دراسة: انخفاض معدل البطالة خلال سنة 2020 والحاجة إلى شفافية ومرونة لتكافؤ فرص الشغل

0

ريحانة برس- ،محمد عبيد

وإن كان واقع الحال المرتبط بآفة البطالة وما يفرزه الواقع المعيشي للمغاربة خاصة منهم الشباب من معاناة وما يتسببه لهم في البحث عن شغل، خاصة صفوف الشباب الذين تلقوا تعليماً عالياً… وإن كان لا يمكن تجاهل حجة “جانب الطلب”، التي تركز على عدم قدرة الاقتصاد على خلق فرص شغل تتطلب مهارات عالية، فإن المندوبية السامية للتخطيط خففت من هذه الوطأة المنتشرة بين عموم العاطلين بالمغرب حيث أعلنت مؤخرا على أن معدل سوق الشغل بالمغرب احرز تقدما نسبيا حيث ارتفع هذا المعدل من 5.0٪ إلى 5.2٪ (0.2 نقطة) في المناطق الريفية ومن 16.9٪ إلى 15.8٪ في المناطق الحضرية (-1.1 نقطة) .

وجاء هذا التقويم الذي نشرته المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها الإعلامية الأخيرة والمتعلقة بوضع سوق العمل في عام 2022، مبرزة بانه بالفعل، انخفض عدد العاطلين عن العمل بمقدار 66 ألف شخص بين عامي 2021 و 2022، فانتقل من 1.508 ألف إلى 1.442 ألف عاطل، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 4٪.

وردت المذكرة بأن “هذا الانخفاض هو نتيجة لانخفاض 70.000 عاطل عن العمل في المناطق الحضرية وزيادة 4000 في المناطق الريفية”. وبان وضعية سوق الشغل عرفت خلال السنة الميلادية الأخيرة 2022، تحسنا نسبيا بالوسط الحضري، بينما لازالت تعاني من آثار الجفاف بالوسط القروي. وبأن الاقتصاد الوطني فبما بين سنتي 2021 و2022، 24.000 منصب، بعد فقدان432.000 منصب في ظل ظروف جائحة كوفيد سنة 2020 وإحداث 230.000 منصب خلال سنة 2021.

وفي التفاصيل شرح نفس المصدر بان معدل البطالة ارتفع 0.4 نقطة إلى 17.2٪ للنساء وانخفض 0.6 نقطة إلى 10.3٪ للرجال. اعتمادًا على الدرجة، انخفض معدل البطالة بمقدار نقطة واحدة إلى 18.6٪ بين الخريجين وبنسبة 0.4 نقطة إلى 4.2٪ بين الأشخاص غير الحاصلين على شهادة جامعية.

وبحسب العمر، فقد ارتفع هذا المعدل بمقدار 0.9 نقطة ليصل إلى 32.7٪ بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عامًا وانخفض بين الفئات العمرية الأخرى. فيما انخفض من 19.6٪ إلى 19.2٪ بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 34 عامًا (-0.4 نقطة)، ومن 7٪ إلى 6.4٪ لمن تتراوح أعمارهم بين 35 و 44 عامًا (-0.6) ومن 3.8٪ إلى 3.3٪ لمن هم في سن 45 وما فوق ( -0.5).

أما حجم العمالة الناقصة فقد ارتفع بين عامي 2021 و 2022 من 1003000 إلى 972000 نسمة ومن 550.000 إلى 520.000 في المناطق الحضرية ومن 453.000 إلى 452.000 في المناطق الريفية.

وهكذا انخفض معدل العمالة الناقصة من 9.3٪ إلى 9.0٪ على المستوى الوطني، ومن 8.8٪ إلى 8.1٪ في المناطق الحضرية ومن 10.0٪ إلى 10.4٪ في المناطق الريفية.

ويستفاد من قراءة لهذه المذكرة بأن:

1) النشاط والشغل:

انخفض معدل النشاط، ما بين سنتي 2021 و2022، حسب مذكرة المندوبية السامية للتخطيط حول وضعية سوق الشغل في العام الماضي الصادرة اليوم الجمعة الثالث من فبراير، بـ 0,8 نقطة ليبلغ 44,3%، ويعزى هذا الانخفاض إلى زيادة السكان في سن النشاط (15 سنة فأكثر) بنسبة 1,4% وانخفاض السكان النشيطين بنسبة 1%.

