طالما كانت المرأة كارتًا رابحًا في يد كل الأطراف السياسية في مصر، كارتًا يتم استغلاله بكل الأشكال، ولعل تيار الإسلام السياسي متمثلاً في جماعة الإخوان
طالما كانت المرأة كارتًا رابحًا في يد كل الأطراف السياسية في مصر، كارتًا يتم استغلاله بكل الأشكال، ولعل تيار الإسلام السياسي متمثلاً في جماعة الإخوان يليه التيار السلفي الذي اختار الدخول للعمل السياسي مؤخرا هما الأكثر قدرة على استغلال هذا الكارت لصالحه، وقد برز ذلك جلياً بعد ثورة 25 يناير، هذا الدخول للمرأة الذي أضر بمصالحها هي أولاً قبل أي طرف آخر في المجتمع، ونحن هنا سنحاول التطرق للدور الذي لعبته المرأة السلفية والإخوانية داخل المجال الاجتماعي خاصة مجال الدعوة والمجال السياسي، متطرقين إلى تعريف مختصر للسلفية ودخول السلفيين للعمل السياسي والفروق الظاهرية في الأفكار بينهم وبين جماعة الإخوان، ثم التطرق للمرأة السلفية والإخوانية ودخولها في مجال الدعوة، ثم في مشاركتها في العملية السياسية.
مدخل
يشير مصطلح السلفية إلى تفسير الإسلام بحسب الطريقة التي كانت موجودة في زمن النبي محمد والأجيال الأولى من أتباعه المعروفة باسم السلف، ويعتقد السلفيون أن هذه الفترة المبكرة تمثل العصر الذهبي للإسلام في شكله النقي؛ لذلك يجب أن تكون المثال الذي يقتدي به جميع المسلمين اليوم.
وقد ظهرت السلفية في شكل تيار متماسك عام 1300 من الهجرة، وقد تشكل هذا التيار كرد فعل للمؤسسات الدينية التقليدية والفساد الذي حل بالإيمان والممارسة الإسلامية كما يقول رواد هذا الفكر.
وقد ازدهرت السلفية في القرن الثامن عشر في أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي، بما في ذلك في شبه الجزيرة العربية، والتي ترعرعت فيها الحركة السلفية ونجحت وتشكلت تحت اسم الحركة الوهابية التي استمرت حتى يومنا هذا.
أما سياسياً فقد اتخذت السلفية موقفا غامضا بعض الشيء، فمن جهة اعتمد السلفيون على النصوص التي تمنع التمرد على الحاكم مهما بلغ ظلمه أو إثمه، أيضاً تم تحريم المشاركة السياسية طوال الوقت على أساس أن “الديمقراطية” هي بدعة غربية وبالتالي حرام- من وجهة نظرهم.
ومن جهة أخرى فإن هذه التيارات السلفية نفسها التي تدعو إلى المعارضة العنيفة إلى حد حمل السلاح ضد الحاكم إذا لم يطبق الشريعة الإسلامية، وفقاً لمفهوم الشريعة لديهم، وبالتالي السلفية يرسم خطا رفيعا بين سياستين متناقضتين تماما، بحيث تكون مهادنة.
ويفسر هذا التناقض الخط الرفيع الذي يتخذه السلفيون بين المهادنة والذي لا يعتبر في نفس الوقت موافقة من السلفيين على شكل الدولة القومية العلمانية الحديثة، وبين حمل السلاح ضد السلطة في بعض الأحيان.
ظهور الفكر السلفي مصر
دخلت السلفية مصر في مطلع القرن العشرين من خلال الحركة الوهابية في بلاد الشام متمثلة في جماعة أنصار السنة، التي أنشأت فرعا لها في القاهرة وأصبحت المؤسسة السلفية الكبرى في مصر، وفي وقت لاحق مع زيادة الاتصال مع المملكة العربية السعودية عززت السلفية وجودها في مصر، خاصةً من خلال تأثير مشايخ السلفية في السعودية، ومن خلال انتقال الأفكار وأنماط الحياة التي جلبها العمال المغتربون العائدون من المملكة العربية السعودية.
وقد فتحت جمعية أنصار السنة مراكز لها في المدن الصغيرة والمتوسطة، مثل دمنهور والمنصورة والإسكندرية ثاني أكبر مدينة في مصر التي أصبحت المركز السلفي الأكثر نشاطاً على مستوى الجمهورية.
وحازت السلفية أيضا على شعبية كبيرة في العديد من محافظات مصر حيث انتشرت المكتبات السلفية والزي السلفي، ورغم أن المظاهر السلفية نادرة نسبيا في صعيد مصر، حيث الأضرحة والممارسات الصوفية هي الغالبة، فإن مدنا مثل الأقصر، أسيوط، وسوهاج مثلت قواعد للعنف ومركزاً للجماعة الإسلامية، التي شنت هجمات إرهابية على المدنيين والسياح خلال 1980 و1990 وفي عام 2002.
واعتمدت السلفية حتى وقت قريب في نشر أفكارها على الشبكات الاجتماعية المتمثلة في الأهل والأصدقاء والجيران ورفقاء المسجد، فقد كانت السلفية لا مركزية ولا هرمية على المستوى المحلي أو الوطني حتى وقت قريب، إلى أن تم اتخاذ القرار بتشكيل أحزاب سياسية ودخولهم إلى عالم السياسة؛ مما مثل موقفا منافيا لأفكار السلفية التقليدية.
