حوار صحفي من داخل السجن عندما كنت معتقلا بسجن عكاشة نشر بتاريخ 2012-04-15

0

عبد الوفي العلام – ريحانة برس

 ملاحظة: نشر هذا الحوار بتاريخ 2012-04-15 على موقع مجهر برس، أجرى الحوار الحيداوي عبد الفتاح تحت عنوان / عبد الوفي العلام الصحافي المعتقل على خلفية تحقيق حول دعارة المغربيات في البحرين لـ”مجهر بريس”: كفى من تلويث كرامة المغرب.

على هامش النطق في الحكم الخاص بقضية التحقيق الصحافي الذي أنجزه الزميل عبد الوفي العلام (رقم الإعتقال 86963 من سجن عكاشة) بخصوص تورط مغربيات في شبكة الدعارة بأحد فنادق البحرين، أجرت “مجهر بريس” هذا الحوار من أجل تسليط الأضواء على خلفيات القضية وتطوراتها، وأيضا للخوض في واقع الدعارة بالمغرب.

كيف تلقيتم خبر الإدانة بـ10 أشهر نافدة ؟

تلقيت هذا الخبر بكثير من الاستغراب و الدهشة وعلى خلاف كل التوقعات كان الجميع مقتنع كل الاقتناع ببراءتنا كصحفيان وهيأة دفاع ، أو من جانب كل الهيئات الحقوقية وهيآت المجتمع المدني و بالأخص الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان التي أنتمي إليها، ذلك أن البعض ممن آزرونا في هذه المحنة من زملاء صحفيين ونشطاء حقوقيين أثروا ألا داعي للوقفات الاحتجاجية و الخرجات الإعلامية لاقتناعهم كل القناعة أن القضاء سينصفنا و يحكم ببراءتنا على اعتبار أن الملف فارغ من محتواه في غياب كافة الأدلة المادية و المعنوية التي تديننا من جهة ولعدم التأثير على مسار القضاء أثناء المحاكمة من جهة أخرى .

إلى جانب ذلك و بدءا من فترة الاستنطاق التفصيلي لدى قاضي التحقيق التي دامت 3 أشهر ووصولا بالجلسات في قاعة المحكمة التي استمرت شهريين ،كنا نرى كمتهمين و هيأة دفاع أن هناك تجاوبا و تعاطفا كبيرين من جانب  القضاء ذهب إلى حد الاقتناع بأن المسألة فيها مؤامرة حيكت بليل بين “جلال الجوهري” وكيل البحريني (قواد) في الحقيقة . وبين عناصر الشرطة القضائية التي اعتقلتنا بقيادة  “مصطفى رمحان ” حيث ظهر أثناء المحاكمة مجموعة من التناقضات في تقرير محضر المعاينة و الضبط التي أعدته الضابطة و التي بينها الأستاذ “حسن حلحول “ممثل الدفاع في مرافعاته ولكم أن تعودوا إلى المحضر و المرافعات إذا رغبتم في ذلك، وستظهر لكم هذه التناقضات هذا من جهة ، ومن جهة أخرى الذي يظهر جليا أنها فعلا مؤامرة، ما وقع لنا أثناء اعتقالنا أو بالأصح اختطافنا من مدينة الرباط وسط محطة القطار المدينة حينما أردنا التأكد من صحة المعلومات التي وردتنا، وعندما أقول محطة القطار فهذا يعني أن المكان يعج بالمسافرين ووجود حركة كبيرة بداخله ، ومن البلادة أن يقوم أي صحافي أو أي شخص عادي بالابتزاز فيه إذا أراد الابتزاز، خصوصا في أول موعد مع مصدر الخبر ، ثم ما جعلنا نذهب مذهب المؤامرة ونقتنع بها، هو الكمين الذي أعد مسبقا مع عناصر الشرطة بعين المكان و النية المبيتة لدى وسيط البحرين، إلى جانب كل هذا فأثناء عملية التفتيش لمنزل الزميل “خالد الغازي” كان “جلال الجوهري ” يقوم بالتفتيش و التصوير بهاتفه النقال أمام أعين الشرطة و أعين أسرته، ثم لما تم استقدامنا من الرباط إلى الدار البيضاء بدائرة المعاريف على متن سيارته رباعية الدفع ( وسيط الدعارة جلال الجوهري) والإهانة التي تلقيتها من طرفه على مرأى و مسمع من عناصر السلطة مرورا بمشاركته في التحقيق إلى جانب الضابطة القضائية معنا،أضف إلى ذلك وفي غفلة من رجال الشرطة أثناء عملية التحقيق أسر لنا أحد عناصرها الشرفاء أن المحققين تلقوا مبالغ مالية كبيرة للإيقاع بنا ولعدم نشر أي كلمة في التحقيق الذي قمنا به في شبكة الدعارة، و أننا حسب قوله لمسنا قضية هي خط أحمر بالنسبة لهم لا يمكن الاقتراب منها.