كان هذا التراجع مهما بالوسط القروي (-1,8 نقطة) مقارنة بالوسط الحضري (-0,4 نقطة)، حيث انتقل معدل النشاط على التوالي من50,9%  إلى49,1%  ومن 42,3% إلى 41,9%. كما انخفض هذا المعدل بـ1,1 نقطة في صفوف النساء ليبلغ 19,8% مقابل 69,6% لدى الرجال(-0,8 نقطة).

وتراجع معدل االشغل من 39,7% إلى 39,1% على المستوى الوطني (-0,6 نقطة)، حيث ارتفع بــ0,2 نقطة بالوسط الحضري (من 35,1% إلى 35,3%) وتراجع بــ 1,9 نقطة بـالوسط القروي (من48,4%  إلى 46,5%). ومن جهة أخرى، سجل هذا المعدل انخفاضا بنقطة واحدة في صفوف النساء وبـ 0,3 نقطة في صفوف الرجال.

2) بالوسط القروي تسجيل فقدان مناصب الشغل:

 بعد إحداث 230.000 منصب شغل في 2021، فقد الاقتصاد الوطني24.000 منصب خلال سنة 2022، نتيجة لإحداث 150.000 منصب شغل بالوسط الحضري  وفقدان174.000 بالوسط القروي.

حسب نوع الشغل، تم إحداث136.000  منصب شغل مؤدى عنه، نتيجة لإحداث 161.000 منصب بالوسط الحضري وفقدان 25.000 بالوسط القروي. في حين، انخفض الشغل غير مؤدى عنه بــ160.000  منصب شغل، ويرجع ذلك أساسا إلى تراجع هذا النوع من الشغل بالوسط القروي (150.000- منصب).

3) الخدمات و “الفلاحة والغابات والصيد” في المقدمة:

شغل قطاع الخدمات في العام الماضي 47,4% نشيط مشتغل، يليه قطاع “الفلاحة والغابة والصيد” بنسبة 29,3%، حسب مذكرة المندوبية.

وساهم قطاع “الصناعة بما فيها الصناعة التقليدية”، من جهته، بنسبة 12%؛ حيث تشكل الأنشطة التقليدية 45,6% من مناصب الشغل بهذا القطاع. في حين، شغل قطاع “البناء والأشغال العمومية” 11,2% من النشيطين المشتغلين.

ويشتغل ما يقارب ثلثي النشيطين المشتغلين القرويين (65,8%) بقطاع “الفلاحة والغابة والصيد”، فيما يشتغل ثلثي النشيطين المشتغلين بالوسط الحضري (66,4%) بقطاع “الخدمات”.

4) إحداث مناصب الشغل حسب القطاعات:

 أحدث قطاع “الخدمات في العام الماضي164.000منصب شغل على الصعيد الوطني (137.000 بالوسط الحضري و28.000 بالوسط القروي)، مسجلاً ارتفاعا بنسبة 3% في حجم االشغل بهذا القطاع. يهم إحداث مناصب الشغل بهذا القطاع أساسا فرع الإيواء والمطاعم (+46.000 منصب شغل)، فرع التجارة (+36.000)، فرع أنشطة الخدمات الإدارية وخدمات الدعم (+34.000) وفرع النقل والتخزين (+25.000).

ووفر قطاع “الصناعة بما فيها الصناعة التقليدية”28.000 منصب شغل (26.000 منها بالأنشطة التقليدية)،16.000 بالوسط الحضري و12.000 بالوسط القروي.

في حين فقد قطاع “الفلاحة والغابات والصيد”215.000 منصب شغل، 205.000 بالوسط القروي و10.000 بالوسط الحضري.

و فقد قطاع “البناء والأشغال العمومية” 1.000 منصب شغل، نتيجة إحداث 8.000 منصب بالوسط الحضري وفقدان9.000  بالوسط القروي.