السلفيون والإخوان: تعددت الوجوه والفكر واحد
في محاولة منها لكسب كل الأطراف ذكرت جماعة الإخوان المسلمين على موقعها على الإنترنت أن الجماعة هي التي تمثل الحركة السلفية، وقد حاول الإخوان سحب البساط من تحت أقدام التيار السلفي المنظم والمتمثل في الأحزاب السياسية التي ظهرت على الساحة السياسية بعد 25 يناير مثل حزب النور، جاء ذلك بعدما تأكدت الجماعة أن التيار الليبرالي كله لن يقف بجانبها فكان الأجدى لها الاستناد على جماهير التيار السلفي، وبدأت الجماعة بالفعل محاولة جذب جماهير التيار السلفي، من خلال تصريحات أعضاء الجماعة حول تطبيق الشريعة وإقامة الحدود، وقد انعكس ذلك بشكل واضح في الخطاب الذي ألقاه محمد مرسي، رئيس مصر الأسبق المعزول، حيث قال في إحدى خطاباته:” القرآن دستورنا، والرسول محمد هو زعيمنا والجهاد هو طريقنا، والموت في سبيل الله طموحنا.. الشريعة، الشريعة، ثم أخيرا الشريعة، ولن تتمتع هذه الأمة نعمة وإحياء إلا من خلال الشريعة الإسلامية“.
وجماعة الإخوان إن كانت قد اعتمدت في إستراتيجيتها على الأفكار المتشددة المتشربة بروح سيد قطب- أحد الأعضاء السابقين في مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين- في الداخل، إلا أنها اعتمدت أيضا على إستراتيجية الإصلاح والانفتاح على العالم الحديث في الخارج، وذلك لتتواكب مع الحداثة في كل بُعد من أبعاد الحياة.
والإخوان هم أكثر خداعاً في اللغة والمظهر من السلفيين؛ بحيث يبدون أكثر تحرراً رغم أفكارهم المتشددة.
وبينما يميل السلفيون إلى أن يكونوا أكثر انفصالية، وتعطي انطباعاً بأنها تركز على التقوى الدينية الشخصية واستخدام المصطلحات الدينية الورعة، ويميلون أكثر للتشدد في المظهر.
في المقابل نهج الإخوان هو اختراق المؤسسات الغربية، مع الهدف النهائي المتمثل في تحقيق نفس غاية السلفيين وهو إقامة الخلافة الإسلامية، وقد تبدو جماعة الإخوان أكثر واقعية واستيعابا من السلفيين، خاصةً في الخطاب السياسي المهادن والذي يحاول استيعاب التيارات الأخرى المعادية لفكرة الإسلام السياسي.
الصعود السياسي للسلفيين بعد 25 يناير
لم تسفر ثورة يناير 2011 عن بروز قوة سياسية واجتماعية في المجتمع المصري، بقدر ما أبرزت التيار السلفي، وهذا ما أكد عليه الدكتور حافظ دياب في كتابه “السلفيون والسياسة”، وذلك كله على الرغم من رفض السلفيين لثورة يناير في 2011، وإعلان موقفهم الرافض لها، حيث شن السلفيون حملة ضد نشطاء “فيسبوك” و”تويتر” كما أسموهم، ورأوا فيما يحدث خطة بشّر بها أحبار الماسونية وأنبياء إسرائيل وشيوخ صهيون، وهو عين ما جاهر به الداعية السلفي محمد سعيد رسلان، حين ذكر أن الثورة: “عمل لا يتناسب مع الإسلام، بل هو خروج عليه”، وأن من قاموا بها “ليسوا شهداء، بل خوارج”، ورأى فيها جزءًا من الخطة التي بشر بها أحبار الماسون وأنبياء صهيون، وأن من قاموا بها هم خريجو وطلاب الجامعة الأمريكية، يتبعهم ويساندهم الفنانون المخلّون والمخرجون السفهاء وأصحاب العري والسفور والباحثون عن تطليق الفضيلة.
ولكن سرعان ما تبدل موقفهم على النقيض مع تحالفهم مع جماعة الإخوان المسلمين، ليتسم السلوك السياسي للجماعات السلفية منذ الثورة بالبراجماتية، حيث اتخذوا موقفاً طوال الوقت مع ما يعينهم على تحقيق مصالحهم وأهدافهم وبالأصح رؤيتهم، والتي تنطلق من إحساسهم بأهمية الانتشار والتواجد، بما لا يصح معه العزوف عن هذه المشاركة، وفي الوقت ذاته قاموا بعمل مراجعات براجماتية عن بعض المفاهيم؛ لفض الاشتباك بين تطلعاتهم وبين خطابهم الذي يرفض، تاريخياً، مفهوم الديمقراطية على سبيل المثال، وكافة مستحقاتها من أحزاب وانتخابات.
فتراءى لهم عقب الثورة حل هذه المشكلة، فبدءوا بالتجمع في كيان واحد، عبر تشكيل مجالس وائتلافات، كمحاولة لتكوين أرضية تنظيمية تجمعهم.
