ماذا ينتظر العالم ليعلن مرتزقة البوليساريو تنظيما إرهابيا؟

  • بتاريخ : 23 يونيو، 2023 - 18:11
  • الزيارات : 32
  • محمد أعزوز – ريحانة برس

    رغم كل المستجدات التي عرفها ملف قضيتنا الوطنية، إلا أن الأطراف الأخرى تصر على ضلالها القديم و تستمر في العيش في الماضي، زمن الحرب الباردة، رغم سقطاتها المتتالية في الساحات الدولية و خسائرها الديبلوماسية، و فشل أطروحة الإنفصال، معرقلة بذلك مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد واقعي و بناء، لإنهاء النزاع القائم منذ ما يناهز نصف قرن من الزمن.

    و تبقى مرتزقة البوليساريو كغيرها من الجماعات الإرهابية، تهدف إلى زعزعة الإستقرار في المنطقة و وسيلة بيد النظام العسكري الجزائري، يطمح من ورائها لإعاقة التقدم و التنمية و النجاحات التي حققها المغرب خاصة في عمقه الإفريقي.

    لقد استطاع المغرب في كل مرة بفضل حكمة ملكه و يقظة ديبلوماسيته و عقلانيتها و حضورها القوي، أن يجتاز كل الأزمات المفتعلة التي تستهدف النيل من وحدته الترابية بنجاح، و لم يقع في الفخ الذي وضعه من يساند هذه المرتزقة جهارا نهارا، و يخدم أجندة المستعمر لتفتيث المنطقة و الإجهاز على مقدرات الشعوب المغاربية و عرقلة نهوضها.

    و كان حدث تحرير معبر الكركرات، بمثابة رسالة قوية و تحذيرية للنظام الجزائري و عصابة البوليساريو؛ بأن الصحراء كانت و لا زالت و ستظل مغربية، و أن لا سيادة على أرض الواقع إلا سيادة المملكةالمغربية، كما أبانت القوات المسلحة الملكية المغربية عن احترافيتها و جاهزيتها الدائمة لكل الاحتمالات.

    و بعد النجاحات المتتالية التي حققها المغرب، توالت بعد ذلك تهديدات جبهة البوليساريو بدق طبول الحرب الكاذبة، و توالت استعراضاتها البهلوانية للإستهلاك الداخلي، تزج بالمحتجزين في معاركها الدنكيشوتية و تدفعهم إلى الواجهة كدروع بشرية، و تختبئ وراءهم كلما ضاق الخناق عليها لتمرير خياراتها أمام المنتظم الدولي.

    و قد عبرت قيادة البوليساريو في نوفمبر 2021، عن نيتها بتنفيذ عمليات انتحارية إرهابية، جاء ذلك على لسان محمد والي أكيك في تصريح لصحيفة “الإيكونوميست” البريطانية الذي هدد باستهداف المدن المغربية.

    و هذا ليس غريبا على جبهة البوليساريو التي لديها ماض في الإرهاب الدولي، نذكر على سبيل المثال عندما اغتالت 200 صياد إسباني قبالة سواحل الصحراء المغربية. و كبير الانفصاليين إبراهيم غالي، الذي تمت مقاضاته منذ نوفمبر 2016 من قبل المحاكم الإسبانية، متهم بجرائم إبادة جماعية و التعذيب و الإرهاب، بالإضافة إلى عدد من قادة ميليشيا البوليساريو المتورطون في قضايا تتعلق بالإرهاب.

    و قد سبق أن حذرت أجهزة الأمن المغربية منذ سنوات عديدة من علاقة البوليساريو بالمنظمات الإرهابية الناشطة في الصحراء والساحل. و كان الزعيم السابق لداعش في الصحراء الكبرى، الذي تم تحييده في غشت2021 من قبل القوات الفرنسية في مالي، ينتمي إلى الميليشيات التي يقودها محمد والي أكيك.

    و في وقت تتزايد فيه أنشطة الجماعات المسلحة و المرتزقة في منطقة الساحل و الصحراء، و ما ينتج عنه من تحديات و مخاطر أمنية، لا زالت البوليساريو تغذي فكرة اللجوء إلى الإرهاب ضد المغرب.