5) نوع الشغل:

حسب نوع الشغل، أحدث قطاع “الخدمات” 167.000 منصب شغل مؤدى عنه وفقد 3.000 منصب غير مؤدى عنه. كما أحدث قطاع “الصناعة بما فيها الصناعة التقليدية” 29.000 منصب شغل مؤدى عنه وفقد 1.000 منصب غير مؤدى عنه. أما قطاع “البناء والأشغال العمومية” فقد 4.000 منصب شغل غير مؤدى عنه وأحدث 3.000 منصب شغل مؤدى عنه.

من جهته، فقد قطاع “الفلاحة والغابات والصيد” 152.000 منصب شغل غير مؤدى عنه و63.000 منصب مؤدى عنه.

ويأتي صدور هذه المذكرة في وقت لاتزال تنتشر فيه المعاناة من ارتفاع معدلات البطالة بين صفوف الشباب، إذ أن هذه الظاهرة تكشف عن رداءة نوعية التعليم.

وقد شهد المغرب توسعًا سريعًا في توفير خدمات التعليم على مدى العقدين الماضيين مما أدى إلى تحسين الولوج إلى التعليم والتسجيل والتحصيل، وبالتالي ارتفع معدل التسجيل الإجمالي بالتعليم الابتدائي من 85 إلى 98٪ بين عامي 2000 و2016، ومن 60 إلى 88٪ في التعليم الإعدادي، ومن 37 إلى 66٪ في التعليم الثانوي.

وعلى الرغم من ذلك فإن مستوى التعلم لم يرتفع، وهو ما يتضح من خلال النتائج الضعيفة التي تم رصدها في تقييمات التعلم الوطنية والدولية (الدراسة الدولية للتوجهات في الرياضيات والعلوم 2015، والبرنامج الدولي لتقويم التلاميذ 2019، وغيرها). وللحد من عدم تطابق المهارات مع الطلب، اعتمد المغرب تحسين وتوسيع نظام التكوين المهني، مع قفزة كبيرة في كل من عدد المتدربين والمؤسسات.

وفي المجال الاقتصادي، وبحسب مؤشرات ميدانية، فلقد أحرز المغرب تقدماً اقتصادياً هاماً على مدى السنوات العشرين الماضية، مما رفع من مستوى المعيشة لدى المواطنين المغاربة، وهو يعتبر اليوم من أكثر الاقتصادات تنافسية في إفريقيا ويحتل المرتبة الخامسة من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي (صندوق النقد الدولي، 2021). وقد قُدر نمو النصيب الفردي من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.1٪ في المتوسط في الفترة بين 2010 و2019، وهو أعلى من متوسط معدل النمو الذي يعادل 1.0٪ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (باستثناء البلدان ذات الدخل المرتفع).

وجدير بالذكر أن الدخل الفردي قبل سنتين من الأن كان قد سجل تضاعفا، بالرغم عما يعلن عن انخفاض معدل الفقر، حيث النمو الاقتصادي في المغرب لم يوفر فرصا كافية لتشغيل المواطنين في سن الشغل والمتزايد عددهم، كما يتسم المغرب أيضًا بقطاع غير مهيكل واسع ومعدلات عالية من البطالة وانتشار الخدمات ذات القيمة المضافة المنخفضة، إضافة إلى بيئة الأعمال الصعبة خاصة بالنسبة للشركات الناشئة.

وتجدر الإشارة إلى أن عاملا رئيسيا آخر يجب مراعاته عند تقييم أداء سوق الشغل، إلى جانب انخفاض معدلات البطالة، وهو طبيعة ونوعية فرص الشغل التي يتم خلقها، حيث لعب القطاع غير المهيكل دورًا مهمًا في عملية خلق فرص شغل في المغرب على مدى العقد الماضي.

وفي واقع الأمر، يشكل حجم الاقتصاد غير المهيكل في المغرب ما بين 30٪ و 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ويعمل أكثر من ثلث العاملين في المغرب في هذا القطاع، سواء في مهام تتطلب جهدًا يدويا أو يعملون في المنازل أو يقودون سيارات الأجرة أو يبيعون في الشوارع، وهم يشكلون 14٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.