عن مفارقات النموذج التنموي والمقاربة التشاركية بإقليم إفران، نتحدث

0

ريحانة برس – محمد عبيد

لعل ما تسعى إليه السلطات الإقليمية بإفران من مجهود تنموي في حاجة إلى مراجعة ما يعتمد فلسفة التنمية على مرتكز أساسي يتمثل في التسلح بإرادة قوية وعزم متواصل وإصرار متني للعمل والتغيير ينبع بالأساس من الاعتقاد الراسخ للانصهار في بوتقة العمل الترابي الهادف والمسؤول تكليف ليس من ورائه تكليف.. وعمل شاق وصعب المراس يتطلب فقط التوفر على نفس تنموي طويل وبذل مجهودات مكثفة ودؤوبة لأجل الاستمرار والمضي قدما في كسب ثقة المواطنين بهذا الإقليم الذي أصبح أمر هيكلته وتأهيله وتنظيم مجاله وتدبير شؤونه التنموية، قرارا لا رجعة فيه للرقي بالإقليم في مختلف مناحي التنمية سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الرياضية والبيئية فضلا عن البنيوية الأساسية.

ولا يمكن تحقيق أية تنمية إلا باستحضار العملية التشاركية، إذ تعتبر المقاربة التشاركية أحد أهم عوامل التحولات الاجتماعية لأنها أساس التنمية البشرية التي تضع الناس في مركز الاهتمام بغض النظر عن تمايزاتهم الجنسية والعمرية والمعرفية والطبقية…

إن إدماج المقاربة التشاركية في السياسات التنموية يعتبر منهجية عمل مساعدة على التنمية العادلة وذلك من خلال إشراك الجميع في تسيير مؤسسات الدولة وفي جميع مراحل تدبير مشاريع وبرامج التنمية، من التشخيص والتحليل إلى التخطيط والتنفيذ إلى التتبع والتقويم. هذه المقاربة هي وسيلة تسمح بالإنصات لأصوات الجماعات الضعيفة والمهمشة، مثل:النساء، والفقراء، والمعوقين، والأطفال، والقرويين، والشباب العاطل… وتمنحهم الفرصة للتعبير بحرية وبصراحة.

ويمكن اختصار مفهوم المقاربة التشاركية في عبارة “العمل مع” عوض “العمل من أجل”، بمعنى عمل في اتجاه أفقي عوض الاتجاه العمودي من أعلى إلى أسفل.

 بعبارة أخرى المقاربة التشاركية جاءت لتصحيح المنهجية المعتمدة في العمل العمومي والمتمثلة في الاعتماد على الخبير وعلى القطاع العام في إنجاز مشاريع وبرامج التنمية دون إشراك المواطنين المستفيدين من هذه التنمية، كما جاءت لتصحيح أيضا المنهجية المعاكسة التي التجأ إليها المجتمع المدني والمتمثلة في استشارة وإشراك المستفيدين دون الرجوع إلى الخبير ودون الاعتماد على إمكانيات وقدرات القطاع العام، تطبيقا للمثل الشعبي:”اسأل المجرب ولا تسأل الطبيب”وهو عكس ما تعمل به السياسات الحكومية أي”اسأل الطبيب ولا تسأل المجرب”

 ان إقليم إفران من الأقاليم التي تتوفر على كل المقومات الضرورية للتنمية الاقتصادية والثقافية بانعكاساتهما الإيجابية على جودة نمط الحياة الاجتماعية لساكنته نظرا لتميزه الطبيعي المتمثل في تنوع مصادر الثروات وقابليتها للاستثمار الاقتصادي المندمج في إطار سياسة منتجة للثروة والدخل في الدورة الاقتصادية الجهوية والوطنية٬ وتنوع موارده البشرية وفحولتها وتعدد مرجعياتها الاجتماعية والثقافية٬ إضافة إلى مجاله الحيوي بموقعه التجاري المفتوح كل الجهات الرئيسية للبلاد.

