أبعث إليكم تحياتي القلبية و عواطفي العميقة و أهنئكم بمؤتمركم العظيم الذي تعقدونه تحت إشراف حزبكم العتيد، أنتم يا شباب الاستقلال و يا رجاله
الحمد لله
إخوتي – إخواني
أبعث إليكم تحياتي القلبية و عواطفي العميقة و أهنئكم بمؤتمركم العظيم الذي تعقدونه تحت إشراف حزبكم العتيد، أنتم يا شباب الاستقلال و يا رجاله الأبطال، و إنني لسعيد أن أتيحت لي فرصة الحديث إليكم من هذه المدينة المغربية التي ما يزال أهلها يطمحون إلى الانضمام للوطن الوالد، لأبثكم أشواقي و أرعى جمعكم الموقر بقلبي و روحي.
يا شباب الاستقلال، لقد أعلن استقلال بلادنا و أصبح حقيقة واقعة، ولكن هناك أمرين لابد من مراعتهما عند الفوز بهذه النتيجة العظمى.
الأول: إن هذا الاستقلال ما يزال ناقصا،ـ وسيظل كذلك ما دامت في البلاد قطعة تحت الحماية أو النفوذ الأجنبي، فمادامت طنجة لم تتحرر من إدارتها الدولية، ومادامت المناطق التي اعتدنا أن نسميها بالخليفية في الشمال، و الصحراء الإسبــانية في الجنوب تحت الحماية أو الحكم الإسباني، ومادامت الصحراء من تندوف حتى أطار، ومادامت أجزاء في التخوم المغربية الجزائرية لم تسترجع للبلاد فسيظل استقلالنا أعــرج، وسيظل واجبنا الأول هو مــواصلة العمل لتحــرير الوطن و توحيده بنفس الروح و الحماس الذي عملنا بهما طيلة الثلاثين عاما الماضية حتى اعترفت فرنسا لنا بالاستقلال و التزمت بتأييد الوحدة الترابية للبلاد، و أنه لا يمكن أن تطيب لنا حياة، إذا كان قسم من وطننا و عديد من مواطنينا لم يتمتعوا بنعمة الحرية التي حصلنا عليها، فواجبكم أيها الشباب أن تظلوا مستعدين دائما لهذه الحقيقة، و أن تكونوا في طليعة العاملين لها ،المجاهدين من أجلها بمنتهى الحكمة و في دائرة التوجيهات التي تتلقونها من حزبكم و قادته الأبرار ، و اعلموا أن الوطن كل لا يتجزأ، وكذلك يجب أن يكون استقلاله عاما شاملا.
الأمــر الثاني– إن الاعتــراف بالاستقـــلال من الوجـهة القــانونية لا يصبح استقلال في واقع الأمر إلا إذا جعلناه نحن كذلك، فيجب أن نعتقد أولا أننا مستقلون و أن ننزع عن أنفسنا عقدة الحماية أو التبعية الأجنبية سواء في الإدارة أو الاقتصاد أو في السلوك.إن المسؤوليات الكبرى الملقاة علينا بين عهد الاستعمار و بين عهد الاستقلال، وهذا لا يتم إلا بالتحرر المعنوي و الخلقي الذي يجب أن تكونوا المثال الصالح له، و من أمثلة ذلك التخلي عن النفاق و التملق وحب المنــاصب بغير استحقاق، و الوساطات و استعمال الجاه و الرشوة و غير ذلك مما اعتدنا أن نراه في العهود البائدة، و إذا كان القائمون بهذا في وقت الاستعمار يتعذرون بالنظام القائم فإنه لم يعد هناك هذا النظام إذ أصبحت الأمة سواء، فعليكم أن تحرروا أنفسكم من أنفسكم، من النقائص و تقاوموا كل من يتصف بها و ترشدوا الشباب المغربي كله للتخلي عنها و التحلي باجتنابها.
على منظمات الشباب الاستقلالي أن تعمل على تكوين أفرادها طاهري الأجسام، نظيفي الثياب، أقوياء البنية، مستنيري الذهن، طيبي القلوب، مليئين بالحيوية و الفتوة، شاعرين بالمسؤولية، متحملين لأعباء الواجب مــؤمنين بالله متمسكيــن بالـدين، مكتسبين بالوسـائل المشـروعة و مبتعدين عن كل الشبهات، منتظمين في الطاعة، متناسقين في الأعمال، متناسين أنفسهم في الخدمة الاجتماعية، مقاومين للجهل و الأمية، ناشرين للفضيلة و الحرية.
إن الاستقلال حركة دائمة مستمرة و تطــور دائب، فعلى أفراده و خاصة الشباب منهم أن يتجهوا نحو الحاجيات الوقتية ليكافحوا من أجلها مسايرين التطور مراعين الحقائق الاجتماعية، ولكن الأساس الأول لكل عمل هو النظام و الطاعة للقائمين عليه.
و إن أي عمل أو نظام لا يعتمدان على حرية الضمير و تحقيق أمن الفرد و الجماعة، لايمكن أن يعتبر إلا فوضى و اضطرابا، و إن كل أمن لا يحقق السلامة الاجتماعية و ضمان حاجيات الناس لهو فتنة كبرى، أما جماع ذلك فهو الانتظام في سلك العقيدة و الائتمار بأوامرها.
أيها الشباب الاستقلالي: إن مستقبل الحزب و مستقبل الأمة بين أيديكم،فكونوا أهلا للثقة التي نضعها فيكم، والتمروا بينكم بمعروف، واذكروا أن الذين جاهدوا و استشهدوا و لم يضحوا إلا ليبقى المغرب عربيا مسلما مستقلا ملكيا دستوريا مليئا بالحق و عدالة الإسلام.
أعانكم الله و قواكم و سلام عليكم و رحمة الله.
عـــــــلال الفــــاسي
25-03-1956