السلطان المولى الرشيد . توحيد المغرب وقيام الدولة العلوية الشريفة .الجزء الثاني ( 2/2) .

0

علي بن صالح الغربي – ريحانة برس

قبل الشروع في المقصود من الحلقة الثانية في صاحب السعود ظل الله في الأرض وخليفته على البلاد والعباد امير المؤمنين سلطان الدولة الشريفة والمملكة البهية المنيفة ، الشريف ابن الشريف المولى الرشيد ابن الشريف بن علي العلوي الحسني قدس الله سرهم علينا أن نقف وقفة تذكير تاريخية جد هامة أجلناها إلى هذا الجزء الثاني مع إشارتنا إليها باختصار شديد في الحلقة الأولى السالفة ، وذلك أن السلطان الشريف ابا العز الرشيد كانت تحت لوائه ونفوذه وحكمه من حدوده وحمايته بعسكره وجنوده مدينة تلمسان الجزائرية وهو الذي أوردنا في الحلقة الأولى انه نفى إليها ابو بكر الدلائي ، ثم رد السلطان الشريف إسماعيل ابن الشريف بن علي اولاده إلى المغرب .

وهذا يؤكد ويبين بالوثائق ان مدينة تلمسان هي أرض مغربية بل هي مدينة فاس الثانية . وأصول مغربية من العديد من الأسر موجودة ليومنا هناك . هذه كانت وقفة لا بد منها .

 نعود ونقول تتمة للفصل الأول من سيرة أمير المؤمنين أبي العز المولى الرشيد قدس الله سره .

وفي ( 14 ذي القعدة 1079 هجرية 16 ابريل 1669 م ) أمر السلطان الرشيد ببناء قنطرة نهر سبو ذات الأقواس الأربعة ،

 تصويب : هكذا ذكر الناصري في ( الاستقصاء لأخبار دول المغرب الاقصى : 55/6 ) .

إلا أن مححقي الاستقصاء صوبوا ما ورد عن الناصري أن قنطرة واد سبو قام ببنائها السلطان السعدي أبو العباس المنصور السعدي اعتمادا على ما ذكره صاحب ” المنتهى المقصور ” بن سودة ، والافريني في ” نزهة الحادي ” . أما السلطان المولى الرشيد فقد بنى الاقواس الأقواس الأربعة منها . فجاءت في غاية الضخامة والفراهة . انتهى .

وفي هذه السنة وبالضبط في ( 22 من رجب 1080 هجرية 1669 ) خرج السلطان غازيا الأبيض وهو إسم مكان وقع فيه القتال بين السلطان ابي العز الرشيد وابناء أخيه امحمد الشريف رحمه الله تعالى الذين ثاروا ضده حتى تجمع حولهم الخارجين عن السلطان ، فمكنه الله منهم فدوخهم وأتى بهم إلى تازا وقتلهم على الفتنة والعصيان واستباحة الدماء .

ثم مرض السلطان مرضا شديدا أشرف منه على الموت . فأمر لتسريح المساجين وإخراج الصدقات فشافاه الله وعافاه .

وفي سنة ( 1081 هجرية – 1670 م) توجه السلطان الرشيد قدس الله سره إلى سوس الأقصى ودخل تارودانت ، واستولى على هشتوكة وقتل من ثوارهم ممن رفضوا البيعة والطاعة للسلطان أزيد من ألف وخمسمائة ، واستولى على اهل الساحل بعد ان قتل منهم أربعة آلاف مقاتل رفضوا بيعة السلطان وتبوأوا الفتنة والعصيان من صياصيهم. فاخذ بأقدامهم ونواصيهم ، وفيها استولى على قلعة إليغ ملك ابي حسون المعروف بأبي دميعة .بعد أن قتل من أتباعه في سفح الجبل ألفين من الثوار ، فدوخ جوانبهم ، ومهد بمهابته أرجاءهم ، وأتم بأليغ مقر أبي حسون الذي سجن والده الشريف بن علي وحارب اخاه الشريف امحمد فتحا قدس الله سرهم ، فترك مقر أبي حسون شذر مذر .فتمهدت له بلاد المغرب من تلمسان إلى وادي نون من سوس الأقصى . وأحسن السيرة مع الرعية ، ونقل العلامة ابا سالم العياشي إلى فاس . وكانت أيامه ايام هناء ورخاء عظيم .

وفي هذه السنة قتل أخوه الشريف إسماعيل بفاس ستين قاطع طريق وهم من اولاد جامع وينتمي اولاد جامع إلى قبائل مرداس ، وهم من بني عوف بن بهثة بن سليم ، دخلوا من قابس من تونس واستوطنوا بنواحي فاس مع اولاد الحاج والحياينة والودايا .

قتل المولى إسماعيل أخو السلطان ستين منهم حيث كانوا يقطعون طريق التجار فيسفكون دماءهم ويسرقون أمتعتهم وصلبهم رضي الله عنه على سور البرج الجديد . وكانت هذه رادع لقطاع الطرق. فحمد الناس الله على الأمان وزاد حبهم للمولى إسماعيل أخ السلطان .

