الآلة الإعلامية والاقتصادية في خدمة عزيز أخنوش والطالبي العلمي

0

عبد الوفي العلام – ريحانة برس

منذ تعيين حكومة عزيز أخنوش في 8 أكتوبر 2021 ونهاية فترة حكومة حزب العدالة والتنمية  لولايتين استمرت 10 سنوات، اختفت بشكل واضح وفاضح كل الانتقادات للعمل الحكومي في مقالات وأخبار مختلف وسائل الإعلام المغربية.

عبد الوفي العلام
عبد الوفي العلام

ويبدو أن المقاربة الإعلامية في تغطية الشأن السياسي، بدت واضحة للعيان أنها تختلف إزاء حكومة أخنوش ملك النفط في المغرب، التي يكاد تغيب الانتقادات الموجهة لها، مقابل “ضخ احتفائي” لأي مشاريع أو برامج لها، رغم أنها ما تزال على الورق.

هذا التوجه الجديد خلقته “الماكينة المالية” التي نهبته مؤسسة أخنوش، لاستقطاب وشراء معظم المؤسسات الإعلامية الخاصة بـ”الإعلانات”، ناهيك عن بقية وسائل الإعلام التابعة في الأصل لأخنوش وكانت تستعد لهذا المرحلة منذ فترة طويلة، حيث ساهمت في الترويج له وحماية مصالحه الاقتصادية الضخمة.

لكنه وخلافا لكل التوقعات ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات ومقاطع فيديو تنبه إلى خطورة تراجع الإعلام عن دوره في تناول قضايا سياسية واجتماعية أثارت غضب الشارع المغربي خلال الولاية الحالية للحكومة الجديدة.

فكل  الحملات الإعلامية التي كانت توجه ضد رئيسي الحكومة السابقتين عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني لم نعد نشاهد مثلها ضد أخنوش إلى درجة أصبح الإعلام في سلام ووئام تام مع رئيس الحكومة الجديد.

حيث انشغل هذا الإعلام المدفوع له والموجه بالتفاهات و”ضرب الطم” عن سياسات أخنوش الفاشلة.

عزيز أخنوش ليس لديه فقط مال الإعلانات، الذي هو في الأصل مال المحروقات، والثراء الغير المشروع، بل صاحب مجموعات إعلامية، ومساهم أيضا في تمويل مجموعات أخرى، وبالتالي هو حاضر في معظم وسائل الإعلام، وهذا ما يجعله بعيدا  عن النقد والمساءلة.

ورغم كل هذه الأموال وشراء المؤسسات الإعلامية وذمم مجمل الإعلاميين والصحفيين، إلا أنه فشل رفقة هؤلاء في التسويق لكل المشاريع الحكومية الفاشلة.

بالمقابل لم يستطع مواجهة انتقادات رواد وسائل التواصل الاجتماعي، وجزء ضئيل من وسائل الإعلام الخاص، الغير المستفيد من مال أخنوش، بل يستعمل هذا المال في مواجهته من أجل إسكاته وإسكات الانتقادات في قضايا الفساد عموما وقضايا المحروقات على وجه الخصوص الموجهة لأخنوش.

ويملك أخنوش إحدى أكبر محطات توزيع المحروقات حيث أطلق نشطاء بمنصات التواصل الاجتماعي منذ 2018، حملة مقاطعة لها، احتجاجا على الارتفاع الكبير لأسعارها، واليوم تتزايد المطالبة برحيله يوما بعد يوم.

ولم يجد المواطن المغربي إلا سبيل التواصل الاجتماعي، خاصة فايسبوك بديلا عن الإعلام المضلل والفاسد والمتماهي مع أخنوش، من أجل مواجهة فساد حكومته، وفضح الإعلام التابع له.

كانت قد أجريت دراسة أجراها موقع “لوديسك” المغربي الخاص بشراكة مع منظمة “مراسلون بلا حدود”، في نوفمبر 2017 كشفت على أن الدولة المغربية والمقربين منها أهم المالكين لوسائل الإعلام.

ومن بين أهم ما جاء في هذه  الدراسة، هو حرص وجوه من عالم الاقتصاد والمال على الاستثمار في الصحف التي لا تحقق أرباحا، منها خمس صحف فرنسية، من بين مسيريها أهم رجال الأعمال في المغرب، اثنان منهم، عزيز أخنوش ومولاي حفيظ العلمي.

وكان قد علق على هذه الدراسة حينئذ مدير منظمة مراسلون بلا حدود الدولية، مايكل ريديسك قائلا : إن وسائل الإعلام المغربية “يجب أن تكون قادرة على إظهار قدر أكبر من الاستقلال عن السلطة السياسية، والمصالح اللاقتصادية، من أجل القيام بدور أفضل في إعلام الرأي العام”.

كما رصدت الدراسة، إسهام سوق الإشهار في “تغذية بيئة مبهمة تفلت من المراقبة العامة”.

وأوضحت أنه “رغم انفتاح قطاع البث وتنويع الصحافة مع ظهور منابر جديدة ونمو القطاع الإلكتروني، يظل جزء كبير من قطاع الإعلام خاضعا لسيطرة فاعلين اقتصاديين رئيسين”.

وذكرت الدراسة أن “فاعلين اقتصاديين مهمين مثل أخنوش والعلمي يقومان بالاستثمار في النفوذ المحتمل عن طريق الصحف التي يدعمانها، الأمر الذي قد يعود عليهما بالنفع في مساعيهما المتعلقة بالسياسة والأعمال”.

وأوضحت أن “هذا الأمر بجلاء يظهر عند مقارنة الاستثمارات بعدد القراء، فالجرائد المستهدفة ليست من بين الأكثر شعبية، إذن في هذه الحالة، ليس المهم هو عدد القراء، بل المجموعة النخبوية المختارة التي تستهدفها الجرائد المعنية، والتي تحافظ على استمرار هذا النموذج الاقتصادي المتضخم المصطنع”.

ويرى مراقبون أنه ليس قوة أخنوش في قوة حزبه، ولا السلطات التي دعمته في العملية الانتخابية المزورة أساسا، بل في سيطرته على عالم المال والأعمال، وبالتالي سيطرته على أهم شريان لضمان استمرارية المؤسسات الإعلامية التابعة له،  وأي منبر إعلامي يتقرب منه ومن حكومته، حتى يضمن إشهارات ودعم وامتيازات لاحصر لها.

وأي مؤسسة إعلامية تحاول ممارسة النقد لهذه الحكومة تتحرك الآلة السياسية والاقتصادية فتحرم من الدعم العمومي الموجه للإعلام، بل إنه يتم توجيه الآلة الإعلامية ضدها لتشويه السمعة والأخلاق، وفبركة ملفات وقضايا ضد صحفيين والزج بهم في السجون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.