تقرير / قطاع الصحة بالمغرب “موت الدرويش”، و”قلة الصحة” شعار يلازم المرضى بإقليم إفران

0

 rihanapress – محمد عبيد

كشفت زيارة خالد أيت الطالب وزير الصحة والحماية الاجتماعية لمستشفى مدينة الدرويش يوم الثلاثاء الأخير (4يوليوز2023) على أن قطاع الصحة بالمغرب عموما هو قطاع موت “الدرويش”…

فخلال الزيارة ومن خلال ما وصفته العديد من الفيديوهات على التواصل الاجتماعي لم يقتصر الاشكال فقط في قلة التجهيز بل حتى عدم توظيف المتوفر من التجهيزات الصحية والطبية (السكانير… ولا مصل “le sérum”… ) إلى جانب الاكتفاء برقن المعلومات الصحية المتعلقة بالمرضى الخاصة بالتتبع على الورق، دون استخدام المعلوميات لتخزين المعلومات لحمايتها من التلف… وكذلك انقطاع التيار الكهربائي بالمستشفى..

ففضلا عن هذا العجز اللوجستيكي، وقلة الأدوية والتجهيزات الضرورية، وبشكل عام وقف الوزير شخصيا على نقص ملحوظ في بعض من التخصصات الطبية الأساسية، كطبيب مختص في جهاز التشخيص بالراديو ( L’échographie)…

كما تلقى الوزير مباشرة شكاوي لمعاناة ولتذمر المواطنات والمواطنين من الخدمات الصحية المقدمة بالمستشفى الإقليمي وأبرزها تأخير المواعيد، وتقديم مواعيد تتجاوز مدتها في كثير من الأحيان أربعة أشهر لبعض المرضى الذين يعانون من مضاعفات أمراض مزمنة”…

فهل كان فعلا السيد الوزير يحتاج لهذه المواقف الحرجة وليقف عليها عن قرب وميدانيا؟ لو كانت قد توفرت الإرادة والتحلي بالضمير المهني واحترام المواثيق الدولية للحق في التطبيب والعلاج؟

واقعة وواقع المستشفى الإقليمي لمدينة الدرويش يدفعاننا للوقوف على اللازمة المتداولة والتي تقول: “يُعتبر الحق في الصحة، بما يشمل الحق في الحصول على الرعاية الصحية المقبولة، والميسورة التكلفة، وذات الجودة المناسبة في التوقيت المناسب، أحد حقوق الإنسان المعترف بها دوليًا، خاصة وأن التطبيب مرتبط بدرجة قوية بالحق في الحياة، إذ أن عدم توفر العلاج يعني معاناة المريض وموته، في الوقت الذي كان بالإمكان إنقاذ حياته لو توفرت الخدمة الصحية الجيدة في الوقت المناسب!”…

فماذا يمكن أن نأمل من حياة صحية غير امنة؟

قد تكون هذه الزيارة للسيد الوزير إلى مدينة الدرويش ماهي أخف وأقل ما وطأة لما يجري في عدد من مستشفيات المملكة (خارج محوري الرباط والدار البيضاء)، سيما في مناطقها الجبلية، ولربما يكون ما خفي فيها أعظم!؟؟ تدعوه إلى مزيد من الزيارات المماثلة، وألا يكتفي بهذه الزيارة الواحدة لإحدى المراكز الصحية بالبلاد بعد أن كانت قد فرضت عليه من خلال سؤال بقبة البرلمان، وذلك لإدراك مدى تردي الوضع الصحي بشكل عام في المغرب، بعدما يُشاهد جليًا نقص النظافة الواضح، ويصادف العديد من المرضى الذين يفترشون الأرض لعدم وجود أسرة… وضرب مواعيد العلاج او العمليات أقرب الى يوم القيامة عوض ان تكون في الآن، وكأن مؤسساتنا الصحية تقول للمغاربة لا تمرضوا؟

المثير هو ان عدد العاملين في القطاع من ممرضين وأطباء لا يرقى للمعايير الدولية، فنجد ممرضا واحدا لأكثر من 44 مريضا في مصلحة واحدة، ونجد طبيبا واحدا يداوم 12 ساعة في مصلحة الاستعجالات، في غياب تام لتوفير شروط الممارسة للعاملين، سواء النفسية، العلمية أو العملية.

