0

ريحانة برس- محمد عبيد

مهرجان وحكاية…. Un festival et une histoire

عاشت مدينة إفران قبيل حلول القرن الجاري فرصا قليلة خلال فصول الصيف ومناسبات احفالية فنية في الستينات والسبعينات حيث كانت تقام حفلات غالبيتها بقاعة المناظرات و بالمناسبات: الاحتفالات بالأعياد الوطنية و برأس السنة الميلادية، وكانت الجمعية المنظمة لهذه الأنشطة تابعة لمديرية وزارة السياحة Syndicat d’Initiative et du Tourisme.

و في صيف 1994 قررت الجماعة الحضرية لإفران تنظيم مهرجان إفران تحت شعار “الثقافة مسؤولية الجميع،” والذي احتضنته الساحة الواقعة بالضيعة الواقعة قرب ملاعب التنس والمطلة على بحيرة وسط المدينة حيث نظم دوري لكرة القدم جمع فضلا عن فريق المدينة بين أندية وطنية بالقسم الاول (المغرب الفاسي، نهضة سطات، النادي المكناسي..).. وكان أن كلفت ميزانيته توفير غلاف في حدود 24 مليون سنتيم.

مهرجان سيتم على أساسه التفكير في تأسيس جمعية وهو ما تأتى في صيف 2007 حين تحركت مجموعة من الفعاليات غالبيتها من موظفين ورؤساء مصالح خارجية لعمالة إفران وبعض المهتمين بالشؤون الثقافية والفنية والرياضية بمدينة إفران لتأسيس جمعية هدفها إحداث مهرجان للمدينة بتنسيق مع السلطات الإقليمية حيث تبنى المهرجان عامل الإقليم آنذاك السيد كريم قاسي لحلو ودعمته السلطات المحلية والمنعشين الاقتصاديين… اختارت إسما أمازيغيا للمهرجان “تورتيت”(وتعني البستان أو الحديقة).. وركزت في شعاره السعي للحفاظ على الموروث الثقافي والفني للمنطقة فضلا عن المحافظة على البيئة والدعاية للمؤهلات الطبيعية والسياحية للمدينة من خلال العمل على اكتشاف مختلف الثقافات التي سينفتح عليها المهرجان… وكما أن المهرجان أعطى فرصا لمجموعة من المواهب الفنية المحلية…

خطوة باركها الجميع لحاجة المدينة إلى تنشيطها..

انطلقت الدورة الأولى وتعددت أنشطة وبرامج المهرجان لإقامة معرض للفنون تشكيلية وإقامة قرية منتجات الصناعة التقليدية المحلية ومعرضا للأسماك النادرة التي تستقر بالمنطقة كسمك الترويت، إلى جانب أنشطة رياضية في سباق على الطريق، ومنافسات الصيد بالقصبة والكرة الحديدية، والدراجات الهوائية الجبلية.. في حين كان فضاء المركب الرياضي مسرحا للعروض الفنية، قبل أن تتطور البرامج مع باقي الدورات حيث كان كانت تسبق كل دورة انعقاد ندوة صحفية تحضرها الصحافة المحلية أساسا إلى جانب بعض الأقلام بالجهة، جل تلك الندوات تراسها عامل الإقليم قاسي لحلو.. ندوات اتسمت كثيرا بنقاشات ساخنة وتلقت الصدر الرحب من المنظمين وكانت تدخلات العامل جد موجهة بل كثيرا ما ركزت على فرض أجوبة من قبل رؤساء لجان المهرجان حسب المهمة وما قدمت في شأنها من ملاحظات أو تساؤلات صحفية لا يترك فرصة تهرب احد من التوضيح بشأن المطروح فيها..