وكانت النواة الأولى لهم هو «مجلس شورى العلماء» ومهمته كانت إعمال القواعد الكلية والنصوص العامة لاستنباط الأحكام المناسبة لما يخالف أفكارهم المتأخرة، وبخاصة ما يتعلق بدعم العمل السياسي دون التورط فيه، ويشارك في هذا المجلس محمد حسان ومحمد حسين يعقوب، ولا مانع لديهم شرعاً من المشاركة السياسية، باعتبارها من وسائل التمكين للدعوة ونشرها.
وعلى الرغم من وجود محاولات عدة لإنشاء حزب سلفي إلا أن حزب النور هو أقوى الأحزاب السلفية على المشهد السياسي المصري منذ إنشائه حتى يومنا هذا، ويعد حزب النور أول حزب تمت الموافقة عليه، ويتضمن برنامجه النص على أن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع، وتأكيد تأمين الحرية الدينية للأقباط، وإقامة دولة حديثة، واستقلال الأزهر، والقضاء على النظام الربوي في البنوك والإقراض، والتوسع في التمويل الإسلامي، وقد أعلن الحزب أن أبوابه مفتوحة للجميع، مع رفضه تمرير الانتخابات البرلمانية، دون المنافسة على أغلب مقاعدها، خاصة في الإسكندرية، واعتباره الصوت الانتخابي للمرشح السلفي صدقة جارية۔
وتتضح سيطرة فكرة الهوية بشكل ملحوظ في برنامج هذا الحزب، حيث يفرد قسماً خاصاً لموضوع «الثقافة والهوية»، ويعطي أهمية قصوى لضرورة تعميق الهوية الإسلامية لمصر، وضرورة أن تضبط كافة مناحي الحياة بضوابط الشريعة، مع إيلاء اهتمام خاص لمؤسسة الأزهر، ومحاولة إعادة بعث دوره كمراقب على تنفيذ المرجعية الإسلامية.
وفي برنامج حزب النور نفسه لم يتطرق لمشكلات المرأة داخل المجتمع ولا تطرق لنظرته للمرأة أو شكلها، بل كل ما تطرق له كلام عام لا يضع الحزب في مأزق خاصة بعد الثورة التي شاركت فيها المرأة بشكل أساسي.
فيشير الباب الرابع من برنامج الحزب «المجال الاجتماعي» إلى أن الأسرة هي أهم مكونات المجتمع، وشدد على الاهتمام بالطفل، وتشجيع تكوين جمعيات الخدمات الاجتماعية، التي تستقطب أطفال الشوارع، لدمجهم في القطاع المنتج في المجتمع، مع إخضاع تلك المؤسسات للرقابة الجادة، وأكد أن المرأة لا بد أن تنال حقها الكامل الذي كفله الإسلام لها، واقترح إطلاق حملات التثقيف الإعلامية والاجتماعية والدينية، التي تعمل لتصحيح الصور الذهنية السلبية للمرأة، والتحذير من ظلمها والافتئات على حقوقها.
نظرة السلفيين للمرأة
ظلت نظرة السلفيين إلى المرأة أسيرة الأنماط التقليدية في الفقه الإسلامي القديم، الذي يطلق عليه البعض فقه البداوة، فالسلفيون يرون أن فكرة تحرير المرأة في العصر الحديث، أو منح بعض الحقوق الاجتماعية والسياسية لها- يعد بداية الانحراف في الأمة الإسلامية عن الخط العام للدين، ويعتبرون أن أصل هذه المشكلة يعود إلى الاحتكاك بالغرب وتأثر بعض المسلمين به، أمثال رفاعة رافع الطهطاوي الذي ألف في بداية القرن الماضي كتابا سماه ”المرشد المعين للبنات والبنين”، حول تعليم المرأة وإشراكها في الحياة العامة، وقاسم أمين صاحب الكتابين الشهيرين “تحرير المرأة” و”المرأة الجديدة”، هذه الكتب التي أثارت الأفكار حول العلاقة بين المرأة والدين، وذلك من خلال التطرق إلى رأي الدين في أربعة أمور، هي الحجاب، مشاركة المرأة في الحياة العامة، تعدد الزوجات، والطلاق.
أما المشاركة في الحياة العامة فقد كان التيار السلفي يتوسل بأدلة كثيرة من بينها حديثان رواهما البخاري في صحيحه. الحديث الأول عن ابن عباس، وفيه يقول: “لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت أهابه، فنزل يوما منزلاً فدخل الأراك فلما خرج سألته فقال: عائشة وحفصة .. ثم قال: كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقا، من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا»، أما الحديث الثاني فقد رواه أبو بُكرة نفيع بن الحارث، قال:” لما بلغ النبيَ صلى الله عليه وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”، وهم في تفسيرهم للحديثين لم يتبعوا السياق التاريخي واكتفوا بقبول النص على علته كما هو.