إن أجمل ما يمكن أن يحدث لك في المغرب، هو ألا تمرض!!!.. فحالة المستشفيات العمومية في المغرب كارثية مقارنة بنظيرتها في القطاع الخاص والقطاع العسكري.

صورة قاتمة تتجسد في كثير من الصور، وابرزها اعتماد مواعيد الفحص وإجراء العمليات في آجال بعيدة جدا إذ تمتد لشهور كثيرة.

هذه الظواهر تبقى نموذجا في صغرها لما يعيش عليه القطاع الصحي بإقليم إفران حيث استفحلت وتفشت بهذا القطاع الصحي بالإقليم عموما، سيما منها تلك التي تمس بصحة المواطنين الذين يقصدون المراكز الصحية ومستشفيات الإقليم قصد التطبيب.. مما خلق انطباعات موحدة لدى الرأي العام المحلي الذي وصفه بالقطاع المشلول نسب فشله لسوء التسيير ..

فبغض النظر عن الخدمات الصحية وما يعيشها القطاع من توثر سواء داخل مواردها البشرية أو أيضًا مع المواطنات والمواطنين، والتي تم تجميعها من عدة أطراف من مواطنات ومواطنين ومن هيئات ونقابات محلية، فالحديث تعداه الى إثارة الوضعية اللوجيستيكية والوسائل الكفيلة بالخدمة التي من جهتها تخلف تذمرا واسعا، إذ وقفت التوضيحات على عطالة السناكير التي تستمر كل حين دون أن أي تدخل للحد من هذا هذه النازلة التي تحبط المرضى فضلا عن غياب وسائل التخذير للقيام بعمليات جراحية مما يفرض على المرضى التنقل لفاس او مكناس.. حتى عند الحاجة إلى بعض التحاليل الطبية يكون المريض مدعوا لزيارة مختبر وحيد بآزرو؟!!!! .. وأنه بالرغم من توفر شاحنة الوحدة المتنقلة الطبية التي ساهمت فيها جهة مكناس فإن الملاحظ انها لم تتحرك منذ تولي المندوب الإقليمي الحالي عن شؤون القطاع مع العلم أن الإدارة تتوفر على تجهيزات تخطيط القلب والتحليلات الطبية والإيكوغرافيا، ولا يفهم سر عدم وضعها رهن خدمة المرتفقين..

الحديث عن قطاع الصحة في الإقليم استاثر باهتمام الساكنة عموما نظرا لما تعانيه خاصة منها معها الساكنة الضعيفة الدخل، إذ لازال المستشفى الإقليمي 20 غشت بأزرو يعيش على وقع الخصاص المهول فى الأطر الطبية والتمريضية وحتي التجهيزات والأدوية، مايفاقم معاناة المرضى الذين يقصدون ويضاعف كذالك تعب وإرهاق العاملين فى هذه المؤسسة.

ولعل الخصاص فى الموارد البشرية بالمستشفى الاقليمي 20غشت اصبح لا يطاق على سبيل المثال المستشفى يتوفر على طبيب واحد اختصاصي فى امراض العيون رغم ان المستشفى يستقبل مئات المرضى من ازرو والمناطق المجاورة مايضطر معه المرضى الى انتظار شهور وشهور لأخد موعد طبي…..

فما يسجل على واقع الصحة بهذا الإقليم هو أن الصحة والعلاج لا يفتقدان إلى المال والإمكانات المادية.. لكن إهدار ما هو متاح من إمكانيات وما تعتمده الإدارة الإقليمية للقطاع من نظام يؤدى إلى الدائرة المغلقة، إذ أن اللافت للنظر أنه لا يدور حديث حول أحوال العلاج في المستشفيات والمستوصفات الذي يعاني المواطنون الراغبين في الاستشفاء بها، بل تعداه الى أن من يعملون فى هذه المؤسسات يشكون من سوء توزيع الإمكانات والأجهزة الطبية.

