0

ريحانة برس – سلا

في قلب مدينة سلا، تُحيل مقابر دفن الأموات إلى مشهد محزن يجسد الإهمال والتقصير الذي وصل إلى درجة لا يمكن السكوت عنها. هذه المقابر، التي من المفترض أن تكون مكانًا للراحة الأبدية، تحولت إلى بقعة مُهمَلة تملؤها الأزبال وتتخللها الروائح الكريهة، مما يجعلها أقرب إلى مستودعات للنفايات منها إلى مراقد الموتى.

والأدهى من ذلك، أن هذا الوضع المأساوي يأتي في ظل وجود ميزانية ضخمة مخصصة لتحسين أوضاع هذه المقابر، حيث تشير المعلومات إلى أن إحدى الجمعيات المحلية تحصل على دعم مالي يُقدَّر بربع مليار درهم من الدولة. ومع ذلك، لا أثر يذكر لهذا المبلغ في الواقع على الأرض، ما يثير الشكوك حول مصير هذه الأموال وكيفية إنفاقها.

المسؤول المباشر عن هذه الجمعية ليس إلا برلمانيًا يتمتع بحصانة برلمانية، مما يطرح تساؤلات محورية حول مدى استغلاله لهذه الحصانة في الإفلات من أي رقابة أو مساءلة. هل يُعقل أن تُترك الأمور دون تحقيق شفاف في كيفية إدارة هذه الأموال العامة؟ وهل يمكن أن تكون الحصانة البرلمانية بمثابة درع يحمي من المحاسبة، حتى وإن كان الأمر يتعلق بمصالح المواطنين وكرامتهم؟

الوضع يتطلب وقفة جادة، فلا يمكن لأي مسؤول أن يبقى بعيدًا عن المحاسبة تحت مظلة الحصانة البرلمانية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بهدر المال العام على حساب كرامة الأموات واحترامهم. يجب أن تكون هناك محاسبة حقيقية تضمن توجيه الأموال نحو الأهداف التي خُصصت لها، وأن يتم التعامل مع أي تقصير بجدية وحزم.

على السلطات المعنية أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في مراقبة كيفية إنفاق الأموال العامة، وأن تُظهر للمواطنين أن الحصانة البرلمانية لا تعني الإفلات من الحساب. فالحق في مقابر نظيفة ومحترمة هو جزء من كرامة الإنسان، ولا يجوز أن يُضحى به تحت أي ذريعة، مهما كانت.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.