من حكومة عزيز أخنوش إلى حكومة أكوا هولدينغ!

  • بتاريخ : 24 أكتوبر، 2024 - 20:32
  • الزيارات : 91
  • ريحانة برس -طه رياضي

    السياسة هي فن الممكن، وهي أيضًا فن تحقيق المستحيل.” – أوتو فون بسمارك

    في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية التي شهدها المغرب في السنوات الأخيرة، برزت حكومة عزيز أخنوش كواحدة من الحكومات التي أثارت الكثير من الجدل والنقاش. عزيز أخنوش، رجل الأعمال البارز ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، تولى رئاسة الحكومة بعد انتخابات 2021، حيث وعد بإحداث تغييرات جذرية في مختلف القطاعات.

    ومع مرور الوقت، بدأت تظهر ملامح حكومة جديدة، أطلق عليها البعض “حكومة أكوا هولدينغ”، في إشارة إلى النفوذ الكبير الذي تمارسه الشركات الكبرى، وخاصة تلك التي يملكها أخنوش، على السياسات الحكومية. هذه الحكومة الجديدة تضم وزراء من خلفيات متنوعة، بعضها بعيد عن المجال السياسي التقليدي، مما أثار تساؤلات حول مدى تأثير المصالح الاقتصادية على القرارات السياسية.

    تعيين سعد برادة، رجل الأعمال المعروف وعضو مجلس إدارة شركة إفريقيا غاز، كوزير للتربية الوطنية، كان من بين التعيينات التي أثارت الكثير من الجدل. برادة، الذي يمتلك مجموعة من الشركات في مجالات مختلفة، يواجه تحديات كبيرة في قطاع التعليم، حيث يتطلب هذا المنصب خبرة ومعرفة عميقة بالمجال التربوي.

    من جهة أخرى، يرى البعض أن هذه التعيينات قد تجلب رؤى جديدة وأفكارًا مبتكرة من قطاع الأعمال إلى الحكومة، مما قد يسهم في تحسين الأداء الحكومي وتعزيز النمو الاقتصادي. ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن حكومة “أكوا هولدينغ” من تحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية ومتطلبات التنمية الاجتماعية؟

    إلى جانب التعيينات المثيرة للجدل، يبرز أيضًا دور وزير الصحة الذي لا يبدو أنه يمتلك خلفية واضحة أو خبرة فعلية في القطاع الصحي. فبالنظر إلى ماضيه المهني، نجد أنه كان مجرد أجير لدى امرأة رئيس الحكومة، ما يثير التساؤلات حول مؤهلاته وقدرته على إدارة قطاع حساس مثل الصحة. فبدلاً من تقديم حلول جذرية لمشاكل الصحة العامة، يبدو أن الوزير يتقن فقط ‘التجميل’، في إشارة إلى إدارة شكلية قد تكون موجهة أكثر للظهور الإعلامي من تحسين الوضع الصحي المتدهور في البلاد.

    كما أن تعيين وفاء جمالي، مديرة الحملة الانتخابية السابقة، كمشرفة على وكالة الدعم الاجتماعي، أثار الكثير من القلق والجدل. هذا التعيين يعتبره البعض إشارة خطيرة إلى التخطيط المسبق لاستحقاقات 2026، حيث تساءل كثيرون عما إذا كانت هذه الخطوة جزءًا من إستراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز النفوذ السياسي لهذه الشخصيات في السنوات المقبلة.

    إنني أدق ناقوس الخطر وأطرح تساؤلات مشروعة حول الوضع السياسي الراهن: هل نحن أمام محاولة لتأسيس ‘دولة داخل دولة’؟ هذا التساؤل يأخذ أهمية أكبر عندما ندرك أن هذا التيار الذي يتمدد خلف الكواليس هو في الواقع صنيعة المخزن ذاته. فهل تسعى هذه الحكومة إلى ترسيخ نفوذها تحت ستار التنمية الاقتصادية، في حين تتجه نحو مزيد من الاحتكار الاقتصادي والسياسي على حساب المصلحة العامة؟ أم أن هناك فعلاً خطة لتقليص الفجوة الاجتماعية وتحقيق الإصلاحات التي يتطلع إليها المواطنون؟

    يبقى الحكم على أداء هذه الحكومة مرهونًا بمدى قدرتها على تحقيق وعودها الانتخابية وتلبية تطلعات المواطنين. فهل ستنجح حكومة عزيز أخنوش في تحقيق التغيير المنشود، أم ستظل رهينة لمصالح الشركات الكبرى؟