ولقد كسب المهرجان رغم ذلك مكانته التي تعدت الحدود إلى مهرجان ذي طابع دولي بعد أن كان قد فرض وجوده ضمن محفل المهرجانات الوطنية المتميزة خاصة وأن الدورة الثانية تميزت في افتتاحها لأول مرة في تاريخ فن أحيدوس المشتهرة به منطقة الأطلس المتوسط المغربية منذ عصور خلت، حيث تم الجمع بين أكبر عدد من الفرق والعناصر من الإناث والذكور، في رقصة واحدة قدمت خلال حفل افتتاحها، واعتبرت أكبر لوحة جماعية فنية استعراضية في تاريخ هذا الفن الغنائي الأمازيغي. وانفرد المهرجان، بهذه التجربة الجديدة والفريدة من نوعها في تاريخ فن أحيدوس. وشارك في هذه الرقصة الأولى من نوعها في تاريخ هذا الفن بالمغرب، 150 راقصا وراقصة يمثلون 10فرق لأحيدوس تنتمي إلى إقليم إفران، قدمت لوحة فنية جماعية ومتناسقة أشرف على تسييرها رئيس أو ما يعرف في هذا الفن بـ’المايسترو’.

المهرجان كان محطة انتقادات بخصوص التكاليف المالية التي كانت تصل إلى ما يناهز 240مليون سنتيم، وكان تمويله بتخصيص جماعة إفران 20مليونا وأيضا مساهمة وزارة الثقافة خاصة في دورتي 2009 و2010 والذي جسدت في شراء العروض في حدود.00 146.344درهما سنة 2009 و182.931.00درهما سنة 2010 إضافة إلى أربعة عروض دولية، قبل أن تتوثر العلاقات بين الجمعية ووزارة الثقافة في دورة 2011 على إثر تقزيم المنحة، هذا دون المساهمات المالية لمجموعة من المستثمرين …. وهو ما أدى الى تقليص مدة المهرجان من 6 إلى 4 أيام وجرى أيضا تقليص السهرات إلى 3 لتخفيف العبء المادي الذي شكل ثلثي ميزانية المهرجان، بحسب تصريحات المنظمين أنذاك.

ومع توالي الدورات خاصة دورة صيف 2012 بدأت تتناسل أخبار مديونية المهرجان وتعرضه لإكراهات مالية نتيجة تراكمات لديون الدورات السابقة، حيث وصل العجز المالي تلك الدورة6 التي تزامنت مع رحيل العامل كريم قاسي لحلو إلى ما يزيد عن 70 مليون سنتيم”… إلا أن تدخل العامل جلول صمصم حال دون توقف محطة المهرجان بدعمه والبحث عن حلول للتخفيف من مديونيته… وهكذا استأنفت الدورات الثلاثة الموالية والتي كانت آخر محطة المهرجان في الدورة 9 بحلول العامل محمد بنريباك، قبل أن يتخذ العالم عبد المزيد قرار اغتصابه بل ونحره بخلق “مهرجانه” كما أعلن لي شخصيا ذلك فور الإحداث.. هي قصة أخرى لبوابة اليومية الثالثة من يوميات “مهرجانات إفران تاريخ وقصة”… مع إثارة ما حصل في لقاء بين رئيس جمعية تورتيت وعامل الإقليم بشأن مديونية المهرجان؟!!

