وزارة تحديث الإدارة في حاجة لمن يحدثها عن التحديث

0

تصاعدت الأصوات المنددة داخل وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة بعقلية التحكم في التعيينات في المناصب العليا ومناصب المسؤولية لدى بعض مسؤوليها ، إذ

تصاعدت الأصوات المنددة داخل وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة بعقلية التحكم في التعيينات في المناصب العليا ومناصب المسؤولية لدى بعض مسؤوليها ، إذ تتساءل بقوة عن جدوى مسطرة الترشيحات وتعيين لجن الانتقاء  لاختيار من يتولي هذه المناصب طالما أنها أضحت فاقدة لكل مصداقية بحكم افتقارها لعنصر الحياد والاستقلالية وخضوعها التام لإملاءات رئيسها الكاتب العام للوزارة . ويعتبر هذا السلوك لدى مصادر عليمة داخل الوزارة  تحديا وخرقا سافرين لمبدأي تكافؤ الفرص والاستحقاق في ولوج مناصب المسؤولية.

فقد لوحظ بوضوح أن دور لجان الانتقاء لا يتجاوز أن يكون شكليا مادام أن اسم المرشح المرغوب فيه يكون محددا سلفا ، ويتم طبخ محضر اللجنة بالشكل الذي يرفع من أسهمه ويطمس بالمقابل كفاءات باقي المنافسين عند اتخاذ قرار التعيين  .وبالتالي فإن اعتبارات الاستحقاق والشفافية  في ولوج الوظائف والمناصب العمومية التي نص عليها الدستور تتراجع أمام الاعتبارات الذاتية الضيقة وحسابات الولاء الشخصية .

و في ظل هذا الوضع أصبح شعور الحنق و الحيف يتعاظم لدى أطر الوزارة الذين  ضاقوا ذرعا بالاستمرار في المشاركة في لعبة معروفة النتائج كما يؤشر على ذلك تزايد عدد الترشيحات المنفردة . و يحدث هذا،  للأسف،  في وزارة يفترض فيها أن تعطي المثال لباقي الإدارات العمومية  في الحرص على تطبيق المبادئ الدستورية الجديدة من مساواة واستحقاق في ولوج الوظائف والمناصب العمومية وفي السهر على احترام وحسن تطبيق النصوص القانونية والمساطر التنظيمية التي أشرفت نفس الوزارة على وضعها.

و في هذا السياق تستغرب أطر الوزارة  عن  الدور والنفوذ الذين لازال يحظى بهما  مدير الوظيفة العمومية السابق ( عبد الله الطيبي )  المحال على التقاعد منذ نهاية سنة 2013 و الذي لازال يستفيد من عدة امتيازات كالسيارة والبنزين والمكتب بالإضافة إلى راتب المعاش . والأدهى من ذلك فإنه  يحتفظ بتأثير حاسم في قرارات الوزارة  وفي اختيار من سيعين في مناصب المسؤولية بالوزارة وفقا لمنطق الولاء الضيق تجاه البعض ولعقلية  انتقامية وإقصائية  تجاه من كان لا يشاطره رؤيته السلطوية المتجاوزة.

 فقد اطمئن مؤخرا على تنصيب خلفه  الذي أصر أن يعين على مديرية الوظيفة العمومية وحرص بالمناسبة على تسليمه مفتاح مكتب  المديرية بنفسه ، كما نجح في تعيين عدد من الأشخاص الموالين له أو المنحدرين من المنطقة أو  الحزب ( حزب الاستقلال)  الذي ينتمي إليه شقيقه البرلماني( محمد الطيبي ) والذي كان له الفضل في تعيينه على رأس المديرية المذكورة،  ولازال يخطط لتعيين المزيد من الموالين له والوقوف في وجه المناوئين لتوجهه وتفكيره المتقادم . مع العلم أن المعني بالأمر أبان عن فشل ذريع طيلة توليه لمنصب المسؤولية في قسم الأنظمة الأساسية وفي تدبير مديرية الوظيفة العمومية  و في إدماج آليات التدبير الحديث في منظومة الموارد البشرية بالإدارة  العمومية وعجزه عن إخراج مشروع المراجعة الشاملة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية إلى حيز الوجود المطروح منذ أكثر من عشر سنوات.

وفي محاولة لرد الدين الذي كان في عنقه تجاه الحزب الذي أوصله إلى المديرية فإنه لعب عدة أدوار ملتبسة ليس أقلها أنه كان وراء إعداد  نصين متناقضين  صدرا سنة  2011  ، في عهد حكومة عباس الفاسي التي تولى فيها الاستقلالي سعد العلمي حقيبة وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ، أحدهما القانون رقم 50.05 الذي  عمم التوظيف بالمباراة والآخر المرسوم الذي ينص على التوظيف المباشر وذلك من أجل تمكين هذه الحكومة من ربح بعض النقاط في حصيلتها الاجتماعية في نهاية ولايتها ، حيث ركبت على ملف المعطلين حاملي الشهادات العليا من خلال التوقيع  على محضر 20 يوليوز2011 الشهير الذي يسمح للمعطلين الواردة أسماؤهم فيه بالتوظيف المباشر بصفة استثنائية في أسلاك الوظيفة العمومية بناء على المرسوم المذكور وبشكل مخالف لقانون الوظيفة العمومية الصادر في ماي من نفس السنة ، وهو المحضر الذي قيل الكثير بشأن إضافة أسماء عديدة إليه تنتسب إلى الحزب المذكور.

 ومن المعلوم أن محكمة الاستئناف عرت مؤخرا عن عدم قانونية المحضر وكشفت مرة أخرى عن التخبط التشريعي العشوائي لوزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ،  وأبانت عن زيف الآمال التي فتحها المرسوم والمحضر لفئة المعطلين المراهنين على التوظيف المباشر ،  وذلك  بعد أن تمت جرجرتهم في شوارع الرباط وأمام القضاء الإداري ،وهذه فضيحة جديدة تنضاف إلى فضيحة ضحايا ” النجاة ” .

وعليه، فإن الوزير الحالي مطالب بأن يتدارك ما ينبغي تداركه قبل فوات الأوان وبأن ينكب بسرعة وجدية على مراجعة اختيارات محيطه الذي عفا عنه الزمن وذلك قبل أن تتساقط باقي أوراق الوزارة كما تتساقط أوراق الخريف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.