مراجعات مغربي عائد من تنظيم داعش بسوريا تحت عنوان “صحوة عقل”

0

يقول الله سبحانه وتعالى:(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)ويقول الرسول الأعظم »يآيها الناس إن الله يقول لكم:مروا

نص مراجعة رشيد لمليحي

يقول الله سبحانه وتعالى:(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)ويقول الرسول الأعظم »يآيها الناس إن الله يقول لكم:مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم وتسألوني فلا أعطيكم وتستنصروني فلا أنصركم،هذا هو مشروع السلفية الإصلاحية المغربية،الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله،ولن يتأتى لنا خدمة هذا المشروع إلا بالرجوع إلى مصدر التشريع عند أمة الإسلام والإيمان،أقصد بالمصدر،القرآن والسنة معا..فاسم السلفية جاء بناء على مفهوم الرجوع إلى ما كان عليه سلف الأمة من صحابة وتابعين ولاحقين ومن جاء بعدهم،في الأخذ من الكتاب الكريم والسنة الشريفة.

إن تخلي المسلمين اليوم عن هاذين المصدرين في الكثير من شؤونهم،هو السبب الرئيسي في التخلف الذي نعيشه كأمة عموما وكمغاربة خصوصا،ولا يخفى مدى ارتباط مستقبل المغرب كبلد مستقل بمستقبل باقي الأمة العربية والإسلامية.هذا التخلف عن ركب التقدم والتطور،والتأخر على جميع الأصعدة والميادين،هو ما دفع العديد من أبناء الحركة الإسلامية إلى العمل من أجل تغيير هذا الواقع المرير،وانطلق الجميع ينشدون ليلاهم.

عندما بدأت الحركة العمل من أجل استرجاع هيبة الأمة ومجدها التليد،منذ بدايات القرن الماضي هبت رياح الرغبة الجامحة لدى شباب الحركة الإسلامية في اتجاه التغيير والإصلاح،ولم تكن رياح التغيير تجري دائما بما تشتهيه السفن،مما أدى في مقابل الإنجازات إلى أضرار كبيرة وخطيرة، حيث أن البعض أفسد من حيث أراد الإصلاح ، هذا ما جعل بعض العاملين للإسلام يقومون بمراجعات فكرية ومنهجية شملت العديد من القضايا التي استوجبت منهم الوقوف وإعادة النظر، وإن كان ذلك في الغالب يأتي متأخرا بعض الشيء، وأيضا كان لعامل الملاحقات الأمنية و المتابعات القضائية وما تعرضوا له من السجن صدى صارخا في اتجاه المراجعات، ومنبها قويا للوضع الخطير الذي وقعوا فيه، ومن خلال تجربتي المتواضعة والقاسية في نفس الوقت كمعتقل رأي وعقيدة وناشط حركي إسلامي وكإنسان عاش تجربة الذهاب إلى سوريا وكمراقب سابق للوضع الجهادي عن كثب، فإنني أشهد الله سبحانه وتعالى أنه ليس كل من راجع فكره ومنهجه يكون تجنب الضغط أو عاملا بمبدأ التقية، إذ أن العديد من المعتقلين الإسلاميين أثناء سجنهم توفر لديهم الوقت للوقوف على أخطائهم وتهورهم وهم ينشدون الحق والخير.وبالذات أقصد العائدون من سوريا.

إنني في هذه العجالة لا أريد الخوض في موضوع المراجعات الفكرية والمنهجية، فهذا موضوع له أبوابه ونوافذه، وكما يعلم الجميع فإنها توجد العديد من المصادر التي وقعها أصحابها من الرموز على مستوى العالم العربي والإسلامي.

 ليس عيبا أن تعود عن قول باطل إلى آخر تعتقد به صوابا، ولا عن فكرة خلتها يوما صوابا فوجدتها فيما بعد ليست كذلك، العالم اليوم تغير والواقع لم يعد هو نفس الواقع الذي عاشه أسلافنا، وأمر الله سبحانه وتعالى لنا هو الالتزام بالكتاب والسنة والعمل بهما أخذا من العلماء السابقين والحاليين واللاحقين، وليس لزاما علينا العمل بما يأمرنا به الرجال، وليس شرعا لنا أن نأخذ من كلام الرجال دون تحقيق وتدقيق وتوفيق، وإن كنا نأخذ عنهم لثقتنا بهم فهذا ليس مرهونا بالواجب أو الفرض، فنحن نأخذ منهم ونرد،وأخذنا منهم إنما هو أخذ لما فهموه لنصوص الكتاب والسنة،وردنا عليهم لا يعني أننا نرد نصوص القرآن والحديث،إنما هو رد لأفهامهم واجتهاداتهم،غير قادحين فيهم ولا شامتين،ومراجعة أقوالهم واجتهاداتهم لهي من عين الواجب والفرض، وأن نبقى متحررين في أفكارنا واختياراتنا لا نقصد منه رد الخير الذي نراه فيهم وقد سبقونا أليه.