فهذه المقومات والمؤهلات والتي لو أدمجت في إطار سياسة تنموية بعقلية منتجة وحداثية ظافرة من طرف المسؤولين بالإقليم على أرضية أهداف محددة وواضحة وبمقاربة محفزة على الاستثمار لكان واقع الإقليم متميزا عن واقعه القائم الذي يدعو فعلا إلى دق ناقوس الخطر نظرا لغياب الإرادة الواعية بضرورة التنمية لدى التشكيلات الإدارية والنخب المحلية التي تشرف على تدبير موارده والتي أفرزت سياساتها كل مؤشرات الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من فقر وبطالة وأمية وعزلة وهجرة قروية ومناطق منكوبة مازالت تجتر أشكالا بدائية للحياة البشري…

فغياب التجهيزات الأساسية في بواديه ومداشره سافر مع نقصانها الملحوظ في حواضره التي تعرف ترييفا متزايدا ومطردا مع التدهور المتواصل لاقتصاد الإقليم، وخصاص مهول في التغطية من الخدمات الاجتماعية الضرورية إضافة إلى استفحال كل الظواهر المرضية المرتبطة باقتصاد الريع والامتيازات وسيادة ثقافة الولاءات العشائرية والقبلية المنافقة وتعسفات البيروقراطية الإدارية المرابطة في كل القطاعات الوزارية والمرافق الإدارية والبلدية بالإقليم والتي تعمل على تنفيذ إملاءات الأوليغارشية المالية والتجارية والعقارية العدوانية، ومجالس بلدية وقروية تعيش على حافة الإفلاس بحكم طبيعة النخب السياسية التي تتألف منها حيث يتسم تدبيرها لشؤون الجماعات المحلية بالمزاجية والانتظارية﴿ونعني بها هنا انتظار التعليمات والاختباء وراء سلطة الوصاية﴾ لأنها بكل بساطة نخب مفصولة عن قاعدتها الاجتماعية وغير واعية بمسؤولياتها الاجتماعية والتاريخي، فهي تفتقد في ممارساتها السياسوية أي تلك التي تعرف من أين تأكل الكتف لمقومات الفعل السياسي بأبعاده الإيديولوجية والبرنامجية والتنظيمية٬ وتفتقر لأي مشروع مجتمعي تنموي واقعي بأفق واعد قادر بأهدافه وغاياته على تأطير الساكنة وتعبئة الكتلة الناخبة٬ وما تجتهد فيه هو تكريس واقع الأزمة المستفحلة التي أصبح تراكمها يشكل عبئا تاريخيا على كل الأصعدة عن طريق تبنيها لسياسة الهروب نحو المجهول دون أن ننسى ميولاتها الانتهازية السافرة وذلك عن طريق تغطيتها المشبوهة للنهب المسعور للمال العام وتفويت الصفقات العمومية الكبرى ومصادر الثروات لأصحاب النفوذ بدون وجه حق٬ وكما تعمل جاهدة لإحباط المحاولات الهادفة إلى استنهاض فعل تنموي واقعي حقيقي وازن وواعد عن طريق دعاياتها المغرضة…

إن انعكاسات هذا التدبير اجتماعيا وخاصة ملف التشغيل لن يكون إلا مزيدا من المعاناة والقمع لعموم المعطلين وكل كل المطالبين بحقوقهم في العيش الكريم والشغل وكافة الأسر بالإقليم٬ فرغم لغة الأرقام التي يحسن البيروقراطيون المرابطون في مواقع القرار بتحالفاتهم الملتبسة تلفيقها لتظهر الوقائع على مقاس أهوائهم٬ ورغم الخطابات المعسولة التي تدغدغ عواطف المحرومين وتغدي الوهم في وعي المضطهدين٬ فهذه اللغة وتلك الخطابات تعبر في العمق عن فطنة عقل مجرمة لأنها تقول أشياء كثيرة حتى وإن كانت تافهة أو موجهة لتسويق هذا الاختيار أو ذاك، أو إلى شد الانتباه إلى هذا السيناريو أو ذاك إلا أنها تخفي الأهم والأساسي ولا تضع النقط فوق الحروف..

