الكاتب : عبد الوفي العلام
بتاريخ : 1 نوفمبر، 2025 - 15:00
الزيارات : 120
ريحانة برس
وفي وقت كان ينتظر فيه الجميع أن يتم إصلاح مشروع القانون التنظيمي الجديد في بعض الاختلالات التي رافقت التجارب الانتخابية السابقة، خصوصاً ما يتعلق بالقاسم الانتخابي، تمت إضافة مقتضيات جديدة لا يمكن إلا أن نعتبرها تكريساً للتراجع في المسار الانتخابي بالمغرب.
ويرى باحثون في مجال القانون أن المادة التي أثارت الجدل صيغت بلغة فضفاضة، لحاجة في نفس من يسهرون على هندسة الانتخابات بالمغرب، بحيث يمكن لأي شخص أن يُعتبر قد “شكك في الانتخابات” بناءً على أدنى فعل أو قول.
وتنص المادة الثانية من مسودة مشروع القانون التنظيمي رقم 27.11، المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب، على عقوبة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات حبسا، وغرامة من 50 ألفاً إلى 100 ألف درهم، لكل من قام أو ساهم أو شارك بأي وسيلة من الوسائل في نشر أو إذاعة أو نقل أو بث أو توزيع إشاعات أو أخبار زائفة بقصد التشكيك في صدقية ونزاهة الانتخابات.
إن استعمال مجموعة من الأفعال يجعل تطبيق هذا المقتضى ممكناً على أي شخص، “ليس فقط على من يبث محتوى مشككاً، بل أيضاً على من نشر أو وزّع أو ساهم أو شارك”، بل الأمر قد يشمل حتى من يضع “إعجاباً (Like)” على تدوينة في فيسبوك، إذ يمكن اعتباره “مشاركاً” وتُطبق عليه العقوبة نفسها.
إذا لابد من ضرورة توضيح المفاهيم القانونية، فمثلا ما هو المقصود من وراء ‘بقصد‘؟ وكيف سنعرف إن كان الشخص ‘يقصد‘ أم ‘لم يقصد‘؟ وما المقصود بـ‘التشكيك‘؟”. فليس مقبولاً أن يُقال ‘التشكيك‘ من دون توضيح دقيق للمقصود به، حتى لا يترك المجال مفتوحاً أمام التأويلات.
المغرب عرف نوعاً من التطور في مساره الانتخابي، خاصة في انتخابات 2002 و2011، ورغم عدم بلوغها مستوى الانتخابات الديمقراطية الكاملة، فإنها شكّلت خطوة إلى الأمام. لكننا اليوم أمام تكريس للتراجع الذي سُجّل في انتخابات 2021، ومحاولة للتراجع حتى عن ذلك الهامش الضيق الذي كان قائماً”.
الصياغة الحالية لمشروع القانون، التي يغلب عليها الطابع الترهيبي، قد تعكس تخوفاً من إشكالات قد ترافق الانتخابات القادمة. لكن إشكالية الموازنة بين مصداقية الانتخابات وحرية التعبير مطروحة في عدد من الدول، لكنها تتطلب معالجة مضبوطة ومدروسة، لا ترك الأمور على عواهنها.
إن الحاجة ضرورية لاستدراك الأمر ومعالجته من قبل النواب البرلمانيين، أو على مستوى المحكمة الدستورية في حال المصادقة البرلمانية عليه، بما يضمن الموازنة الدقيقة والقانونية بين الحفاظ على مصداقية الانتخابات وحرية التعبير.
ثم إن مسودة مشروع القانون التنظيمي الجديد تتضمن نصوصاً أخرى تنطوي على إشكاليات قانونية، من بينها ما يتعلق بـحماية الناخبين والمرشحين، إذ يُعاقَب من ينشر تصريحاً لشخص من دون موافقته، حتى إن كان شخصية عمومية، وهذا في حد ذاته يعتبر إشكالا قانونيا، فلابد من التمييز بين شخصية عادية وأخرى عمومية أدلت بتصريح في سياق انتخابي.
وتنص المادة الجديدة على عقوبة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات حبسا، وغرامة مالية من 50 ألفاً إلى 100 ألف درهم، لكل من بثّ أو نشر أو وزّع تركيبة مكوّنة من أقوال أو صورة شخص دون موافقته، أو روّج أخباراً أو ادعاءات كاذبة أو مستندات مدلسة بقصد المساس بالحياة الخاصة للناخبين أو المرشحين أو التشهير بهم.
إذا حرية التعبير اليوم في منعطف خطير، ولا غرابة أن تكون وزارة الداخلية قد أعدّت هذه المسودة بهذا الشكل، لكن المستغرب أن يمرّرها البرلمانيون دون تعديل، وما سيكون أشد غرابة هو أن تصادق عليها المحكمة الدستورية بصيغتها الحالية”
المصدر : موقع ريحانة برس
إرسال تعليق