يرى البعض أن مجال الدعارة لازال يعتبر طابو في المغرب رغم صدور عدة تقارير دولية تحذر من الاتجار في الرقيق الأبيض وتفشي وانتشار الدعارة ،في رأيك ما السبب في ذلك ؟

نعم بالفعل دعارة المغربيات بدول البترودولار لازالت من الطابوهات التي يحرم الاقتراب منها والخوض فيها داخل المجتمع المغربي بكل أطيافه بدءا بوسائل الإعلام بكل تلاوينها مرورا بالأحزاب السياسية و الهيئات الحقوقية على اختلافها سواء التي تهتم بحقوق الإنسان بشكل عام أو التي تختص بشؤون المرأة و الطفل ووصولا بالأجهزة الأمنية المعنية بمكافحة الدعارة و تفكيك الشبكات و المنظمات التابعة لها، فرغم وجود الدعارة بشكل واضح على المستوى الوطني و ارتباطه بالمستوى الدولي و صدور عدة تقارير دولية أشارت بشكل مباشر إلى أن المغرب أصبح دولة مصدرة للحم المرأة المغربية وحتى الأطفال القاصرين إلى دول الخليج العربي ودول العالم و تحويل  جسد المرأة المغربية إلى سلعة جنسية رخيصة يتهافت عليها علية القوم من دول البترودلار في سوق النخاسة داخل الفنادق الفخمة في “المنامة”  ودبي و أبو ظبي و الرياض ومسقط والكويت وغيرها من عواصم الدول العربية.

إلا أننا نرى أن هناك تواطئا في عدم طرح هذا الموضوع للرأي العام الوطني من أجل علاجه أو على الأقل الحد منه، و السبب في رأيي يعود لأمرين الأول حساسية الموضوع من الناحية الأخلاقية الدينية لدى عموم الشعب المغربي وما يحمله من تبعات العار و تلويث السمعة والشرف داخل المغرب و خارجه، وثانيا لتورط بعض الشخصيات النافدة في هرم السلطة بشكل مباشر مع شبكات الدعارة بشكل منفرد من أجل المتعة وإشباع اللذة ،كما سبق وأنا نشرت جريد “الخبر اليومية”حينما تم ضبط بعض المسؤولين الأمنيين في شقة للدعارة بمراكش صحبة أمنيين كويتيين  وسعوديين، والمضحك في الأمر أن الأمنيين المغاربة ينتمون لفرقة “الأخلاق العامة”. أو عن طريق دعم وحماية هؤلاء المسؤولين لهذه الشبكات المنظمة ،إذ لا يخفى على أحد أن الدعارة مجال خصب للاغتناء والثراء الفاحش إلى جانب مجال المخدرات بل له ارتباط وثيق و وطيد وداعم و مكمل له ، كما رأينا ما وقع في ملف “البارونة الجبلية” و الذي أطاح برؤوس أمنية كبيرة عبر توريطهم في الدعارة في تسجيلات مصورة في وضعيات مخلة بالحياء وكما أشرنا في تحقيقنا في شبكة البحرين لتورط السفير المغربي السابق بتقديمه لوثيقة تصريح يؤكد أن “حنان حجاج” تشتغل في الدعارة لوحدها دون علم المدير العام و صاحب الفندق (مجموعة فنادق الفرسان) لمالكه “محمد فاضل حسن البدو” هذا هراء طبعا لا يمكن تصديقه، لأن حنان تؤكد في شهادتها أنها هربت من المرقص الليلي الذي يوجد بالفندق وهي عارية في حالة سكر فرارا من احتجازها، وقد تحدثت الصحافة البحرينية عن هذه الواقعة في حينها، ومما يؤكد صحة ما ذهبنا إليه من التكتم الشديد والتعتيم الأمني و تورط بعض من عناصره هو لحد الآن لم تأمر أي جهة أمنية بفتح تحقيق حول هذه الشبكة خصوصا وأن هناك كل المعلومات التي تفيد هذه الجهات من وجود ضحايا مغربيات كانت محتجزات بالفندق ولا زال أكثر من 20 مغربية محتجزة هناك،إضافة إلى تهديد “جلال الجوهري” للضحايا بإدخالهن السجن .