هذا دون الحديث عن الواقع الايكولوجي بالإقليم عموما و بمركزيه الحضريين أساسا حيث دفع التوسع العمراني والنمو الديموغرافي الذي تشهده مدنا إفران وآزرو في الآونة الأخيرة سجل الملاحظون أن إنجاز مشاريع تتمثل أساسا في ربط شبكة الطرق وقنوات الصرف الصحي تدخل في إطار إعادة هيكلة المدينة والحدائق تحت شعار إفران بعيون جديدة ..

نمط التسيير بإقليم إفران، قائم على مبدأ ما يصطلح عليه “الديمقراطية التمثيلية”، هذا النمط الذي يتأذى عن طريق الهيئات المنتخبة، والتي تعمل بدورها على تمثيل الساكنة محليا أو وطنيا والحديث باسمها (…)، ومن عيوب هذا النموذج أنه خلف عادة لدى الساكنة التي ألفت القول بالعامية (ما كايعرفونا غا فالانتخابات)، أي أنه نمط تسيير موسمي، من الانتخابات إلى الانتخابات، إلى أن جاءت الوثيقة الدستورية لسنة 2011، والتي أدمجت المواطن وأشركته في صنع السياسات العمومية وتقييمها، ومنه اشتق لهذا النمط في التسيير اسم “الديمقراطية التشاركية”.

اعتماد الإدارة بإقليم إفران على سياسة الانغلاق، يقوم فيها المسؤولون عن تدبير الشأن العام بالاعتكاف في مكاتبهم، خلال ساعات العمل، وإن اقتضى الحال ورغب مواطن في مقابلة أحدهم، إما أنه يعاقبه بالانتظار، وإما يخلي سبيله بمبرر أنه في اجتماع، وإما أن يفرض عليه اتباع مساطر معقدة، طلب المقابلة و”سير تا نعيطو ليك!”.

سياسة الانفتاح الباب الأول والرئيسي في خطوة أولى الخطوات، في تطبيق الديمقراطية التشاركية، وتغيير العقليات هو الباب الثاني بحيث أن الإدارة للمواطن ومن أجل المواطن ولخدمة المواطن، لأن في آخر المطاف يبقى المسؤول أو الإداري مهما بلغت رتبته، موظفا يقتات على أموال دافعي الضرائب.

فعندما يستعيد المسؤولون وعيهم بأنهم مواطنون، ويشتركون مع “عامة الشعب” في شيء اسمه الوطن والمواطنة، ويترسخ لديهم شيء اسمه الرضا بالآخر، لأنه لا يعقل اشتراك أو تشارك شخصان أو أكثر في شيء وهم لا يرضون ببعضهم البعض، وعند إحقاق هذه الشروط يمكن تفعيل النص القانوني، والذي يؤكد على ضرورة إشراك المواطنين، في اتخاذ القرار السياسي والاستشارة والتشاور في سياسات تهم مشاريع محلية.

وتفعيلا لمشاركة أوسع خصوصا للشباب في الحياة السياسية وتأطيره و تكوينه وتأهيله، لحمل مشعل الغد وضمان استمتاعه بكافة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمشاركة الخلاقة والفاعلة في تدبير الشأن العام، جاء الفصل 33 من الدستور لتعزيز هذا الباب، والذي نص في فقرته الأخيرة بعد أن حدد مجال تدخل السلطات المحلية، تقول الفقرة: ”يحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي ليأتي الفصل 170 موضحا وشارحا لسابقه ومحدد اختصاصات هذا المجلس”.