ورغم أن التيار السلفي أعمل عددا من التحولات التي مست منظومته العقدية والفكرية خلال العقد الأخير، خاصة في مصر وبعض بلدان الخليج التي انتقل فيها التيار السلفي من العمل الدعوي إلى العمل السياسي عبر المشاركة في الانتخابات ودخول البرلمان، كما هو الحال في الكويت على سبيل المثال، مع ما جره ذلك استتباعا من تحولات تخص الموقف من الديمقراطية، إلا أن الموقف من المرأة ظل واحدا من الثوابت التي لا تقبل المساس بها، وظلت قضية المرأة هي القضية الأكثر جدلاً والأكثر تكتماً لدى السلفيين، مما يفسر حالات الممانعة كلما تعلق الأمر بمطالب اجتماعية مهما كانت بساطتها، فالسلفيون يعتبرون كل ما له علاقة بالمرأة مرتبطا بشخصية الأمة الإسلامية وخصوصيتها وتميزها، كما يرون أن القضية النسائية هي المدخل الأول للتغريب والعلمنة وتقليد الغرب، وطالما أن القوانين المنتشرة في العالم الإسلامي هي قوانين أوروبية وأن قضية الأسرة والأحوال الشخصية هي الحصن المتبقي في الأمة، فإن المرأة بالتالي هي عنوان هذا الحصن الذي إذا سقَط سقط معه باقي البناء، كما يرى أصحاب الفكر السلفي.
وإن كانت جماعة الإخوان لا تختلف كثيرا ً في نظرتها للمرأة ولكنها أتاحت لها فرصة أكبر للتحرك في الساحة الاجتماعية والسياسية، باعتبار المرأة عنصر أساسي في الحراك الاجتماعي وهو ما فهمته الجماعة وأدركته جيدا، فنرى أن الجماعة لم تمانع أبداً من ترشيح المرأة للمناصب السياسية، مع التحفظ على منصب رئيس الجمهورية فقط، والمرأة عند الإخوان لم تكن محررة أبداً، ولكنها كانت أداة طوال الوقت لتحسين صورة الجماعة وإبرازها على أنها النموذج الإسلامي الليبرالي.
المرأة السلفية والعمل الدعوي
على الرغم من الرفض والاستنكار الذي يوجهه الخطاب السلفي لمشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية، إلا أنهم يؤكدون في نفس الوقت على أهمية وجود المرأة على الساحة في شكل المرأة الداعية، واتفق معهم في ذلك جماعة الإخوان حيث ساقت هي والسلفيون نفس الأسباب التي تدعو المرأة للمشاركة في العمل الدعوي، وهي كالتالي:
أولا: أن الدعوة الإسلامية تكليف عام للنساء والرجال:
وهنا تظهر التأويلات التي تقول إنَّ المرأة مساوية للرجل، في حين تختفي هذه التفسيرات عند المطالبة بحقوق المرأة في المشاركة في العمل السياسي.
ثانيا: المرأة نصف المجتمع، وهي التي تربي نصفه الآخر، وهنا يعي السلفيون والإخوان كما تيار الإسلام السياسي كله دور المرأة في التنشئة والأمومة، فمن خلالها يترعرع جيل جديد على نفس الأفكار.
ثالثا: النساء طاقة عظيمة، فالفكر السلفي عامةً يؤمن أن المرأة مصدر طاقة كبيرة وعنصر فعَّال في المجتمع، قادر على التحرك والتجنيد بشكل أسهل من الرجال خاصةً في الدوائر القريبة منهم؛ لذلك استخدموا بشكل جيد جداً داخل دور العبادة وفي الدوائر الاجتماعية لنشر الأفكار السلفية وأفكار جماعة الإخوان بشكل أكبر خاصةً بين النساء.
وهذه الطاقة يؤكد عليها القيادي الإخواني التونسي راشد الغنوشي: “ومن الضروري تأكيده في هذا السياق أن النساء يملكن طاقات هائلة للدفع، فإما أن يدفعن المجتمع (الزوج، الأخ، الأب، والأبناء) إلى معالي الأمور وعزائمها، وإما أن يدفعنه إلى المخدرات والسفاسف“.
رابعا: للنساء أدوار خاصة هن أفضل فيها من الرجال
يرى السلفيون أن وجود العنصر النسائي الإسلامي في المؤسسات التي تكثر بها النساء كالمؤسسات الصحية والتعليمية والاجتماعية، ومراكز التجمع النسائي، بغاية تبليغ الدعوة الإسلامية، وإظهار النموذج الإسلامي النسائي يفوق في أهميته حتى الضرورات الاقتصادية بالنسبة للحركة الإسلامية، ويرون أن مجالات مثل التربية والتعليم، والدعوة والإرشاد، والشئون الصحية خاصة المتعلقة بالمرأة، والشئون الاجتماعية، ورعاية الأحداث والخدمات الاجتماعية، والبحوث والدراسات الاجتماعية، ورياض الأطفال، ودور المعاقين، ومجالات الإعلام والصحافة والمعلومات، كلها مجالات مهمة تنشط فيها المرأة بشكل أكبر من الرجل.
خامسا: وجود تنظيمات نسائية خاصة في المجتمع، وهذه التنظيمات التي يراها الفكر السلفي عامة تلعب دوراً مخرباً لكيان المجتمع الإسلامي؛ لذلك يجب أن تواجه بقيادات نسائية إسلامية.
ويرى السلفيون والإخوان معاً أنّ هذه التنظيمات تمثل خطرا يأتي بالدرجة الأولى من كونها وعاء لتجميع وإفراز قيادات نسائية مؤثرة في المجتمع، وغالباً ما تكون معادية في توجهها للاتجاه الإسلامي، كما أنّ هذه التنظيمات تصبح بؤراً لتجميع الفعاليات النسائية وتوجيهها بشتى الاتجاهات المنحرفة كما يقولون.