فقد كان الأولى عند اعتقالنا أن يفتح تحقيق مواز في هذه الشبكة (وأنا أدعوا من هذا المنبر رئيس الحكومة “عبد الله بن كيران” و وزير العدل و الحريات “مصطفى الرميد” ووزير الخارجية و التعاون “سعد الدين العثماني” بفتح تحقيق فوري في هذه الشبكة بتعاون مع الحكومة البحرينية وتقديم المتورطين في بيع اللحوم البشرية المغربية إلى المحاكمة وتحرير باقي المحتجزات في سلسلة فنادق الفرسان ، كما أطالب وزير العدل والحريات بصفته رئيس النيابة العامة باعتقال عميد الشرطة الممتاز رئيس فرقة الشرطة القضائية بالبيضاء “مصطغ رمحان” الذي كان يشرف على التحقيق معنا وتقديمه للمحاكمة هو معاونيه “مصطفى اكويدري” ضابط الشرطة ،

حيث تم إعفاؤه (مصطفى رمحان) من مهامه دون منصب، لممارسته مجموعة من الخروقات في عدة محاضر و تستره على مروجي المخدرات، وذلك لتلقيه مبالغ مالية كبيرة من أجل إنجاز المحضر المفبرك الذي أداننا، والذي اعتمد عليه القاضي “حسن السعداوي” فتم الحكم علينا ب 10 أشهر نافدة.

وحسب مصدر مطلع أفضل عدم الكشف عليه في الوقت الراهن أن هذا الملف هو الذي أطاح به فتم عزله، و انطلاقا من هذا المعطى فإني أطالب بالإفراج عني فورا و الحكم ببراءتي في الاستئناف. كما أدعو وزير الأسرة و التضامن “بسيمة الحقاوي” التدخل من أجل حماية المرأة المغربية و الأسرة المغربية إذ لا يعقل أن تقوم الدنيا ولا تقعد من أجل فتاة قاصر اغتصبت وزوجت قصرا.هذا مع وجود رواية أخرى مغايرة لرواية الاغتصاب .في حين لا تتزعزع مشاعر الهيئات و المنظمات النسائية من أجل من يغتصبن و يحتجزن في فنادق الخمس نجوم بدول الخليج العربي كل يوم.

ما هي أشكال و أنواع ممارسة الدعارة في المغرب؟

إن ممارسة الدعارة في المغرب قديمة جدا وليست وليدة اليوم أو هذا العصر ، لكنها تختلف باختلاف الزمان و المكان و الوسائل و الإمكانيات في ظل العولمة و العالم الافتراضي الذي اكتسح كل الأسر المغربية ووسائل الإعلام و الفضائيات. فممارسة الدعارة لها عدة أشكال و مستويات، فهناك دعارة الطبقة الفقيرة بشكلها التقليدي عبر وسطاء تقليديون تمارس بين المغاربة فقط وداخل المدن المغربية “كتيفلت –و سوق الأربعاء، و بني ملال “و غيرها من المدن الفقيرة وبأثمان هزيلة  تصل إلى 10 دراهم. وهناك الدعارة المنتشرة في الطبقة المتوسطة و التي توجد في مدن مغربية كبرى كالرباط و مراكش و أكادير و مدن الشمال ، وتمارس هي أيضا بين المغاربة و بأثمان متوسطة تبدأ من 100 درهم و تصل إلى 500 درهم ، وهؤلاء هم من يقدمون في الغالب إلى المحاكمة لسد الخصاص عن طريق فرقة الأخلاق العامة.

