مغاربة محرومون من الأدوية بسبب ارتفاع أسعار ها.. من المستفيد؟ ومن المسؤول

0

ريحانة برس- متابعة: محمد عبيد

فجر موضوع غلاء أسعار الأدوية بالمغرب المسكوت عنه ومعلنا عن قتل بطيء المرضى المحدودي الدخل..

 ورافق هذا الوضع المعلن عنه من عدة أطراف جدلا واسعا بشأن أسعار الأدوية بالمغرب، رافقته تفاسير رقمية تقارن بين أسعار الأدوية بالمغرب وأسعار الأدوية في بلدان أخرى خاصة منها الاوربية، خلصت الى أن صدمة غلائها وطنيا وكشفت على ان هامش الربح تستفيد منه الصيدلة 57٪ في المغرب، بينما لا يتجاوز 5.58% في البرتغال، و6,42% في تركيا،و21.4% في فرنسا،و 25% في تركيا.


وفي ظل هذه الصجة تقدمت بعض الهيئات السياسية ومن خلال فرقها بالبرلمان بسؤال لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد أيت الطالب، بكشف حقيقة الأرقام التي تضمنها تقرير مجلس الحسابات، وتوضيح أسباب غلاء أسعار بعض الأدوية بالمغرب.

إذ ركزت التساؤلات على أن “العديد من المواطنات والمواطنين يشتكون من غلاء أسعار الأدوية مقارنة مع بعض بلدان الجوار، مما يفرض ضغطا اقتصاديا على القدرة الشرائية للمواطنين”… ومشهرة هوامش الربح على مستوى الصيدليات تتراوح بين 47 و57 بالمائة، وهي الأعلى في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط”، ومبرزة أن “هذا لا يتوافق مع التوجه الاجتماعي للحكومة ورهانات الدولة في تعزيز الصحة العمومية للجميع. ومشددة على أن “هذا الغلاء لا يساعد على تحسن شـروط الصحة العمومية بفعل العجز في الوصول إلى الدواء، أسعار باهظة لا تلائم القدرة الشرائية المحدودة للمغاربة عموما وخاصة منهم المرضى الذين قد تلسعهم الاسعار المرتفعة جدا بالنسبة إلى أولئك الذين لا يتوفرون على تغطية صحية.

 على الرغم من مراهنة الحكومة، تبعا لتعليمات الملك محمد السـادس، على ورش الحماية الاجتماعية الذي يعد الركيزة الأكبر في مسار بناء الدولة الاجتماعية”..

وكان أن كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، برسم سنة 2021، عن اختلالات بالجملة في تدبير منظومة الأدوية، منها “وجود أدوية أساسية في حالة احتكار، وارتفاع نسبة الضريبة على القيمة المضافة، فضلا عن زيادة هوامش ربح الصيدليات مقارنة بالدول المعيارية”.

وقد أجمل التقرير السنوي للمجلس خلاصاته وتوصياته في “ضرورة وضع سياسة دوائية وطنية ترتكز على تحفيز الإنتاج المحلي”.

وتفيد بعض الدراسات إلى أن مثلا سنة 2921 تراوح هامش الربح مابين 47% و57% بالنسبة الأدوية التي يكون ثمن مصنعها دون احتساب الرسوم اقل من 588درها والأدوية التي يتم تصنيعها يزيد سعر تصنيعها عن 558درهما، ويكون هامش الربح الصيدلية بين 300 ة400درهما عن كل علبة..ويكون هامش الربح المؤسسة الصيدلية الموزعة 11% بالنسبة الأدوية التي يكون تم تصنيعها دون احتساب الرسوم ، اي اقل او يساوي 588درهما، و2% لباقي الأدوية.

ويذكر أن التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات الصادر مرخرا، كشف عن وجود ما يقارب 1229 دواء في حالة احتكار بالمغرب، أي ما يعادل 25% من بين مجموع الأدوية التي يتم تسويقها في المملكة، مشيرا إلى أن الأدوية التي في حالة احتكار، هي تلك التي يتم تسويقها من قبل مؤسسة صيدلية صناعية واحدة في المملكة، وموضخا بأن المقارنة بين قائمة الأدوية التي في حالة الاحتكار وقائمة الأدوية الأساسية، كشفت أن 315 دواء أساسيا يوجد في حالة احتكار الأمر الذي يصعب التفاوض من أجله مع المؤسسات الصيدلية المسوقة لهذه الأدوية لتحديد سعر بيع معقول.

وطلب المجلس الأعلى للحسابات في ذات التقرير من رئاسة الحكومة المغربية، بـالعمل على تطوير الصناعة المحلية للأدوية، من أجل تأمين حاجيات السوق الوطنية من الأدوية ومكافحة الاحتكار.

ويسجل المتتبعون والمعدهتمونوبالوضع الخير وبسوق الأدوية في المغرب على أن هناك أدوية تباع في المغرب بسعر أعلى مرتين أو ثلاث، بل وحتى أربع مرات من ثمنها بفرنسا ! فالمواطن المغربي، بقدرته الشرائية المحدودة، يواجه أسعار باهظة بالصيدليات، وقد تكون الفاتورة ، أي حوالي 38% من السكان. بالنسبة للآخرين، لذا فإن الثقل يقع على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (cnss) وشركات التأمين الخاصة وكذا الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (الكنوبس)، من خلال أداء تعويضات فلكية مقابل أدوية أرخص بكثير (مرتان إلى ثلاث مرات) في الخارج.

بهذا الخصوص اوضحت دراسة داخلية أجراها “الكنوبس”، إلى وجود فوارق شاسعة في الأسعار بين السوق المغربي ونظيره الفرنسي فيما يخص 33 دواء، بعضها كثير الاستعمال.