لذلك يرون أنه من الضروري إزاء ذلك تكوين قيادات نسائية إسلامية تكون قادرة على النفاذ إلى هذه التجمعات النسائية والمزاحمة على قيادتها وتوجيهها الوجهة الإسلامية المطلوبة أو تكوين تجمعات إسلامية حين يتعذر الاستفادة من التجمعات القائمة.
الداعيات الجدد
لمعت ظاهرة الدعاة الجدد أو دعاة الفضائيات كما يطلق عليهم إعلاميا ً في أواخر التسعينيات، وهذه الظاهرة لم تقتصر على الرجال فقط بل لمعت أسماء من النساء كداعيات مؤثرات جدا، ففي أوائل عام 1998 سطع نجم الداعية «شيرين السحار» التي استطاعت اجتذاب الآلاف من السيدات للدرس الذي كانت تلقيه في أحد مساجد حي مصر الجديدة الراقي۔«شيرين» التي كانت تنتمي مثل غيرها من مشاهير دعاة وداعيات الدعوة الجديدة إلى أسرة كبيرة ثرية، أسسها الناشر والأديب عبد الحميد جودة السحار، كانت مثل غيرها من الداعيات أيضا ربة منزل حصلت على شهادة في العلوم السياسية في بداية الثمانينيات لكنها فضلت أن تتفرغ لرعاية بيتها وأبنائها۔ومع منتصف التسعينيات كان على «شيرين» أن تلتحق بمعهد إعداد الداعيات التابع لوزارة الأوقاف المصرية وأن تتخرج منه۔۔لتحصل على رخصة تؤهلها لممارسة الوعظ في مساجد الوزارة.
وفيما بعد سنجد أن معاهد إعداد الدعاة التابعة للأوقاف كانت بمثابة حضانة تخريج الدعاة الجدد۔ولا سيما للداعيات، فهي من حيث وقت الدراسة وشروط الالتحاق تبدو مناسبة لأولئك الذين حصلوا على تعليم مدني، ثم أرادوا أن يغيروا مسار حياتهم وأن يلتحقوا بقطار الدعوة لسبب أو لآخر، ولعل المفارقة أن المعاهد التي باتت تخرج الآن هذا الطراز الذي نتحدث عنه من الدعاة الجدد بملامحهم الشخصية، والطبقية المعروفة، هي نفسها المعاهد التي قامت طوال سنوات الثمانينيات بتخريج الدعاة السلفيين الذين كانوا يملئون بساحات المساجد الكبيرة في الأحياء العشوائية المجاورة۔۔إمبابة والوراق۔۔كن بنقابهن المميز يستحوزن على مقاعد الدرس في المعهد نفسه طوال سنوات الثمانينيات، أو بالتحديد طوال تلك السنوات التي شهدت صعود نجم الحركات الراديكالية العنيفة والمرتبطة اجتماعياً بالمهمشين على حواف المُدن، ورغم شيوع تفسير يقول بأن هدف وزارة الأوقاف من التوسع في إنشاء المراكز كان الدخول في منافسة مع الأزهر الذي بات- بحكم الأمر الواقع- هو المؤسسة الوحيدة المنوط بها تخريج وعاظ يستطيعون اعتلاء منابر المساجد۔هذا التحليل لا يخلو من الصحة۔۔ولكننا نستطيع أن نفهمه في إطار آخر۔۔هناك مؤسسة رسمية تحتكر التعليم الديني (الأزهر)۔وهناك طوال الوقت قوى أخرى في الملعب الديني تريد أن عبر عن خطابها الخاص۔وعن مصالحها الطبقية ورؤيتها للعالم۔۔هذه القوى سواء كانت مُمثلة في فقراء الأحياء الهامشية في بداية الثمانينيات، أو أبناء الطبقات الثرية في أواخر التسعينيات۔۔تسعى لإيجاد قناة بديلة تنفذ منها إلى المشهد الديني۔۔حتى لا تتركه حكراً على المؤسسة الرسمية الدينية۔
ويرى وائل لطفي صاحب كتاب “ظاهرة الدعاة الجدد” أن دخول المرأة هذا المجال بمثابة صرخة ضد تهميش المرأة حيث يقول: إن النساء يبحثن عن عالم خاص بهن- تحت العباءة الإسلامية- ولعل هذا المفهوم هو ما عبرت عنه الباحثة «شيرين حافظ» في دراستها (صيغ التمكين)- دار نشر الجامعة الأمريكية- والتي خلصت فيها إلى أن الجمعيات الخيرية الإسلامية النسائية هي بمثابة إعلان عن حركة نسائية إسلامية رغم أن الناشطات من الإسلاميات يرفضن هذه التسمية، ولكنه غفل في نفس الوقت عن أن المرأة هنا تكون أداة أيضاً في يد الرجل لخدمة أفكار معينة وليست للتحليق بعيدا عنه أو الاستقلال عن الفكرة بالكامل، خاصةً وأن تلك الداعيات يتكلمن بنفس مفردات الخطاب الذي يكرس فكرة المرأة التابع.
