رئيس الحكومة… حين اختار الاستثمار في رأس المال ونسي رأس المواطن!

  • الكاتب : فؤاد الخنشافي
  • بتاريخ : 13 أكتوبر، 2025 - 22:14
  • الزيارات : 451
  • فؤاد الخنشافي – ريحانة برس-

    لم يعد الشارع المغربي اليوم بحاجة إلى شعارات براقة أو خطابات تسويقية تُزيّن الواقع بطلاء الأمل، بقدر ما يحتاج إلى من يصغي حقًا إلى نبضه المتعب، إلى صوته المبحوح الذي يعلو في كل حيٍّ مهمّش، في كل قريةٍ تُنازع الحياة، وفي كل شابٍ فقد ثقته في المستقبل.
    ورغم كثرة الوعود التي أطلقتها الحكومة الحالية حول العدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر، فإنّ الواقع أثبت أنّ تلك الوعود لم تكن سوى أوراقًا في مهبّ الرياح، وأنّ رهان رئيس الحكومة انصرف نحو تقوية المستثمرين واللوبيات الاقتصادية، بدل حماية الفئات الهشة التي تشكّل العمود الفقري للوطن.

    المغاربة اليوم لا يطالبون بالمستحيل، بل فقط بسياسات عمومية تُنقذ ما يمكن إنقاذه: فرص شغل حقيقية، تعليم كريم، صحة تحفظ الكرامة، وسكن يليق بالمواطن لا بالمضارب العقاري. ومع ذلك، فضل رئيس الحكومة أن يبقى حبيس الأرقام والنماذج الافتراضية، يقدّمها في المنابر الدولية كإنجازات، بينما في الواقع تتسع الهوة بين الطبقات وتتصاعد موجة الغضب الصامت.

    لقد خلق هذا التوجه احتقانًا اجتماعيًا واسعًا، يزداد اتساعًا مع ارتفاع الأسعار وجمود الأجور وتراجع القدرة الشرائية. والمفارقة أنّ رئيس الحكومة، الذي وعد المغاربة في بدايات ولايته بأن يكون “قريبًا من الناس”، لم يجد اليوم الجرأة للنزول إلى الشارع أو الاستماع مباشرة إلى هموم من انتخبوه. فبينه وبين المواطن جدار من المستشارين، ومن خلفهم جدار من الأرقام الباردة والتبريرات الجاهزة.

    إنّ الخطر الأكبر لا يكمن في فشل السياسات العمومية فحسب، بل في تآكل الثقة بين المواطن والدولة، حين يشعر الناس أن الحكومة تُدار بعقلية المقاول لا بعقلية رجل الدولة، وأنّ صوت الفقير أصبح آخر ما يُسمع في دوائر القرار.

    لقد آن الأوان، بعد كل هذا التدهور الاجتماعي، أن تُطرح أسئلة حقيقية:
    هل يحق لحكومة كهذه أن تدّعي تمثيل الشعب؟
    وهل يمكن لمن لم يجرؤ على النزول إلى الشارع، أن يزعم أنه يُدبّر نبضه؟