0

ريحانة برس- محمد عبيد

في موضوع استشارات قانونية قرأت موضوعا ارتبط بالمفهوم القانوني للتستر عن جريمة أو اخفائها من حيث الفارق بين معايير تحريمها ان كجريمة مدنية أو جريمة جنحية؟ فقد يستغرب المرء إذا علم أن إخفاء مجرم ارتكب ضربا أو جرحا أو تهديدا أو خيانة زوجية أو سرقة عادية أو نصب أو خيانة أمانة جائز في التشريع المغربي والتستر عليه ايضا جائز، اما اذا ارتكب نفس الشخص اغتصابا او سرقة موصوفة أو محاولة قتل، فان إخفائه يشكل جريمة في نظر القانون، والمعيار الذي اعتمده المشرع المغربي في تجريم التستر على المجرمين هو التفريق في الجرائم بين الجنح والمخالفات من جهة وبين الجنايات من جهة أخرى، إذ أن الجنايات الجرائم الكبرى يعد التستر عليها خروجا عن القانون، أما الجنح والمخالفات فهي جرائم صغرى لآ ضرر من التستر على أصحابها و إيوائهم.

وهذا المعيار نفسه اعتمده المشرع في جريمة عدم التبليغ عن وقوع الجرائم، فاعتبر عدم التبليغ جريمة يعاقب عليها القانون فقط حينما يتعلق الأمر بجناية. لايخفى أن هذا المعيار صعب التطبيق من الناحية العملية، إذ يتطلب الأمر من المواطن ألا يكون فقط عالما بالنصوص القانونية بل أن يكون أيضا متضلعا في علم القانون الجنائي بالشكل الذي يسمح له ان يميز بين الجناية والجنحة والمخالفات حتى يتسنى له أن يعرف متى يجوز له أن يتستر على المجرم ومتى لا يجوز له ذلك؟ فإلى جانب قاعدة ـ لايعذر أحد بجهله للقانون ـ يجد المواطن نفسه محاصرا ومطوقا بقاعدة أخرى أقل مايمكن قوله عنها هو أنها اشد بؤسا وصعوبة، ومفاد هذه القاعدة هو ـ لايعذر أحد بعدم تبحره في علم القانون ـ وهذا مايستفاد من مضمون الفصل 297 من ق ج.

والغريب في هذا الفصل هو تنكره لمبدأ ـ الأصل في الإنسان البراءة ـ إذ أنه يفترض أن الشخص المتستر عليه مدان حتى قبل المحاكمة ويعتبر من يخفيه مرتكبا لجريمة مستقلة مع أن الشخص موضوع الإخفاء قد تصرح المحكمة قضائيا ببراءته، فالإنصاف يقتضي ألا يتابع من أخفى المتهم بارتكاب جناية الا بعد أن تثبت إدانة هذا المتهم بمقتضى حكم قضائي.

خلاصة القول يجب أن تنصب جريمة التستر المعاقب عليها على فعل التستر على المجرمين الحقيقيين وليس على فعل التستر على المجرمين الوهمين أو الاحتماليين أو المتهمين الذين لم يقل القضاء كلمته في حقهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.