المرأة السلفية والإخوانية والعمل السياسي
تعد فكرة مشاركة المرأة كفاعل أساسي في العمل السياسي بالنسبة لتيار الإسلام السياسي هو شيء مناف لأفكارهم، خاصةً تلك الأفكار التي تحرم طوال الوقت وجود المرأة في الشارع، وتحركها وتؤمن بمبدأ أن “صوت المرأة عورة”، ولكن في بلد تبلغ فيها القوة التصويتية للمرأة حوالي 25 مليون صوت تقريبًا، بما يساوي نحو 48.5% من إجمالي عدد الناخبين، فإن دعاوى مثل مكوث المرأة في بيتها معناها فقدان تيار الإسلام السياسي لكتلة تصويتية كبيرة جدا ً، فالمرأة هنا كارت رابح جدا لقدرتها على الحشد والتحرك، فحتى السلفيون بفكرهم الغير مرن مثل الإخوان يتخلون عن فكرة تحريم خروج المرأة ومشاركتها في العملية السياسية عند هذه النقطة، فلا مانع من خروجها واصطفافها في الطوابير لصالح مرشحهم الخاص.
السلفيون وترشح المرأة
ياسر برهامي
تعد المشاركة السياسية للمرأة السلفية بشكل عام شيئا مستحدثا، بعكس المرأة في جماعة الإخوان المسلمين، فالسلفيون بعد صعودهم عقب ثورة 25 يناير أصبحوا في مأزق بين أفكارهم التي تحرم ترشح المرأة، وبين قانون الانتخابات الذي فرض وجود المرأة على قوائم الترشح، وهنا جاءت آراء شيوخ السلفية الكبار مثل ياسر برهامي نائب رئيس جماعة الدعوة السلفية، الذي وصف ترشح المرأة للبرلمان بـ«المفسدة»، وقال: «لا يفلح قوم ولو أمرهم امرأة»، مشيرًا إلى أن حزب النور السلفي سيرشح عددًا من السيدات «مضطرًا» على قوائم الحزب في الانتخابات البرلمانية المصرية المقبلة؛ بسبب اشتراط القانون وجود امرأة في قوائم الأحزاب.
وأضاف «برهامي»، من خلال مؤتمر نسائي للأخوات السلفيات في الإسكندرية: «اختلفنا في تحديد شرعية دخول المرأة البرلمان من عدمه، ولكن البرلمان له صلاحية عزل وزارة أو رئيس الجمهورية، وله سلطات تشريع قانون، ولا يجوز أن تدخله المرأة؛ لأنه يعتبر ولاية منها على الرجل، لكننا وافقنا مجبرين ومضطرين؛ لأن رفضنا معناه ترك الساحة والخروج من المشهد وترك البرلمان المقبل لمن يخربون البلاد».
وتابع في تصريحاته هذه أن «مفسدة ترشح المرأة البرلمان أقل من مفسدة ترك المشهد لمن يريدون تغيير المادة الثانية من الدستور، وتغيير هوية الأمة، فلا يجوز تولي المرأة الولاية، لكننا نحتمل هذا من باب الخروج على الثوابت لأجل المصلحة».
وقد شهدت قوائم حزب النور مهازل من أول وضع المرأة في زيل القائمة، مروراً بعدم كتابة اسمها على قوائم الدعاية واستبدالها “بزوجة فلان”، واستبدال صورتها بوردة!
ويسوق التيار السلفي آراء فقهية كما يقولون حول تحريم ترشح المرأة، منها أن الأصل الذي أثبته القرآن الكريم أن الرجال قوّامون على النساء، وأن ترشح المرأة للبرلمان يقلب الوضع وتصبح بالتالي النساء قوّامات على الرجال.
بينما نجد مثلاً أن الإخوان المسلمين ينظرون للمسألة بشكل أكثر مرونة؛ حيث يرون أن عدد النساء اللائي يُرشحنَ للمجلس النيابي سيظل محدودا، وستظل الأغلبية الساحقة للرجال، وهذه الأكثرية هي التي تحلّ وتعقد، فلا مجال للقول بأن ترشيح المرأة للمجلس سيجعل الولاية للنساء على الرجال.
وأن الإخوان يرون أن الممنوع هو الولاية العامة للمرأة على الرجال، والحديث الذي رواه البخاري «لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» إنما يعني الولاية العامة على الأمة أي رئاسة الدولة
ثاني الأسباب التي يسوقها التيار السلفي لرفض وجود المرأة كمرشح للبرلمان هي مهمة “التشريع ووضع القوانين”، فهم يرون أن هذه المهمة أخطر من الولاية والإمارة فهي التي تشرّع للدولة، لينتهي إلى أن هذه المهمة الخطيرة لا يجوز للمرأة أن تباشرها.
الأخوات المسلمات
إن العمل السياسي للمرأة في جماعة الإخوان المسلمين يخالف ما ذكره حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين في رسائله وتحديده لدور المرأة، حيث قال في كتابه “الرسائل” تحت عنوان “رسالة المرأة”: علموا المرأة ما هي في حاجة إليه بحكم مهنتها ووظيفتها، التي خلقها الله لها؛ تدير المنزل، وترعى الأطفال.
ورغم هذه التوصيات، فقد دفع التنظيم بالنساء للقيام بدور سياسي تمثل في المشاركة السياسية، وكان دافعاً كبيرا ً للزج بالأخوات، وهو الاستغلال السياسي الذي لجأت إليه الجماعة بشدة بعد تراجع قدرة رجال الإخوان المسلمون، على الإقناع؛ نتيجة لفقدان الثقة بعد سيطرة الجماعة على برلمان 2011 دون أن يقدموا شيئا لمن انتخبوهم.
