لماذا أخذ اللقاح وقتا طويلا ليصل إلى المغرب .. رغم الإعلان عنه مبكرا ؟

0

عبد الوفي العلام – ريحانة برس

منذ الإعلان يوم التاسع من نوفمبر عن توجيهات ملكية بـ”إطلاق عملية مكثفة للتلقيح ضد كوفيد-19 في الأسابيع المقبلة”، في واحد من أولى الإعلانات العالمية عن حملة التطعيم، انتظر المغاربة أن يكون المغرب سباقا إلى العملية،

حتى قبل الاتحاد الأوروبي، الذي لم يشرع في التطعيم إلّا يوم 27 ديسمبر، غير أن ذلك لم يتم إلّا يوم 22 يناير بمليوني جرعة، حسب ما ذكرت رويترز، بينما لم تحدد وزارة الصحة عدد الجرعات المستوردة.

“الأسباب التي تركت المغرب لا يتحصل على اللقاح مبكرا، هي الأسباب نفسها على الصعيد العالمي. هناك ضغط كبير على المختبرات التي تصنع هذا اللقاح، فالطلب كبير جدا مقارنة بالعرض”حسب الخبراء

غير أن عملية التلقيح تمت مباشرتها في أكثر من 50 دولة عبر العالم، منها دول عربية في الشرق الأوسط. لكن في المغرب سادت حالة من التضارب في التصريحات الرسمية بخصوص تسلّم اللقاحات، فقد أعلن المغرب قبل حوالي شهر أنه “تم اقتناء 65 مليون جرعة من اللقاحين المعتمدين من طرف المغرب”، قبل أن يعود وزير الصحة عزيز أيت الطالب بداية يناير لينفي تسلّم المغرب لأيّ جرعات.

ويتعلق الأمر بلقاح أسترازينيكا/أكسفورد البريطاني-السويدي ولقاح سينوفارم الصيني حسب تصريحات رسمية. والمثير أن المغرب أعلن اقتناء هذه الجرعات رغم أنه لا الصين ولا بريطانيا ولا السويد، لم تكن قد رخصت في تلك الفترة بعد للقاحين المذكورين بالاستخدام محليا.

لماذا لقاح الهند؟

وقد سلّم معهد مصل الهند، وهو أكبر مصنع لقاحات في العالم، المغرب جرعات من اللقاح، ويتعلق الأمر بنسخة محلية الصنع من لقاح أسترازينيكا/أكسفورد تحمل اسم “كوفيشيلد”، وجاء التسليم للمغرب وكذلك للبرازيل بعد أن بدأت الهند بتصدير اللقاح لدول مجاورة الخميس الماضي.

ورخص المغرب رسميا للقاح أسترازينيكا/أكسفورد يوم السابع من يناير، وهو اللقاح الوحيد الذي تمّ الإعلان رسميا عن الترخيص له.

بيدَ أن هذا اللقاح لم يرخص له حتى الآن بالاستخدام في دول الاتحاد الأوروبي ولا في الولايات المتحدة. ورغم أن بريطانيا ودولا أخرى مثل الأرجنيتن رخصت استخدامه إلا أن فعاليته باعتراف رسمي لا تتجاوز70 %.

وفيما يتعلق بالشركة المصنعة في الهند، فهناك تضارب آخر في الاسم، ففي الوقت الذي قال فيه رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، إن الشركة التي تصنعه هناك اسمها “إير فارم”، يؤكد عزيز غالي، صيدلاني ورئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن هذه الشركة توجد في روسيا وليس الهند (وهو ما يؤكده أيضا موقعها الإلكتروني).

وقد سبق للمغرب أن وقع معها في سبتمبر مذكرة تفاهم لتتولى هي إنتاج لقاحات أسترازينيكا، قبل أن يعلن المغرب توجهها إلى الهند.

وتساءل عزيز غالي في تصريحات لإحدى المواقع الغربية “لماذا لم يتم توضيح سبب التخلي عن شركة إير فارم الروسية؟”، مضيفاً أن الهند قد ترسل بشكل دوري شحنات قليلة من اللقاح لا تلبي الاحتياجات المحلية، لأنها “تحتاج بشكل عاجل لـ600 مليون جرعة لأجل تطعيم 300 مليون هندي”.

ويرى غالي أنه كان من الأفضل الاستمرار مع الشركة الروسية لأنه لا يوجد ضغط محلي عليها ما دامت روسيا تطعم مواطنيها بلقاح سبوتنيك V”.