كل ما أشرنا إليه، يصعب إدراجه خصوصا في إقليم يفتقر للآليات التشاركية الأساسية، هي الإدارة النزيهة والفاعلة والإرادة القوية، ومجتمع مدني منظم ومؤطر وواع بحقوقه وواجباته، كما أن الآليات والنصوص التنظيمية التي جاءت لتفعيل هذا المبدأ خصوصا الفصل 139 من الدستور، شروط مجحفة، ومكبلة لليدين بالنسبة للفاعل الجمعوي المحلي، كما أن الفاعل الجمعوي المحلي المتعارف عليه أنه لا يخدم سوى المصلحة الخاصة، ولا ينشط إلا في البرامج المربحة (خيول وتزحلق على الجليد ، ورموب على مذاق ومتاعب الحرفيين في الصناعة التقليدية…وقس على ذلك…) أم الصالح العام (لي بغا يربح العام طويل)، وعلى المستوى الإقليمي فيسجل غياب التواصل بين الفعاليات الجمعوية الإقليمية، التي زاد من تعميق جراحها الكلاسيكو التاريخي (إفران وآزرو)، والذي يعد عاملا رئيسيا في تأخر لم شمل الإقليم، وإحقاق جغرافية متوازنة وتنمية شاملة على كافة الأوجه والمستويات.

التحديات التي بات من الضروري معها تأهيل وتأطير الفاعل الجمعوي الإقليمي، للانخراط في مثل هذه المبادرات، وتأهيل كفاءاته وإدراكاته للعمل وفق النصوص القانونية التي تبقى لا قيمة لها في غياب الإدراك والفهم القويم لها، كما يجب أيضا تكوين وتأطير المجالس المنتخبة، في هذا الشأن والكف عن التسيير الفردي، أوما يصطلح عليه بالارتجالية في التسيير.

إن المواطن والفاعل الجمعوي، اليوم لا تقبل منه شكاية، ولا يعذر بجهله للقانون، لتواجد النص التشريعي والتنظيمي، ومطالب بمضاعفة الجهود لإيقاف نزيف ثروات إقليم إفران التي لا يستفيد منها لا الإقليم ولا المواطن؟!

يذكر أنه كلما ذكر اسم إقليم إفران على المستوى الإداري ، إلا ويشار إلى تلك البقعة المباركة في الأطلس المتوسط ، ذات ثمان جماعات قروية وجماعتين حضريتين ، تقيم به ساكنة تقدر حسب إحصاء 2014 ، ب 155221 نسمة ، تعيش في غالبيتها على عائدات القطاع الفلاحي والتجارة والخدمات، إقليم يعيش مشاكل قطاعية جمة، تجعل منه يعاني في صمت، فإلى متى سيظل حلم الساكنة في خدمات في المستوى تحت الوسادة؟؟.

فبالإضافة الى هذا الجانب هناك دعائم اقتصادية وفلاحية واجتماعية متعددة تم إغفالها وتهميش دورها التنموي من طرف من أوكل اليهم تدبير الحياة العامة بالإقليم بسبب غياب الحكامة التدبيرية وبعد النظر المستقبلي لحاجيات الاقليم ولانتظارات ساكنته، مما انعكس سلبا على المؤشرات التنموية والاقتصادية، الشيء الذي عمق واقع الهشاشة الاجتماعية بالعديد من مناطقه، خصوصا بالجماعات القروية التي طالها التهميش والإقصاء لعقود عديدة رغم التوفر على الامكانات المادية والمقدرات المتنوعة ( نموذج جماعة عين اللوح) التي كانت من أغنى الجماعات بالمغرب، والتي كانت تقرض اموالها المتحصلة من المداخيل الغابوية لجماعات اخرى على الصعيد الوطني.

فإقليم إفران الذائع الصيت وطنيا ودوليا ، أخلف موعده مع التنمية الشاملة به بفعل العديد من العوامل التي أسهمت في عدم إرساء الاسس التنموية على المستوى الاقتصادي والفلاحي والاجتماعي، وكذا على مستوى البنى التحتية المؤهلة لانطلاقة الاقليم على كل الأصعدة، البشرية والمجالية، وكذا في مجال استقطاب العديد من المشاريع الكبرى خصوصا مع التنوع الجغرافي والبيئي والمجالي المميز للإقليم، الذي يضم كل عوامل الانطلاق نحو المستقبل بخطى رصينة ملبية لحاجيات الساكنة ومحققة للمؤشرات التنموية على كل الأصعدة.