وفي هذه السنة امر السلطان الرشيد بضرب فلوس النحاس المستديرة .

وفي شعبان أمر السلطان ببناء مدرسة الشراطين بدار الباشا عزوز بفاس التي كان يحبها السلطان المولى الرشيد قدس الله سره ،

وأنشأ قبلها جيش الشراقة ( الذين سنعود لذكر تاريخهم في ملحق خاص في الحلقة القادمة لحساسية هذه المسألة . لأن عظمة الدول هو تاريخها ) فانتظرونا لهذه الحقيقة إن شاء الله تعالى .

ثم أمر السلطان الرشيد نور الله قبره ببناء القصبة الجديدة بفاس بديار اللمتونة ،وعرصة ابن صالح ، و أعطى ألف مثقال لبناء سورها ، وأمر أصحابه ببناء الدور فيها، واعطى لشراكة ألف دينار لبناء قصبة الخميس .

وفي عام ( 1082 -1672 ) وجه خيلا للجهاد بطنجة ، وخيلا للجهاد لسوس ، قائدهم عبد الله أعراض وبلغه قيام ابن أخيه المولى احمد بن محرز للعصيان عليه وجمع العصاة حوله للفتنة وإراقة الدماء وترويع الدهماء ، فخرج من فاس متوجها إليه رضي الله عنه ، فلقيه بفنزارة مقبوضا عليه مكبلا في السلاسل هو ومن معه ،فلم يقتله ولكن وجهه لتافيلالت ، وسار السلطان إلى مراكش وبعث قائده زيدان لفاس ليأتي بالجيش .فأتاه أهل سوس طائغين بحكمه داخلين تحت لواء دولته . فأقام رحمه الله تعالى بمراكش إلى أن عيد عيد الاضحى .

توفي رضي الله تعالى عنه بمراكش في ( 11 ذي الحجة 1082- 9 أبريل 1672 م) وسبب وفاة السلطان الشريف قدس الله سره انه ركب فرسا وأجراه ، فقصد به شجرة نارنج ، فهشم غصن منها رأسه .

نسأل الله له الشهادة وان يةسع عليه جنة عليين .

وفي ذلك قيل (من الطويل) :

– وما شج ذلك الغصن رأس إمامنا

                لسوء له خدن المحبة جاحد

– ولكنه قد غار من بين قده

             وإن من الأشجار ما هو حاسد .

توفي رحمة الله عليه وعمره إثنان واربعون سنة ، خلف من الأولاد اثنين، المولى عبد الرحمن والمولى عبد الملك . رحمة الله عليهم اجمعين .

هذه باختصار شديد وقفة مع أحد سلاطين الدولة العلوية الشريفة والحضرة المنيفة ، الذي وحد المغاربة ، حقن دماءهم وأمن روعاءهم .

هؤلاء هم سلاطين مغربنا من ملوك الدولة العلوية وكما تتبع معنا القراء فإن امير المؤمنين المولى الرشيد قدس الله سره لم ينزل عن صهوة جواده منذ مبايعته سنة ( 1075 هجرية 1665 م) أي مدة سبع سنوات اسس بها دولة المغرب ووحد كلمتهم .

فلنرفع رؤوسنا نحن المغاربة عاليا شامخين بسلاطيننا وجيوشنا من المغاربة . وبهذه الدولة المغربية منذ الأشراف الأدارسة إلى حينما اليوم .

هذه الدولة التي قال عنها المؤرخ اكنسوس في ” الجيش العرمرم..” هذه الدولة الشريفة العلوية الحسنية التي هي تاج مفترق الدول ، وغرة الاواخر والأول ، وهي التي أمن الله بها اقطار الأرضين من هذه المغارب، كما أمن أهل السماء بالنجوم الطوالع والمغرب .

الدولة المباركة التي طلعت شموسها فانجلت الدونات المدلهمة، وانزاحت المحن والشدائد عن هذه الأمة ، والدولة التي أقامت على ملة الإسلام ظلال العدل والإحسان ، وجرى مدحها وشكرا على كل لسان ” . انتهى كلام أكنسوس .”

هذا في وقت كان فيه بعضهم في هذه السنين عبيدا للترك واليهود ، يستعملونهم خدما وحاشية لأرذل الأعمال ثم سامهم الإسبان والفرنسيين أشد العذاب والنكال ، فأذلوهم وأهانوهم بلا إرجاف ولا قتال .

ويليه سلطان آخر من سلاطين الدولة المغربية الشريفة قدس الله سرهم .

المراجع “( نزهة الحادي ) ،( البستان الضريف) ( تاريخ الضعيف) (التقاط الدرر) ( الجيش العرمرم الخماسي) ( الاستقصاء ، وتحقيقاته ) ( المفاخر العلية) .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.