ابتكر موظفو وزارة الشؤون الخارجية والتعاون (مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية) طريقة جديدة،خاصة وغريبة جدا..لاستقبال المواطنين الذين يتعاملون مع هذه
عبد النبي الشراط –
ابتكر موظفو وزارة الشؤون الخارجية والتعاون (مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية) طريقة جديدة،خاصة وغريبة جدا..لاستقبال المواطنين الذين يتعاملون مع هذه المصلحة التي من اختصاصها معالجة الشؤون الأسرية الخاصة بالأزواج/الزوجات المغاربة المقيمين في الخارج أو من جنسيات أخرى،بالإضافة إلى تدخلها في تسهيل عملية التأشيرة لمواطني الدول التي لا توجد فيها تمثيليات ديبلوماسية للمغرب،أو حتى الدول التي توجد بها تمثيليات شبه ديبلوماسية ولكن هذه التمثيليات لا تقدم ولا تؤخر..مثلما هو حاصل في الأراضي الفلسطينية أو ليبيا والعراق على سبيل المثال.
ومن المفروض أن تعالج مثل هذه القضايا بطرق حضارية بعيدة عن التعسف واللامبالاة،لكن الحاصل أن موظفي هذه المصلحة ابتدعوا (بدعة في سياسة وزارة الخارجية ما أنزل القانون بها من سلطان) وتتجلى هذه البدعة الخطيرة في أن الاستقبالات هناك تتم عن طريق الهاتف فقط.
وهنا وصف قصصي للطريقة التي تعالج بها مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية مصالح المواطنين والمواطنات.
يدخل المواطن/المواطنة من الجهة الخلفية لعمارة السعادة التي تقع بشارع محمد الخامس بالرباط حيث تتواجد بناية تابعة للخارجية..في مصلحة الاستقبالات وضعوا رجلا فضا..لا يبتسم إلا إذا تحدث مع مرؤوسيه، وبجانبه يقبع شاب لا حول له ولاقوة..حتى إذا سأله أحد يحيله على الرجل الفض..وبينهما رجل من القوات المساعدة..وخارج خشبة الاستقبالات يتموقع عشرات المواطنين والمواطنات ينتظرون دورهم في الحديث مع سيادته،،هو لا يرد التحية على عباد الله ويكتفي بنظرة تفيد أنه رآك وفهم مطلبك على الفور،يأخذ سماعة الهاتف بيده اليسرى ويضغط على الأزرار بأصابعه اليمنى..سي فلان..واحد/واحدة يريد..تريد كذا..ثم يعطيك سماعة الهاتف..وعبر هذه السماعة التلفونية السحرية يمكنك أن تعرض مطلبك/مطالبك على الموظف المجهول الذي لن يفيدك بشيء على الإطلاق..(كلشي عندو ممنوع وغير قانوني) وإذا جادلته وفهم أنك أدرى بالعمل الإداري يتلطف معك في الحديث..لكنه لن يحل لك مشكلة.
أنت في هذه الحالة مضطرا لكي تتحدث بأسرارك الخاصة ومجمع من الناس يستمعون إليك..سواء كانت هذه الأسرار أسرية أو تتعلق بالشغل والصفقات وغير ذلك..أنت هنا مكرها على أن تقول كل شيء أمام رواد حي السويقة القريب جدا من هذه الإدارة الغريبة..لا أحد يصعد فوق..لا أحد يمكنه أن يتشرف بالطلعة البهية للموظف العجيب..فأنت لأول مرة بحياتك تفضح أسرارك أمام العالمين..وأنت لأول مرة تتحدث إلى موظف وبينكما حجاب سميك من الأسمنت والحديد..
لكن لا بأس لأن هذا الأمر لا يمكن له أن يحدث إلا في المغرب..بلد العجائب والغرائب..بلد الديموقراطية واللاديموقراطية، بلد الشفافية واللاشفافية..بلد يتحدثون فيه عن حقوق الإنسان واحترام المواطن..ثم يدوسون على هذه الحقوق بنعالهم ويهينونك وأنت في بلدك..ليس لأنك تطلب منهم صدقة..ولكنك تطلب حقك..حقك في استقبال بسيط يليق بك كمواطن..
هذه السطور أكتبها من عاصمة المملكة،التي اشتهرت بين الأمم بدستور 2011 وذاع صيتها في الآفاق لأنها لم تتأثر بموجات ما يسمى بالربيع العربي..ويتغنى المسئولون فيها صباحا ومساء، فجرا وظهرا وعصرا باحترام المواطن..وحقه المشروع في المعاملة اللائقة في الإدارات والمؤسسات..وهذه الممارسات المهينة بحق المغاربة وغيرهم الذين يلجون هذه المؤسسة التي لا يُرى موظفوها الأبرار لأن المواطنين سيؤذونهم برائحتهم الكريهة أو يعادونهم بالحمى والأمراض المزمنة، لذلك فهم يتحدثون مع هؤلاء المواطنين عبر الهاتف فقط..
سئل موظف من طرف مواطن حينما أثقل على هذا المواطن بالحديث عن القانون والممنوعات القانونية و..و..و..هل هذا الإجراء الذي تستخدمه أنت مع المواطنين إجراء قانوني؟ هل هناك دولة في العالم يتحدث موظفوها بالهاتف (من تحت إلى فوق) مع المواطنين..تلعثم هذا الموظف الذي يبدو أنه يعاني من نقص كبير في تركيبته الإنسانية..ثم أجاب المواطن..لا لا ولكن هذا نظام داخلي..وجرت مناوشات كلامية بين المواطن والموظف الشبح..لكن الموظف كان (فوق) والمواطن (تحت)..فانصرف هذا الأخير وقرر إجراء متابعات قانونية ضد هذه المديرية الغربية في كل شيء..
إنها ممارسات بدائية وسلوكات أشم فيها رائحة الاستعمار ..، وأرى فيها لون العنصرية والكراهية للمواطنين المغاربة، وأرى فيها احتقارا للوطن..وأرى فيها جريمة يجب أن تكون عقوبتها أشد وأقصى..
ولن تنته القصة هنا..
إرسال تعليق