رشيد غلام يكتب : الفنانون المخادعون

0

رشيد غلام – فياسبوك

من تغشي عينَهُ اعمالُ ومسرحيات الممثل محمد صبحي و هي تنتقد الدكتاتورية و تنشد العدالة والحرية فيضعُهُ في مصاف المثقفين الأحرار و الفنانين اصحاب القضية ؛ يزيلُ الغشاوة عنه موقفهُ المهين وهو يمجد الطاغية السفاح السيسي المنقلب ويعتبرهُ منقذاً للإنسانية ومغيراً لمجرى تاريخ الانسانية .

من ينبهر بجرأة المخرج خالد يوسف في فيلم هي فوضى وصرخة نملة ، وإبداع تصويره للظلم والدولة البوليسية ،فيحسبُهُ فنانا حراً صاحب مبدأ وقضية إنسانية ، يفجأهُ و يفجعه مؤازرةُ خالد يوسف للانقلاب على الشرعية والإطاحة بالديمقراطية ودعوته لتأليه السفاح السيسي، والإشادة بمجزرة رابعة .

يكتشف الأحرار أن هؤلاء كانوا مخادعين ، مشتركين في لعبة تنفيس الغضب الشعبي والإيهام بوجود الرأي الاخر، والحرية في التعبير . ولم يكونوا في الحقيقة سوى مرتزقة يبحثون عن كثرة الإيرادات او التميز عن كثرة المعروض.

ليس سوى ممثلين يقومون بتجسيد سيناريو لا يعكس شخصياتهم ولا مبادئهم ، تحت الطلب وحسب الأجرة . خدمٌ لمن يدفعُ أكثر .

صبحي و يوسف هما نموذجان لكثير من الفنانين المرتزقة الذين تضج بهم الساحة الفنية المصرية . منهم من يتحول حسب اللزوم ، ومنهم من يحافظ على صورته المخادعة دائماً .

في الثورة السورية أيضاً مخادعون كثر ، اخبثهم دريد لحام ، أثخمنا حديثاً عن الكرامة والحرية وسب الطغيان في أعماله الفنية ، ولما قام الشعب السوري بالمطالبة بالحرية انبرى الممثل لحام يقدس السفاح بشار و يسب الأحرار ويبرر قتل الأبرياء والأطفال .

وفي مصر من هؤلاء الفنانين المخادعين كثير كما في كل وطننا العربي المدسوس تحت وطأة الاستبداد الاماري او الملوكي او العسكري . فمنهم مرتبط بتمجيد الحاكم او السكوت عن ظلمه او خدمة سياسته في ترسيخ وطنية الاستبداد ودين الانقياد . يتفاصحون بالثقافة والنبل وخدمة الإنسانية والفن الراقي وما الى ذلك من الدعاوى . حتى اذا جاؤوا باب السلطان الحاكم أناخوا رواحل الفن على عتبة الاستجداء والارتزاق الوضيع.

وقد تابع الجمهور العربي تحول صاحب رثا والبندقية الى بوقٍ بشاري يناصر “ممانعة” نظام بشار بعد ان كان يتغنى بأشعار درويش المقاومة . وتابع أيضا كيف خرست من غنت لأحبائها “المقاومين” عندما اصبحوا قتلة للأبرياء في سوريا الجريحة . وتابعوا كيف تحول فنان قنوات البترودرلار في لبنان الى منتفضين في وجه الظلم والفساد مناصري الانتفاضة اللبنانية و هم في نفس الوقت يبجلون ابن سلمان المنشار السفاح وعيال زايد أعداء الربيع والأمة . وهولاء نماذج صغيرة افجعت متابعيها وخدعت وتخادع الى اليوم .

بعد طلَّ الربيع العربي ، ساند كثير من هؤلاء الحاكم المستبد ، حتى اذا سقط اسقطوا نصرتهم . وكتب الأحرار لوائح سوداء باسماء هؤلاء ، ثم ما لبث الحر الغرُّ ان نسي وقفتهم المخزية مع الاستبداد بخداعهم المتجدد الذي يتنفس بكل هواء غالب . ومنهم من أيقظته نسائم الربيع فانتبه لمعنى الحرية الحق ومعنى الفن الحقيق .

الفنانون المخادعون لن يذكر التاريخ فنهم ؛ بل مواقفهم المخزية . يوضوعون في مزابل التاريخ ملأ ً لفراعنة العصر ، كقارون وهامان . يحشرون يوم القيامة مسخاً تدوسهم أقدام اهل الحشر .

الفن هو الموقف . موقف متجلٍ بحلل الجمال وقوالب الإبداع الفنية . موقف بهوية تستند الى القيم العظيمة التي فيها صلاح الإنسانية . الفن المبدأ والإبداع لاجله . أما الخداع فحرفة المرتزقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.