صادفت قبل فترة أحد مدبري الشأن الصحي على مستوى إقليم افران حيث كانت له زيارة لإحدى مصلحات المستشفى بسبب مرض أحد أقاربه، فبادرته بالسؤال: هل ترضيك هذه الحالة اللا إنسانية في هذا المستشفى؟ فما كان منه إلا أن تحسر وحاول أن يبرر كل هذا بين لف ودوران، لكن في الأخير استسلم واعترف بأن عقلية الإدارة الإقليمية في تدبير وتسيير القطاع بالاقليم في حاجة إلى مراجعة ذاتها وسلوكاتها، والى تدخل صريح من القائمين عن السأن الصحي وطنيا لرفع هذا الغبن عن المواطن الافراني عموماً…، قبل أن يضيف:”.. ايضا لا تنسى استحضار توجه الدولة الذي لا يرمي إلى النهوض بقطاع الصحة.”.

 بإقليم إفران تصادف عددا من المستوصفات القروية مغلوقة، تكفي الإشارة هنا إلى مناطق تسماكت، ايغود، تامفصلت، بوحرش، أوگماس…

وبالمركز الصحي لعين اللوح يغيب فيه جهازا الراديو والمختبر، مع مستعجلات القرب، ولا توفير للمداومة الطبية…

-مستعجلات القرب مع المركز الصحي بتمحضيت لاتتوفر بها المداومة الطبية مع العلم أن مجموعة من الأطباء في مراكز تتوفر أصلا على أطباء..

-الوحدات الطبية المتنقلة أصبحت منعدمة في المناطق القروية بسبب استغلال المندوب والمقتصد لسيارتين مختصتين لهذا الغرض.. تفيد مصادر مطلعة.

-المستشفى الإقليمي كل الحالات الجراحية يتم الاحتفاظ بها فوق الاسبوع واكثر ليتم تحويلهم بعد تدهور حالتها الصحية إلى فاس أو مكناس…ومما زاد الطين بلة هو ان طب الاختصاص بدوره عرف التخلص من أطبائه خاصة في طب العيون…

-مختبر التحليلات بالمركز الصحي تمديقين يتوفر على جل التجهيزات لكن يتم تحويل جل المرضى إلى مستشفى 20 غشت الإقليمي بازرو لعدم توفر المواد اللازمة.

نعم يا سادة، ونحن تثير واقع الصحة بإقليم إفران ، يدفعنا هذا الى الخلاصة العامة من ان وزارة الصحة بكل وضوح ورغم ما تتغنى به من استراتيجية فإنها لا تستجيب بأن تستمتع في كينونيتها الخاصة بقلة الصحة بالإعلام عن مشاريع ومنجزات وخدمات فقط على الاوراق والدعاية، ولأن واقع الحال يبرز بشكل واضح لدبان هذه الوزارة مهما تغنت باستراتيجيتها فإن أمر الواقع يبرز بشكل ملحوظ بانها لا تضع صحة المواطن ضمن أولوياتها، فلا ضير أن تبقى مستشفيات البلاد على ما هي عليه بينما تبنى مستشفيات في غرب إفريقيا وشرقها، ولا ضير أن يموت المواطن المغربي في سبيل تنظيم تظاهرات دولية الهدف منها الإشعاع ليس إلا، ولا بأس أن ترسل الدولة مساعدات دوائية لدول بعيدة بينما المغربي المقهور في أمس الحاجة إليها، والغريب في الأمر، أن تصرف الدولة 22 مليون دولار على إعادة ترميم ملعب لكرة القدم لا يعود بالنفع على المغاربة في وقت توجد مستشفيات في أمس الحاجة لتلك المبلغ لتحسين إستشفاء المواطنين بداخلها.