وكشفت المقارنة بين السوقين أن “ظاهرة غلاء الأدوية ما زالت تتوسع”، حسب ما جاء في الدراسة، ما يفضي، بالنسبة إلى “الكنوبس”، والمنتسبين إليه وكذا دافعي الضرائب، إلى دفع تعويضات ثقيلة جدا. فالفرق في السعر قد يفوق 250%، كما هو الحال مثلا مع دواء “ترافاتان” (TRAVATAN) المستعمل في علاج داء المياه الزرقاء (الغلوكوما) الذي يصيب العين.

وفي تصريح صحفي، قال عبد العزيز عدنان، المدير العام لـ”كنوبس” إن كل المقارنات التي أجراها الصندوق تؤكد الغلاء المفرط للأدوية في المغرب، الأمر الذي يوحي بـ”جنة للأسعار الباهظة تستفيد منها الشركات المتعددة الجنسيات وهذا يعمق نزيف احتياطاتنا من العملة الصعبة ويعرقل مسيرتنا نحو التغطية الصحية الشاملة”.

وكان أن قدرت “الكنوبس” ان الخسائر التي ل قلتها في سنة 2019 بسبب الفرق في الأسعار بين المغرب وفرنسا، فيما يخص الأدوية التي شملتها الدراسة، بـ89 مليون درهم. وهذا فقط الجزء الظاهر من جبل الجليد… إذ يوجد في المغرب آلاف الأدوية، وإذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار كل الأدوية التي يتم تعويضها، فإن الخسائر تقدر بمئات الملايين من الدراهم بالنسبة إلى هذا الصندوق. أما فيما يخص كل المغاربة، فهذه الخسائر تبلغ ملايير الدراهم(…)

واشار ابحاث اخرى إلى أنه ليست “الكنوبس” المؤسسة الوحيدة التي تستهجن التضخم المسارع لأسعار الأدوية. فقد سبق لمجلس المنافسة أن أصدر رأيا في 25 يونيو يميل إلى نفس الخلاصات. فمازال الدواء، ونحن في 2023، غاليا جدا بالنسبة إلى ساكنة تظل قدرتها الشرائية متواضعة، كما أنها لا تتمتع كلها بالتغطية الطبية الشاملة: 62% من المغاربة بإمكانهم استرداد حوالي 70% فقط مما أنفقته على الأدوية. بل إن الشريحة التي لا تتوفر على أي تغطية صحية ليس أمامها سوى أداء الفاتورة كاملة.

والواقع أن غلاء الأدوية ليس بالأمر الجديد. ويوضح مجلس المنافسة أن بنية الأسعار في هذا القطاع معقدة، بل وعشوائية، بسبب السياسة العمومية للأدوية التي تتسم بالخلل، وفيها الكثير من المتدخلين: الوزارة الوصية، الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، الصناع/ المستوردون، الباعة بالجملة والموزعون، والصيدليات. فهوامش الربح المتراكمة على هذه السلسلة من الفاعلين، تفضي إلى سعر غير معقول لما يصل الدواء إلى المستهلك(…)

والسؤال الذي يطرح نفسه بحدة: ما الذي يمنع هذه الأسعار من الانخفاض؟ من له المصلحة في استمرار وضع ينتج عنه عدة خاسرين: الدولة، المنظمات التغطية الصحية، وبالخصوص عموم المغاربة(…)

وتأتي هذه الصحة في وقت تواصل فيه لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب عقد اجتماعاتها لاعتماد مشاريع القوانين المتعلقة بالإصلاح.

إذ أقرت اللجنة قبل أيام ، مشروع القانون رقم 10.22 بشأن إنشاء الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية. ووافق عليه 20 نائبا مقابل امتناع واحد. يأتي النص في إطار تنفيذ التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى إصلاح النظام الصحي وتنفيذ ركائز إصلاح النظام الصحي، ولا سيما تلك المتعلقة بالحوكمة، والتي نصت عليها المادة 32. من القانون الإطاري رقم 06.22 بشأن نظام الصحة الوطني. هذا هو النص الأول في سلسلة من مشاريع القوانين الأخرى التي يجري النظر فيها حاليًا في البرلمان.

وتابعت لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب، الثلاثاء 7مارس 2023 ، نصا آخر.

في الواقع، تستضيف الغرفة الأولى اجتماعا لأعضاء اللجنة الفرعية المكلفة بدراسة التعديلات المتعلقة بمشروع القانون رقم 11.22 المتعلق بإحداث وكالة الدم المغربية. بعد ساعات قليلة، من المقرر عقد اجتماع آخر من قبل لجنة القطاعات الاجتماعية لمواصلة فحص مشروع القانون رقم 07.22 المتعلق بإنشاء الهيئة العليا للصحة وكذلك مشروع القانون رقم 08.22 المتعلق بإنشاء مجموعات الصحة الإقليمية، المنقولة من بيت المستشارين. كما تم الإعلان عن اجتماع جديد للجنة القطاعات الاجتماعية لمواصلة النظر في مشروع القانون رقم 09.22 المتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للموارد البشرية في المهن الصحية المحالة من مجلس المستشارين.

ويبقى الانتقاد الآخر الموجه من قبل عدد من الفاعلين في القطاع الصيدلي مركزا على الطريقة المتبعة في تحديد أسعار الدواء تتمثل في الاعتماد على معطيات خاطئة. فلتحديد هذا السعر، يجب على لجنة وزارية مختلطة مراجعة المعطيات التي تتوفر عليها مؤسسة “IMS Health”، وهي هيئة دولية مرجعية متخصصة في الإحصاءات الطبية، قبل تحديد السعر المرجعي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.