هل يدرك القائمون على شؤون البلاد أن رهانهم بالقفة الرمضانية تكريس لدمار اجتماعي

0

ريحانة انا برس- محمد عبيد

هل خففت عملية توزيع القفة الرمضانية من الاختناق الاجتماعي؟… وهل ساهمت في تخفيف العبء على الأسر الفقيرة؟ وهل أثتت فعلا بما يكفي موائدها الافطارية في هذا الرمضان الكريم؟ وكم يكون قد بلغ عدد هذه الموائد؟

تساؤلات ومعها علامات الحيرة والحسرة تتناسل مبرزة ما يقع في هذا الشهر المبارك الكريم الذي تزعم فيه عدة جهات بأنها تسعى الإحسان وإطعام الفقير؟.. في وقت يرى فيه عدد من المتتبعين أن القفة الرمضانية، ما هي إلا إدلال وإهانة لكرامة المواطن البئيس، لا ولن تبلغ مهما كان أعلى درجات الأجر العظيم الذي يتوخاه منظمو هذه القفة لعدة اعتبارات تندرج في حقوق الإنسان وكرامته التي مِنْ أعمدتها الحق في العيش وتوفير الشغل… وتوزيع الثروة التي تزخر بها البلد (فوسفاط…).

باعتبار العملية سقفا لطموح مغاربة الهشاشة الإجتماعية وعتبة الفقر… عندما نعلم جميعا أن ال “قفة” قد لا يتجاوز ثمن محتوياتها مائتي درهما؟

مما اعتبرها عديد من المهتمين بالشأن الاجتماعي بعملية ترويض هذه الشريحة الإجتماعية العريضة من المجتمع المغربي، وبهذا الشكل تكريسا سالبا للكرامة؟! أمام الارتفاع المهول للأسعار الذي ألهم سُعار الناس، فالتهمتهم “قفة” يقال عنها رمضانية! لن تسد مصروف يوم أو يومين عاديين في أحسن الأحوال؟

لكن، ألم يستأنس معظم المغاربة ومن بينهم من له مدخول يومي، بهذه المساعدة منذ زمن لم يكن فيه الغلاء عنوان يوميات أحياء البؤس؟! أليست أسر الأحياء المستفيذة هي نفسها التي تتحكم في العملية الانتخابية وتكتفي ب”زرقلاف” لتصوت على من هم يتحكمون اليوم في مصيرها ويتفنون في إذلالها؟؟!!… لماذا يفضل مسؤولونا توفير قفة استعطافية بدل التفكير في خلق فرص عمل تضمن للمواطن العيش الكريم عوض سياسة التجويع التبعي؟

وماذا نحن فاعلون إذا استمر الوضع على هذا الحال؟ خاصة وأن كل المؤشرات تدل على ذلك، وأن الأمر طال مقتنياتنا من الخضر التي كانت تستر حاجتنا وعوزنا بحكم أن تكلفة “الطاجين” كانت في المتناول كما يوفر الغداء لأكبر عدد من أفراد الأسرة؟!… ألم يعد أمننا الغدائي مهددا بشكل جدي؟

وهل يجهل القائمون على شؤون البلد أن الأمن الاجتماعي رهين بالأمن الغدائي؟!
وقد انتشرت بعدد من المناطق خاصة على مستوى الأطلس المتوسط ظاهرة التباكي والتشكي، ورافقها تنظيم عدد من الوقفات الاحتجاجية أمام مقرات الجماعات والإدارات الترابية، والظاهرة شكلت الاستثناء حيث جل المحطات الاحتجاجية تكون غالبيتها مكونة من نسوة أخرجهن الغلاء للاحتجاج في الشارع بوجه مكشوف، وهن من دأبنا على ملازمة بيوتهن حتى في أحلك الظروف؟… بل من المحطات ما تحولت إلى مسيرات احتجاجية من قبل من طالهن التهميش في هذه العملية، واعتبرن ذلك ظلما وحيفا اجتماعيا؟

اسئلة محورية مركزية تتداول بشأن هذه الظاهرة: لماذا اقتصرت المسيرات على النساء فقط؟ وهل اعتزل الرجال لغة الاحتجاج، أم ماذا ؟؟!!… وهل القفة هي الإبداع الوحيد الذي تفتقت عليه عبقرية الدولة في مواجهة واقع الغلاء، أم أنها بقرار بنك المغرب رفع نسبة الفائدة إلى 3٪ لمواجهة التضخم الذي بلغ في بلدنا 8,9٪ تعتقد أنها في مأمن من صراخ الاحتجاجات، ولو لمدة وجيزة؟

ألسنا أمام فشل ذريع لسياسات الدولة وعشوائية البرامج؟!… ألم يشكل برنامج المغرب الأخضر نموذجا صارخا لفساد النخبة السياسية في البلاد؟! حيث صرفت ملايير الدراهم من المال العام على ضيعاتهم وضيعات كبار الفلاحين التي استنزفت المياه الجوفية ووجهت منتوجها للأسواق الخارجية غير آبهة بالمستهلك المحلي؟!!.. الشيء الذي أفرز لنا ما نعيشه حاليا من غلاء حارق..
ليبقى السؤال مشروعا حول: ما الفائدة من برامج الدولة إذا كانت لا تراعي الأمن الغدائي للمجتمع والاستقرار الإجتماعي؟

أيننا الآن من سياسة النموذج التنموي، وكم ستستغرق حكوماتنا من الوقت لتدرك أنها تسير بنا بخطى ثابتة نحو الدمار الإجتماعي؟؟؟؟

خلاصة القول: “الفقر والهشاشة لا يحاربان بتوزيع القفة.. وإنما بتعديل الكفة”.
وتبقى هذه السلوكات فقط لتمييع التسول المقنن.. الشعب الذي يبقى دوما ينتظر الصدقة بالمقابل إنما يهدي كرامته في الانتخابات ومناسبات الذل والعار… يأخذ القفة ويلتزم الصمت على القضايا التي هي حق من حقوقه المشروعة كالحق في الشغل والعيش الكريم..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.