لعل معضلة الصحة هي أكثر ما يؤرق المغاربة، ولا سيما الفقراء منهم، باعتبارها مشكلة تهدد فناء أعمارهم قبل موعدها، في ظل غياب مستشفيات عمومية مجهزة وبأطر طبية كفؤة، في حين لا يتردد سياسيو البلد وكبار موظفيه وأثريائه من الطيران إلى مستشفيات فرنسا بمجرد إصابتهم بالمرض أو إصابة أحد أفراد عائلاتهم، بحيث ليست لديهم أدنى ثقة في المستشفيات المغربية، بما فيها المصحات الخاصة المكلفة.

“إن أجمل ما يمكن أن يحدث لك في المغرب هو “ألّا تمرض” عبارة لطالما رددها أحد الأصدقاء، متحدثاً عن وضعية الصحة العمومية في المملكة بصفة عامة وبإقليم إفران على وجه الخصوص.

###

كتب الإعلامي السعودي المرحوم عبد العزيز محمد النهاري، ذات مرة: ” كنت في مدينة «بريستول» التي تقع في جنوب غرب إنجلترا وأصبت *بعارض صحي* يعاودني بين فترة وأخرى …

كنت في السعودية أشتري العلاج بنحو 200 ريال …

راجعت في هذه المدينة الإنجليزية إحدى الصيدليات لأشتري ذات الدواء فلم أستطع ، لأن القانون يمنع بيع العلاجات إلا بوصفة طبية …ونصحتني الصيدلانية بمراجعة فريق طبي يعمل في نفس المبنى …وبعد أن كشف علي طبيب عام ، أخذت الوصفة وذهبت للإستقبال لدفع قيمة الكشف ، لكنهم لم يأخذوا مني جنيهاً واحداً …وذهبت إلى الصيدلية وعرفت بأن سعر الدواء لا يتجاوز 9 جنيهات (45 ريالا) …وعندما أردت الدفع إعتذرت لي الصيدلية بكل لطف وأخبرتني بأن الدواء بدون مقابل … وأندهشت وقلت لماذا ..؟ قيل لي بكل لطف لأني تجاوزت الستين من عمري …وخرجت وأنا أتمتم مع نفسي «انظروا كيف يتصرف  الإنجليز مع المسنين » …

هذه القصة وبدون أي تعليق أقدمها مع التحية لوزارة الصحة، وبقية الوزارات المعنية بالخدمات، ولمؤسسة التقاعد، والتأمينات الإجتماعية ، وللمجتمع بكامله.

أقدمها فقط بحثاً عن تقدير ومواساة واحترام ومراعاة لمن بلغ الستين.

ونحن … في الستين … بعض الدول تفكر بكيفية التخلص منك لكي توقف راتبك.

واقع مستشفى الدرويش ما هو الا جزء من واقع عام بعدد من المستشفيات بالمملكة ويخيلنا على واقعنا لنتساءل بخصوص العناية بصحة المواطنين عموما وكبار السن على وجه الخصوص من بينهم المتقاعدين او الغير المتوفين على دخل قار: هل دولة بحجم المغرب يعجزها توفير ذلك؟

لكن إن امعنا واقع الحال الجواب سيكون طبعا بالرد: “بل هي قادرة وأكثر إن توفرت إرادة قادة البلاد، في انتظار ذلك، من لا يعيش بكرامة لا يمرض بكرامة.”.

المواطن المغربي يشتري الدواء بأضعاف نظيره الأوروبي، يشتري المغاربة الأدوية بثمن يفوق سعرها الدولي، فبحسب تقرير رسمي للجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب، الغرفة الأولى في برلمان المغرب، خلص إلى أن أثمنة الدواء في المغرب “مرتفعة بشكل غير عادي”، حيث تفوق أسعار الأدوية بالمملكة ثمن مثيلاتها في تونس بـ%30 إلى %189، وهو بلد مغاربي ذو إمكانات اقتصادية واجتماعية محدودة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.