المشاركة السياسية وتطورها
جيهان الخلفاوي
بدأت المشاركة السياسية للنساء على استحياء في عام 1944 عند إنشاء أول جمعية تنفيذية للأخوات المسلمات؛ لعدم إيمان الجماعة بدور سياسي حقيقي للنساء، حيث هدف قيادات التنظيم في ذلك الوقت إلى عدم ظهور زوجاتهم في العمل السياسي، تخوفا من الحملات الأمنية التي تعرضت لها الجماعة في محنتها الأولى، وتم تفعيل تلك المشاركة للأخوات على أرض الواقع في الانتخابات البرلمانية لعام 2000، بترشيح جيهان الخلفاوي في تلك الانتخابات عن دائرة الرمل بالإسكندرية. وترجع موافقة تنظيم الإرشاد على المشاركة الفعلية للنساء إلى طموح بعض نساء الجماعة، واللاتي كان على رأسهن جيهان الخلفاوي.
وقد تسبب في ضغوط بعض نساء الإخوان لإعطائهن فرصة في العمل الإداري والسياسي للتنظيم؛ الأمر الذي لقي اعتراضا من قبل قيادات إخوانية، كان منهم محمود عزت ومحمد حبيب، رغم الموافقة المبدئية لمهدي عاكف، مرشد الجماعة في ذلك الوقت.
وتكثفت بشدة المشاركة السياسية لنساء الجماعة بعد عام 2004، وتقدم للترشح العديد من سيدات الإخوان في الانتخابات البرلمانية عام 2005، كان على رأسهن جيهان الخلفاوي للمرة الثانية، وترشحت مكارم الديري عن مدينة نصر.
وتعد المرحلة الزمنية الأقوى من مشاركة نساء الإخوان في العمل السياسي هي الفترة التي تلت ثورة 25 يناير، والتي كان لها الفضل في ظهور نساء الإخوان على المشهد السياسي المصري. وهنا لا بد أن نشير إلى أن سماح مكتب الإرشاد لنساء الإخوان بالمشاركة السياسية الكثيفة في أول انتخابات برلمانية بعد ثورة يناير لا يرجع لإيمان التنظيم بفكرة ولاية المرأة، والتي أثارت خلافا حادا لفترة طويلة بين قيادات مكتب الإرشاد، وإنما يعود ذلك لما تضمنه قانون الانتخابات المعد في المرحلة الانتقالية الأولى عام 2011، حيث اشترط القانون ضرورة وضع امرأة على كل قائمة حزبية، وبذلك بلغ عدد مرشحات الإخوان 115 امرأة، تضمنت كل قائمة امرأة، نجح ما يقرب من 222 نائبا، كان منهم 6 سيدات.
لم يتوقف القطار النسائي في المشاركة السياسية على انتخابات مجلس الشعب عام 2011، بل تقدم عدد كبير منهن أيضا على قوائم مجلس الشورى، ونجح منهن عدد ليس بالقليل، إلى جانب مشاركة ما يقرب من ثلاث سيدات إخوانيات في الجمعية التأسيسية لإعداد دستور 2012، وكان منهن عزة الجرف، عضو مجلس الشعب المنحل، والدكتورة أميمة كامل، الأستاذ بكلية طب القاهرة، وهدى غنيمة، وسوزان سعد زغلول، عضو مجلس الشورى المنحل.
واستكمالا للمسار السياسي لنساء الإخوان، تقدمت لأول مرة الإخوانية صباح السقاري كأول مرشحة لرئاسة حزب الحرية العدالة، منافسة للقياديين: عصام العريان، والدكتور سعد الكتاتني.
الاستغلال السياسي للإخوان للمرأة
انتصار عبد المنعم
أما الدور السياسي الثاني لنساء الإخوان، فتمثل في ما يعرف “بالاستغلال السياسي”، والدفع بالنساء من قبل قيادات مكتب الإرشاد، واستغلالهن في فترات الانتخابات البرلمانية، والانتخابات المحلية، حيث ترى قيادات التنظيم أن النساء كتلة تصويتية تستغل سياسيا؛ نظرا لارتفاع نسبتهن التي تقترب من ضعف الكتلة التصويتية للرجال.
فوفقا لشهادة القيادية الإخوانية انتصار عبد المنعم في أحد الحوارات الصحفية، استطاع قيادات الإخوان، منذ عام 2005، الدفع بالنساء في السياسة، وأنه صدرت أوامر من مكتب الإرشاد بتغيير شكل ملابسهن من النقاب والخمار إلى الحجاب المودرن، وتستكمل انتصار في شهادتها أن نساء الإخوان قمن بحمل النساء من منازلهن، والتوجه بهن بأتوبيسات خاصة إلى مصلحة الأحوال المدنية لاستخراج البطاقات الانتخابية.
وتستكمل عبد المنعم في شهادتها أن المحرك الأساسي فيما يعرف بالاستغلال السياسي للنساء هو التأصيل الشرعي لفكرة الانتخابات، وأن الإخوان دفعوا بالنساء سياسيا بما يتفق مع أهدافهم المرحلية، وأصبغوا ذلك بسند شرعي، حتى يقال إن لديهم فكرا جديدا عن المرأة، فقد وقفت نساء الإخوان على المنصات وأمام الجمهور، وسُمح لهن بطرح أفكارهن التي هي في الأصل ثقافة إخوانية متفق عليها.
