لن نختلف مع كائن من كان إذا ما اعتبرنا أن المقصد الرباني والشرعي من مشروعي التنزيل والإرسال هو إقامة الحجة على معشر المخاطبين في دائرة التكليف، مراعاة
للكاتب والمعتقل الإسلامي السابق زكرياء بوغرارة
بعد رحلة الشقاء ها هو ذا ثاو في جوف الزنزانة.. إنها قبو كالقبر.. العتمة ترسل شظاياها إنها عالم قاس لايقيني فيها سوى القمع الذي يسري في الهواء..
وتلك البوابة الرمادية يا لها من بوابة ألم تقابله كالمرآة.. كلما إلتفت وقعت عيناه عليها فيشعر بكآبة ممزوجة بالمرارة .. يطل منها السجان الحاج أزريقة وهو يجول بعينيه الزرقاوين بما فيهما من مكر
ثم يقول بصوت كفحيح أفعى
” هانية”
ينتظر بعدها لحظات ثم ينصرف
ها هو ذا أمام البوابة الصامتة ذات العقود السبعة يرقب منها ألمه يرى فيها بؤس المكان وحصار الجرذان… ليس بطوقه الفكاك منها وكيف له ذلك في هذا المعتقل العتيد،
هي ماثلة أمامه كالجبل الأسود آناء الليل وأطراف النهار، بكآبة منظرها وخربشاتها المميزة وأوساخها المتراكمة وأطباق من زمن مضى تثير حفيظته تلك الذهون الزيتية المقيتة التي طليت بها من زمن سحيق حتى كادت تبدو كوجه عجوز شمطاء تزينت فزادتها ادوات الزينة قبحا وترهلا ونفورا…
القبح في المعتقل علامة المكان والعتمة كلها قبح
زنزانته.. عفوا قبره .. عبارة عن منفردة من متر ونصف في العرض ومترين في الطول.. وفي أعلى الجدار المقابل للبوابة العتيقة نافذة كشاهد القبر ضيقة جدا بها ثلاثة قضبان حديدية سميكة كلما أمعن النظر فيها احتلت الحسرة مكانة في صدره ووجدانه
الألم يحاصره قد تعود عليه في هذا المكان..
إنه في كل اتجاه كأنه يسري في الهواء.. أينما التفت ذات اليمين وذات الشمال يرى الألم والعتمة….
إنه يألم كما هم يألمون…
يتردد السجان الحاج أزريقة على الزنزانة عشرات المرات تتناوشه الهواجس والشك في جوف الليل ينتقل بين العنابر يتجسس خلف البوابة القاتلة يلقي بأذنه في عمق القبو يسمي هذه العملية “” سربيس الأذن””
يألم كما يألم ساكنو العتمة
إنها الزنزانة ر قم “”8″” في عنابر العتمة داخل السجن المركزي القنيطرة
وهذا اول يوم لصاحبنا في هذا المكان…