قد يصاب المغاربة بالذهول وهم يقرأون هذا الخبر، حيث لم يخطر ببال الكثيرين أن محاكم المملكة ممثلة في قضاتها وقاضياتها لازالت تحكم على المواطنين المغاربة
الرباط / عبد النبي الشراط –
قد يصاب المغاربة بالذهول وهم يقرأون هذا الخبر، حيث لم يخطر ببال الكثيرين أن محاكم المملكة ممثلة في قضاتها وقاضياتها لازالت تحكم على المواطنين المغاربة باسم (جلالة السلطان… محمد بن عرفة) دون أن يستخدموا هذا اللفظ خلال نطقهم بتلك الأحكام. بل المصيبة الأعظم أن هذه الأحكام تصدر باسم جلالة الملك الشرعي. السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، ما مدى شرعية وقانونية الأحكام التي صدرت لحد الآن أو قد تصدر لاحقا بناءا على ظهير وقعه الملك المزيف محمد بن عرفة رفقة المقيم العام الفرنسي الجنرال كيوم؟ وبعد اكتشاف هذه الهفوة الخطيرة في قوانيننا المغربية هل يحق للمواطنين الذين لامستهم أحكام هذا الظهير أن يطعنوا مجددا في تلك الأحكام؟
هذا السؤال وجهته بداية لأستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط المنار سليمي فأجاب بأن (الأحكام التي صدرت استنادا إلى ظهير بن عرفة غير قانونية، بخلاف الأحكام التي صدرت بناءا على قوانين أصدرتها إدارة الحماية الفرنسية خلال وجودها بالمغرب فإنها تعتبر نافذة على اعتبار أن ذلك يدخل ضمن اختصاصات الدولة الحامية للدولة المحمية).
أما التشريعات والقوانين التي صدرت بناءا على الظهائر التي وقعها الملك المزيف محمد بن عرفة فهي لاغية وباطلة على اعتبار أن الملك الشرعي للبلاد السلطان محمد بن يوسف كان متواجدا أثناء صدورها بالمنفى، وأن المغاربة لم يعترفوا يوما بسلطة بن عرفة ولم يسبق لهم أن بايعوه بيعة شرعية مثلما بايعوا السلطان الشرعي محمد الخامس وبقية ملوك المغاربة الشرعيين من قبل ومن بعد.
ما يستغرب له في هذا الصدد هو أن قضاة المملكة مازالوا لحد الآن يصدرون بعض الأحكام ضد أو لصالح بعض المواطنين استنادا إلى ظهير أو ظهائر وقعها بن عرفة… دون أن يلتفتوا لذلك !
ربما يحدث هذا لأنهم يقرأون الظهائر ولا يقرأون من وقعها، وتلك هي الطامة الكبرى في تاريخ القضاء المغربي.
قصة الظهير وخاتم بن عرفة (الشريف) وورطة نزار بركة:
بتاريخ 28/05/2013 كانت المحكمة الإدارية بمدينة وجدة المغربة تنظر في الملف عدد: 47/13/06 المتعلق بالنزاع القائم بين: دائرة الأملاك المخزنية لهيئة المحكمة بقرار وزيري صادر عن وزير المالية السابق نزار بركة المنتمي لحزب الاستقلال موقع بتاريخ:28/12/2012 وكانت الفضيحة حينما أوضح ممثل دائرة الأملاك المخزنية بأن هذا القرار يستند إلى ظهير 6 يناير 1954،إذ يقضي هذا الظهير بالمصادقة على تغيير دفتر التحملات والشروط العامة التي تفرض على المستفيدين من القطع الأرضية التابعة لأملاك الدولة الحضرية لكن رجل السلطة السابق عبد القادر الطالب الذي ينحدر من وجدة كان يقظا جدا حيث بادر إلى إدارة المطبعة الرسمية بالرباط ليطلب نسخة من الجريدة الرسمية التي تضمنت ذلك الظهير المشار إليه فكانت المفاجأة / الصدمة !… ظهير 6 يناير 1954 مذيل بالتوقيع التالي (إمضاء وخاتم جلالته الشريفة سيدي محمد بن عرفة.
7 جمادى الأول 1373 وإمضاء مندوب الحكومة المقيم العام كيوم).
حصل المواطن عبد القادر على نسخة مختومة وموقعة من إدارة الجريدة الرسمية باللغة الفرنسية وترجمت هذه الوثيقة رسميا وتقدم عبد القادر الطالب بشكوى للسيد الوكيل العام لدى محكمة النقض بالرباط ضد الوزير الاستقلالي السابق نزار بركة وينتظر نتائج شكواه.
أما القضية الأصل فقد تم الحكم في شأنها من طرف هيئة المحكمة الإدارية بوجدة لفائدة المواطن عبد القادر الطالب بعدما اكتشف قضاتها أن ما بني على باطل فهو باطل،وتم الحكم بالتشطيب على دفتر التحملات المستند إلى ظهير بن عرفة، وظهير بن عرفة في مقدمة الأباطيل، لكن دائرة الأملاك المخزنية استأنفت الحكم للمحكمة الإدارية الاستئنافية بالرباط حيث راجت القضية هناك ..وتم خلال ذلك إبطال القرار الصادر عن المحكمة الإدارية بوجدة،وقضت لفائدة دائرة الأملاك المخزنية بناء على ظهير موقع من طرف كبير الخونة محمد بن عرفة بالرغم من محاججة المواطن المذكور بأن هذا الظهير تم إبطاله مباشرة بعد عودة الملك الشرعي محمد الخامس من المنفى سنة 1956.
السؤال موجه هنا لمؤسستنا التشريعية ممثلة في البرلمان بشقيه(مجلس النواب ومجلس المستشارين) وموجه أيضا إلى الحكومة المغربية الحالية ومن سبقها من الحكومات..منذ الاستقلال إلى الآن..وبالتالي..ما مصير الأحكام القضائية التي صدرت بناء على هذا الظهير وظهائر أخرى وقعها بن عرفة؟؟؟
إرسال تعليق