ومن أشهر نساء الإخوان اللائي لعبن هذا الدور بعد انتهاء المحنة الأولى للإخوان، وحتى قبل ثورة يناير، الدكتورة وفاء مشهور، ابنة مرشد الإخوان الأسبق، مصطفى مشهور، والدكتورة أماني أبو الفضل، وهدى عبد المنعم المحامية، والدكتورة مكارم الديري، والدكتورة منال أبو الحسن، والدكتورة نفوسة عبد الباسط، والدكتورة سميحة غريب، والدكتورة سماح عبد العاطي، والدكتورة أمل خليفة، وسحر المصري.
وبعد ثورة يناير، ارتفع معدل الاستغلال السياسي لنساء الإخوان، وصدرت أوامر من مكتب الإرشاد بتكثيف نشاط الأخوات في القرى والنجوع والمراكز، قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، حيث قام نساء الإخوان بعقد اجتماعات مكثفة بالنساء في القرى، وفي بيوتهن، وكن يذهبن إلى بيوتهن لإقناعهن بالتصويت لصالح مرشح الجماعة الدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية المصرية السابقة، مستخدمات الدين في إقناع نساء الأرياف والقرى للتصويت لصالحه. ومن أهم أسباب توجه قيادات مكتب الإرشاد للضغط على النساء، واستغلالهن سياسيا قبيل الانتخابات الرئاسية هي تراجع رجال الإخوان عن الإقناع، نتيجة فقدان الثقة بعد سيطرة الجماعة على البرلمان، وعدم تلبيتها لمتطلبات من انتخبوهم.
وصول الإسلام السياسي للسلطة وقضية المرأة
عزة الجرف
كانت حصيلة وصول تيار الإسلام السياسي بقيادة الإخوان، يليهم حزب النور السلفي إلى السلطة بعد ثورة كانت دعمتها الأساسية هي المرأة هو انخفاض تمثيل المرأة في مجلس الشعب من 12 % إلى 2 %، وإلغاء الحصة التي كانت مخصصة للمرأة في ظل نظام مبارك وهي 64 مقعدا.
أما داخل البرلمان فقد تعامل مع قضايا المرأة، الأقليات والفئات المهمشة بمبدأ غياب مبدأ المواطنة.
فلم ينتج البرلمان تشريعات كثيرة، ولكن المناقشات الدائرة داخله، وتصريحات أعضائه تعد مادة غنية للدراسة ولتحديد رؤية النواب الذين انتخبهم الشعب تجاه قضايا المرأة، الأقليات والفئات المهمشة.
بشكل عام، تميزت النقاشات الخاصة بهذه الفئات بلغة تمييزية وبالسعي للانتقاص من حقوقهم بما يتناقض مع مبدأ المواطنة.
فعلى مستوى قضايا المرأة، تم إصدار قانون وحيد هو قانون التأمين الصحي للمرأة المعيلة خلال شهر مايو 2012.
وعلى جانب آخر، تم التقدم بالعديد من مقترحات تعديل القوانين، التي تتعلق بإلغاء حقوق نص عليها القانون للمرأة بدعوى أن هذه القوانين تم إصدارها بالمخالفة إلى مبادئ الشريعة الإسلامية وأنها كانت من صنع سوزان مبارك، زوجة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، مطلقين عليها “قوانين سوزان”، إلى حد أن طالب البعض بإلغاء المجلس القومي للمرأة.
وقد بدأت هذه الاقتراحات في مارس 2012، حيث تقدم النائب الإخواني محمد العمدة، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، بمشروع قانون لإلغاء المادة 20 من القانون الصادر عام 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، والمعروفة بـ”قانون الخلع”. وتعطي المادة للمرأة حق رفع دعوى “خلع” أمام القضاء لتطليق نفسها والتي تختلف إجراءاتها عن دعوى الطلاق بطريقة تسهل الطلاق، كما تتميز بسرعة الفصل فيها مقارنة بدعوى الطلاق التي تمتد لسنوات. وقد تم تحويل المقترح إلى الأزهر لبيان مدى تطابقه مع الشريعة، والذي أقر بتطابق قانون الخلع مع الشريعة الإسلامية، وعليه تم رفض مقترح تعديل القانون.
وقد توالت مشاريع القانون المطالبة بتعديل قوانين تخص المرأة حيث تقدم النائب حمادة محمد سليمان (نائب عن حزب النور السلفي) في أبريل 2012 بمشروع قانون لتعديل سن الحضانة، حيث إنه في عام 2005 تم تعديل القانون المصري للأحوال الشخصية في بعض المواد الخاصة بالولاية على النفس، وتم زيادة سن الحضانة للأم حتى 15 سنة، وطالب النائب بتخفيض سن الحضانة لـ 7 سنوات للولد و9 سنوات للبنت.
وفي سابقة، تتقدم امرأة هي النائبة عزة الجرف (نائبة عن حزب الحرية والعدالة)- بمشروع قانون لتعديل المادة 242 مكرر من قانون العقوبات، والتي تخص تجريم ختان الإناث، مطالبة أن ينص طبقا للقانون فقط على منع الختان خارج المستشفيات، وأن يلزم استشارة طبيبة مختصة تفيد بحاجة الأنثى لعملية الختان، وقد صرحت أيضا النائبة عزة الجرف بأنها تقدمت بمقترح لإلغاء قانون ا
إرسال تعليق