عصام الشابي: تونس تواجه خطر العودة للديكتاتورية ومشروع سعيّد أقرب لـ«جماهيرية القذافي

0

تونس – ريحانة برس

قال عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، إن تونس تواجه اليوم خطر العودة للحكم الفردي، معتبراً أن المشروع السياسي للرئيس قيس سعيد لا علاقة له بدولة مدنية وديمقراطية، وهو أقرب لنموذج “الجماهيرية الليبية العظمى” الذي عانت منه ليبيا طيلة حكم معمّر القذافي لأربعة عقود.

وقال، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “تمر اليوم 8 أشهر على استيلاء الرئيس قيس سعيد على جميع السلطات وانقلابه على الدستور، وهو ما عمق الأزمة السياسية والاقتصادية، والبلاد مهددة اليوم بانفجار اجتماعي في ظل الاستقرار الهش الذي تعيشه”.

واعتبر أن سعيد وصل إلى السلطة “على خلفية أزمة خانقة مرت بها البلاد عقب فشل المنظومة السابقة في تحقيق الحد الأدنى لتطلعات التونسيين، وخاصة فيما يتعلق بالتنمية ومعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والأزمة الصحية في ظل جائحة كورونا”.

وأضاف: “لكن سعيد استغل هذه الأزمة، ليس من أجل إعادة الإصلاح، بل بهدف الاستحواذ على السلطة وإلغاء المكتسبات الديمقراطية التي تحققت لتونس بعد الثورة، وهو يريد تمرير مشروع سياسي خاص به لا علاقة له بدولة مدنية وديمقراطية، بل هو أقرب للجماهيرية الليبية العظمى”.

وتابع بالقول: “واليوم تونس تعاني من عزلة خارجية، وأزمة عميقة في الداخل، فميزانية الدولة والمالية العمومية تعاني من اختلالات كبيرة، وهناك عجز متفاقم في الميزان التجاري وارتفاع في نسبة البطالة، ووصلنا لمرحلة أن صرف أجور الموظفين أصبح غير مضمون عند نهاية كل شهر، واليوم وصلنا لأخطر المراحل وهي فقدان المواد الأساسية الحيوية للمواطن التونسي من الأسواق”. ودعا الرئيس سعيد إلى التراجع عن تدابيره الاستثنائية والاتعاظ من “فشل” الاستشارة الإلكترونية التي “أراد من خلالها إضفاء شرعية وهمية على مشروعه السياسي الخاص، والالتفاف على خيار الحوار الوطني، ولكنها قوبلت بعدم انخراط قطاع واسع من الشعب التونسي (500 ألف مشارك فقط)، رغم تسخير كل إمكانيات الدولة من أجل حمل المواطنين للمشاركة فيها، واليوم يبحث عن كبش فداء، حيث يتهم المعارضة بأنها عرقلت هذه الاستشارة”.

عودة الاستبداد

واعتبر الشابي أن تونس اليوم “تعيش مخاطر حقيقية من الارتداد للحكم الفردي المطلق وعودة الاستبداد والديكتاتورية، وهذا ليس من باب التجني، فتونس اليوم دون برلمان منتخب وحكومة قادرة على تسيير دواليب الدولة ومؤسسات دستورية وهيئات رقابية، فقيس سعيد قام بإلغائهم جميعاً”.

وأشار إلى أن سعيد قام بتعليق أغلب أبواب الدستور، و”رغم تعهده باحترام الحقوق والحريات، تتواصل اليوم محاكمة الحقوقيين والصحافيين أمام القضاء العسكري والعدلي، وهناك أيضاً قرارات دون رقابة قضائية لمنع المواطنين من السفر والاعتداء على حقهم في التنقل الحر، فضلاً عن قرارات الإقامة الجبرية خارج رقابة القانون، ومحاولة لوضع اليد على الإعلام العمومي وتحويله لبوق دعاية للرئيس الحاكم بأمره في البلاد”.