وبالرجوع الى واقع الاقليم وبرغم ما تحقق من تطور نوعي، فإن الوضع العام القائم يتطلب المزيد من بذل الجهود لتجاوز التفاوتات الحاصلة بين مناطقه الحضرية والقروية التي تعيش في عزلة شبه تامة خصوصا مع التساقطات الثلجية التي تحول حياة العديد من الأسر بالإقليم الى جحيم حقيقي على كل المستويات بسبب تدني درجات الحرارة الى مادون الصفر بدرجات عديدة .

فالتفاوتات الصارخة التي يعيشها الاقليم بين مناطقه الحضرية والقروية تدعو الى اعادة النظر في السياسات المتبعة اقليميا وعلى كل المستويات.

فبرغم تعاقب العديد من المسؤولين على رأس الاقليم لم يحدث الاقلاع و التطور الاقتصادي المنشود والمنتظر من طرف الساكنة لإقليمهم ، بسبب افتقاد الارادة الحقيقية للانطلاق نحو تغيير الواقع المعيش، رغم توفر وامتلاك العديد من الامكانات المساعدة على تطور الاقليم باعتباره قطبا سياحيا واعدا ومجالا طبيعيا وبيئيا.

فالثراء البيئي الذي يضم العديد من الفضاءات الغابوية والبحيرات والأنهار المغذية للسافلة مع امتلاك أكبر خزان مائي بالمغرب لايستفيد الاقليم من كل هذه المعطيات إلا نزرا يسيرا بسبب افتقاره للبنى التحتية المساعدة على الاستغلال الامثل لهذه الموارد المساعدة على تواتر ارتفاع المؤشرات التنموية التي تتطلب مشاركة وتعبئة جميع الطاقات والفعاليات، خصوصا مع امتلاك الاقليم لابرز جامعة على المستوى الوطني، والتي تظل اسهاماتها بعيدة كل البعد عن الانخراط والانفتاح على المحيط، خاصة مع ما تتوفر عليه من كفاءات علمية في مختلف المجالات المرتبطة بالتنمية المجالية والاقتصادية، والتي باستطاعتها ان تسهم في الدفع بعجلة التنمية بالإقليم من خلال ارساء اسس التعاون مع الفاعلين بمختلف المجالات اقليميا.

 فبالإضافة الى هذا الجانب هناك دعائم اقتصادية وفلاحية واجتماعية متعددة تم إغفالها وتهميش دورها التنموي من طرف من أوكل اليهم تدبير الحياة العامة بالإقليم بسبب غياب الحكامة التدبيرية وبعد النظر المستقبلي لحاجيات الاقليم ولانتظارات ساكنته، مما انعكس سلبا على المؤشرات التنموية والاقتصادية، الشيء الذي عمق واقع الهشاشة الاجتماعية بالعديد من مناطقه، خصوصا بالجماعات القروية التي طالها التهميش والإقصاء لعقود عديدة رغم التوفر على الامكانات المادية والمقدرات المتنوعة ( نموذج جماعة عين اللوح) التي كانت من أغنى الجماعات بالمغرب، والتي كانت تقرض اموالها المتحصلة من المداخيل الغابوية لجماعات اخرى على الصعيد الوطني.

فإقليم إفران الذائع الصيت وطنيا ودوليا ، أخلف موعده مع التنمية الشاملة به بفعل العديد من العوامل التي أسهمت في عدم إرساء الاسس التنموية على المستوى الاقتصادي والفلاحي والاجتماعي، وكذا على مستوى البنى التحتية المؤهلة لانطلاقة الاقليم على كل الأصعدة، البشرية والمجالية، وكذا في مجال استقطاب العديد من المشاريع الكبرى خصوصا مع التنوع الجغرافي والبيئي والمجالي المميز للإقليم، الذي يضم كل عوامل الانطلاق نحو المستقبل بخطى رصينة ملبية لحاجيات الساكنة ومحققة للمؤشرات التنموية على كل الأصعدة.

