سقط الكثير من الشهداء وسقطت معه أقنعة كثير من وجوه الأنظمة الدولية والعربية، وفيما يلي قراءة في خلفيات المواقف الدولية من العدوان؛ فعموما يمكن إجمال
سقط الكثير من الشهداء وسقطت معه أقنعة كثير من وجوه الأنظمة الدولية والعربية، وفيما يلي قراءة في خلفيات المواقف الدولية من العدوان؛ فعموما يمكن إجمال هذه المواقف في ثلاثة مواقف بارزة:
-1- موقف التخاذل الصريح والانحياز لإسرائيل: وهو حال النظام الجديد في مصر وكثير من الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا الحليف الاستراتيجي لإسرائيل في أوربا، هذا الموقف أعلنت عنه أعلى سلطة في البلدين من خلال تصريحات وبيانات رئيسيهما اللذين وصفا المقاومة بــ” الإرهاب”، بعد أن كان أوباما يحرص على الظهور بمظهر الراعي للقضية الفلسطينية، والوقوف طرفا محايدا ظاهريا، قبل أن يعلن صراحة انحيازه “لبنته المدللة”؛ موقفا أمريكا وفرنسا يترجمان مدى الضغط القوي الذي يمارسه اللوبي اليهودي في كلا البلدين على صانعي القرار؛ وقد تجلى هذا الضغط في فرنسا بشكل مفضوح في منع مسيرتين للتضامن مع غزة، ضاربة بحرية التظاهر ودستور الجمهورية الخامسة عرض الحائط، والذريعة كما العادة “حماية النظام العام”؛ غير أن هذين الموقفين مهما بلغا من الانحياز لإسرائيل ودعمها فلن يبلغا مدى موقف النظام المصري المتخاذل بشكل مفضوح لم يسبقه مثيل، فقد ترجم موقفه عمليا من خلال إغلاق معبر رفح بذريعة حماية “الأمن القومي”، وتولى كبر التسويق للإملاءات الإسرائيلية التي أسماها “المبادرة المصرية”، والإصر على فرضها على المقاومة بالقوة ، والتحريض الإعلامي ضد غزة وأهلها…، موقف أراد قائد الانقلاب من خلاله الاعتراف بجميل إسرائيل وشكرها على دعم الانقلاب الدموي.
-2- موقف التفرج والمراقبة: وهو حال كثير من الدول الغربية والإسلامية والعربية التي لم تكلف نفسها عناء إصدار بيان للتنديد بالعدوان أو الدعوة إلى وقفه، موقف يجد تفسيره في انشغال كثير منها بمشاكلها الداخلية، وهو حال كثير من الدول العربية التي تعاني أزمات مختلفة، أو ارتباطها بمصالح حيوية مع إسرائيل كما هو شأن أغلب الدول الغربية التي أثبت هذا العدوان أن شعارات الأمن والسلم الدوليين وحقوق الإنسان التي ترفعها ما هي إلا مجرد دعاية للاستهلاك الإعلامي الدولي.
-3- موقف التنديد ودعم المقاومة: وهو حال قطر وتركيا اللتين أدانتا بشدة العدوان، وتحركتا دبلوماسيا لوقف المجازر الإسرائيلية من خلال مبادرة نوعية تضمن حقوق الشعب الفلسطيني، فقطر التي تحتضن كثيرا من قيادات المقاومة الفلسطينية( رغم وجود علاقات سرية بينها وبين إسرائيل، كما نشر موقع ويكليكس) معروفة بمواقفها المعادية لإسرائيل خصوصا بعد صعود النظام الجديد، ودعمها المادي والمعنوي من خلال قناة الجزيرة التي تقوم بدور حيوي في فضح جرائم الاحتلال، موقف دفعت ثمنه من خلال تهجم إسرائيلي عليها ووصفها بالراعي الأول للإرهاب، واعتقال صحفييها في مصر التي قامت بالمهمة نيابة عن إسرائيل، أما الموقف التركي فقد بدا واضحا من خلال انتقاد أردوغان اللاذع للعدوان، والتنديد المتكرر بالحصار، وقد زادت حدة التنديد بعد توتر العلاقات الثنائية بينهما بسبب حادثة سفينة مرمرة، إذ جمدت تركيا تعاونها الأمني والعسكري مع إسرائيل؛ ما جعلها تشعر بحصار أمنى وعسكري لم تعهده من قبل، بعد إلغائها لاتفاقياتها الأمنية مع إسرائيل .
الموقفان القطري والتركي ما كانا ليكونا بهذا الشكل لو الاستقلال الاقتصادي والسياسي الذي يتمتع به البلدان ونظرا لدورهما الاستراتيجي في المنطقة.