لم يعد صمت رئاسة النيابة العامة مجرد موقف مؤسساتي محسوب

  • الكاتب : إبراهيم حمي
  • بتاريخ : 3 ديسمبر، 2025 - 16:30
  • الزيارات : 46
  • ريحانة برس

    لم يعد صمت رئاسة النيابة العامة مجرد موقف مؤسساتي محسوب، بل تحول إلى علامة استفهام يومية تتضخم في الشارع كفقاعة لا أحد يريد لمسها.

    قضايا تتفجر كل صباح، تتداولها المنابر والرأي العام كخبز يومي، ولا يصلنا من المؤسسة المعنية بحماية القانون وصون الثقة العامة سوى صمت بارد، صمت يقابله ضجيج الشبهات والانفلات.

    فعلى سبيل المثال لا الحصر، ما جرى مؤخراً في الحقل الإعلامي والصحافي من أحداث في منتهى الخطورة في ما سُمي “لجنة الأخلاق” التي لم تعرف من الأخلاق سوى الاسم، والتي جرت خلفها ركام من فضائح لم تسلم منها حتى بعض مفاصل السلطة القضائية.

    ورغم خطورة الموضوع وارتباطه المباشر بسلامة المرفق القضائي وسمعته، لم نجد تدخلاً واضحاً من رئاسة النيابة العامة لرفع اللبس، وفتح تحقيق، أو حتى طمأنة الرأي العام حول ما يجري.

    الأمر نفسه يحدث مع ملفات الفساد، تبذير المال العام هنا وهناك، والتلاعب بالمؤسسات. الإعلام ينشر والمعطيات تتناسل، والمواطن يسمع ويرى، لكن النيابة العامة الجهة المخولة لها بالتحرك من تلقاء نفسها.

    تلتزم صمتاً لا يمكن تفسيره إلا باعتباره جزءاً من المشكلة وليس بداية الحل. فهل ننتظر أن يتحول كل ملف إلى فضيحة وطنية قبل أن نسمع صوت القانون؟ أم أن القانون أصبح يُفعل بانتقائية تقتل ثقة المجتمع في العدالة؟

    إن تدخل النيابة العامة ليس ترفاً ولا منة، بل واجب لحماية الاستقرار الحقيقي، لا الاستقرار الورقي. واجب لتمييز الحقيقة من الافتراء، ولضمانات ألا يفلت أحد من العقاب، لا صاحب منصب، ولا صاحب نفوذ، ولا حتى من يطلق الاتهامات جزافاً دون دليل. لأن دولة القانون لا تُبنى بالصمت، بل بالفعل. ولا تُحصن بالبلاغات الشكلية، بل بقرارات جريئة تعيد للمواطن إحساسه بأن العدالة ليست مجرد شعار يُرفع، بل مؤسسة تحميه فعلاً.

    الصمت في قضايا بهذا الحجم لا يحقق الاستقرار… بل يقوّضه. والاستقرار لا يصنعه السكوت، بل تطبيق القانون… على الجميع، دون استثناء.