السلطان الشريف المولى الرشيد موحد بلاد المغرب وجامع كلمتها الحلقة الأولى .( 2/1)

0

علي بن صالح الغربي – ريحانة برس 

نظرا للمجهود الجبار الذي وفق الله تعالى إليه السلطان المولى الرشيد في توحيد كلمة المغاربة والقضاء على الثائرين في جهات عدة من هذه البلاد فإننا سنخصص لترجمته حلقتين جد مختصرتين .

 فمنذ أن بويع المولى الرشيد ليجمع كلمة المغاربة لم ينزل عن فرسه في توحيد المغرب حتى قبض رحمة الله عليه إثر سقوطه من على صهوة فرسه . رضي الله تعالى عنه . والآن سأشرع في المقصود على طالع السعادةالمرصود .

هو السلطان الموحد الهمام ، أمير المؤمنين المتوكل على رب العالمين ، خليفة الله على عباده ، وظله في أرضه وبلاده . السلطان الشريف ابن الشريف ابن الشرفاء الحسنيين أبو العز الرشيد ابن الشريف بن علي بن الحسن بن محمد بن حسن الداخل الحسني . نور الله مرقدهم

ولد قدس الله سره بسجلماسة سنة ( 1040 هجرية 1629 م) وتبوأ عرش الملك بفاس أوائل ( ربيع الثاني 1075 هجرية 1664 م ) . بعد وفاة أخيه المولى امحمد فتحا رحمه الله تعالى . ولما قضى رحمة الله عليه إربه ورتب جنده ، بعث رسله إلى الآفاق بالأعذار والإنذار، والوعد والوعيد لأهل الطاعة والعصيان .ثم سار فنزل على واد ملوية، فلم يأتيه من أهل تلك النواحي احد لمبايعته ، والله غالب على امره .

فتقدم إلى تازا فاقتحمها بعد محاربة طويلة وبايعه أهلها والقبائل المجاورة لها .

فظهر ملكه في بلاد أنكاد . جهة تطلق على السهول القريبة من وجدة .

و اثناء وجود المولى الرشيد بتازا اتفق أهل فاس مع أحلافهم من الحييانة أن يغيروا على المولى الرشيد ليكون ذلك كاسرا لشوكته ، فخرجوا لقتاله في ( شوال 1076- ابريل – ماي 1665 م) ولما قابلوا محلته فرق الله كلمتهم فرجعوا خائبين من غير قتال ، فتبعهم السلطان بجيشه حتى قنطرة سبو ثم رجع عنهم ، فبعثوا إليه في الصلح إلا أنه لم يتم بينه وبينهم الصلح لذكائه وفطنته رحمة الله عليه . فلا صاح بلا بيعة للسلطان .

وفي ( صفر 1076- غشت شتنبر 1665) حاصر فاس وقاتلهم ثلاثة ايام فأصابته رصاصة في طرف إذنه فرجع سالما إلى تازا . ولم يكن يقصد دخولها .

 ثم تقدم إلى الريف وما حولها بقصد الثائر أبي محمد بن عبد الله اعراس فحاصره حتى هزمه السلطان الرشيد وقبض عليه ثم عفا عنه واطلق سراحه .

وعاد إلى فاس التي كان السلطان المولى الرشيد رحمه الله تعالى يحبها في ( ذي القعدة 1076 – ماي – يونيو 1665 ) وقاتل فيها الدريدي على فاس الجديد وهو من بني دريد بني جوشم الهلاليين وكان وإخوانه في ديوان السعديين ثم بعدها نازع الدريدي أبا عبد الله الحاج الدلائي واستبد بفاس الجديد وظلم أهلها وبدأ يشن الغارات على البرابر بأحواز مكناس وينهبهم ويفسد الحرث والزرع ، حتى اقتحم عليه المولى الرشيد وعلى أنصاره فاس الجديد من أعلى السور من جهة ملاح المسلمين . وفر أميرها الدريدي إلى منجاتة . وخرج أهل فاس الجديد يصيحون باسم السلطان المولى الرشيد قائلين ” النصر والتمكين لأمير المؤمنين المولى الرشيد .” . ومن المؤرخين من قال ان السلطان المولى الرشيد قدس الله سره قتل الدريدي .