فالتقسيم الاداري للإقليم الذي يضم جماعتين حضريتين ( مدينتا افران و آزور) وثمان جماعات قروية ( تمحضيت عين اللوح سيد المخفي واد افران بن صميم تكريكرة تزكيت) يتميز بتنوع جغرافي ومجالي وبشري اعطى للإقليم غنى متميزا على أكثر من مستوى ، خصوصا مع امتلاكه لأكبر اتساع غابوي بالمغرب، والذي يضم تنوعا بيئيا ووحيشا متفردا ساهم في ضمان العديد من المداخيل المالية للجماعات المتواجدة به، والتي تكتسب حق الانتفاع من المجال الغابوي، غير أنه للأسف، فرغم ضخامة المداخيل لم تنعكس ايجابا على المؤشرات التنموية ولم تتبلور كمشاريع مسهمة في ارتفاع المستوى المعيشي للساكنة بسبب سوء التدبير والتبذير وغياب الحكامة الجيدة في هذا المجال، الذي عرف احتكارا واسعا من لدن المستغلين و من طرف ناهبي المجال الغابوي، الذين اغتنوا على حساب الارث الوطني البيئي مقابل حرمان اوسع الشرائح الاجتماعية المجاورة للمجال الغابوي من الاستفادة منه، حيث تواجه بعسف الاجراءات الادارية الزجرية السالبة للحرية في العديد من الاحيان.

فبرغم كل الامكانات والمميزات الطبيعية والتنوع البيئي لم يوظف كل هذا الرصيد التوظيف الامثل المؤهل لتنمية بشرية حقيقية بسبب المعيقات التي حالت وتحول دون لعب الاقليم لدوره الطلائعي اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، مما همّش دوره وحد من إمكانات التطلع لغد افضل بسبب الدفع نحو التأزم والاندحار والانحصار نتيجة تهميش النخب الاجتماعية القادرة والمؤهلة لقيادة قاطرة التنمية البشرية بالإقليم بسبب تحكم المتحكمين اقليميا في صنع الخرائط السياسية على مستوى تدبير الشأن العام بالجماعات المحلية والقروية، والمحلس الاقليمي، مما فوت عليه العديد من الفرص التنموية بسبب غياب عنصر الحكامة والوضوح والخبرة الميدانية والتصور المتكامل لقضايا الساكنة خصوصا مع سيادة ضبابية التوجه والانفرادية والانتهازية والمحسوبية و الوصولية وغياب المساءلة من طرف سلطة الوصاية التي لعبت دور المتفرج لا غير مما شجع على النهب وعلى الاستغلال المفضوح لموارد الاقليم وإمكاناته، فغياب التصور الشمولي والمتكامل للقضايا والمشاكل المحيطة بإرساء أسس التنمية الاجتماعية والاقتصادية حول واقع الاقليم الى وضع سمته التراجع وهدر الفرص وتعميق الفوارق الاجتماعية واتساع محيط الهشاشة والفقر والإقصاء ، فغياب الكفايات والقدرات المؤهلة لمواجهة التحديات المطروحة على كل المستويات اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ومجاليا وثقافيا، أزم الوضع العام بالإقليم كما أزم وضع اوسع الفئات الاجتماعية خصوصا بهوامش المركزين الحضريين ( آزرو إفران) ناهيك عن التأزم الهيكلي لأوضاع أوسع الطبقات الاجتماعية بالجماعات القروية بسبب الهشاشة وتنامي مؤشرات الاحتياجات لدى ساكنة العالم القروي نتيجة غياب سياسات اجتماعية مواطنة ضامنة لكرامة وعيش ساكنة العالم القروي إقليميا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.