرقاص لحزب سياسي أو داخل جماعة حضرية كانت أو قروية، أو يحمل صفة مدون أو مراسل أو مراسل صحفي مسلمة له من لدن مؤسسة إعلامية، يعتبر نفسه صحفي، وله من المكانة والصلاحيات المخولة للصحفي المهني الحامل للبطاقة المهنية المسلمة له من لدن المجلس الوطني للصحافة.

نعم، المسؤولية ستكون مستقبلا ملقاة على عاتق الجميع من سلطة قضائية النيابة العامة وصحفيين مهنيين والهيئات الممثلة للصرح الإعلامي بالمغرب، وكل من له غيرة على الحقل الصحفي الهادف.

خلاصات أو جملة من الفضائح الهائلة التي كان أبطالها هؤلاء الباحثين عن الأدسنس، وهم في نهاية المطاف تجار المآسي، المسؤولون عن ما آلت إليه وضعية الحقل الصحفي، أشباح خرجوا من رحم الحاجة تحت شعارهم البقاء للأقوى، وقوتهم هنا، عبر عرض نقط ضعف البلد لأعداء الوطن، والتسابق على أخذ فيديوهات لا تحترم معيار النشر أو حتى مراعاة مشاعر أصحابها، بعيدة كل البعد عن جنس الخبر وأدبياته السامية، وهي التي تحرج أخيرا المؤسسات الرسمية التي لم تجد مع ذلك سوى الصمت وترك المخاطر تلقي بضلالها..

فمن سمح لأصحاب الصفحات الفايسبوكية أن يأخدوا مكانة الصحافة الوطنية والصحفيين؟؟

صحيح الآن المسؤولية على عاتق الجميع لحماية مكتسبات البلد وصيانة جداره، ممن يحاولون تلويث صورته..

لكن مع هذا كله وجب الوقوف وقفة رصيتة بمراجعة الاعتراف بالمراسل الصحفي المحلي وتقنين صفته والاعتراف به كون المراسل المتطوع المعتمد من طرف مقاولة إعلامية مسؤولة، هو عنصر فعال ولم يسلم له اعتماد الصحافة إلا وله قدرات كبيرة في التحري عن الأخبار والتحقيق والتعليق عليها، أي يعشق متابعة الشأن العام وحرية التعبير، وهو كذلك يخضع لأخلاقيات المهنة حسب مضامين الهيئة الوطنية المستقلة لاخلاقيات الصحافة.

تضحيات جسيمة للمراسل الصحفي لدعم المقاولات الصحفية دون تمكينه او توفيره تأمينا عن العمل التطوعي خلال الانتداب (سنة أو أكثر).. ولا تعويضا عن مصاريف الأنترنيت والتنقل، ولا مشاركة في تسيير المقاولة، ولا استشارة..

أن تكون مراسلا صحفيا أو إعلاميا محليا ليس بالأمر السهل ولا الصعب، فالجرأة توجب التعرف على الحقيقة هو أساس العمل الميداني الذي يجب أن يتحلى بها المراسل الصحفي أو الإعلامي المحلي… لأنه في شخصية المراسل الصحفي أو الإعلامي المحلي تفترض يجب أن تكون له شخصية مؤثرة ناتجة عن عمله الجاد… لا تنساغ للضغوطات ولا تقهرها الإكراهات ولا تنحني أمام التوجيهات الغير البريئة ولو كانت مسؤولة؟…

والملاحظ هو عن كلمة أو صفة المراسل الصحفي أو الإعلامي المحلي، أن هذه الكلمة لا تزال تحمل نفس المدلول القديم لكن بموقف مختلف… علما أن المراسل الصحفي أو الإعلامي المحلي لا يهتم بنقل خبر أو حدث فقط وإنما يهتم أيضا بالتفسير والتعليق على الأحداث والتواصل مع جمهور قرائه… يشتغل بشغف وحب كبيرين دون الاعتراف بدوره على كافة المستويات وتسلم له بطاقة مؤقتة رغم مجهوداته للمساهمة في الرفع من مدخول المقاولة الاعلامية ثم يرمى بنا كعود ثقاب!

