نظريات عامة لترشيد الصحوة الإسلامية داخل الوطن العربي في السياسة الشرعية والفكر الإسلامي( ج2) ح-1-

0

التحزب من القضايا الهامة التي تتعلق بقضية المشاركة السياسية داخل الأنظمة القائمة وهي تعبر عن تعدد القوى والآراء السياسية ، واعتبارها أداة وسيطة للممارسة

التحزب من القضايا الهامة التي تتعلق بقضية المشاركة السياسية داخل الأنظمة القائمة وهي تعبر عن تعدد القوى والآراء السياسية ، واعتبارها أداة وسيطة للممارسة السياسية ، تتوسط السلطة السياسية والجماهير في إطار تنظيمي ، لأن تعلق تحزب التيار السلفي ومشاركته رهين بالضمانات التي يوفرها النظام السياسي المعاصر للأفراد ، إما في شقه الديمقراطي أو غيره من الأنظمة التي لاتحتسب على مفاهيم الدولة الشرعية ، بحيث نجد أن ممارسة النشاطات السياسية والتأثير في القرارات التي ترصدها أجهزة الدولة ، ولعل في مقدمة هذه الضمانات حق المواطن في الخضوع لقوانين عامة ، وبالتالي سيادة القوانين التي تعبر عن خيارات الجماعة السكانية التي تخضع لأحكامها على أي قرار أو قرار فردي ، مهما علا شان صاحب القرار واتسعت هيبته ، فالحكم من خلال قوانين تمثل إجماع الجمهور لا قوانين تعبر عن اجتهاد فرد أو مجموعة محدودة من الأفراد ، فعند هذا الحد يمكن قبول التحزب ولكن مع اكتمال صياغتها من حيث تأسيسها ومسارها وحركتها ومقاصدها ، فإن المشروع الإسلامي يحتفظ عن كل ذلك ، ويضع هذه القضية في إطارها كفكرة نظامية دون أن يعكس مجموعة من القيم الغربية  في الممارسة السياسية بل  هي تحدها ضرورة بمجموعة من القواعد والمبادئ النظامية المنبثقة عن المشروع الإسلامي وقيمة السياسة ، فالقضية إذن ليست رفض الحزب أو قبوله ، ولكن في طبيعة الحزب وهل هو يقع في المبادئ النظامية للمشروع الإسلامي أم خارج عنه ، فالحزبية إذ تولد شعورا بالفرقة تتحول إلى عداوة متأصلة بما يؤدي إلى انصراف معظم الجهود الفكرية أو العملية إلى الإيقاع بالخصوم الحزبيين أو اتقاء مكائدهم ، وفي سبيل ذلك تضييع الحقوق وتتعطل المصالح للخلق فتفقد الحزبية دورها الحقيقي في المشاركة ،  أي لا تؤدي دورها كمؤسسات نظامية لتعبر عن الاختيار في الري واختلاف التنوع ، وقد شكلت المذاهب الفقهية حركة تمثل هذا الاختلاف المنضبط ، ولكن روح الحزبية وانتشارها على نحو مخالف للتأسيس الإسلامي والممارسة المتسقة مع المقاصد الإسلامية ، بحيث تتحول طموحات الأشخاص على حساب مصالح الأمة بما يفسد الضمائر والأخلاق ، وهو أمر يؤدي إلى نمط من الممارسة يخالف قواعد المشروع السياسي الإسلامي ، وهنا قد يقول قائل : إن سيادة القانون متوقفة على انسجامه مع أحكام الشريعة ، وجوابنا في دائرة المبادئ الشرعية العامة ، لا القواعد التشريعية التفصيلية ، فالقوانين العامة ، تحقق شرط الشرعية إذا توافقت مع مقاصد الشريعة الكلية التي تدعونا إلى حصر التوافق في دائرة المبادئ الشرعية العامة ، لا القواعد التشريعية الكلية التي تدعوا إلى صيانة النفوس ، كما أن علاج الظاهرة يحتاج إلى إدراك حقيقي لمعنى هذه الدعوى وتصور بعيد لغاياتها ، وإنها بالأساس دعوة لإقامة حكم الله في الأرض وان جنسية المسلم وعقيدته وهو أمر يحقق للرابطة الإيمانية السياسية جوهرها بحيث يمكن القول أن الدولة الإسلامية منذ الرعيل الأول لم يهزل منطقها ، إلا حين تنازلت عن وحدتها المحققة في ارتباطاتها العقدية المؤسسة على مقاصد الشريعة وروح الوحي .