إنما نقصد أن كل هذا ، ذلك الموقف الشجاع الذي يحفظ للإسلام هيبته ويحفظ للمسلم كرامته،إنه التجديد الذي نصبوا إليه، وهو أن تنفتح العقول إلى الحق،وتعرف متطلبات العصر، وكما هو معلوم فإن التجديد ليس ممنوعا في ديننا، ولا يجب أن نخجل من أمر التجديد والدعوة إليه والحرص عليه.ولا يحتاج الأمر إلا شجاعة معبرة عن يقين،وليس بالضرورة أن يكون المجدد عبارة عن فرد واحد،بل يمكن أن تكون جماهير الأمة داعية إلى التغيير والتجديد والرقي، وفي حقيقة الأمر إن مثل هذا العمل ليس سهلا،إنما يحتاج إلى جهد وإلى الثقة بالنفس وعزيمة قوية من أجل الإصلاح المبدع، ويستحيل أن يحصل شيء من هذا إلا إذا اهتم العدد الكبير منا بدراسة القرآن والسنة وتدبرهما والتأمل فيهما، مع أننا محتاجون إلى دراسة التجارب البشرية جميعها التي هي نتاج تراكمات لقرون طويلة، ونأخذ منها ما وافق العقل والشرع، ونطرح منها ما خالف القرآن والصحيح الصريح من السنة.

ولا ننسى أن هناك رابطة تجمع بين البشر جميعا على اختلاف دينهم وعرقهم ولونهم ألا وهي الرابطة الإنسانية، وهي أخوة بيننا صريحة تجمعنا بآدم عليه السلام، وإن كانت رابطة الدين والوطن أقوى من غيرها، وأيضا فإن الحركة الإسلامية هي جهد بشري فيه الخطأ والصواب،وليست هي تلك الصورة المثالية التي يصورها البعض، ولا هي كلها سلسلة من الأعمال الموفقة، ويعبر الميثاق المؤسس لتيار السلفية الإصلاحية المغربية أرضية مؤسسة لمشروع مجتمعي مغربي منفتح وطموح،وأهم ركائزه الوضوح والشفافية، والصدق في اللهجة والخطاب، ويراعي جميع الخصوصيات الوطنية المتعددة،الثقافية والعرقية والإثنية واللغوية، والمبدأ الأصيل عندنا هو الحوار مع جميع المكونات الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية، ونرفض جميع أنواع الإقصاء، ونمقت الانطواء على الذات، والانزواء إلى الركن المظلم.

والمراجعات عندنا نأخذها من مفهومها التقييمي للمنهج ولا تتعلق أبدا بكليات العقيدة الإسلامية،لاوالمصالحة عندنا نبدأها مع الذات حتى نقيم الأخطاء وندفع بعجلة الإصلاح، وقبل ذلك كله نهتم بالأخلاق والسلوك والقيم الفاضلة ، والمصالحة مع غير ذواتنا نؤكدها من خلال الانفتاح وتشجيعه وأن يكون هناك مجال للحوار مع كافة الأطراف التي تشتغل لأجل الصالح العام، والدعوة التي نعمل لأجلها هي دعوة صريحة واضحة إلى تبني منهج إسلامي سلفي حداثي إصلاحي يهدف إلى المشاركة البناءة من أجل مغرب أفضل وجديد، تكون فيه شريعة الله هي مصدر التشريع.

 لا نخفي أننا في سابق الأيام عرفنا الدين عن طريق التقليد في الغالب وكنا متعصبين للمدرسة الحنبلية تعصبا شديدا، أما اليوم فنحن بصدد طرح مشروع يعمل بشكل منفتح وواضح، الدين عندنا هو الغاية ولا شك أن رضا الله هو هدفنا الذي لا نحيد عنه، لكن آليات العمل يلزم أن تكون موافقة للسياسة العقلانية الإصلاحية، وقد تركنا خلف أظهرنا كل ما يمكن أن يعرقل مسيرتنا الإصلاحية، وكوننا إسلاميين لا يشفع لنا أن نتحجر مع باقي التطلعات الإصلاحية أيا كان مصدرها ما لم تمس من قيمنا الإسلامية المغربية.