وهناك دعارة تسمى “الهاي كلاس” عبر الشبكات المنظمة و الممنهجة و التي لها ارتباط بدول العالم و دول الخليج العربي على وجه الخصوص ، و هذا النوع يكون بأثمان جد مرتفعة حسب قانون العرض و الطلب ، وبمواصفات معينة وحسب نوعية الزبون، فهناك الشقراء و الشهباء و السمراء والعذراء و الثيب، و الطويلة و القصيرة ذات الشعر الطويل و القصير وهكذا فكل بثمنه ، وكما قلنا هذه الشبكات هي التي تلقى الدعم والحماية من طرف من لهم نفوذ داخل هرم السلطة. وهؤلاء لا يقدمون إلى المحاكمة، و إذا توبعوا يتابعون في حالة سراح ويحاكمون بأحكام تثير السخرية و الاستغراب ، وكمثال على ذلك ما نشرته جريدة “المساء” في عددها 1722 يوم الجمعة 06/04/2012 خبر إطلاق سراح أربعة سعوديين و اعتقال خمسة مغربيات كن معهم في ملف دعارة بنواحي مراكش “بتسلطانت” وقبل هؤلاء بنفس المدينة (مراكش) حولهم ثلاث خليجيين أمنيين (سعوديان وكويتي) من أجل نفس التهمة بشهر واحد لكل واحد منهم.

و هناك دعارة أخرى غير منظمة من طرف فتيات مغربيات يمارسن المهنة بشكل منفرد و مستقل عن هذه الشبكات بأسلوب “ضرب ضربتك وهرب” حيث يترصدن لمجموعة من الخليجيين إما داخل المغرب في المدن السياحية أو خارج المغرب ،أو ما أسميه “الدعارة في الطيارة” فقد حكي لي العديد من الأصدقاء ممن يسافرون باستمرار نحو دول الخليج و تركيا و قبرص و سوريا و القاهرة، أن المغربيات يمارسن الدعارة داخل الطائرة بدون وسطاء مع زبائن يتم اصطيادهم بشكل محترف

في ظل هذا التكتم كيف ترى سبل العلاج والقضاء على الدعارة ببلادنا ؟

لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرف السيدة عائشة رضي الله عنها حينما قالت :” أنهلك وفينا الصالحون يا رسول الله قال : نعم إذا كثر الخبث”.

في المغرب و لله الحمد يوجد الصالحون والفضلاء و الأخيار و من لهم الغيرة على الوطن وعرض الوطن و شرف الوطن و سمعة الوطن ملكا و شعبا بدءا من أعلى هرم في السلطة إلى أدناه. وكذلك داخل الهيئات السياسية و المنظمات الحقوقية والنسائية و جمعيات المجتمع المدني و الحركات الإسلامية و كافة عموم الشعب المغربي المسلم ، لأن الدعارة تبقى ظاهرة فقط تقتصر فئة قليلة التي لها أطماع مادية على حساب اللحم البشري للمرأة المغربية أو إشباع اللذة الجنسية . فمن أجل القضاء عليها لابد في بادئ الأمر أن يفتح نقاش داخل وسائل الإعلام بشتى أنواعها لكل شرائح المجتمع المغربي بمن فيهم الممارسين لمهنة الدعارة.

كما أقترح، في إطار تشخيص الداء لمعرفة الدواء، تأسيس جبهة وطنية تدعو لمحاربة الدعارة والضغط على الحكومة والأجهزة الأمنية لكي تقوم بواجبها نحو ذلك و تضرب بقوة من تسول له نفسه بيع لحم المرأة المغربية.

وفي سبيل تحقيق هذه الغاية أعلن من هذا المنبر تأسيس “المرصد المغربي لمحاربة الدعارة”  التابع للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان التي أنتمي إليها و ذلك بمساعدة جمعيات و هيئات نسائية و منظمات حقوقية محلية و دولية وأساتذة باحثين ودارسين،وكذا من خلال لجان ميدانية للعلاج و المتابعة .

كلمة أخيرة

كفى من الدعارة في المغرب، وكفى من تلويث سمعة وشرف وكرامة المغرب.

المصدر: أجرى الحوار الحيداوي عبد الفتاح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.