مدينة الرباط .. أهي حقا مدينة ٱمنة؟

0

عبد النبي الشراط – ريحانة برس 

حين نتحدث عن (الرباط) لا نقصد أبدا الأحياء الشعبية المتفرعة عنها، دون أن نذكر أسماء هذه الأحياء والمناطق والهوامش، فهي معروفة جدا عند العادي والبادي.
نقصد فقط المنطقة رقم واحد بالرباط الممتدة من أول شارع محمد الخامس الذي يبتدئ من وسط شارع لعلو وينتهي عند مسجد السنة، مرورا بمبنى البرلمان، وانعراجا بشارع مولاي يوسف وباب الرواح، وعودة إلى أجزاء من حي حسان (علما أن منطقة حسان تبدأ من باب الرواح حتى ضريحي محمد الخامس والحسن الثاني رحمهما الله).
كما تجاور هذه المنطقة بناية القصر الملكي الذي يوجد داخل حي توارگة، مع استثناء هذا الحي (توارگة) لأنه مؤمن طبعا، لكن جنبات القصر الملكي من واجهتين على الأقل بدورها غير ٱمنة.
الحديث عن الأمن يقتضي وجود رجال أمن في كل هذه المنطقة الحساسة التي تشكل قلب العاصمة الإدارية.
كانت هذه المنطقة حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي مضرب المثل في توفير الأمن والنظافة أيضا.. لكن بعد ذلك أضحت هذه المنطقة (قلب العاصمة) تشبه إلى حد كبير سوق من أسواق البادية الأسبوعية، ويمكننا توضيح ذلك في الٱتي:
– أولا/ النظافة:
على طول شارع علال بن عبد الله وشارع مولاي يوسف المحاذي لباب القصر الملكي تجد الأزبال منتشرة بشكل عشوائي في الشارع، وهي مسؤولية بالدرجة الأولى يتحملها المواطنون الذين لا يلتزمون بوضع أزبالهم في أكياس بلاستيكية مغلقة ويضعونها في (الحاويات) المخصصة لها، حيث نلاحظ عمال النظافة الناس الطيبين الذين يجمعون الأزبال بأيديهم ثم يضعونها على الشاحنة.
أما المسؤولية بدرجة ثانية فتقع على المجلس البلدي الذي يجب أن يفرض غرامات باهضة على السكان الذين يخالفون نظام وضع الأزبال، وقبل ذلك يجب أن يثبت لافتات ينهي فيها إلى السكان أنه من يخالف القوانين سيتم تغريمه بمبلغ…. حتى ينتبه الناس، ويمنح مهلة قصيرة لتطبيق القانون، لأنه لا يعقل أن تكون هذه المنطقة متسخة وقذرة.
أما شارع محمد الخامس بدوره فهو لا يتوفر على حاويات صغيرة مثبته على الأعمدة الكهربائية مما يجعل الناس غير المتخلقين يلقون بمخلفات ما يأكلون على سبيل المثال: أوراق تلفيف الأطعمة، علب دانون، وغيرها وحتى علب السجائر الفارغة.. وهو ما يستدعي من مجلس المدينة النظر بهذا الموضوع بسرعة وإذا لزم الأمر عرضه في إحدى دورات المجلس العادية أو الاستثنائية، لأن النظافة هي لب الحضارة، ومن غير هذا لا يجب الادعاء أن (الرباط مدينة الأنوار) لأنها في الواقع المر (مدينة الأزبال والأوساخ).
– ثانيا/ الأمن:
وهذا لب الموضوع، فالمنطقة توجد بها العديد من الحانات ويوجد بها متجر لبيع الخمور، وهذا ليس مشكلا، لكن هناك أمور مرتبطة بالموضوع فهذه الأماكن يجتمع حولها اللصوص والمنحرفون وقطاع الطرق، ليس بالليل فقط بل حتى بالنهار، وخاصة يومي السبت والأحد والعطل والأعياد، مما يضطر الكثير من الأسر للمكوث في بيوتهم أو يسافرون خارج الرياط خلال هذه الأيام، ومما زاد الطين بلة هذه المحطة العجيبة (محطة القطار الرباط المدينة) التي توقفت بها الأشغال منذ أكثر من عامين لأسباب يعلمها الكثيرون ويجهلها الكثيرون أيضا، لأن الساحة المجاورة لها إنما أنجزت لأجل المنحرفين واللصوص والمتسولين، الذين ينهبون الناس كل بطريقته، فقاطع الطريق يعترض طريقك بالقوة ويستخدم معك العنف، أما المتسولون والمتسولات (المحترفون) فإنما يطلبون منك بداية صدقة لوجه الله وإذا أنت لم تدفع لهم يشتمونك، وبعضهم شباب يتمتعون ببنية صحية جيدة، ويطلبون منك مبلغا محددا وفي حالة رفضك يشتمونك أن يعتدون عليك..
– ثالثا/ التسول:
وبمناسبة الحديث عن التسول والمتسولين والمتسولات فإن الأمر أكبر مما يتصوره الناس الذين لا ينتبهون لهذه الظاهرة، فهناك نساء يجندن طفلات وأطفال لا يتجاوز عمرهم الأربع أو خمس سنوات، فيعمد هؤلاء الأطفال (المجندون) إلى بذل كل ما في وسعهم مما تعلموه من (علم التسول) لكي تدفع لهم، وهناك ظاهرة خطيرة جدا جدا، أن بعض الأطفال المجندين يمارسن التسول من الساعة 9 صباحا إلى ما بعد منصف الليل، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك سيدة تقبع يوميا بجوار مكتب البريد الرئيسي الواقع بقلب شارع محمد الخامس وبالقرب من البرلمان المغربي، وتبعث مجموعة من الأطفال (ذكور وإناث) يتجولون في أرض الله المجاورة بينما تبعث في إثرهم من يحرسهم من الذكور والإناث الذين يرتدون لباسا جيدا ويراققون (جنودهم) الأطفال من بعيد، وهو ما حدث لي شخصيا ذات منتصف ليل حيث نبهني صديق إلى وجود فتاة لا يتجاوز عمرها الخمس سنوات لكنها تجيد الكلام بشكل لافت، سألتها عن ظروفها ولماذا لجأت في هذا السن الطفولي إلى هذه الحرفة، فأكدت لي أنها تشتغل مع سيدة توجد دائما قرب (البوسطة) وقبل أن أنهي حديثي معها لاحظت فتاة وشاب في العشرينيات من العمر وقد إقتربا مني يسترقون السمع، وقد تسمرا بالقرب منا حتى أنهيت معها الحديث..
أما النساء والشباب فحدث ولا حرج..
يحدث هذا في منطقة حساسة جدا من المفروض أن يتوفر فيها الأمن بكثافة لمنع هذه الممارسات التي تسيء لمدينة الأنوار بشكل خاص وللوطن بشكل عام.
لا وجود لدوريات الأمن أبدا لا بالليل ولا بالنهار ولا تعرف هذه المنطقة وجود للأمن إلا بمناسبة المظاهرات والاحتجاجات الشعبية أو بمناسبات أخرى حيث ينظفون الشوارع ويغسلونها باكرا بالماء ويمنعون الناس من ركن سياراتهم.
– رابعا/ خدمات البنية التحتية للمنطقة:
لا أفهم أبدا لماذا تحرم منطقة كهذه من خدمات البنية التحتية، حيث الطرقات مهترئة جدا خاصة (شارع مولاي يوسف، والأزقة المتفرعة عنه، زنقة اليمامة/ زنقة صنعاء/ وزنقة الكوفة) كل هذه المناطق توجد بها حفر وأسلاك خارجة عن مكانها، وكذلك انعدام صيانة هذه الطرقات وكأن المنتخبون الذين يزعجوننا في كل مناسبة انتخابية لا هم لهم إلا الحصول على لقب مستشار أو رئيس أو أي لقب.. كما أن الدولة ممثلة في وزارة التجهيز.. لا علم لها بهذه الأزقة والشوارع، ويبدو لي أن هناك مرامرة ضد هذه المنطقة المنسية من كل شيء.
– خامسا/ (حراس السيارات بالقوة)
هذه الظاهرة حقيقة لا تخلوا منها منطقة أو مدينة بالمغرب، لكن هذه المنطقة تعتبر الأسوأ حيث ينتشر هؤلاء (الحراس) في كل الأزقة والدروب بهذه المنطقة (المتحضرة جدا) فيفرضون على أصحاب السيارات إتاوات وعمولات تفوق الخيال أحيانا وقد تصل إلى 100 درهم أحيانا لركن السيارة لبضع دقائق خاصة في زنقتي صنعاء والكوفة.
بزنقة صنعاء المتفرعة عن شارع مولاي يوسف التي لا تتجاوز مساحة عرضها ثلاثة أمتار وبالرغم من أن إحدى جنباتها مصبوغة بالأحمر فإنك تجد سيارات من هنا وهناك وأغلبها مركون في المساحة المخصصة للراجلين، وكذلك الأمر بزنقة الكوفة التي توجد بها شركة لمنح تأشيرات لتسع دول أوروبية، حيث الراجلون لا مكان لهم هناك ويجب أن يطيروا في الهواء أو ينتحروا .. وكل هذا يحدث أمام مرأى الشرطة الذين يأتون أحيانا فقط برفقة سيارات النجدة (ديبناج) لكنهم يأخذون سيارة أو سيارتين ويتركون الباقي ويذهبون، بمعنى أن فكرة المؤامرة موجودة وثايتة بالأدلة.
وإذا كانت الشركات التي وجدت بالرباط والتي عرفت بشركة (الصابو) قد توقفت عن ابتزاز المواطنين وأخلت الساحة بناء على حكم قضائي بعد القضايا التي رفعها المحامي العادل الأستاذ عبد الرحمن بنعمرو وجمعت اغراضها فإنه ٱن الأوان لوضع حد لما يسمون أنفسهم ب (حراس السيارات).
هذه مقتطفات فقط عن الوضع القاتم بهذه المنطقة المتحضرة المحسوبة على (مدينة الأنوار) ونأمل من السيد المدير العام للأمن الوطني أن يوفر الأمن بهذه المنطقة الحساسة جدا، ولكل حادث حديث.
الرباط 18 يناير 2023.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.