ورغم أن الشابي حمّل البرلمان التونسي مسؤولية كبيرة في الأزمة التي تعيشها البلاد الآن، لكنه أكد أن تجميده من قبل سعيد هو “قرار غير دستوري”، كما أشاد بالجلسة الافتراضية التي عقدها البرلمان قبل أشهر للاحتفاء بالذكرى الثامنة لختم الدستور، ودعا المجلس للمساهمة في إخراج تونس من أزمتها عبر “إصدار قرار يقضي بإنهاء الحالة الاستثنائية، وخاصة إلغاء المرسوم 117 الذي كرس للحكم الفردي في تونس، وأعتقد أن ذلك سيعطي دفعاً جديداً لمناهضة الانقلاب على الشرعية الدستورية والعودة للمسار الديمقراطي”.

حوار وطني جامع

واعتبر أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة التي تعيشها تونس يتجلى في تنظيم حوار وطني جامع لا يستثني أحداً، إلا من يُقصي نفسه ويرفض مبدأ الحوار، وهذا طلب تؤيده القوى الديمقراطية والاجتماعية وعلى رأسها اتحاد الشغل، لكن هذا الطلب قوبل بتجاهل تام واستهزاء من قبل رئيس الجمهورية. ونحن نتطلع إلى أن يتدارك الرئيس ذلك وينادي بالحوار، ولكن لا يمكن أن نرهن مستقبل تونس إلى إرادة شخص مهما كان. فإن حضر الرئيس على قاعدة القبول بالجميع فمرحب به، وإن اختار الانعزال وسياسة الهروب إلى الأمام فهو الذي سيتحمل مسؤولية وتبعات هذا الموقف”.

وفيما يتعلق بفشل جهود توحيد المعارضة التونسية، اعتبر الشابي أن “حدة الانقسامات السياسية تعيق لقاء جميع الأطراف السياسية الرافضة للانقلاب على الدستور، في جبهة سياسة واحدة، فنحن نواجه المشروع التسلطي واللاديمقراطي للرئيس، لكننا أيضاً لا نريد العودة بالمشهد السياسي إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل 25 تموز/ يوليو، فبعض الأطراف وخاصة حركة النهضة التي كانت هي محور الائتلاف الحاكم السابق، مطالبة اليوم بتقديم ما يُطمئن الجميع بأن النضال والعمل الذي تقوم به لا يهدف للبحث عن محاولة استرجاع سلطة مفقودة ومشهد سيسي لفظه التونسيون، بقدر ما هو محاولة لاسترجاع الديمقراطية والمؤسسات الدستورية”.

واستدرك بالقول: “ولكن علينا أن لا نلعن المستقبل، فرغم الخلافات، الحوارات لم تنقطع بين جميع الفرقاء السياسيين، وواجبنا أن نعمل على توفير الأرضية الصلبة من أجل إعطاء الزخم أكثر لقلب موازين القوى في الشارع وداخل النخبة التونسية والأحزاب والمجتمع المدني، لأن الوضع في تونس لم يعد يحتمل المزيد من التأزم”.

وفيما يتعلق بموقف تونس “المتذبذب” من الأزمة الأوكرانية، قال الشابي: “أعتقد أن تونس حسناً فعلت بالتصويت لصالح قرار الأمم المتحدة وقف الحرب والمطالبة باللجوء للحلول الدبلوماسية، فالموقف الصحيح هو أننا يجب أن نبقى ضد اللجوء إلى القوة والحلول التي لا تخلف إلا الدمار”.

وأضاف: “بقطع النظر عن مدى شرعية المطالب الأمنية لروسيا، فهي ارتكبت خطأ بشنها الحرب على أوكرانيا، ولكن هذا لا يعني تبني الموقف الغربي الذي عرّت أسسه هذه الحرب. فالغرب بقيادة الولايات المتحدة يمارس منذ عقود ازدواجية للمعاير، حيث شن أكثر من عدون خلف الدمار لدول عدة، وكنا كعرب ومسلمين من أول ضحايا العدوان الغربي في العراق وسوريا وغيرهما من الدول، وكانوا يستكثرون علينا مقاطعة الأطراف المعتدية، على اعتبار أن سلاح المقاطعة غير مجدٍ، واليوم هم يستخدمون هذا السلاح ضد روسيا”.

المصدر – القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.