ظاهرة الانتحار بجهة فاس مكناس؟ ما هي الأسباب ومن المسؤول عن تفشيها؟

0

ريحانة برس- محمد عبيد

انتشرت بجهة فاس مكناس وبشكل مثير ظاهرة الانتحار إذ تناقلت الاخبار إقدام ما لا يقل عن 10 اشخاص خلال الأسبوعين الاخيرين على”المشانق” (الإكراهية الطوعية) ولتشكل فواجع وضع حد للأرواح واستفحال هذه المآسي مشاعر مقلقة..

 ولقد تعددت معها الأسباب منها ما ردت إلى معاناة بعضهم من اضطرابات نفسية، فيما اضطر آخرون أمام انسداد الأفق خيار وضع حد لحياتهم بطرق مختلفة، مثل استخدام حبال لشنق أنفسهم في الأشجار أو أسقف المنازل، فيما اختار آخرون القفز من أماكن مرتفعة.

 وقالت التعاليق عن هذه العمليات من الانتحار بأنها لم تقف فقط عند الفقر والبطالة والضعف، بل فسرتها إلا أن الأمر يتجاوزه إلى ما هو أعمق وأخرق، ومن ذلك عدمية المسؤولين وغيابهم الكامل عن شؤون الناس -إلا اللمم- ، بدليل انعدام المرافق المواطناتية والإنسانية في أدنى الخدمات والمصالح والمؤسسات، وقتل العمل الجمعوي التطوعي الجاد وفرض العمل الجمعوي المزيف الفاسد، وحتى إذا عثرنا على بعض المؤسسات النادرة على بعد مسافات بينية كبيرة، نجدها مهترئة متهالكة بنيويا وبشريا، لا تصلح لانعدام التكوينات والتجهيزات والمواصفات المطلوبة حتى للدواب.

ففي قراءات لتفاصيل هذ العمليات تفيد الأخبار أن من الهالكين طوعا حالتين اختارتا تناول مواد سامة لإنهاء حياتهما، وأن شابا يبلغ من العمر 26 عامًا عثرت أسرته على جثته معلقة بحبل في منزلهم بحي مونفلوري “الزهور” بمقاطعة سايس بفاس، فيما عُثِر على جثة شاب آخر بدوار بجماعة الرتبة بتاونات، بعد أن قام بشنق نفسه من غصن شجرة.

واما بمدينة صفرو فسجلت حالتا(2) انتحار في نفس اليوم بحي الرفايف.

إذ ان الحالة الأولى كانت لفتاة كانت تسكن مع زميلاتها في شقة، حيث قامت برمي نفسها من سطح العمارة، بينما في الحالة الثانية عند شخص الذى تناول مادة سامة قبل وفاته بعد نقله إلى مستشفى محمد الخامس بصفرو.

وفي حادث آخر، رمى رجل في الثلاثينيات من العمر نفسه من سطح منزله في حي كريو بفاس، مما تسبب في إصابته بجروح وكسور خطيرة. رغم نقله إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني في حالة صحية حرجة، إلا أنه فارق الحياة بعد وقت قصير، وتم تشريح جثته بأمر من النيابة العامة المختصة.

وكان بين الضحايا أيضًا بائع متجول للخضر والفواكه، قام بحرق نفسه في حي بريمة بمكناس، وتوفي بعد نقله إلى الدار البيضاء بسبب الحروق الخطيرة التي أصيب بها. ..

وأمام ارتفاع حالات الانتحار المسجلة على صعيد الجهة، ارتفعت الأصوات المنادية باتخاذ إجراءات فورية للتوعية بأهمية الصحة النفسية وتقديم الدعم النفسي والعاطفي للأفراد الذين يعانون من الاكتئاب والضغوط النفسية للحد من هذه المشكلة الخطيرة المسترسلة مؤخرا أمام الاستسلام التام للمسؤولين والاستغراب الكبير للنشطاء والنخبة والأهالي عموما، ويأتي ايضا الاستغراب بفعل عدم تدخل الدولة عبر مقاربة تنموية من حيث الأهمية بتوفير فرص الشغل للمواطن دون هوادة، وذلك باستعجالية التنزيل والتطبيق لمشاريع من شأنها وقف النزيف وإعادة الاستقرار النفسي والاجتماعي إلى مجراه الطبيعي امام عدم تحرك أي جهة رسمية أو منتخبة لمناقشة القضية ومعالجة الوضع لا على المستوى الإقليمي ولا على مستوى البرلمان والحكومة ولا على مستوى الدولة العميقة، سيما وأن برنامج أوراش الذي أطلقته الدولة لم يكن ليخقق الاغراض الحقيقية من انتشال العديد من المواطنات والمواطنين من آفة الفقر وضمان الشغل بل افرز ايضا تعاملات ميزاجيا في انتقاء المستفيدين منه كثرت في شأنه الصرخات، بمعنى أن المنطقة ستتحمل لوحدها عاقبة سوء تدبير شؤونها من طرف المسؤولين، بدل من أن تحدد المسؤوليات ويتم تكثيف الجهود لإنقاذ المستطاع، عبر مقاربة اقتصادية اجتماعية مباشرة.

فماذا ينتظر الجهة من كوارث -غير طبيعية- بعد ظاهرة الانتحار..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.