    و بعد كل مرة تبوء فيها خطة مرتزقة البوليساريو بالفشل، تعود لتنتقم من المحتجزين المقهورين داخل مخيمات تندوف، و تمارس انتهاكاتها عليهم و المزيد من الضغط و التشديد على حرية التنقل داخل المخيمات.

    و اليوم أكثر من أي وقت مضى، أمام التأييد و الدعم الدولي الواسع لمقترح الحكم الذاتي، و عدم اعتراف 84 في المائة من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بالكيان الوهمي، و تخلي المنتظم الدولي و عدم مبالاته بهذه العصابة التي وقعت في شر أعمالها، ينكشف بأن هذه الجبهة المزعومة أصبحت عبئا ثقيلاُ على من صنعوها و رعوها و مولوها.

    و أكبر مأزق هو في التخلص من هذا الكيان الوهمي الذي أثقل كاهل ميزانية الجزائر. حيث فشل في تحقيق الأهداف التي خلق من أجلها و فشل في أن يصبح حجر عثرة للمغرب، و بالتالي فقد انقلب السحر على الساحر.

    و هكذا ابتدأ ينكشف أمام أتباع البوليساريو و سكان المخيمات بأنهم انساقوا وراء أوهام و سراب يحسبه الظمآن ماء و أصبحت هذه الجبهة المزعومة وبالا عليهم. و لا أشك بأن معظم المحتجزين سيرجعون إلى حضن وطنهم الأم إن أعطيت لهم الفرصة و الحق في التنقل. كما سبق أن حدث و لا زال يحدث خصوصا مع مجموعة من مؤسسي البوليساريو الذين انشقوا و رجوعوا إلى أرض الوطن.

    أما الذين تبقوا في مخيمات تندوف، هم مجرد تجار مآسي يعتبرون الصحراويين المحتجزين مجرد حطب للحرب، و بضاعة سياسية تسوقها في الأسواق الدولية، يعيشون مسلوبي الإرادة و الحرية، تحيط بهم الدبابات و يعانون من الحصار و عقود من الخطابات و الشعارات و الوعود الكاذبة تمنعهم من التنقل و لا يتحركون إلا بترخيص ايا كانت الوجهة.

    بينما قيادة البوليساريو غنية و تتمتع بالأموال و المناصب و تستفيد من عائدات المساعدات التي ترسل للمخيمات و تباع في الاسواق الإفريقية، فضلا عن تورطها في السنوات الأخيرة مع لوبيات دولية لبيع السلاح في المنطقة، كما اعتادت الحصول على أرباح من تجارة المخدرات.

    ناهيك عن التجنيد العسكري للأطفال الذين يعبؤون عبر مقررات دراسية تشجع على العنف و الحروب و الكراهية. علاوة على ذلك الممارسات غير الإنسانية و الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف و تعنيف النشطاء و الشباب و الشيوخ و النساء الصحراويات اللواتي يتمردن ضد الفساد و العنصرية و القمع، ما يدفع العديد من الشباب الصحراوي المجند قسرا إلى الإنسحاب من صفوف المليشيات.

    لقد عجزت البوليساريو عن عرقلة التنمية الشاملة التي تشهدها مدن الأقاليم الصحراوية المغربية و التي تسير في خط تصاعدي و بوثيرة سريعة، حيث يمكن المقارنة بين ما تحقق منذ انطلاق المسيرة الخضراء المظفرة على يد الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، وصولا إلى عهد الملك محمد السادس نصره الله، من مظاهر العيش الكريم و التطور و الإزدهار، و مشاريع البنيات التحية و العمران و الأوراش التنموية، التي غيرت ملامح الأقاليم الجنوبية لتصبح قطبا استثماريا عالميا.

    بينما تعيش مخيمات تندوف على وقع التخلف و الفوضى و التهميش، و يعيش المحتجزين داخلها التنكيل و الضياع و خيبة الأمل، ما يعني فشل أطروحة الإنفصال و تبخر حلم النظام العسكري الجزائرية في إقامة دويلة قزمية في الصحراء المغربية. لذلك فإن البوليساريو أصبحت متجاوزة و لم يعد لها أي دور على خريطة السياسة الدولية، فماذا ينتظر العالم ليعلن مرتزقة البوليساريو تنظيما إرهابيا؟