وفي الغد زحف المولى الرشيد إلى فاس القديمة التي تقاسمها الثوار ، فكان ابن الصغير في ناحية اللمطيين سيطر عليها بجبروته وقوته ، الذي عارض بشدة السلطان المولى الرشيد ، فنزل عليه السلطان فحاربه ففر رئيس اللمطيين ابن الصغير رئيس عدوة الاندلس هو وولده إلى بستيون باب الجيزة بالليل ، فبايع اهل فاس السلطان المولى الرشيد واجتمعت كلمتهم عليه . وقتل السلطان الرشيد ابن الصغير الثائر ورفض النزول عن فرسه حتى تهدم دار الثائر المفسد الذي أفسد في البلاد وظلم العباد ، فهدمت داره وصارت خربة وهي قرب حديقة باب أبي الجيدة . وكان دخول الشريف رضي الله عنه فاس صبيحة ( الاثنين فاتح ذي الحجة 1067 – 04 يونيو 1666) .

ثم بعث المولى الرشيد في طلب ابن صالح فوجدوه بحوز المدينة وقبض السلطان على ابن صالح وولده فسجنه بباب دار بن شقرة وبعد سبعة أيام قتله السلطان وقتل ولده ومن كان معه ممن يناصرونه . وذلك في ( 6 ذي الحجة 1076- 9يونيه 1666م) . وعين على قضاء فاس القديمة الفقيه العلامة القاضي حمدون بن محمد المزوار الزجني . من قبيلة زجنة قرب وزان .وأفاض السلطان المال على علمائها وغمرهم بجزيل العطاء وبسط على اهلها جناح الشفقة والرحمة .وأظهر إحياء السنة ونصر الشريعة فأحبه اهلها ودعوا له بالنصر والتمكين رحمه الله تعالى .

  وسبق أن تحالف أحمد بن صالح الدريدي وابن الصغير لكسر شوكة السلطان المولى الرشيد فلم يمكنهم الله منه فحصل فيهم من السلطان المولى الرشيد ما ذكرناه من هزمهم وتفرقهم

ولما دخل فاس أفاض المال على علمائها وغمرهم بجزيل العطايا ، وأظهر إحياء السنة ونصر الشريعة ، فحل بقلوب اهلها مكان رفيعة .

ثم اتجه إلى الغرب فقصد الخضر غيلان الثائر ببلاد الهبط ، وكان بقصر كتامة فزحف عليه السلطان الرشيد رضي الله عنه فهزم الخضر غيلان الذي فر هاربا إلى أصيلا ، ورجع السلطان عنه إلى فاس في ( اول ربيع الأول 1077 هجرية أوائل شتنبر 1666 م) . فكتب السلطان المولى الرشيد البيعة بفاس وقرئت بين يديه بعد زوال يوم ( السبت 18 ربيع الاول 1077 شتنبر 1666م ) .

وفي شهر ( ربيع الثاني 1077 هجرية غشت 1666 م) غزا المولى الرشيد أحواز مكناس فقصد آيت واللال وهي قبيلة بربرية تنتسب لآيت عطة الصنهاجية من شيعة محمد الحاج الدلائي ، وقد جهز الدلائي جيشا عظيما من البرابر والتقى الجمعان في موضع يقال له بطن الرمان وهو يبعد عن مدينة خنيفرة ب (12 كلم ) يسميه العامة اليوم ( بو رمان ) فقاتله السلطان الرشيد ثلاثا ورجع كل إلى وطنه . ومن قال من المؤرخين أن السلطان بعدما هزم محمد الحاج الدلائي ازعجه إلى تلمسان بالجزائر مع افراد أسرته حتى مات فيها الدلائي في (1 محرم 1082 هجرية نونبر 1671 م ) وبقي أولاده هناك حتى ردهم إلى المغرب السلطان الشريف المولى إسماعيل رضي الله عنه .