وهنا يبرز الفرق الواضح بين الإعلام كمهنة والإعلام كحب اكتشاف ومغامرة شيقة تُمتع الصحفي أولا ثم يمتع ويفيد متابعي الأحداث، فإعلام المهنة يجعل من عمل الصحفي والإعلامي الموظف محصورا في غرفة الأخبار أو في عمله في الميدان، كمراسلي المكاتب الداخلية والخارجية، ويجعله يرصد الأخبار والتغطيات. وحالة هؤلاء تحدد مهمتهم في رصد الأحداث والانفعال بها، وتجعلهم يلهثون خلف الحدث الذي يُحكم عليهم القيادة ويقودهم في تغطيتهم دون أن ينفكوا من نيره، مما يجعل تغطيتهم محصورة بصانعي الأحداث من السياسيين والفنانين والاقتصاديين ومتابعة أخبارهم وتصريحاتهم، في حين يتحرر المراسل الصحفي الحر من دوامة الأحداث تلك والغرق فيها. فهذا الأخير لا يعنيه الحدث إلا بقدر ما هو أمر تقتضي الإشارة إليه ثم ينتقل للبحث عن زوايا جديدة فيه.

والأهم في الصنف الثاني من الصحفيين هو من يستطيع خلق قصته من لاشيء وصناعتها من ألفها إلى يائها عبر التنقيب في الواقع كمن ينقب عن الذهب، وهنا يبرز المراسل الصحفي الحر بصفته صانعا للأحداث فاعلا فيها وليس تابعا لها أو منفعلا بها، ويبرز بصفته منتجا صاحب بصمة تتميز بها المحطة الإعلامية، وليس مجرد رقم وظيفي فيها.

وبالطبع، الأمر يقتضي وجود مديرين ومنتجين يتنبهون لعمله ويبرزونه في نشراتهم ويشجعونه على اكتشاف المزيد.

إلا أنه يسجل على أن القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، والذي جاء بمجموعة من المستجدات المتعلقة بالممارسة الصحفية، خاصة المرتبطة بالنشر الإلكتروني، حيث يبقى “البند” الأكثر إثارة للتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي هو المادة (15) من الباب الثاني، والموسومة بـ”في إدارة النشر”، والتي تحدد شروط وضوابط المصادقة على منح صفة “مدير نشر” المؤسسة والمقاولة الصحفية، وهو الأمر نفسه الذي طال محددات “الصحفي المهني”.

أعتقد أنه لا أحد ضد تطبيق القانون وحماية المهنة من غير المنتسبين لها من حيث المبدأ العام، بينما يبقى الاختلاف في تنزيله وتنفيذ مقتضياته على الواقع، ومتى تتحرك المسطرة القضائية عند عدم ملاءمة المنابر والمؤسسات مع القرارات، موضوع هذا التقرير.

لهذا، فإنه يصعب الجزم في نجاعة هذا التدبير بمعزل عن قرارات أخرى مركزية وأساسية، كإعداد قانون إطار يخص المراسلين الصحفيين الذين هم أساس ودعامة أي عمل صحفي لأي منبر إعلامي أو جريدة صحفية؟

هفوة قانونية في حق المئات من العاملين في المجال الصحفي، خاصة على المستوى الجهوي والمحلي، والذين يشتغلون منذ سنوات في جرائد ورقية ومواقع إلكترونية، واكتسبوا تجربة وشرعية “ميدانية” من السلطات المحلية، عبر رصدهم وتتبعهم حركة المجتمع في تفاصيله بأعماق القرى؟… وما العمل مع “كتاب” ينتجون مواد صحفية بشكل دوري ويحترمون قواعد العمل الصحفي وأخلاقيات المهنة دون أن يتخرجوا من مؤسسات تكوين الصحفيين؟… كيف يمكن، حسب بنود القانون الجديد دائما، تصنيف العشرات من الكتاب والصحفيين الذين يؤثثون الملاحق الثقافية والفنية للصحف، ويؤلفون نصوصا نقدية لمئات الأعمال والإنتاجات الأدبية والفنية؟

أمام هذه الدوامة يبرز دور المراسل الحر متحررا من الإعلام كوظيفة، ليدخل ميدان الإعلام بصفته منقبا عن الذهب في واقع تتعقد فيه علاقاته أكثر وأكثر كل يوم، ليكشف للناس عن جوانب لم يكونوا يرونها.

ففي غياب أي إطار قانوني يحمي المراسل الصحفي ويعترف به وبحضوره وانتمائه بشكل صريح للجسم الصحفي ككل، سأبقى شخصًا منتحلًا لصفة صحفيّ، وسأكون معرّضًا للسجن أو الوقوف عاريًا أمام القضاء إذا ما رفع أحدهم دعوى ضدي… ليس طعنا في المادة الاخبارية، بل سخاء وهدية ككبش فداء لعقول طاغية!؟؟

ومع كل هذا وذاك… نستمر ويستمر المشوار…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.