هل ينقذ غوغل سوق الصحافة المريضة

0

منذ أن تغير سلوك القراء، لا أحد يأمل بعودتهم إلى ما قبل زمن الكمبيوتر اللوحي، المحتوى الصحفي الذي يجب أن يتغير وليس ما يعتاد عليه اليوم جيل الهواتف

منذ أن تغير سلوك القراء، لا أحد يأمل بعودتهم إلى ما قبل زمن الكمبيوتر اللوحي، المحتوى الصحفي الذي يجب أن يتغير وليس ما يعتاد عليه اليوم جيل الهواتف الذكية، أو بتعبير إمبراطور الإعلام روبيرت مردوخ، أن هذا الجهاز غيّر قواعد “اللعبة الصحفية” الأمر الذي دفع وسائل الإعلام الورقية إلى إعادة حساباتها.

ولأن الاشتراك اليومي بالصحف أوشك على الانتهاء مع نهاية جيل لا يتذوق القهوة إلا مع رائحة الورق، فإن الصحافة الورقية أضحت سوقا مريضة فتحت المنافذ لحزمة من الحلول تدور في حلقة دون أن تستطيع التمركز، كما يرى مايك دارسي، الرئيس التنفيذي لمجموعة تضم مؤسسات إعلامية في بريطانيا والولايات المتحدة، بأن جهدا ضائعا بذله العديد من مخططي وسائل الإعلام حول الإجابة على أسئلة ضيّقة تؤدي إلى معرفة كيفية تسييل المحتوى الرقمي، الأمر الذي أفقدهم المسار حول تأمين مستقبل مستدام على نطاق واسع.

أو كما عرض من قبل المدير العام لوكالة الصحافة الفرنسية إيمانويل هوغ بيع الأخبار إلى المستخدمين مباشرة، متجاوزا الصحف والمحطات التلفزيونية والإذاعات، مثيرا للجدل حينها.

فيما تهكّم المتابعون على مقترحات لجنة التجارة الفيدرالية في واشنطن لمساعدة الصحافة في التمكن من تحقيق أرباح مجددا، عبر تخفيف القيود في لوائح مكافحة الاحتكار بهدف السماح للمؤسسات الإخبارية بفرض رسوم على المحتوى الإلكتروني أو فرض ضريبة على أجهزة “آي باد” وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، لدعم تكلفة التقارير الصحافية أو تأسيس صندوق عام لدفع رواتب الصحفيين الصغار، واصفين فرض الضريبة على الأجهزة بـ”الفكرة البغيضة”.

وثمة من يرى أن هناك ما يُعول عليه في إنقاذ سوق الصحافة الورقية المريضة التي تعاني الإغلاق والاندماج والتخفيضات، وتراجع المبيعات، وانخفاض الإعلانات وما ترتب على ذلك من تقليص الكادر ومن ثم إعادة ما ينشر على الإنترنت في طبخة إخبارية “بائتة” لم يعد يستسيغها الجمهور.

وتأتي مساهمة مجموعة “نايت” الأميركية للدراسات الإعلامية، عبر اقتراح خيارات لدفع عمالقة الإنترنت مثل غوغل للمساهمة في تمويل الصحافة الورقية، أو قيام بورصة لندن بتطوير صناعة الأخبار وتسويقها وتطوير الجدوى الاقتصادية لها.

ويبدو خيار الاتفاق مع “غوغل” الأكثر واقعيا، وفق مجموعة “نايت” (KNC)، وهي منظمة خاصة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، مكرسة لدعم “الأفكار التحولية التي تشجع الجودة والابتكار في وسائل الإعلام وإشراك المجتمعات المحلية في صناعة القرار وتشجيع الفنون”.

ولأن محرك البحث العملاق سبق وأن سوّى خلافه مع وسائل الإعلام الفرنسية التي تتهمه بالاحتكار، عبر زيادة عائدات الإعلانات الإلكترونية للناشرين الفرنسيين، وإنشاء صندوق بقيمة ستين مليار يورو لتمويل بحوث تطوير النشر الرقمي الفرنسي.

وأعطى الاتفاق الذي وقعه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس شركة “غوغل” أريك شميدت في قصر الإليزيه، وكالات الأنباء الفرنسية والناشرين منصات إعلانية عبر الإنترنت يسهم محرك البحث في تقديمها للمستخدمين.

لذلك يبدو هذا الخيار متاحا أيضا أمام صحف “فليت ستريت” التي غادرت مباني الشارع العريق دون أن تتخلص من أزمتها المتصاعدة. لأن شميدت نفسه عبّر عن سعادته لمناقشة ترتيبات مماثلة مع الصحف البريطانية.

و”غوغل” بسطوته الرقمية والمالية يبدو الحل الأمثل عندما يكون شريكا في خلق الازدهار والابتكار في مجتمع معلوماتي وديمقراطي في آن.

ويدرك البريطانيون أن الديمقراطية ترتكز على صحافة حيوية، في وقت لم يعد هناك صحافة مؤثرة كما كانت، إزاء تدفق هائل للصحافة الرقمية.

لا طريق للمحافظة على الصحافة بنفس قوتها الديمقراطية دون مبادرة جديدة للتمويل، أو بثناء إحدى الإعلاميات البريطانيات على الخطوة الحاسمة لجعل الأعمال التجارية للأنباء اقتراحا اقتصاديا مثيرا، كونها تأتي في لحظة حاسمة بالنسبة إلى الصحافة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.