وقد خرج السلطان الرشيد قدس الله سره في ( 11 ذي الحجة 1077 -1667) إلى بني زروال من قبائل صنهاجة فرقة منها كبيرة مستقرة على عدوتي وادي ورغة فاوقع بالشريف التابع فيهم الذي رفض البيعة ،وبعث به محبوسا إلى فاس فدخلها في ( 2 محرم 1078 هجرية 24 يونيو 1667) .

وبعدها اتجه السلطان قدس الله سره إلى تطوان ( تطاوين) فقبض على رئيسها أبي احمد العباس النقسيس مع جماعة من حزبه وقدم بهم إلى فاس فسحنهم بها في ( أوائل ربيع الثاني سنة 1078 أواخر غشت 1667 ). وأحمد النقسيس هو الذي امر المولى الرشيد ببيع جميع أمواله واموال دويه عام( 1078 هجرية / 1667 م ) بعدما بلغه انهم يظلمون رعاياهم ويستبدون بهم وإن ذمتهم مستغربة لبيت مال المسلمين .

ثم توجه السلطان الرشيد رحمه الله تعالى لقتال الشبانات الذين قويت شوكتهم في عهد السلطان السعدي احمد العباس ابن السلطان محمد الشيخ بن زيدان رحمة الله عليهم فوثب الشبانات على ملك السلطان احمد العباس السعدي وضيقوا عليه وكانوا اخواله .ولما طلب الصلح معهم بطلب من امه وهي اختهم انقضوا على السلطان السعدي أحمد العباس فقتلوه ودخلوا مراكش فبايعوا عبد الكريم المدعو كروم بن ابي بكر الشيباني ، وكان في أيامه غلاء شديد ، (في 1070هجرية – 1660م ) . وقد عم الغلاء المغرب فأكل الناس فيه الجيف ولما توفي كروم الشيباني في سنة ( 1079 هجرية – 1669م) تولى الحكم ولده ابو بكر .

 وفي (21 صفر 1079 – 13 يناير 1668م)

هاجمهم السلطان الرشيد رحمه الله تعالى وقتل السلطان الرشيد رحمه الله تعالى ابا بكر الشباني و ابناء عمه وهرب على إثرها عدد كبير من جيشه بالاطلس الكبير .

إلا أن محمد الصغير اليفريني في كتابه : ” روضة التعريف بمفاخر مولانا إسماعيل بن الشريف ) لم يذكر قتال المولى الرشيد قدس الله سره الشبانات وذكر ان الشبانات فرت إلى شواهق الجبال ، لما بلغهم أن المولى الرشيد فتك بأهل الدلاء ومزقهم كل ممزق .

وقد أخطأ اليفريني النجعة ولم يصب لان مؤرخين آخرين منهم صاحب البستان الظريف وصاحب الجيش العرمرم وصاحب الاستقصاء وغيرهم ذكروا أن أبا العز الرشيد رحمة الله عليه استولى على مراكش في صفر وقتل رئيسها أبا بكر ولد كروم الحاج ، مع أنصاره وقرابته ، واقام بها شهرا ورجع .

هذا ما جاد الله علينا به باختصار جد شديد في التعريف بموحد المغرب الاقصى الشريف بن الشريف السلطان المولى الرشيد بن الشريف بن علي رضي الله تعالى عنهم

ويليه الجزء الثاني إن شاء الله تعالى .

المراجع : ( البستان الظريف) ( روضة التعريف) ( التقاط الدرر) (الجيش العرمرم+) ( الاستقصاء ) ( الحلل البهية)

) المفاخر العلية) ….

وكتب علي بن صالح الغربي السوسي السملالي .

اسير كسبه جبر الله صدعه .

25 جمادى الثانية 1444يوافق 18 يناير 2023 بتاريخ النصارى .

وليه الجزء الثاني إن شاء الله تعالى .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.