وفي سبيل ذلك تضييع الحقوق وتتعطل المصالح للخلق ، فتفقد الحزبية دورها الحقيقي في المشاركة ، أي لاتؤدي دورها كمؤسسات نظامية لتعبر عن الاختيار في الرأي والاختلاف التنوعي ، وقد شكلت المذاهب الفقيهة حركة تمثل هذا التنوع إلا أن علاج هذه الظاهرة يتطلب إدراك حقيقي لمعنى هذه الدعوى وتصور بعيد لغاياتها وإنها بالأساس دعوة لإقامة حكم الله في الأرض وان جنسية المسلم هي عقيدته ، لكن حين حدث العكس وتفرقت إلى جاهليات وعصبيات وحزبيات تتنافس باسم الإسلام وتتصارع باسم المصلحة ، لكن حزب الله يتفق في المبادئ و المقاصد والنهج ، وقد يختلف في الأدوات والوسائل ، بحيث تعد تلك الأدوات التي ستأتي لاحقا ، فإذا اتفقت الوسائل مع المبادئ الشرعية الكلية ومقاصدها ، حصل المطلوب ، وكانت الحزبية كليات معتبرة في معظم الاتجاهات الدينية والفلسفات الأخلاقية ، فقد وجب خضوع الجميع لأحكامها دون تمييز بين الناس على أساس عرقي أو جنسي أو ديني ، وبالتالي فان أي محاولة لفرض رأي من قبل حزب لم يبنى على الأساس السابق يستوجب تلاحم مؤسسات المجتمع وأفراده لمقاومة منظومته وخضوعه في تحكيم القوانين التي ارتضتها جمهور الناس ومن أهم المفاهيم التي تتعلق بحقيقة المشاركة في الفكر العربي فكرة المعارضة والتي  تتساند وأفكار مثل الحزبية وتعدد القوى السياسية والرقابة السياسية والمجالس النيابية وكل ذلك يتعلق بالمفهوم الغربي للسياسة وعلم السياسة من كونه يتعلق بظاهرة السلطة والصراع من اجلها باعتبار الصراع قيمة أساسية تتحكم في الحياة السياسية ، وتبدوا الخلاصة الأساسية المستمدة من المبادئ الكلية أن الحزبية من المنظور السلفي من حيث كون الأخير ذو توجه عالمي ، بمعنى : أن هذا النظام لايرتبط بتحقيق المصالح القومية لأي جماعة سكانية محددة على حسابات التوجهات والهيئات السياسية الأخرى ، بل يلتزم بتحقيق مناخ سياسي يسمح بقيام علاقات تعاون وتكامل بين جميع المكونات و المكونات السكانية المشكلة لبناينه العام ، كذلك لايرتبط النظام السياسي الإسلامي بتطبيق الأحكام والقوانين على الجميع ، بل يتيح المجال لجميع الجماعات الدينية والعقدية كي تطبق الأحكام الخاصة بها ، وهذا يضمن التعدد السياسي ( الحزبية ) داخل النظام السياسي الإسلامي  ، وبطبيعة الحال  فان عالمية النظام الإسلامي لاتقتضي ضرورة ان يرتبط قيامه بامتداد رقعته عبر العالم ، بل تتطلب أن يتجاوز اهتمامه المصالح القومية الضيقة ، بحيث نجد أن أهم المفاهيم التي تتعلق بحقيقة المشاركة في الفكر الليبرالي الغربي ، فكرة المعارضة والتي تتساند وأفكار مثل الحزبية وتعدد القوى السياسية والرقابة السياسية والمجالس النيابية وكل ذلك يتعلق بالمفهوم الغربي للتعددية السياسية ، بحث نجد أن علم السياسية من حيث كونه يتعلق بظاهرة السلطة والصراع من اجلها ، وفي هذا الإطار نجد مفهوم الحزبية ، الذي ، الذي يعني الخلوص و الصدق وعد الفسق والاتصاف