وتبقى ملاحظة على مسار وسيرة مهرجان تورتيت، تتجلى في كون محاولة بعض الأقلام تسييسه بنسبه لهيئتها السياسية وذلك في بعض نشراتها الإعلامية، وهو الموقف الذي وضع أحيانا رئيس الجمعية في حرج سواء مع أعضائها أو السلطات الإقليمية… خاصة على إثر انعقاد ندوة صحفية من قبل مكتب جمعية تورتيت لتسليط الأضواء عن أسباب اغتصاب مهرجانه، امتعض وعاب بعض الحاضرين من الأقلام افتتاح الندوة بقراءة لمقال بالفرنسية لجريدة لسان حزب رئيس الجمعية!؟؟ ولم تراع احترام وتقدير عدد من المنابر التي كانت أكثر تغطية وتتبعا لدورات المهرجان بدون بهرجة ولا سعيا في تعويضات كان البعض يستفيد منها تحت الطاولة!؟؟ اقلام حرة كانت مناهضة باغتصاب مهرجان تورتيت من خلال مقالات استفزت المسؤول الأول عن عمالة إقليم إفران وكنت أولها من دخل على خط الترافع عن هذا الاغتصاب ميدانيا وإعلاميا رغم ما جلبه لي من صداع راس سواء من جهة الجمعية أو من المسؤول الترابي بالإقليم، لم يكن من ورائه عدا السعي على حفاظ مكتسب جمعوي يمكن محاسبته ومتابعته من قبل الجهات المختصة والمعنية بشؤون مراقبة ميزانيات الجمعيات عكس ما قد يغيب عن متابعة مهرجان تحت يافظة وزارة الداخلية؟!! وقد تغيب عنه جرأة المتابعة من أية جهة ولو من المجلس الأعلى للحسابات!؟؟

ويذكر أنه بالموازاة مع احتضان جمعية تورتيت لمهرجانها الصيف، كانت قد حاولت ترسيخ تنظيم مهرجان اطلق عليه اسم “مهرجان أميرة الثلج” والذي استهدف المساهمة في تنشيط الحركة السياحية بالإقليم، ومحاولة إبراز التراث الثقافي والفني المحلي وإثراء الجانب الإبداعي لدى الشباب والأطفال، واستقطاب وعشاق الثلوج، خاصة وأنه كان ينظم في الأشهر الأولى من السنة الميلادية في فترة باستغلال زمن تهاطلات ثلجية، لتنظيم مسابقات في التزلج على الثلج وذلك بتعاون مع أندية أزرو إفران، وتتويج الدورة بحفل اختيار ملكة جمال ثلج إفران، علاوة على تنظيم كرنفال.

المهرجان الذي لم تتعدى دوراته الثلاث سنوات مابين 2013 و2015 لم تسلم من انتقادات لاعتبار أن المتوجات غالبا ما كن مقربات من أعضاء من اللجنة المنظمة (إداريا أو جمعويا أو حتى أسريا)، كما رافقته أصداء مثيرة متسائلة عن قيمة هذا المهرجان ومدى أهميته وعن القيمة المضافة التي يمكن أن يكون قد أتى بها هذا المهرجان، ومعتبرة أنه بمثابة فرصة لهدر المال والزمان معا؟ سيما بانتهاج سياسة”باك صاحبي وصاني عليك؟”.. هذا فضلا عن عدم تحقيق المهرجان للغرض المزعوم والمروج له من قبل الجهة المنظمة للتغني بكون المهرجان يهدف إلى استقطاب السياح ويركز على إشعاع ثقافي للمنطقة إلا أن هذا الحضور وبحسب تعاليق للبعض فلقد لخصت المهرجان وعروضه بمسابقة الضحك على الذقون على حد قول أحدهم “كأننا نشاهد مسابقة ألعاب فيها رقص والضحك فقط، باختصار ألعاب ترفيهي..لم نر لا جمالا ولا ثقافة”… وهو ما أدى إلى انحداره مبكرا.

وبخصوص الغلاف المالي الذي كان معتمدا لتدبير هذا المهرجان فلقد كان مصدره المجلس الإقليمي لعمالة إفران أساسا لتغطية مصاريف الإيواء و التغذية والمطبعة وتنشيط عادي + la sonorisation، إذ لم تكن تتجاوز المنحة ال20 مليونا سنتيما..

للموضوع بقية في اليومية الثالثة من هذه اليوميات للحديث عن مهرجانات صورية (التبوريدة، الالعاب التقليدية…) وما عرفته من جهتها كذلك من هدر للمال وللزمان والضحك على ذقون العباد..

@يتبع….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.