من أجل علاج رضيعة… هل يُجبر المواطن على الاحتجاج أمام المستشفى؟

  • الكاتب : سيداتي بيدا
  • بتاريخ : 16 سبتمبر، 2025 - 00:04
  • ريحانة برس

    في مشهدٍ لا يُشرّف دولة تتغنى بالحق في الصحة، وقف أبٌ مكلوم أمام مستشفى الحسن الثاني بأكادير، يحمل بين ذراعيه ابنته الرضيعة، المريضة، التي أنهكها الانتظار وأوجعها الإهمال. لم يطلب الأب المستحيل. لم يطلب واسطة أو امتيازًا، بل فقط العلاج لطفلته. لكن، وكما يحدث في كثير من الحالات، لا آذان صاغية… إلى أن قرر أن يرفع صوته، أن يَحتج، أن يقف وجهاً لوجه مع الألم واللا مبالاة، في وقفة احتجاجية أمام باب المستشفى.

    فجأة، وبعد أن تناقلت الصور والمشاهد قنوات الإعلام ووسائل التواصل، . خصصت المديرة الجهوية للصحة،اب الرضيعة بإستقبال خاص وتدخّل وزير الصحة شخصيًا، وتكفلت الوزارة بعلاج الطفلة على نفقتها الخاصة.

    كل هذا بعد أن أصبح الحرج أكبر من أن يُحتمل، وبعد أن أصبح الأب والرضيعة قضية رأي عام.

    لماذا لم تعالج الرضيعة في الوقت المناسب؟

    لماذا لا يتحرّك القطاع الصحي إلا تحت الضغط الإعلامي؟

    لماذا على المواطن أن يُذل نفسه ويكشف أوجاعه للكاميرات حتى يحصل على حقه الدستوري؟

    هل أصبحت الكرامة الإنسانية رهينة “البوز” و”الترند”؟

    هل المواطن المغربي مواطن من الدرجة الثانية حتى يضطر إلى الاحتجاج ليُرى ويُسمع؟

    أين دور المؤسسات؟ أين منظومة التكفل الصحي؟ أين المسؤولون عن رصد الحالات المستعجلة والحرجة؟

    ما حدث ليس إنجازًا للوزارة، بل إدانة واضحة لها. لأن النجاح الحقيقي لا يُقاس بردّ الفعل، بل بالفعل المسبق. لأن الطفلة كان من الممكن أن تُعالج في صمت، بكرامة، دون أن يتحول المرض إلى أداة ضغط.

    المطلوب اليوم ليس مجرّد علاج حالة بعد ضجة، بل مراجعة شاملة لمنظومة الصحة، وتطهيرها من مظاهر الإهمال والتسيّب، وتفعيل آليات الرقابة والمحاسبة. المواطن لم يعد يحتمل مزيدًا من الانتظار في طابور الذل. إما أن تكون الصحة حقًا مكفولًا بالفعل، أو فلنعلن رسميًا أن الفقير لا مكان له في حسابات الوزارة.

    الطفلة اليوم تُعالج، لكن ماذا عن غيرها؟

    كم من رضيع آخر، وكم من أم، وكم من شيخ، ينتظر في صمت لا يصل صداه إلى الإعلام؟

    هؤلاء ليسوا مجرد أرقام… إنهم مواطنون.