0

عبدالحق الريكي – ريحانة برس 

سأتحدث عن المقاومة الفلسطينية، بالضبط مقاومي القسام، ونحن في المغرب. لنبدأ بغزة، هم في حالهم، يموتون جوعا وعطشا، أطفالا وشيوخا ونساء، إن لم ترحمهم الموت. لكن يقاومون ما استطاعوا إليه سبيلا. نحن في المغرب، كأغلب الدول العربية، حكامنا ما زالوا في التطبيع، أما أغلبية الشعب فضد التطبيع.

 

كحال الدول العربية، فحكامنا لا يبالون، بالمسيرات ونفسية الشعب، فالحاكم غادون في سياستهم. لا علينا، فهذا المقال ليس غرضه التحدث عن هذه الأشياء رغم أهميتها. بل يريد الحديث عن القضية الفلسطينية وغزة، ولكن من أوجه أخرى.

 

قرأت في أسبوعية تصدر من الرباط، مقالا ممتازا، كتبه “بنزروق محمد“ وعنوانه “الفرق بين المقاومة والجيش النظامي: أسرار التكتيك الحربي لعملية ʺطوفان الأقصىʺ“.مقال مهم جدا يتناول في 14 عنصر ما أسماه الكاتب والمحلل “العوامل المؤثرة في صيرورة الحرب والتي تتيح عادة للمتفوق فيها الانتصار في ساحة المعركة“. وهكذا تناول الكاتب/الباحث في 14 نقطة ما يلي: “العنصر البشري، تنظيم الوحدات، السلاح البري، سلاح الجو، كم الدمار الهائل والأنقاض في صالح المقاومين، اللباس والمعدات، الأنفاق، الحرب الإلكترونية (السيبرانية)، الحرب الاستخباراتية، العقيدة الحربية، الأسرى و”عقيدة حنبعل”، الحرب الإعلامية، الحرب النفسية، التأثير على السياسة“.

مقال يبدو لي مهما، يجب قراءته وإعادة قراءته.
سأحكي لكم(ن) ما استرعاني في المقال. أولا، المحللون ذوو الخبرة العسكرية قليلون جدا. فباستثناء الرائد “الدويري” بقناة الجزيرة (والعلم عند الله إن كانوا آخرين تعرفونهم ولا أعرفهم)، فهو الكاتب المغربي “بنزروق محمد” من المغرب لديه، معرفة بالمجال العسكري، يكتب في مقال مثير عن المقاومة في غزة.

 

النقطة الثانية، أصحاب الأسبوعية، وضعوه في خانة “للنقاش“ وذلك بالبنط العريض. وفي هذا الإطار، لدي بعض الملاحظات. بل في الحقيقة أسئلة واردة من مجموعة من الأصدقاء. طلبت منهم إن كان ممكنا الكتابة عوضهم. فقبلوا، أتمنى أن أكتب ما حكوا لي.

وهناك “علي“ حيث يقول: “ما ينقص المقال الذي يعدد كيف نجح المقاوم الفلسطيني في قلب المعادلة وإمساكه التكنولوجيا وصناعة المعدات العسكرية، هو ماذا لو الشباب المغربي تبع الموضة… وحكى لي “علي“ كيف أن بعض الأجهزة تلاحقه كل يوم، ومنذ زمان، في عمله، والآن في تقاعده، وأبنائه رغم بعدهم عن السياسة، رغم كونه شفاف، يحكي كل شيء، عنه وما يفكر فيه وما يعتمل بداخله. إلى درجة أن “علي“، حكى لي قصة طريفة: في الوقت الذي كان على بعض الأجهزة الاهتمام بالشباب المغربي الصانع “للدرون“، يبدو له أن بعض الأجهزة يجندون موارد بشرية وإمكانيات لمراقبته. يحكي لي بمرارة أن سكناه معروف وجل تحركاته.“

 

أما أحمد فكان جريئا في مناقشته للمقال حيث قال: “هل تجرأ كاتب المقال ليحكي عن المخططات المضادة ل 14 عنصر تحدث عنه. فكان جوابي أن كاتب المقال فعل ميزة حسنة حين الحديث عن المقاومة، فقال أحمد بجرأته المعهودة، أعرف أنك أول شيء تفعله إن لا تعرف الشخص هو البحث عنه في المواقع الاجتماعية وفي غوغل، أنا متأكد أنك فعلت فلم تعثر على الشخص. “

للحقيقة أني فعلت ما حكى لي “أحمد“ ولم أجد شيئا’ وجدت العديد من “بنزروق” في الشمال ينتمون لحزب معين. وضحت ل“أحمد“ أن المسألة لا تهم، ما يهمني هو المقال وعناصره التحليلية. صراحة فرحت لكون “مغربي“ يكتب هذا النوع من المقال العسكري والاستخباراتي. لا يهم إن كان عنصرا متقاعدا من الجيش طلب إذنا، أم أمنيا. لا يهم، المهم ما كتبه. وحين رأى “أحمد“ أنني سطرت مرارا على المقال واحتفظت به في أرشيفي، سارع إلى قرأته بتمعن كما فعلت.

 

عندنا في المغرب خاصية نوعية، ألا وهي قراءة اسم الكاتب أولا، فإن كان معروفا قرأنا المقال، والعكس، تركنا المقال. هذا يذكرني بالصراع ما بين التيار اليساري والإسلامي. الآخرين يقرؤون جل الأدبيات حتى الماركسية منها، أما اليساريين فلا وقت لهم في قراءة “التراث”.

مرة كنت عثرت على كتاب يحكي حول أسباب نزول القرآن الكريم، وبدأت في توزيعه. قيادي في اليسار شجعني على فعلي أما باقي “المناضلين في حزبه” لم يبالوا اهتماما لفعلي…

العودة إلى المقال، أعجبت بأفكاره وخاصة حين تحدثه عن المقاوم الذي ضرب دبابة إسرائيلية قائلا “حلل يا الدويري” قائلا في العنصر 12 ما يلي:
“12) الحرب الإعلامية : راهنت المقاومة على الحرب الإعلامية لإطلاع الإعلام والرأي الدوليين على حقيقة ما كان يجري في الميدان، عكس ما كان يجري في الحروب السابقة في فلسطين المحتلة، فهي زودت مقاتليها بكاميرات “الڭو-برو” (GO PRO)، فصار المقاتل يوثق قتاله صوتا وصورة، وتبث  هذه الفيديوهات على الفضائيات الدولية لإطلاع المشاهد أينما كان على نتائج عمل المقاومة ومدى هشاشة الجيش الذي لا “يقهر”، فيرفع هذا من معنويات المقاتل الفلسطيني، وبالتالي، يحارب بشراسة أكثر وبثقة في النفس أعظم، لدرجة أن أحد المقاتلين خاطب محللا عسكريا لإحدى الفضائيات من ميدان المعركة بعد أن أحرق دبابة مباشرة بقوله “حلل يا الديوري”….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.