بالعدل والصلاح والقيام بالإصلاح وتساندها مع تكوينات الأمة وفصائلها وتوجهاتها العرقية والاثنية ، بحيث نجد أن الأحزاب السياسية ذات البرنامج الذي يراعى فيه البيئة والمناخ الفكري وطبيعة المجتمع الكلية هو صمام أمان في توجيه الرأي العام وتعميق الوعي السياسي لدى الشعوب بما تقوم به من طرح مشاكل الشعوب للحوار وبسط أسبابها واقتراح وسائل حلها الأمر الذي يثري الحياة الفكرية ، ويساعد على بلورة الاتجاهات الفكرية المختلفة وهو بمثابة همزة وصل بين الحاكم والمحكوم ، لان الآراء والمعطيات التي يثمرها هذا النظام لابد أن تصل إلى مراكز القرار ليتعرفوا من خلالها على مطالب الشعوب فيعكفون على دراستها توطئة لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها ، فالتعددية السياسية بما تتيحه من وجود معارضة علنية يمارس المعارضون من خلالها حقهم المشروع في التعبير الحر والسعي المشروع للدفع ببرامجهم وبرجالهم إلى مراكز القرار ولكن لا يخفى من منظور شرعي أن تعدد الأحزاب ( البلقنة ) يؤدي إلى مفاسد داخل النظام السياسي منها تشرذم الأمة من حوله ، فتكثر الاضطرابات ويحل النزاع والشقاق والنفاق ، مكان الوحدة والتجانس والاتفاق ، ناهيك عن تبديد الجهود للدولة وتشتت قواها ، وذلك من خلال مؤيدين و معارضين ، يسعى كل فريق منهم إلى التربص بالآخر لإضعافه ، فالأحزاب السياسية غالبا ما روضت أعضاءها في مجالس البرلمان على الالتزام الحزبي ، وذلك بتبني آراء الحزب ولو لم يقتنعوا بصوابها فيذهب النائب منهم إلى البرلمان وقد حدد سلفا في أي جانب سيعطي صوته ، وتصبح المناقشات مجرد مناورات كلامية التي تتضمنها في توجيه العملية السياسية وطبيعة حركتها في الواقع العربي المعاصر وتعبر عن استجابة متميزة على المستوى النظري والحركي خصوصا بعد موجات الربيع العربي التي أهدت أنظمة بكل تكتلاتها وأحزابها السياسية ،  هنا لابد من القول : بأن الحزبية اليوم أن تصبح صوت الشعب وقلبه النابض ، ليس لمجرد تكتلات تتحكم في دواليبها الدول الاستبدادية بطريقة أو بأخرى ، ذلك أن المشاركة السياسية باعتبارها فرعا على الشرعية تتسم بنفس خصائص الأصل في التأسيس والمصدر والضبط والمقاصد ومن ثم كان المفهوم الشرعي للحزبية ، أكثر دلالة على استيعاب المشروع الإسلامي لإشكالية التعددية السياسية في إطارها الصحيح داخل الأمة الإسلامية ، وان الحزبية تمثل احد مستويات الشرعية خاصة من جانب الحركة وطريقتها ومنهاجها من حيث اتساق الجماعة مع تأسيس الشرعية الحركية ، بحيث أن الأخيرة تؤدي إلى التأثير في حال المشاركة ، بينما حال الاستبدال يتطلب طرقا أخرى متميزة وتمتع النظام بالشرعية يفرض أحوالا أخرى من المشاركة في إطار الفقه الكامل للمشروع السياسي الإسلامي ، بحيث إذا انعدمت هذه الرؤية فإنها ستنتج ربيعا عربيا آخر أو صيفا أو خريفا في وجه التسلط.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.