اللقاح الصيني غير موثوق؟

أعلنت وزارة الصحة المغربية يوم الجمعة 22 يناير أن أولى دفعات لقاح سينوفارم الصيني “ستصل الأسبوع القادم”، ثم أكدت أنه تمّ الترخيص له بشكل عاجل. لكن لماذا تأخر الترخيص المغربي لهذا اللقاح لعدة أسابيع عكس ما جرى مع لقاح أسترازينيكا، رغم أن المغرب كان يطمح لتصنيعه محليا بشراكة مع الصين ورغم استيراده من عدة دول؟

عبد الغني الكرماعي، رئيس إحدى المختبرات الصيدلية المغربية، يقول إن الخبراء الصينيين لم يقدموا لنظرائهم المغاربة نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي شارك فيها متطوعون مغاربة. ويعرب المتحدث عن عدم اتفاقه مع المنهجية المتبعة: “كان يجب على الخبراء المغاربة أن يدرسوا بأنفسهم نتائج هذه التجارب محلياً وليس أن يرسلوا النتائج إلى الصين “.

“اللجنة العلمية طلبت مجموعة وثائق من الشركة الصينية، وعندما تتوصل بها ستتخذ قرارها النهائي بشأن الترخيص أوعدمه للقاح سينوفارم” يقول مولاي المصطفى الناجي، موضحا أنه “يجب توفر ضمانات الفعالية والجودة قبل تقديم هذا اللقاح لعموم المغاربة، وهو أمر تؤكد عليه اللجنة العلمية”، لافتا إلى أن المغرب لن يتوقف على لقاح سينوفارم أو حتى أسترازينيكا، وسيتجه إلى شركات أخرى نظرا لأنه يحتاج 65 أو 66 مليون جرعة.

ويضيف الكرماعي”هناك غموض مع الصينيين ولا ندري ما يحدث ولا يعطونا الحقائق. هناك تخوف بالفعل من لقاح سينوفارم، وأرى أن هناك تخوفا بين العديد من المختصين”،  تخوف يجد صدى له في استقالة رئيس شركة سينوفارم “لي زهيمينغ”ومسؤول آخر لما اعتبراه أسبابا شخصية.

وينقل موقع “ساوث شاينا مورنينغ بوست” من هونغ كونغ أن مجموعة من الدول التي احتضنت تجارب اللقاحات الصينية أعلنت فقط عن نتائج جزئية، بينما لم توضح سينوفارم كيف وصلت إلى 79 % في نسبة الفعالية التي أعلنتها، رغم أنها وعدت بنشر جميع المعطيات في مرجع علمي.

جرى تداول أنباء كثيرة عن إمكانية استيراد المغرب للقاح الروسي سبوتنيك V، ووقع مختبر مغربي فعلاً شراكة مع معهد جماليا الروسي لتسويقه، لكن لم ترخص وزارة الصحة لهذا الأخير، رغم أن مصدرا مطلعا تحدث لـDW عربية أنه تم عقد عدة لقاءات بين مسؤولين روس ومغاربة دون أن تفضي إلى توقيع أيّ عقد لجلب اللقاح الروسي، الذي يقول أصحابه إنه وصل إلى 91.4 % في الفعالية، لكن كذلك دون تعميم جميع البيانات في مصادر علمية.

أما لقاح فايزر/بيونتيك، الوحيد المرخص من لدن منظمة الصحة العالمية حتى الآن، فالمغرب لم يجر أيّ محادثات لطلبه. لكن هل سيستنجد به المغرب لتجاوز الوضع الحالي؟ يرد الكرماعي: “حتى ولو أراد المغرب طلب هذا اللقاح، فهذا الأخير يحتاج آليات جد متطورة لتخزينه غير متوفرة، كما أن الشركة المصنعة له تعاني حتى في توفيره أوروبيا بما أنها تملك مصنعا وحيدا في بلجيكا”.

وفي الوقت الذي أرجع فيه رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني أسباب تأخر اللقاح إلى ما هو مادي بقوله في جلسة بالبرلمان إن بعض الدول المصدرة رفعت السعر خمس مرات، أبدى مغاربة كثر على فيسبوك فرحتهم بوصول اللقاح. لكنها فرحة مشوبة بالحذر، نظرا لأن حتى الدول المصنعة للقاحات لم تستطع تطعيم جزء كبير من ساكنتها حتى الآن، وكذلك لأن المغرب سيبقى رهين ما ستقرّره الشركات المصدرة، في ظل عدم وجود أيّ مؤشرات على قرب الشروع في مبادرة كوفاكس التي تريد من خلالها منظمة الصحة العالمية تعميم اللقاح في العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.