المجتمع المغربي مجتمع مسلم،لا نكفره أبدا بل نسعى إلى الانخراط التام والإيجابي وسطه حتى نتقدم إلى الأمام ونصل معا إلى مرادنا من بسط للسلم والأمن والمعرفة، تركنا سلبيات الماضي خلفنا وأخذنا بالعزيمة على تحقيق كل ما هو إيجابي في المستقبلحتى نكرس في القادم من الأيام سلفية إصلاحية حداثية، نتبناها نحن كشباب وتخرج إلى العلن كل تصوراتنا المستقبلية لمغرب جديد يراعى فيه حقوق الجميع على اختلاف مشاربهم، مع أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، ونحن ندعم هذا الطرح في ضل الملك محمد السادس أميرا للمؤمنين، ومن هياكل الدولة المختلفة نطمح إلى الوصول إلى طرح أفكارنا ومنهجنا في العمل الإسلامي الإصلاحي، مع اعترافنا بثوابت المملكة التي لا محيد عنها لمن يزمع العمل من أجل الإصلاح.

ولن ننكر أننا أخطأنا التقدير سابقا قبل أن نفتح أعيننا على الواقع المعاش على جميع مستوياته. كل هذا لم يأتي عن طريق الضغط أو من خلال مبدأ التقية بل هذا إيمان منا بخطورة المرحلة ومع تفشي الفكر المتطرف و الإقصائي والمدمر بالمنهج السلفي، ويعمل في إطار الخروج الصارخ عن مبادئ السلفية ولن يكون لهم ذلك ما دام فينا عرق ينبض. إن التنظيمات المتطرفة خبرناها من قريب، ورأينا المستوى الديني والأخلاقي والسياسي لدى قياداتها وأنصارها وهذا ما جعلنا نستشعر الخطر على أمن الإسلام والمسلمين. ومن اليوم لمتعد لدينا النية في الصمت، بل سنعلنها للعالم أن مثل هؤلاء لا يمثلون الإسلام أبدا وهم بعيدين جدا عن روحه الإصلاحية.

 إن مشروعنا الإسلامي السلفي الإصلاحي هو الذي سيبرهن للعالم أنه تمة شروحات معتمدة للإسلام الوسطي الإصلاحي الذي لا يقصي أحدا، ليس امتنانا بل وجوبا، إذ يلزم منا كخبراء وأصحاب تجارب مع التيارات المتطرفة أن نبرهن العكس للذي أوهموا به أتباعهم وأنصارهم السذج والبسطاء. سوف نخوض معركة حاسمة تحمل في طياتها الحوار والنقاش والجدال بالتي هي أحسن، حتى يرجع منهم إلى مظلة الإسلام المنفتح والمعتدل من أراد الله له الهداية،  نحن نؤمن أن النظام الملكي هو رمز وحدة الأمة المغربية، وفي غيره يمكن أن يتزعزع البلد برمته، وترسيخ الهوية الإسلامية والوحدة الوطنية المتعددة الروافد كفيلة لخلق مغرب يعتمد الإسلام كدين وشريعة، تكون السيادة فيه للأمة المغربية من خلال العلماء وأول الاختصاص من كل طيف، وذالك عن طريق الاختيار والاقتراع الحر المنتظم. إن مشروع السلفية الإصلاحية هو ترسيخ سلطة المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء مجتمع مدني متضامن يتمتع فيه الجميع بالحرية والأمن والكرامة وتكافؤ الفرص في نطاق من التلازم بين الحقوق والواجبات. والمغرب الذي ندعو إليه يسع كل أبنائه بكل انتماءاتهم وتوجهاتهم..ولا يسعنا إلا القبول بالعمل السياسي على أساس إتاحة الفرصة للجماهير القائمة، والعمل على إصلاح المؤسسات وتعديلها وجلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها، ونعمل على قيام دولة مدنية حديثة تصان فيها الحقوق الإنسانية والحريات الفردية والاجتماعية والتعددية والمساواة بين المواطنين في الحقوق والحريات وترسيخ حرية الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء الجمعوي والحزبي والنقابي، والحق في الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتعليم ذي الجودةالعالية والسكن اللائق والشغل والتوظيف بموجب الكفاءة، وتنمية الإبداع الثقافي والبحث العلمي والتقني، وحظر جميع أسباب التمييز بسبب الجنس أو اللون أو اللغة، وضمان مشاركة المرأة في الحياة السياسية وضمان حقها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومكافحة كل أنواع العنف ضدها وجعل آليات وقوانين صارمة لمحاربة الفساد وعدم الإفلات من العقاب.وكذالك توسيع وتنويع العلاقات والعمل على صيانة اللغة العربية وعدم التفريط في اللغات العلمية الأخرى وكذالك اللهجات المحلية يجب أن تدعم وتبقى رمزا لتاريخنا وفخرنا.

وفي الأخير لا يسعنا إلا الدعوة إلى وضع ميثاق سياسي وتعاقدي مع كل أطياف ومكونات المجتمع السياسي والمدني في إعادة للمشهد السياسي المغربي حتى نساير ركب التغيير..والحمد لله رب العالمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.