خطبة وزارة الاوقاف الموحدة التي تسببت في طرد خطباء جمعة، والتي وصف التوفيق معارضيها بالخوارج

  • الكاتب : حسن الخباز
  • بتاريخ : 17 أغسطس، 2025 - 17:55
  • الزيارات : 166
  • ريحانة برس

    يبدو ان الوزير التوفيق مصر على إفراغ المساجد من المصلين وإعراض المسلمين عن صلاة الجمعة على وجه الخصوص بقراره الغريب العجيب الذي اغضب المغاربة عامة والخطباء بشكل خاص.

    فالخطبة الموحدة عادت لإثارة الجدل من جديد بعد فرضها خلال صلاة الجمعة، وبذلك تحول المنبر إلى مجرد قراءة رتيبة لنصوص جامدة بعدما كان منصة للوعظ والتوجيه الحي.

    القرار الجديد لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سيكرس إهمال قضايا الناس الحقيقية والآنية ويضرب عمق اختلاف الجهات ويهين مهنة الخطيب والعالِم ويحوله لمجرد عون يلقي خطاب مُمْلى عليه.

    وقد سبق أن أُثير موضوع الخطبة الموحدة وأسال الكثير من المداد، بل وتم عزل بعض الخطباء بسبب رفضهم الامتثال له وانتقاده بشدة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي…

    قبل تطبيق قرار الوزير بشكل رسمي اتى على الاخضر واليابس وتسبب في قطع أرزاق بعض خطباء الجمعة بعد رفضهم الإمتثال له، وقد قامت الدنيا ولم تقعد إلى أن اضطرت الوزارة الانحناء للعاصفة.

    لكن الخطير في الأمر ان ريما عادت لعادتها القديمة، وها هي تصر من جديد على تطبيق الخطبة الموحدة بكامل التراب الوطني رغم أنف المغاربة قاطبة والعلماء والخطباء تحديدا.

    وترى وزارة التوفيق أن قرارها ضروري من أجل ضبط منابر المساجد وحمايتها من الانحراف وتعبر على لسان مسؤوليها الأول الخطباء الذين يخرجون على نص الخطبة خوارجا ومشوشين على الخطاب الديني.

    وتعتبر الوزارة أن التوحيد ضمانة للوحدة الفكرية والانسجام الديني، ليرد المنتقدون بأن النتيجة الواقعية هي منبر ميت وصوت واحد بلا روح، يخدم البيروقراطية أكثر مما يخدم رسالة الجمعة.

    إلا أن معارضي القرار من خطباء وعلماء الدين يرون في قرار الوزارة بدعة لا سند لها في التراث الفقهي بشكل خاص، ولا في تاريخ الإسلام ولا تقاليد المغرب على وجه العموم.

    ويؤكد العلماء والخطباء ان تقاليد المغرب احترمت على الدوام مكانة الخطيب وكرامته ودائما ما كانت علاقته بالمجتمع وطيدة حتى بدأ الحديث عن الخطبة الموحدة التي تهين الخطيب.

    الأدهى والأمر ان وزارة الأوقاف قبل ترسيم قرارها أعلنت ان التزام الخطيب بالخطبة اختياري ومن حقه التصرف فيها لكنها تراجعت بعد ذلك واصرت على تلاوة الخطب حرفيا كما ترِد من مصالحها بالرباط.

    البعض اعتبر ردها هذا بمثابة ردة وازدواجية في الخطاب بل واعتبروه تحقيرا للعلماء… وقد خرجت الكثير من الاصوات تندد بهذا القرار الانفرادي للوزارة الوصية على الشأن الديني بالمغرب.

     من جانبه اعتبر الدكتور محمد طلال لحلو من خلال تدوينة على منصته الاجتماعية ” أن فرض 25 ألف خطيب على ترديد نصوص متشابهة عبث اقتصادي وفكري، مشيرا إلى أن الكلفة تصل إلى 25 مليون درهم شهريا (أي 300 مليون درهم سنويا)، في وقت يمكن فيه بناء مستشفيات محلية صغيرة كل شهر.

    وجاء بالحرف في تدوينته النارية : “إذا كانت الخطب نسخة واحدة، فالأجدى أن نسجلها في شريط يُبٓثُّ للناس، ونوفر الملايين على دافعي الضرائب”.

     القضية لا تتعلق فقط بالجانب المالي كما يرى البعض، بل المشكل في فلسفة تدجين الخطاب الديني، وتفريغه من أي حيوية أو قدرة على مخاطبة مشكلات المجتمع المتغيرة.

    فالخطيب الذي يواجه قضايا البطالة أو الهجرة أو الفقر ومعاقرة المخدرات في منطقته، يجد نفسه مقيدا بخطبة بعيدة عن واقعه، مما يفرغ المنبر من دوره التاريخي في التنوير والربط بين الدين والحياة حسب آراء الكثير من المتتبعين للشأن الديني بالمغرب.